icon
التغطية الحية

النظام يعاقب مهجّري الساحل السوري بسلب أملاكهم ومصادرتها

2021.01.26 | 05:56 دمشق

91131362_3114011298644161_1594985652112326656_n.jpg
اللاذقية - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

انتهى أبو خالد (47) عاما في نهاية شهر تشرين الأول الماضي من إجراء معاملة "الوكالة العامة" لشقيقه في مدينة جبلة على أمل بيع منزله في المدينة الساحلية، إلا أن تعبه ذهب سدى بعبارة كتبت على المعاملة من قبل أجهزة الأمن "حجز لصالح الأمن العسكري"، وذلك أثناء محاولة شقيقه الحصول على الموافقة القانونية اللازمة لبيع المنزل.

يؤكد أبو خالد في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أنه لم يكن يتوقع أبدا مثل هذا القرار، لاسيما أنه لم يكن من قيادي المظاهرات في المدينة ولم يشارك في المعارك ضد قوات النظام، إنما لجأ إلى لبنان ومنها توجه إلى تركيا، لتكون النتيجة هي معاقبته ومصادرة أملاكه.

اقرأ أيضاً.. قيادات النظام في الساحل.. من الأمن والعسكرة إلى تجارة المسروقات

ومثل أبي خالد حرم مهيار بدرة الناشط في مجال الحراك السلمي بالمدينة من الاستفادة من أملاكه التي صودرت منذ عام 2014 رغم أن أحد أقربائه كان يسكن فيه، وتم إخراجه من قبل ميليشيات" الدفاع الوطني" وتم إبلاغهم بأن البيت أصبح مصادراً، وذلك وفقا لما أكده "بدرة" في حديثه لموقع تلفزيون سوريا.

وأضاف الناشط المقيم حاليا في ألمانيا أن الاستيلاء على أملاك نازحي مدينة جبلة توسع بشكل لافت خلال الآونة الأخيرة، ومنع الكثير منهم من التصرف بها، مشيراً إلى أنه لم يكن الوحيد الذي شمله هذا الإجراء بل تم سلب أملاك اثنين من عائلته أيضاً.

أبو جمال هو حالة أخرى مشابهة، إلا أن أملاكه التي شملت عمارة كاملة وأرضا، ومتجرا سلبت هذه المرة عبر وثائق مزورة من قبل قائد ميليشيا "الدفاع الوطني" السابق في جبلة آيات بركات، الذي فر لاحقاً إلى خارج البلاد.

ويوضح الرجل الخمسيني المقيم حاليا في تركيا أنه رغم كشف النظام عن عشرات الممتلكات العقارية التي تم سلبها في جبلة ومن ضمنها أملاكه من قبل "بركات" عبر وثائق مزرة، إلا أنها لم تعد لأصحابها، ولدى سؤال بعض أقربائه عن إمكانية ردها كان الجواب "ليأتي هو فليسترجعها".

اقرأ أيضاً.. بعد الحرائق.. حطب الساحل السوري يباع في درعا بأسعار خيالية

وكانت وسائل إعلام محلية في جبلة نقلت عن مصادر أمنية أن المدعو "آيات بركات" الذي فر في العام 2019 من سوريا إلى لبنان بعد سنوات من قيادته للميليشيا، متهم بسرقة ملايين الدولارات والعقارات من أهالي مدينة جبلة عبر عمليات تزوير عقود ووكالات واسعة، ومن خلال التهديد بالاعتقال والابتزاز.

حرمان ومصادرة:

لا توجد احصاءات دقيقة من قبل جهات حقوقية عن حجم الأملاك المحتجزة والمصادرة في الساحل السوري، إلا أن سياسة الانتقام من معارضي الساحل السوري لا تتوقف على مدينة جبلة فحسب، بل تمتد إلى مدينة اللاذقية وطرطوس.

