icon
التغطية الحية

الهروب من سوريا.. أسباب تدفع عشرات الشبان للسفر.. والوجهة؟

2021.07.04 | 06:48 دمشق

119860.jpg
ريف دمشق - سيلا عبد الحق
+A
حجم الخط
-A

"عشر سنوات استطعنا بها الصمود وتجاوز كل المحن مقابل أن نبقى في بيوتنا ومع أهلنا، من الكيماوي للاعتقال للقصف للحصار ورفضنا التهجير مقابل أن نبقى في غوطتنا، لكن اليوم لم تعد لي طاقة على الصبر، حتى إنه باتت تراودني أفكار أنني أخطأت بصمودي هذا وكان عليّ أن أغادر منذ البداية".

بهذه الكلمات اختصر السيد محمد ابن الـ 50 عاماً معاناته بظل تدهور الأوضاع المعيشية التي تعاني منها المناطق السورية التي تقع تحت سيطرة النظام عامة والغوطة الشرقية خاصة بسب العقوبات الاقتصادية

الخروج هو الحل

وقالت "نور" (اسم وهمي لأسباب أمنية) إنها كانت موظفة في إحدى منظمات المجتمع المدني العاملة بالغوطة الشرقية خلال فترة الحصار وكان راتبها ما يقرب من 200 دولار أميركي يكفيها لتنفق على أولادها الثلاث وتعيلهم كون زوجها معتقلاً منذ عام 2012 ولا تعلم عنه شيئا، ولكن بعد عام 2018 وتوقف المنظمات عن العمل في الغوطة وعدم حصولها على فرصة عمل مناسبة جعلها تفكر فعليا في طريقة للهروب والخروج من سوريا، ولكن المشكلة إلى أين؟

وأضافت نور من مدينة دوما "أنا وأولادي أربعة يلزمنا مبلغ كبير للخروج من سوريا، ولكن هناك عدة مشكلات أولها إلى أين؟ تركيا أم إلى لبنان التي تعاني الأمرين عدا عن سوء أوضاع السوريين فيها والعنصرية التي يواجهونها، وأوروبا، هي ضرب من الحلم أحتاج ما لا يقل عن 40 ألف يورو لأصل لألمانيا أو السويد لذلك أفكر فعليا بالخروج نحو الشمال السوري لأنه هناك رواتب للأطفال الأيتام ما يساعدني على الإنفاق على أطفالي ويمكن أن أتدبر فرصة عمل لي بالإضافة لوجود العديد من المنظمات الإغاثية هنا لا يوجد شيء حتى سلة الهلال الأحمر تحتاج إلى واسطة للحصول عليها ولا تكاد تكفي شيئاً، ولكن حتى الوصول إلى الشمال السوري يعد مشكلة كبيرة سابقاً قبل عامين كان بإمكان أي شخص أن يركب بإحدى باصات البولمان المتوجهة لمدينة حلب ومن ثم عن طريق سيارة خاصة إلى المنطقة التي يريد وكانت كلفة السفرة للشخص الواحد 20 ألف ليرة سورية أما الآن فسألت عدة مهربين حيث أصبحت كلفة الشخص الواحد 500 دولار لأن حواجز النظام تطلب إتاوات عدا عن حواجز "قسد" وغيرها.

ليبيا أحد الحلول

منذ شهرين ألغت الجمهورية الليبية الفيزا للسوريين الراغبين بالسفر إليها وبالرغم من عدم استقرار الأوضاع فيها إلا أنها أحد الحلول المتاحة والتي يقبل عليها العديد من الشباب حيث تحدث عبد الرحمن من بلدة كفربطنا لـ موقع تلفزيون سوريا "أصبح عمري عشرين عاماً استطعت التأجيل لعام واحد من الخدمة الإلزامية وعلى الرغم من أني أحمل معي أوراق التأجيل النظامية وأوراق تثبت أني طالب في الجامعة إلا أنه كلما مررت من حاجز تابع للنظام أوقفني وهددني بالاعتقال عدا عن الخوف الدائم والرعب الذي ينتابني كلما حدثت حملة مداهمات لذلك قررت السفر وعندما فتحت ليبيا باب السفر إليها أخرجت جواز سفر لي ودفعت رشوة بحدود 100 دولار لذلك وكان معي شهر واحد فقط بالتأجيل من خدمة العلم وسافرت فوراً إلى ليبيا ووصلت إلى مدينة طرابلس وأنا الآن أعمل في البناء سأحاول أن أجمع مبلغاً لأسافر إلى أوروبا في مرحلة لاحقة أو لأحسن عملي في ليبيا، أي خيار أفضل من البقاء في سوريا التي لم أعرف بها سوى الحرب".

