icon
التغطية الحية

الهجرة التركية لتلفزيون سوريا: دعوات ترحيل السوريين لا محل لها من الإعراب

2021.09.10 | 07:02 دمشق

whatsapp-image-2020_12_02-at-120636.jpeg
معاون مدير "المديرية العامة للهجرة" التركية، الدكتور "جوكشه أوكّ"
إسطنبول - صالح عكيدي
+A
حجم الخط
-A

بالتزامن مع ازدياد وتيرة التجييش عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضد وجود الأجانب وخاصة السوريين في تركيا، متمثلة بمطالب ووعود بإعادتهم لبلادهم، من قبل بعض الأطراف التي تسعى لاستغلال الملف لأهداف سياسية، حاور موقع تلفزيون سوريا في لقاء خاص معاون مدير "المديرية العامة للهجرة" التركية، الدكتور "جوكشه أوكّ" لتسليط الضوء على موقف الحكومة التركية من الجدل الحاصل فيما يخص ملف الوجود السوري في تركيا.

في حواره، عقب الدكتور "أوك" على الحملات العنصرية التي تحرض ضد السوريين في البلاد، كما شرح سياسات المديرية العامة للهجرة والحكومة التركية فيما يتعلق بوجودهم ومصيرهم، ووجه رسائل وتوصيات للسوريين في تركيا للتعامل مع الحملات المشابهة.

وتطرق لمواضيع أخرى تهم الشارع السوري في تركيا مثل الجنسية الاستثنائية وقوانين العمل وتحديث البيانات وإذن السفر.

الحملة لا تمثل الشعب التركي

وفي تعقيبه على حملات مواقع التواصل الاجتماعي المعادية لوجود السوريين في تركيا مؤخرا، أكد "أوك" أنها لا تمثل الشعب التركي "الذي يتقاسم رزقه وخبزه ولقاحاته مع السوريين في إسطنبول وإزمير ومرسين وكلس وأنطاكيا"، ونفى وجود مرادف لها في الساحة، بشهادة شخصية منه بصفته "أحد ممثلي الدولة الموجودين دائما في الساحة ومستمعا دائما لمشكلات الناس".

وتساءل عن نسبة هؤلاء على مواقع التواصل الاجتماعي من مجمل مواطني تركيا "الذين يحتضنون إخوتنا السوريين الهاربين من ظلم البراميل والقنابل العنقودية"، مشددا على أن لغة مواقع التواصل الاجتماعي تختلف جذريا عن لغة الشارع الذي تغيب عنه أي مؤشرات تثير القلق.

ورغم استخفافه بأهميتها، يشير "أوكّ" أن الحملات العنصرية "تتم مراقبتها عن كثب ويتم استخراج دروس منها". وأضاف: "العنصرية مشكلة عالمية والأتراك يتعرضون للعنصرية في دول أخرى".

ويصف معاون مدير "المديرية العامة للهجرة" التركية، الدكتور "جوكشه أوكّ" الحملة التي تحصل بأنها "مقاربات عنصرية وفاشية تأخذ شكل موجات من الأكاذيب وتبرر بالقومية الراديكالية، تروج لها وتستغلها أطراف معينة لأهداف سياسية".

وشدد على أن الشعب التركي لن يأذن لهذه "الفتنة"، مثلما لم يأذن على مدار مئات السنين السابقة "للفتن التركية-الكردية أو العلوية-السنية".

ويقول "أوكّ" تعقيبا على الادعاءات بأن هناك تهديدا للتكوين الإثني في البلاد "هذه مخاوف لا حاجة ولا مكان لها في العالم الحديث"، ويكمل "لا حاجة لتركيا لمضيعة الوقت هذه".

وأكد على أن "أخلاق وفراسة ووجدان الشعب التركي وإرث مئة عام من الجمهورية تجعل من إمكانية تشكيل السياسة التركية بناء على حجج فاشية مستحيلا".

وأشاد الدكتور أوك بجهود "الدولة التركية الديناميكية التي لا تنام ولا تعرقلها لغة مواقع التواصل الاجتماعي".

وعود المعارضة "لا محل لها من الإعراب"

يعتبر الدكتور "أوك" وعود سياسيي المعارضة بإعادة السوريين "غير مسؤولة"، إذ لا يحق لأحد أن يثير جمهوره بادعاءات مفادها بإن إعادة السوريين مسألة تحل ببضعة أيام – بحسب رأيه. كما وصفها بالـ "منفصلة عن الواقع والحقوق والقيم العالمية".