وفي هذا السياق يؤكد الناشط معاذ الشغري وهو من سكان قرية البيضا بريف بانياس في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن معظم منازل سكان القرية التي شهدت أولى الاحتجاجات ضد النظام يمنع سكانها حتى الآن من العودة إليها أو التصرف بها، في حين صادر الأمن العسكري أيضا ممتلكات عائلات معروفة في مدينة بانياس مثل "آل عيروط".

في ريف اللاذقية الشمالي (جبلي الأكراد والتركمان) يحرم النظام أيضا منذ سيطرته على المنطقة في عام 2016 حتى الآن الأهالي من العودة واستثمار أراضيهم الزراعية أو حتى بيعها بحجة "الأسباب الأمنية"، وهو نوع من العقاب الجماعي لتلك القرى التي شاركت في الثورة السورية حيث بقيت مئات الدونمات الزراعية عرضة للسرقة والإهمال.

اقرأ أيضاً: مزاد علني لسيارات فاخرة في سوريا (فيديو - صور)

من يصدر القرار؟

تختلف أسباب والجهات التي تسلب ممتلكات مهجري الساحل السوري وفق ما يؤكده عبد الله وهو محامٍ في اللاذقية اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية.

ويوضح المصدر أن عددا قليلا من هذه المصادرات تم بشكل رسمي عبر قرار من وزارة المالية بسبب ديون أو أحكام قضائية تتعلق بـ "الإرهاب"، فيما العدد الأكبر للمصادرات تم من قبل الأفرع الأمنية بقرارات محلية من مسؤوليها، وهذه القرارات تحمل صفة "القوة" لا الرسمية، ويمنع أقارب المهجّرين من الاستفادة منها أو بيعها، إلا أنها ضمن دوائر النظام تبقى باسم أصحابها، وهذا حال القسم الأكبر من المصادرات.

ويضيف عبد الله منذ سنوات استغل بعض الموالين للنظام وعناصره الأمنية والشبيحة غياب المهجّرين، ودخلوا لمنازلهم بالقوة واستوطنوا بها دون أي عقد أو شرعية، وهذا الأمر حصل بشكل أوسع في الساحل السوري من باقي المناطق، بحجة إيواء نازحين من باقي المناطق، واستغل هؤلاء نفوذهم الأمني للإقامة في المنزل، وتهديد أقارب المهجّرين بعدم الاقتراب منه، وغالب هؤلاء هم عناصر من مليشيات النظام.

ولفت المصدر أن قسما آخر من ممتلكات المهجّرين سلب عن طريق تزوير الوثائق وهذا الأمر تم بشكل واسع في الساحل بتواطؤ كبير بين الأجهزة الأمنية والقضائية والميليشيات، مشيرا إلى أن قادة "الدفاع الوطني" في اللاذقية كانوا مسؤولين بشكل مباشر عن عشرات من هذه الحالات كشف أمر بعضها.

اقرأ أيضاً.. رغم حلها.. عناصر ميليشيات الساحل السوري يتكسّبون من نفوذهم

ما مصير الأملاك المسلوبة؟

وحول مصير هذه الأملاك وطرق استعادتها رأى المحامي عبد السلام خليل أن ما يحصل هو سياسة نظام وليس فقط أعمالا فردية وعمليات تزوير، مشيرا أن استعادة ما سلب "لن يكون ممكنا دون رحيل هذه العصابة، وإقرار قوانين رد الحقوق وإصلاح النظام القضائي".

ونصح "خليل" في حديثه لموقع تلفزيون سوريا المهجّرين والنازحين بتوكيل أقاربهم الموثوقين الذين ما زالوا يقيمون في المنطقة لإدارة أملاكهم ومتابعتها في القضاء في حال تم أي تعديل عليها.

يشار إلى أن "تجمع المحامين السوريين الأحرار" في تركيا أطلق منصة إلكترونية لتوثيق حالات السلب والمطالبة بها في ضوء مبادئ المقرر الخاص "باولو سيرجيو بنهيرو".

وأوضح "التجمع" أنه أحصى عشرات حالات سلب الملكيات في سوريا، وطالب جميع من تعرض لهذا الظلم بتوثيقه للمطالبة به مستقبلا.