icon
التغطية الحية

"الوضع كارثي أكثر من قبل".. خارجية هولندا تصدر تقييمها السنوي حول سوريا

2022.07.07 | 20:25 دمشق

دوما
مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية ـ رويترز
هولندا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

رسم تقرير حكومي هولندي "صورة قاتمة" عن الأوضاع في سوريا لا سيما الاقتصادية والإنسانية، واصفاً إياها بـ "الكارثية أكثر من قبل"، وأشار إلى أن النظام السوري يعاقب المناطق التي ثارت ضده ويفتح "الملفات القديمة" لكل من عارضه وسط تفشي الفساد والتزوير وتجارة الأعضاء البشرية.

وأصدرت وزارة الخارجية الهولندية تقييمها السنوي حول سوريا والذي لم يطرأ عليها أي جديد بخصوص وضع اللاجئين السوريين في هولندا، وتطرق التقرير إلى الوضع في سوريا على كل المستويات السياسية والأمينة والاقتصادي والإنسانية ولم يلحظ التقرير تطوراً جديداً في البلاد سوى ازدياد الوضع الإنساني والاقتصادي سوءاً.

وأشار إلى أن الأشخاص الذين تربطهم صلات قوية بالنظام السوري يمكنهم الالتفاف على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. مبيناً أن هناك استخدام على نطاق واسع للأنشطة غير القانونية، مثل تهريب المخدرات من قبل حكومة النظام والميليشيات التابعة لها.

وضع إنساني كارثي

ولم تكن العواقب الإنسانية للحرب في سوريا والأزمة الاقتصادية المصاحبة لها "كارثية منذ بداية الحرب" حتى مايو العام الجاري، وفق التقرير الهولندي الذي أشار إلى أن نحو 90 في المئة من السكان يعيشون تحت خط الفقر ويتأثر أكثر من 12 مليون شخص بشكل من أشكال انعدام الأمن الغذائي المستمر في الازدياد خلال السنوات الأخيرة.

واستشهد التقرير بما أصدرته منظمة "أنقذوا الأطفال" في آذار 2022 عن أن نحو 800 ألف طفل في سوريا يعانون من سوء التغذية. لافتاً إلى أن النظام السوري لا يؤمن الاحتياجات الأساسية للسوريين كالماء والكهرباء والغذاء والرعاية الصحية.

عقاب للمناطق المعارضة

وقال التقرير إن هناك تدميرا واسع النطاق في المساكن والبنية التحتية، في المناطق التي استعادت قوات النظام السوري السيطرة عليها بالوسائل العسكرية، إذ لا تزال ضواحي دمشق مثل داريا والغوطة الشرقية، ومناطق حضرية، مثل شرق حلب وحمص، في حالة خراب بعد عدة سنوات من النزاع المسلح. موضحاً أن سلطات النظام لا تعمل بنشاط على إعادة بناء المناطق السكنية.

ونقل التقرير عن مصادر مختلفة أن "السلطات استهدفت أحياء معنية وتركتها عمداً غير صالحة للسكن كعقاب لدورها في التمرد ومنع عودة السكان أو الحد منها، وبالتالي التأثير على التركيبة السكانية لتلك المناطق". كما تسببت الإيجارات المرتفعة (المتزايدة) بمشكلات للسكان النازحين الذي عاد بعضهم إلى منازله رغم أنها مدمرة.

مخاطر أمنية.. وتجارة "أعضاء بشرية"

وأوضح التقرير أن هناك مخاطر أمنية على المدنيين في مناطق سيطرة النظام السوري بما في ذلك العاصمة دمشق، وبشكل أساسي خطر الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري من قبل قوات الأمن من ناحية، والميليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية التي يمكن أن تعمل في ظل الإفلات الفعلي من العقاب من ناحية أخرى.

وأضاف أن هناك تقارير عديدة عن عمليات اختطاف من أجل الحصول على فدية والاتجار غير المشروع بالأعضاء البشرية ونهب الميليشيات للمنازل وأنشطة إجرامية أخرى.

ونقل التقرير عن مصادر أن "الناس في الماضي كانوا يخشون بشكل رئيسي من الأجهزة الأمنية، لكن الآن الشبيحة والميليشيات الموالية لإيران اكتسبوا مزيدا من القوة وهم يختطفون أو يعتقلون الناس ولم يتخذ أحد أي إجراء ضدهم". مشيراً إلى أن "اتفاقيات المصالحة لا تقدم بالضرورة للأفراد الحماية من انتهاكات حقوق الإنسان، حيث تم توثيق العديد من الاعتقالات لمدنيين من قبل مخابرات النظام وميليشياته".

