icon
التغطية الحية

النظام يتخلى عن عائلات قتلاه وجرحاه.. ونساء يُعلنَ أسرهنّ في اللاذقية

2022.07.31 | 10:40 دمشق

قوات الأسد
جرحى من قوات النظام السوري ـ إنترنت
اللاذقية ـ علي أحمد
+A
حجم الخط
-A

حفلات وعروض غنائية بمشاركة روسيّة، هي ما يناله ذوو قتلى وجرحى النظام السوري، الذين يبحثون عن ما يسد رمقهم في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بمناطق سيطرة الأسد. في حين تعمل وسائل الإعلام المقربة من النظام على الترويج لـ كرم "القيادة" و"سيدة الياسمين".

عائلات قتلى النظام وموالوه.. العيش بالحد الأدنى

"لم أرضخ للضغوط.. وحافظت على شرفي"، هكذا تصف زبيدة وضعها وحياتها منذ غياب زوجها عن المنزل، وزبيدة من سكان مدينة اللاذقية ,والدة لثلاث بنات وصبي يدرسون في المرحلة الابتدائية. فقدت زبيدة زوجها في العام 2013 عندما خرج مساء ولم يعد للمنزل، ولم تستطع معرفة مصيره أو أي خبر عنه منذ ذلك الوقت.

زوج زبيدة كان موظفا في البريد، ولكن بعد غيابه عن وظيفته لعدة أيام وعدم الاعتراف بوجوده أو قدرة الزوجة على إصدار شهادة وفاة له فقد اعتبر بعداد المفصولين من عملهم وتم إيقاف راتبه الذي تعتمد عليه أسرته.

"كان راتب زوجي وعمله الثاني يعيلنا ويكفينا لنسد رمقنا، ولكني أرفض أن أشحد أو أطلب المساعدة من أحد طالما ما زلت بقوتي وصحتي". وهذا فعلاً ما قامت به زبيدة، بدأت تبحث عن أي عمل يساعدها لتطعم أطفالها، فكانت تنتقل من بناية لأخرى لتنظف الأدراج، وتساعد أي ربة منزل في التنظيف بمقابل مادي، حتى إنها فيما بعد عملت في توضيب مؤونة الشتاء وبيعها للمنازل مثل رب البندورة والفليفلة وغيرها من الأشياء التي تحصل زبيدة ببيعها على مبلغ لا بأس به.

تقول لموقع تلفزيون سوريا "بعد غياب زوجي بمدة كانت الجمعيات الخيرية تساعدني بتقديم سلل غذائية كل فترة، ولكن حتى هذا الأمر توقف فيما بعد بسبب المحسوبيات.. ومنظمة الهلال الأحمر ذات الشيء كلها محسوبيات".

تشعر زبيدة يومياً أنها تحمل ما لا طاقة لها به ولكن الوضع الاقتصادي السيئ واستمرار ارتفاع الأسعار الجنوني يجبرها على أن تصبر وتستمر في العمل حتى توصل أبناءها إلى برّ الأمان وتجعلهم قادرين على تحمل المسؤولية.

 النظام يتخلى عن عناصره

لا يختلف وضع ميسون عن زبيدة، فميسون أيضاً فقدت زوجها خلال إحدى المعارك في ريف اللاذقية، وكان زوجها متطوعاً في ميليشيا اللجان الشعبية ممن لم تعتبرهم حكومة النظام "شهداء" أو "ضحايا" حرب ولذلك لم تحصل على تعويض كغيرها من أسر جرحى وقتلى النظام. ونتيجة لذلك خسرت ميسون معيلها وبات عليها أن تعتمد على نفسها وتعمل لتعيل نفسها وطفلتها الوحيدة.

تقدمت ميسون لإحدى المسابقات التي أعلنت عنها حكومة النظام وتوظفت كعاملة نقل مرضى في إحدى مشافي الدولة. "الحمد لله استطعت إيجاد وظيفة أعيش من خلال راتبها كل شهر، إضافة لما يعطيني إياه ذوو المرضى، مستورة والحمد لله"، تقول ميسون لموقع تلفزيون سوريا.

تنقل ميسون المرضى وتساعدهم وتنفذ طلبات أهلهم ومقابل ذلك يعطونها مبلغاً من النقود. تكابد ميسون من أجل لقمة عيشها وتقول إنها أحياناً تعمل دواماً إضافياً ويساعدها العاملون في المشفى لتستطيع العيش بالحد الأدنى.