التشتت الأسري

تحدث السيد أبو أنور لـ موقع تلفزيون سوريا وهو من مدينة سقبا عن الطريقة التي توصل بها للقاء أبنائه المغتربين من عدة سنوات خارج سوريا قائلاً "منذ بداية الثورة سافرت ابنتي مع زوجها إلى ليبيا واستقرت هناك وأنجبت أربع أبناء لا أعرف منهم أحدا، ولي ابن سافر إلى ألمانيا من سبع سنوات والآن حصل على الإقامة الدائمة بها وأريد أن أزوجه ولي ابنة موجودة في مدينة إسطنبول التركية، وحصلت هناك على الجنسية التركية هي وزوجها وأطفالها، ومعي ابنة استشهد زوجها منذ خمس سنوات ولديها طفلة وطفل ففكرنا بطريقة نلتقي بها كلنا فكان الحل الأفضل لبنان أو السودان أو ليبيا حيث لا نحتاج إلى فيزا بالإضافة إلى أن أولادي يريدون مني أن أستقر في أي بلد عربي أوضاعه الأمنية مستقرة حيث يمكنهم أن ينفقوا ويساعدوني وظروف المعيشة أفضل من سوريا التي لا يكاد يتوفر فيه حتى الهواء ، لذلك سأخطب لابني من المدينة وبعدها نسافر مع العروس ويأتي هو وإخوته ونجتمع ومن ثم نقيم حفل الزفاف، لعلّ هذا اللقاء يخفف عنا فقداننا لابنيّ اللذين استشهدا في الغوطة في أثناء الثورة".

عودة عكسية لمناطق سيطرة النظام

في الوقت الذي يرغب به أغلب أهالي الغوطة الشرقية بالخروج منها بسبب تردي الأوضاع المعيشية والخدمية لا يخفى الأمر على أحد أن هناك عدداً من الأشخاص الذين عادوا لمنازلهم في الغوطة الشرقية بريف دمشق.

إيمان (اسم مستعار لأسباب أمنية) واحدة منهن حيث تحدثت والدتها عن تجربة ابنتها بالعودة والتي انتهت بشكل مأساوي وقالت "عند تهجير أهالي الغوطة الشرقية خرجت ابنتي إيمان مع زوجها نحو الشمال السوري حيث كان مقاتلا سابقا في الجيش الحر بمدينة حرستا، وهي حامل ولديها ولدان وهناك ولدت ابنتها وعانت من اكتئاب ما بعد الولادة وأخذت أدوية مهدئة فهي لم تعتد أن تكون بعيدة نحن أهلها ولم تندمج مع الوضع في الشمال وبعد معاناة لمدة عامين في الشمال السوري قرر زوجها إرسالها مع الأولاد لزيارتنا والبقاء معنا ريثما يسافر إلى تركيا ومنها إلى هولندا ومن ثم يقدم لهم لم شمل فيخرجوا بطريقة آمنة من سوريا فاتفق مع أحد المهربين والذي تقاضى ألف دولار لإيصالهم إلى حلب ولكن بعد وصولهم ركبوا في الحافلة المخصصة لنقل الركاب إلى دمشق حيث السائق قد نسّق مع جميع الحواجز على مبلغ معين كي لا يتم تفتيش أحد من الركاب أو إنزالهم وعند وصولها إلى دمشق تم اعتقالها من منطقة الكراجات بشكل مباشر مع أطفالها حيث تم توقيفهم بدايةً ومن ثم أفرج عنهم واستلمناهم من الفرع أما إيمان فبقيت لمدة شهرين في فرع الخطيب بالعاصة دمشق، وبعد شهر تم إرسالها لسجن عدرا وذلك بسبب الوساطات التي قام بها زوجي ودفع قرابة خمسة ملايين ليرة سورية، كرشاوى ليتم نقلها لسجن عدرا ومحاكمتها وأفرج عنها بعد خمسة أشهر من وجودها بسجن عدرا والآن عليها منع سفر من البلد وزوجها عالق في تركيا".