وما زال النظام السوري يستخدم أساليب "قديمة" لمراقبة السكان وعلى سبيل المثال هناك العديد من المخبرين المدنيين الذين يعدون تقارير عن مدنيين آخرين، كما أنه من المؤكد أن سلطات النظام تراقب أيضاً المواطنين خارج سوريا وتطلب منهم الإبلاغ عن بعضهم البعض، بحسب التقرير الذي نقل ذلك عن مصادر قالت إن مواطنين تطوعوا أو أجبروا على العمل كمخبرين ينتحلون صفة "طالبي لجوء"، كما قد يُطلب أيضاً من العائدين إلى سوريا معلومات عن سوريين آخرين.

الفساد وتزوير الوثائق في سوريا

كما نقل التقرير عن عدة مصادر أن الفساد والوثائق المزورة باتت أمراً شائعاً في سوريا، حيث يمكن الحصول على المستندات من خلال الرشوة أو العمولات بطريقة لا تتوافق مع المتطلبات القانونية، وأشارت المصادر إلى أن استخدام الوثائق المزورة يعد أمراً شائعاً في سوريا، بدءاً من وثائق الهوية إلى التوكيلات والوثائق المتعلقة بالتعليم ورخص القيادة.

وفيما يخص جوازات السفر، ذكر التقرير أن هناك طلبا كبيرا على جوازات السفر في داخل البلاد أما في الخارج فباتت مصدر دخل جيد لسلطات النظام السوري وما يجعلها مربحة أكثر أنها "قصيرة الصلاحية".

"قد يواجه أقارب المطلوبين الاعتداء أو العنف أو الاعتقال حيث يمكن تهديد أو اعتقال أقارب منتقدي النظام الموجودين في الخارج، أو الذين يشغلون مناصب سياسية وذلك من أجل الضغط عليهم"، بحسب التقرير الهولندي.

الاعتقال في سوريا.. فتح "الملفات القديمة"

"يمكن اعتقال معارضي السلطات في أي وقت، ويختفي العديد من المعتقلين بعد اعتقالهم"، وفق التقرير الذي ذكر أن السلطات السورية تفتح أيضاً "ملفات قديمة" وأن الأشخاص الذين شاركوا ذات مرة في مظاهرة ضد السلطات يتعرضون لخطر الاعتقال.

وأكد التقرير أن "سجناء فقدوا أرواحهم في السجون ومراكز الاعتقال السورية عن طريق التعذيب أو الرعاية الطبية غير الكافية"، مشيراً إلى أن التعذيب في المعتقلات (السرية) التابعة للأجهزة الأمنية في أثناء فترة الاعتقال هو القاعدة وهذه هي الأماكن التي يتم فيها احتجاز الأشخاص المختفين".

و"إضافة إلى مراكز الاعتقال التابعة للأجهزة الأمنية، فإن المعتقلين يتعرضون في المستشفيات العسكرية لسوء المعاملة والتعذيب بشكل منهجي مما يؤدي أحياناً إلى الوفاة"، بحسب التقرير الذي أشار أيضاً إلى أن "التعذيب هو غاية في حد ذاته في سجون النظام السوري لنشر الخوف بين السكان، لذلك فهي ليست مجرد وسيلة لانتزاع المعلومات أو الاعترافات، بل يمكن أن يُنظر إلى سوء المعاملة الجسيم في أثناء الاحتجاز على أنه سياسة دائمة".

وينقل التقرير عن مصادر أن "سلطات النظام أو الميليشيات التابعة لها يستخدمون الإخفاء القسري كسياسة دائمة وغاية في حد ذاتها"، مشيراً إلى أن حالات الإخفاء هذه هي إحدى وسائل السلطات لاستهداف السكان المدنيين وزرع الخوف من خلال ترك الناس في جهل بشأن مصيرهم ومصير أحبائهم حتى إن الأشخاص المختفين أنفسهم لا يعرفون غالباً أين وبأي جهاز أمني يتم احتجازهم".

كما تحدث التقرير عن إمكانية اعتقال اللاجئين العائدين إلى البلاد من قبل النظام، إما لقمع نشاطهم المناهض له أو لابتزاز أسرهم للإفراج عنهم "إذا لا يوجد نمط واضح في معاملة العائدين من الخارج، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن كل مسؤول يمكنه اتخاذ قراراته الخاصة بشأن العائد".

ويشار إلى أن الخارجية الهولندية اعتمدت في تقريرها على عدة مصادر منها تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وإنسانية.