ميسون وغيرها من النساء اللواتي فقدن أزواجهن في المعارك اضطررن للعمل وتحمل ظروف قاسية وصعبة، وحتى العناصر الذين اعترف نظام الأسد بهم كقتلى وجرحى، ما زال ذووهم مرميين دون مساعدة أو معونات شهرية. وهذا ما جعل كثيراً منهم يشعرون بالخذلان والنقمة على النظام.

فحسب ميسون هنالك كثير من جرحى الحرب الذين باتوا من ذوي الإعاقة وغير قادرين على العمل، ولم يحصلوا على تعويض، وحتى الذين حصلوا على تعويضات كانت مخجلة، وكل هؤلاء اضطرت زوجاتهم وأبناؤهم للعمل بأي شيء يجدونه.

وفي نيسان الماضي قال وزير الشؤون الاجتماعية والعمل في حكومة النظام، محمد سيف الدين خلال مقابلة على إذاعة "دمشق"، إن الوزارة تقدم منذ عام 2018، 100 ألف ليرة سورية راتبا شهريا لجرحى قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني، أما الجرحى المصابون بالعجز الكلي فيتقاضون 130 ألف ليرة شهريا، ولمدة عشر سنوات.

زوجات المفقودين والقتلى في سوريا

معظم زوجات المفقودين وقتلى النظام فقدوا معيلهن، وبحكم عادات المجتمع من الصعب على هذه النسوة وبالأصح "الأرامل" الزواج من جديد وخصوصاً عند وجود أطفال عليها تربيتهم ورعايتهم.

تعيش كل من زبيدة وميسون وحيدات بلا رجال، ولا يقبلن الزواج مجدداً خوفاً على أطفالهن ومثلهن كثر.

تشعر ميسون بأنها تحولت إلى رجل وأن يديها باتتا قويتين كيدي رجل عامل في الحقل من كثرة العمل ونقل المرضى وحملهم، لا تجد ميسون انزعاجاً في هذا الأمر فهي بذلك تحمي نفسها من أي محاولة تحرش أو مضايقة من أي رجل في الشارع أو في العمل، وترفض ميسون كلياً أي عرض للزواج فهي وقفَتْ نفسَها تماماً لابنتها الوحيدة.

تقول لموقع تلفزيون سوريا "لست بحاجة لرجل فأنا بمئة رجل، لن يضيف الرجل شيئاً لحياتي سوى أنه سيمنعني من العمل وهو متنفسي الوحيد ولن أضمن معاملته مع ابنتي".

أما زبيدة فتشعر أن قلبها ومشاعرها تجمدا تماماً، فوجود أربعة أطفال يشغلها تماماً عن التفكير ولو للحظة بقلبها، مشكلات الحياة وصعوبة تأمين النقود وطلبات الأطفال الدائمة صعبة على زبيدة. "علي أن أكون أماً وأباً وكل شيء لأولادي وهذا ضغط إضافي غير ضغط الحياة الحالي".

إعلام النظام يروّج لـ أسماء الأسد

لا جديد على إعلام النظام في الترويج لروايات بعيدة عن الصحة والصدقيّة، ليجمّل حقيقة واقع مواليه وخصوصا الجرحى منهم. ودائماً ما يتم الترويج بحسب صفحات موالية تعمل بإشراف من النظام للخدمات والتسهيلات التي يقدمها لهؤلاء الجرحى، وكان آخرها البطاقة التي منحت لمن لديه عجز جسدي 40 في المئة ومافوق وهذه البطاقة بحسب زعم النظام تقدم لهم خدمات علاجية وطبية وتخفيضات في أجور النقل.

ولكن ما حصل العام الفائت عندما أجريت احتفالية "جريح وطن" في اللاذقية يكذب كل هذه الأقاويل.

فقد تم جمع الجرحى في الفعالية باللاذقية وأقيمت ألعاب رياضية لتكريمهم وذلك تحت رعاية أسماء الأسد، ولكن ما إن انتهت من استعراض عملها "الخيري" وغادرت، حتى ترك المسؤولون عن الفعالية جرحى النظام بلا أي واسطة نقل، ما اضطرهم للمشي مسافة تقارب 2 كم ليصلوا إلى مكان قريب من المواصلات العامة. وهذا ما حصل مع رفيف إحدى زوجات الجرحى والتي اضطرت لسند زوجها الذي خسر ساقه كل تلك المسافة. عبّر الموالون آنذاك عن غضبهم واعتبروا ذلك تقصيراً من الجهات المسؤولة، لكنهم عادوا لنفس الأسطوانة أن "سيدة الياسمين" وزوجها لا يعلمون بما يجري.