وفي رده على سؤال موقع تلفزيون سوريا عن مدى إمكانية تطبيق الوعود التي تطلقها بعض الشخصيات المعارضة بإعادة السوريين؛ أجاب: "صفر"، سواء من المنظور الحقوقي الدولي أو القانوني الداخلي للدولة التركية.

وأكد الدكتور أوك أن "تركيا ليست دولة وليدة الأمس، بل دولة قانون لها تاريخ مئة عام من الجمهورية ولها أخلاق واستراتيجية.. هذه الوعود لا محل لها من الإعراب" ولو صدرت عن زعماء وأعضاء أحزاب المعارضة الرئيسية- بحسب وصفه.

"أنا أيضا أتيت من سالونيك"

تعبيرا منه عن تضامنه مع السوريين في ضوء دعوات إعادتهم لبلادهم، يقول الدكتور "أوكّ" الذي ينحدر من عائلة هاجرت من مدينة "سالونيك" في اليونان: "أنا أيضا من سالونيك، ليت في استطاعتي أن أزور وطني الأم".

ويكمل مخاطبا أصحاب دعوات ترحيل السوريين: "هناك من جاء من داغستان أو القوقاز أو البلقان أو بلغاريا أو مقدونيا أو جورجيا" مذكرا بالتنوع الذي تحتويه تركيا التي استقبلت عشرات الهجرات على مدار مئات السنين.

ووجه رسالة لأفراد بعض "العائلات العريقة في تركيا" ممن طالبوا بإعادة السوريين، قائلا "فليعيدوا هم أيضا زوجاتهم وأزواجهن الأجانب".

يذكر أن أفراد بعض العائلات العريقة في تركيا كانوا قد طالبوا بإعادة السوريين عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

جوكشه أوك: تركيا دولة حقوق وقانون

استهل الدكتور "أوكّ" حديثه بالتأكيد على أن تركيا دولة قانون وحقوق عريقة "لأخلاقها وعرفها وعقلها تاريخ يمتد لمئات السنين"، لم تقم خلالها بأي تجاوزات حقوقية، ولن تقوم في المستقبل.

وأضاف في صدد تعاملها مع النازحين، أن تركيا وقعت على اتفاقيات دولية وأصدرت قوانين ومراسيم داخلية ملزمة ومنظمة لتعاملها مع الموضوع، "ووجود هذه القوانين هو أكبر دليل لتبني تركيا سياسات واضحة" بما يتعلق بملفات الهجرة والنزوح"، وذلك في رده على المشككين بذلك.

ويذكّر الدكتور "أوك"، أن أزمة النزوح السوري التي انتشر فيها مجموعات ضخمة من السوريين معظمهم من الأطفال وكبار السن في الجغرافيا المحيطة -وكان لتركيا النصيب الأكبر منها- خلقت حالة من حكم الأمر الواقع. بادر على أثرها "عقل الدولة التركية" بإدارة الأزمة ضمن أطر النصوص القانونية التي وضعت.

وقال: "من الأكيد والطبيعي وجود أطراف معارضة ومنزعجة من أسلوب تعامل الدولة التركية مع الأزمة.. الدولة التركية ذات ضمير، وسلوكها الوجداني والإنساني هو امتداد لأخلاق حضارتها القديمة، وقوانينها ترمز لذاكرتها.

العودة ومصير السوريين في تركيا

يرى "أوك" أن السوريين سيستمرون بالعيش في تركيا مستفيدين من الخدمات العامة بأفضل شكل، ضمن بيئة آمنة تنبثق منها ثقافة مشتركة، حتى عودتهم لـ "سوريا موحدة وذات سيادة" حسب وصفه. مؤكدا أن الحكومة التركية ستتخذ كل التدابير اللازمة لدعم هذه البيئة الآمنة.

وبعد سؤاله عن معايير الدولة التركية فيما يتعلق بجاهزية سوريا بما يسمح لعودة السوريين، ذكّر "أوكّ" أن الوضع في سوريا معقد وغير مرتبط بمعادلة واحدة، وأوضح أن شروط العودة لا ترتبط فقط بالحالة الأمنية لسوريا متمثلة بتوقف أعمال العنف، بل تمتد لتشمل إعادة الإعمار وعودة البنى التحتية، و"تقاسم الكلفة المادية والمعنوية لإعادة ثقافة وروح المدن".

وتابع: "حين تلبية كل هذه المعادلات، سيتم تسهيل عودة الراغبين لوطنهم كما تم تسهيل دخولهم"، مؤكداً ارتباط هذه العملية بالقوانين الدولية.

