icon
التغطية الحية

النظام يواصل الاستيلاء على أملاك المهجرين عبر وثائق مزورة

2021.03.29 | 06:53 دمشق

img_20210228_141712_929.jpg
غازي عنتاب - محمد حردان
+A
حجم الخط
-A

يواصل نظام الأسد وحلفاؤه عبر جملة من الأفعال التي تمكنهم من التخلص من المناهضين لهم وتوسيع انتشارهم في سوريا في ظل انتشار الفساد وكثرة الميليشيات الأجنبية وازدياد سطوتها عمليات تزوير صكوك ووثائق الأملاك العقارية بغية السطو على أملاك النازحين والمهجرين ومعارضي النظام في الخارج، وكان لتهميش دور السلطة القضائية وتواطؤ موظفي النظام مع المزورين دور رئيسي في تعاظم هذا الأمر.

انتشرت مكاتب المزورين بشكل لافت في جميع المحافظات السورية وبشكل خاص في محافظتي دمشق وحلب لتقوم ومن خلال استخراج أختام حية مزورة بتزوير سندات عقارية وتوظيفها في نقل ملكية العقارات دون علم صاحبها الأصلي وتسجيلها باسم المشتري الجديد في دائرة الأحوال المدنية، كما تقوم بنقل الملكية عبر تزوير توكيل لمحام، أو تنظيم عقد بيع كاذب مستعينين بشهود مزورين ومن ثم الذهاب باتجاه القضاء لرفع دعوى ضد صاحب العقار بتهمة الفرار خارج البلد قبل إتمام عملية البيع.

وفي السياق يقول أحمد فارس من مدينة حلب مقيم في غازي عنتاب التركية: "تفاجأت قبل أشهر بنقل ملكية منزلي في مدينة حلب دون علمي وذلك عندما قررت إجراء وكالة قانونية لأخي هناك لأستطيع بيع منزلي وتحسين وضعي المعيشي هنا بعد فقداني عملي بسبب كورونا، استعنا بمحامي لديه علاقات قوية في مؤسسات النظام ليبحث في الأمر ليخبرنا أن المنزل نقلت ملكيته عبر عقد شراء تبين بعدها أنه مزور لكن لم نستطع معاقبة الشخص الذي قام بهذه العملية لأنه عنصر في أحد الأجهزة الأمنية التابعة للنظام".

ويتابع خلال حديثه مع موقع تلفزيون سوريا: "شهدت على حالات عدة مشابهة للتي حصلت معي وبتنا نحن النازحين غير قادرين على حماية أملاكنا وأموالنا وأنا على يقين أنه لو ذهب الجميع باتجاه التأكد من سلامة عقاره وأنه مازال موجود باسمه لظهرت لنا كوارث ربما تستغرق سنوات لحلها، فحسب ما أخبرني به المحامي أنه بات يداوم في دائرة المصالح العقارية فمعظم القضايا التي ملأت درج خزانته على علاقة بتزوير الصكوك العقارية، وأن فوضى الحرب وفساد مؤسسات النظام فتحت المجال أمام عمليات التزوير والسرقة."

التغيير الديمغرافي والبيع القسري

لا يقتصر نقل ملكية العقارات وتزوير الصكوك والوثائق على العصابات والأفراد، فالنظام قام بتشجيع هذه المجموعات من خلال التغاضي عن أفعالهم. كما أتمً عمليات محو وتزوير واسع النطاق لسجلات الممتلكات خاصة في المناطق التي أراد تغيير التركيبة السكانية فيها مثل مدينتي حمص وريف دمشق حين قام عمداً بقصف وحرق مبنى السجل العقاري في مدينة حمص عام 2013 وكرر فعلته في مدينة الزبداني في ريف دمشق الأمر الذي أدى إلى إتلاف العديد من سجلات الممتلكات في المنطقة ليستطيع بعدها نقل ملكية هذه العقارات للموالين له لتشجيعهم على البقاء في سوريا.

وتنتهج إيران أسلوب نظام الأسد في السيطرة على منازل المدنيين، من خلال إجبار المدنيين على بيع منازلهم في العديد من المدن التي تسيطر عليها، من خلال تهديد ميليشياتها الموجودة في تلك المناطق بتهديد أصحاب العقارات الواقعة على الشريط الحدودي بين البلدين، حيث استولت حتى الآن على 625 قطعة أرض وشقة في ريف دمشق، وعلى عدد كبير من المنازل والأراضي في مدن وبلدات شرق سوريا.

كما بدأت روسيا مؤخراً باتباع الأسلوب ذاته من أجل توسيع نفوذها العسكري وبناء قاعدة عسكرية في مخيم حندرات شمال حلب، من خلال تجنيد سماسرة عقارات ووسطاء موالين لها، لشراء منازل المدنيين في المنطقة، وتمكنت حتى الآن من شراء 70 منزلاً، وتعمل ميليشيا "لواء القدس" الموالية لروسيا على تهديد من يمتنع عن البيع وإجباره على التنازل عن ملكيته.

