
رغم تحذير واشنطن للنظام السوري من استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنين والمسلحين المعارضين وتهديدها بعمل عسكري ضده، لم يتردد النظام أمس في قصف المدنيين في غوطة دمشق الشرقية بالكيماوي، ما أدى لعشرات حالات الإختناق.
وعبرت الإدارة الأمريكية عن قلقها من احتمال استخدام النظام السوري غاز السارين السام في قصف مناطق تخضع لسيطرة المعارضة في ريف دمشق.
وقال وزير الدفاع جيمس ماتيس الجمعة إن النظام السوري استخدم غاز الكلور مرارا كسلاح، لكنه أكد أن الولايات المتحدة ليس لديها دليل على استخدام غاز السارين.
وحذر من رد فعل عسكري أميركي وقال ماتيس إن العودة لانتهاك اتفاقية حظر (الأسلحة) الكيماوية "ستكون غير حكيمة"، وفي إشارة إلى قصف المقاتلات الحربية الأميركية لمطار الشعيرات العسكري في حمص بنيسان الماضي "نحن مطّلعون وشاهدتم جميعا كيف قمنا بالرد على ذلك".
موسكو تنفي
ورداً على اتهامات "ماتيس" سارعت موسكو ،حليفة النظام السوري، إلى نفي ضلوع النظام في هجمات كيماوية، وقال بيان لوزارة الدفاع الروسية إن اتهامات واشنطن "لا أساس لها من الصحة وتستند إلى معلومات من وسائل التواصل الإجتماعية".
وأكد البيان خلو الترسانة العسكرية لقوات النظام من الاسلحة الكيماوية التي وحسب البين أزيلت ودمرت في العام 2014.
واستخدمت روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حق النقض (فيتو) ضد محاولة أميركية لتجديد تفويض التحقيق المشترك بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا.
قلق فرنسي وبريطانيا تتجه لمجلس الأمن
بدورها أعربت فرنسا عن قلقها من عدم التزام النظام السوري بتعهداته، بعد صدور تقارير عن استخدام أسلحة كيماوية، وطرحت فرنسا مبادرة لمحاسبة الجهات التي تستخدم الأسلحة الكيماوية وفرض عقوبات عليها.
وفي لندن قالت الحكومة البريطانية إنها ستدعو في اجتماع مجلس الأمن يوم الاثنين المقبل ، روسيا والمجتمع الدولي إلى الاتحاد من أجل حمل نظام الأسد على عدم استخدام الأسلحة الكيماوية .
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت: إن"بريطانيا قلقة جدا بشأن أنباء استخدام الكلورين في الغوطة الشرقية 3 مرات حتى الآن في 2018 من قبل قوات النظام السوري. وفي حال تأكد ذلك، فسيكون هذا مثالا مروّعا آخر على التجاهل الصارخ من قبل نظام الأسد للشعب السوري ولالتزامه بعدم استخدام أسلحة كيميائية في سورية".
حالات اختناق
ميدانيا قال الدفاع المدني في غوطة دمشق إن قوات النظام قصفت بغاز الكلور السام أطراف مدينة دوما بريف دمشق، ما أدى إلى عشرات حالات الاختناق بين المدنيين وذلك في ثالث قصف بالغازات السامة على الغوطة الشرقية خلال شهر واحد.
وسجّل الدفاع المدني 21 حالة اختناق معظمهم أطفال ونساء، في 22 كانون الثاني الماضي، نتيجة قصف قوات النظام بغاز "الكلور" لمدينة دوما.
وشهد العام الفائت بحسب تقرير صادر عن الجمعية الطبية السورية الأمريكية (سامز) 14 هجوماً بالسلاح الكيماوي، أدت إلى مقتل 91 شخصاً و إصابة 838 آخرين، من ضمنها مجزرة خان شيخون في ريف إدلب.
وتشهد الغوطة الشرفية تصعيداً عسكرياً للنظام أدى إلى مقتل تسعة مدنيين وأصيب آخرون الجمعة في قصف جوي ومدفعي لقوات النظام على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، في مسرابا ودوما وحمورية.
وأعلنت حركة أحرار الشام الإسلامية العاملة في الغوطة الشرقية، منتصف نوفمبر/تشرين الأول 2017 عن إطلاق معركة"بأنهم ظلموا"والتي تهدف للسيطرة على "إدارة المركبات" التابعة لقوات النظام في مدينة حرستا بالغوطة الشرقية في ريف دمشق .
عجز دبلوماسي
وتتعرض الغوطة الشرقية، منذ 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لقصف عنيف من طائرات النظام ومدفعيته، ما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى.
ودعا يان إيغلاند كبير مستشاري المبعوث الأممي إلى سوريا إلى إعلان هدنة إنسانية في الغوطة الشرقية، وأشار إلى أن آخر قافلة مساعدات أممية دخلت إلى منطقة محاصرة كانت في نهاية تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، وصلت إلى منطقة النشابية، إلى نحو 7200 شخص.
"وأضاف أنه على مدى الشهرين الماضيين لم تصل أي قافلة من الإغاثة المنقذة للحياة والإمدادات الطبية والمواد الغذائية إلى أي منطقة محاصرة، بما يجعل هذا أسوأ وقت تشهده وكالات الإغاثة منذ عام 2015. كما لم تستطع الأمم المتحدة القيام بأي عمليات إجلاء طبي من الغوطة الشرقية منذ نهاية العام الماضي."
وقال: إن الدبلوماسية الإنسانية عاجزة تماما" لعدم قدرة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على التأثير على أطراف "الصراع" عند الحاجة إلى ذلك.
وربطت اختبارات قامت بها معامل تابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية للمرة الأولى بين مخزون النظام السوري من الأسلحة الكيميائية وأكبر هجوم بغاز الأعصاب السارين في سوريا.
ونفذت قوات النظام أكبر هجوم بغاز السارين أو غاز الأعصاب يوم 21 /آب 2013، حيث استهدفت سكان الغوطة الشرقية ومعضمية الشام بالغوطة الغربية، فقُتل أكثر من 1500 شخص معظمهم من النساء والأطفال.