وأشار إلى أنه لا يمكن تحديد وتوقّع الموعد الذي ستحقق فيه هذه المعايير بسبب تعقيدات المشهد السوري، واستشهد بالتفجيرات التي تودي بالأرواح البريئة من أطفال وعجائز في أسواق إدلب وعفرين رغم "الجهود الاستثنائية" التي تبذلها الحكومة التركية لخلق بيئة آمنة هناك.

وصرح أن الدولة التركية مستعدة لكل الاحتمالات ومن ضمنها مرور سنوات قبل تحقيق هذه الشروط في سوريا، وبالتالي بقاء السوريين المطول في تركيا. وفي صدد هذا الاحتمال، يؤكد "أوكّ" أن استعدادات الحكومة التركية تشمل كل دوائرها ووزاراتها، ووعد بعودة جهود "الاندماج" بقوة متمثلة بتعليم الثقافة واللغة التركية للسوريين بعد تخطي جائحة كورونا.

توصيات مديرية الهجرة التركية للسوريين

يشدد "أوك" طوال حواره على كون تركيا "دولة قانون"، لذا تأتي على رأس توصياته "الالتزام بالقوانين والقواعد" وبدورها تعمل الحكومة التركية على تسهيل أسلوب عيش السوريين الذي يراعي القوانين.

وقال: "الضيف موضعه على الرأس في ثقافتنا، لكن كما للمجتمع الضيف مطالب فللمجتمع المضيف توقعات".

وللتعامل مع الحملات العنصرية، يرى معاون مدير "المديرية العامة للهجرة" التركية أن ردة الفعل الأمثل هي "الابتعاد عن الساحة" وذلك بحسب رأيه يكون بالعناية بفئة الشباب وتدريسهم، وبسعي كل صاحب عمل لعمله، بالإضافة للالتزام بقواعد المجتمع المضيف.

القضايا القانونية والإدارية التي تهم السوريين في تركيا

قبل انتهاء الحوار مع معاون مدير "المديرية العامة للهجرة" التركية، "جوكشه أوكّ"، كان لابد من التطرق لبعض الشؤون القانونية والإدارية التي تهم الشارع السوري في تركيا.

أولها الصفة القانونية للسوريين في تركيا، فكما سبق أن صرح "أوكّ" السوريون ليسوا لاجئين في تركيا، بل مدرجون تحت تصنيف "الحماية المؤقتة". سُئل الدكتور "أوكّ" عما إذا كان هذا التصنيف ميزة أم العكس مقارنة بتصنيف "اللاجئ" القانوني، ليرد بحسم أنها امتياز يضمن الاستفادة من كل الخدمات العامة من صحة وتعليم وجنسية استثنائية، وأن أهم ميزات هذا الوصف هو تأمين الحماية للسوريين من دون حرمانهم من حق العودة لسوريا.

وبخصوص الجنسية الاستثنائية، أشار "أوك" إلى أنها تأمن الفرصة لاستحقاق الجنسية التركية دون المرور بالعوائق القانونية الاعتيادية. وفيما يخص شروط الحصول عليها قال: "أهما احترام حقوق تركيا السيادية، والالتزام بقوانين البلاد، والصبر".

وشدد على أن صلاحية منح الجنسية الاستثنائية "شأن سيادي تركي، للدولة فيه حق التقدير المطلق".

أما بالنسبة لقوانين العمل وخصوصا فيما يتعلق بجزئية قانون توظيف 5 أتراك مقابل موظف أجنبي واحد، فيؤكد "أوك" أن السوريين من حملة وثيقة الحماية المؤقتة مستثنيين منه، واعتبرهم مسؤولين عن المطالبة بحقهم بالعمل المسجل.

وفيما يتعلق بتحديث البيانات، أرجع "أوكّ" توقف إعطاء المواعيد في بعض المراكز لأسباب تقنية يتم العمل على حلها.

وختاما، سُئل الدكتور "أوك" عن جدوى ومصير إذن السفر، والذي أكد بدوره أن العمل بنظام إذن السفر مستمر مع خطط لتوسيع وتسهيل معايير الحصول عليه.

وأضاف "أوكّ" أن أذون السفر شأن سيادي تركي أيضا، له مبررات مشروعة، إذ إنه السبيل الوحيد لضبط عدد السوريين في مدن أغلق التسجيل فيها.

ووفق آخر الإحصائيات في آب الفائت، يعيش ثلاثة ملايين و701 ألف و584 سورياً في تركيا، بينهم مليون و414 ألفاً في المناطق الحدودية"غازي عنتاب وكلس وهاتاي، وأكثر من 525 ألفاً في إسطنبول.

 

يبلايبلايبل.jpg