معاقبة المناهضين للنظام 

على الجانب الآخر من الاستيلاء على العقارات يقوم النظام بالاستيلاء على أملاك الأشخاص المناهضين له والمطلوبين لأحد الأجهزة الأمنية من خلال تعاميم وقرارات صادرة عن المحاكم التابعة له تقضي بالحجز على عقارات هؤلاء الأشخاص ومنعهم من التصرف بها دون مراجعة أحد الأفرع الأمنية المطلوب لها في محاولة لتضييق الخناق على الشارع السوري المعارض.

وفي آخر قرارات النظام بما يخص الاستيلاء على العقارات؛ قرار مديرية التجنيد العامة مصادرة أموال وممتلكات كل من يبلغ سن الـ 42 عاماً سواء كان داخل سوريا أو خارجها ممن لم يؤدّ الخدمة العسكرية أو يدفع بدل فواتها.

ويقول حافظ قرقوط كاتب صحفي من محافظة السويداء يقيم في السويد لموقع تلفزيون سوريا: "صدر قرار عن وزارة المالية لعام 2017 ينص على الحجز الاحتياطي لجميع العقارات المسجلة باسمي واسم زوجتي وأولادي وهي منزل وأرض في بلدة ذيبين في ريف السويداء ومنزلان في بلدة أشرفية صحنايا في ريف دمشق ومنعي من التصرف بها بعد ملاحقتي من قبل الأجهزة الأمنية بسبب نشاطي الثوري وكتاباتي المعارضة لأخرج من البلد عام 2013. ونصوص هكذا قرارات تحوي على مخالفة صريحة لما جاء في الدستور والمواثيق الدولية التي تكفل حق الملكية الشخصية."

قرار حجز أموال حافظ قرقوط.jpg

مواجهة انتهاكات النظام

في خطوات للتصدي لمخططات النظام في الاستيلاء على أملاك السوريين يقوم معظم النازحين والمهجرين في دول اللجوء بإجراء وكالة قانونية لأحد أفراد عائلتهم أو أقاربهم أو الاتفاق مع محام للإشراف على صحة أموالهم في سوريا ومراقبة سجلات ممتلكاتهم لمنع بيعها. كما قام تجمع المحامين السوريين الأحرار بإطلاق مشروع "رد المساكن والممتلكات العقارية" بهدف تجهيز معلومات عن ممتلكات المدنيين المصادرة من قبل النظام أو القوى الرديفة له، وأيضاً تسجيل العقارات المدمرة والتي تعرضت للقصف لتقديم هذه المعلومات للجهة المسؤولة في سوريا مستقبلاً.

غزوان قرنفل رئيس تجمع المحامين السوريين أخبر موقع تلفزيون سوريا أن: "النظام أصدر خلال سنوات الصراع الماضية عشرات القوانين التي تتضمن بشكل أو بآخر التعدي على حدود الملكية مثل القانون رقم 66 لعام 2012 والقانونين 33 و35 لعام 2017 والقانون رقم 10 لعام 2018 بالإضافة إلى تعاميم وزارية وقرارات تتعلق بالموافقات الأمنية التي تعيق أصحاب هذه الممتلكات من التصرف بها سواء في عمليات البيع والشراء أو حتى الوكالة القانونية. إجراءات يفهم منها أن النظام يهدف إلى حرمان اللاجئين والنازحين من حقوقهم والحول دون عودتهم في المستقبل لأنه يهتم بإعادة صياغة المجتمع السوري ديمغرافياً لسهولة إدارة البلاد."

ويضيف: "إن القرارات التي تخص مصادرة النظام لأملاك النازحين المناهضين له وإسكان عناصر من الميليشيات الإيرانية بها, وإتاحة استثمار الأراضي الزراعية والمنشآت الصناعية مقابل عقود طويلة الأمد دون علم أصحابها, إنما هو مخالف لما جاء في نص الدستور السوري في المادة 15 التي تعتبر أن الملكية الخاصة مصانة ولا يجوز مصادرتها كما أن هذه القرارات مخالفة للمواثيق الدولية أيضاً وخاصة المبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي التي نصت في المبدأ رقم 21 منها على عدم جواز حرمان أحد من ممتلكاته وعلى وجوب توفير حماية ممتلكات النازحين من السرقة والاستيلاء التعسفي."

ويشير إلى أهمية العمل على توثيق الملكيات والانتهاكات التي تتعرض لها، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تمكين السوريين مستقبلاً من العودة إلى مناطق سكنهم واسترداد ممتلكاتهم العقارية التي تم الاستيلاء عليها أو تعويضهم في حال كان استرداد هذا العقار غير ممكناً وهذا حق مكفول من قبل جميع القوانين الدولية."