icon
التغطية الحية

المهجرون في إدلب.. معارك لا تنتهي مع البطالة 

2021.01.24 | 05:12 دمشق

1607190225790.jpg
مهجر يعمل حطاباً شمال غربي سوريا ـ خاص
إدلب ـ عز الدين زكور
+A
حجم الخط
-A

يتطلع محمد حسون الحلبي، بعد مضي أربع سنوات على تهجيره، إلى إعادة افتتاح مطعم صغير وسط مخيم "جنة القرى" على الحدود السوريّة التركيّة، يتخذ منه مصدر رزق لعائلته، ويتجاوز به محنة البطالة.  

"حسون"، وهو مهجر من مدينة  حلفايا شمال غربي حماة، عاطل عن العمل منذ سنوات، تخللها محاولات خجولة لتأمين لقمة عيش متواضعة لذويه.  

اقرأ أيضاً: تأمين الدواء والطبابة.. رحلتان شاقتان في مخيمات إدلب العشوائية

يعاني المهجرون في مخيمات إدلب، من أزمة البطالة منذ سنوات، يحاولون من خلال العديد من الأعمال والمهن الطارئة على حياتهم التغلب عليها، لكن بظروف أكثر تعاسة وجهداً، وأقل مردوداً.  

وكان للمزارعين المهجرين في منطقة شمال غربي سوريا، النصيب الأكبر من المعاناة مع البطالة، بعد أن فقدوا موردهم الوحيد في المعيشة وتأمين دخلهم الشهري أو السنوي، بعد أن سلب النظام وأجهزته الأمنية أراضيهم.   

فقد "حسون" تجهيزات عمله السابق، وهو مطعم شعبي وسط المدينة، ويقول لموقع تلفزيون سوريا: إنّ تأمين مبلغ 1000 دولار أميركي يمكن أن يدفعه إلى العمل من جديد وتجهيز مطعم في إحدى غرف شقته الإسمنتية التي كساها بـ "غطاء بلاستيكي" وسط المخيم. 

 

1607190225809.jpg

 

جهد كبير ومردود ضعيف

في خيمة صغيرة حوّلها إلى ورشة عمل، يقضي "أبو محمد" مهجر من ريف حلب الجنوبي، أكثر من 10 ساعات ينظم الدارات الكهربائية والمحركات لمدفأة "قشر الفستق" مستغلاً إقبال الأهالي على استعمالها. 

اقرأ أيضاً: فصل الشتاء.. الهاجس الأكبر لدى النازحين في الشمال السوري

يشير "أبو محمد" القاطن في مخيم "جامع معاذ" العشوائي شمالي إدلب، إلى أن خبرته التي جمعت بين نجارة الألمنيوم وأعمال الكهرباء أسهمت في بدء مهنة جديدة مع صديقه "محمود" مهجر من بلدة تلمنس جنوبي إدلب، وهو فني ألمنيوم أيضاً يعملان على تعديل وتصنيع المدافئ التي تعتمد على القشور بوصفها وسيلة للاشتعال.

ويقول لموقع تلفزيون سوريا: إنّ العمل الجديد تحول إلى مصدر رزق في تهجيره، بعد أن بدأه بمحض المصادفة من خلال خدمةٍ قدمها لجيرانه وأقاربه في تصنيع مدافئ قشر الفستق.

 

1607269262513.jpg

 

أما "إسحاق أبو عبد الله" من مخيم "جنة القرى" ومهجر من ريف حماة، فيلجأ إلى أعمال إضافيّة حرة، من قبيل النقل والتحميل أو أعمال البناء المختلفة في الفترة المسائية أو أيام العطل، إذ إنّ مبلغ 20 ليرة تركيّة أجراً يومياً من عمله في تمديد المواد الصحيّة والكهربائية، لا تكفي لتأمين احتياجاته وخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية، بحسب ما يقول.  

ويضيف لموقع تلفزيون سوريا، أنّه على الرغم من استمراره في مهنته ذاتها، فإنّ صعوبات جديدة تعترضه، فهو يضطر إلى التنقل مسافات بعيدة بحثاً عن ورشة جديدة، ما يرتب عليه مصاريف "بنزين" إضافيّة، وفي أوقات الشتاء الماطرة والعاصفة يتعذر عليه الوصول إلى مكان العمل بسبب طبيعة مخيمه الجبليّة والمنطقة، إذ هجره النظام إلى منطقة قرب الحدود السورية التركية.

 

المزارعون فقدوا كل شيء  

تعرف منطقة شمال غربي سوريا، ولا سيما المناطق التي لحقها التهجير والحملات العسكرية، بالزراعة التي تشكل مصدر رزق وحيداً لشريحة واسعة من الأهالي، ومع عملية التهجير فقد مالكو تلك الأراضي التي سلبها النظام وحرم أصحابها منها، أبرز مواردهم المعيشية.

حطّت رحال معتز أبو حسن، وهو مهجّر من قرية "معردبسة" بريف سراقب، على طرف طريق إدلب ـ باب الهوى، ويعمل "أبو حسن" مياومةً في بسطة لبيع الحطب والعيدان والفحم الحجري بأجر لا يتجاوز الـ 10 ليرة تركيّة.  

ترك "أبو حسن" قرابة هكتارين من الأراضي الزراعيّة في قريته، ويضيف لموقع تلفزيون سوريا، أنّ ظروفه المعيشية تحولت إلى الأسوأ بعد أن هجر من أرضه قسراً، وكان الموسم الزراعي إلى حدٍّ ما يكفيه العوز والحاجة ويسد مصاريف عائلته. بينما لديه اليوم قرابة 13 ولداً من ثلاث زوجات دفع فيه تردي الحال إلى تشغيل 7 أطفال بجمع النايلون والمواد البلاستيكية من أجل بيعها ومساعدته في مصروف العائلة.  

اقرأ أيضاً: روث حيوانات وبلاستيك.. التدفئة الصحية ترف في زمن التهجير |صور

لا يختلف الحال لدى زياد العليوي، المهجر من ريف حماة الشمالي، والذي سلك طريق تهجير طويل منذ سنوات متنقلاً من بلدة إلى أخرى، إلى أن استقر في مخيم شمال غربي إدلب بالقرب من مدينة حارم، معتمداً على بيع الحطب، إذ يشق الطرق الوعرة صباحاً مع أطفاله بحثاً عنه في بطن الوادي.

 

1607190225799.jpg

 

يقول "العليوي": إنّ المنطقة الجبلية التي يتربع عليها المخيّم، تحظر عليه العمل بالزراعة كسابق عهده قبل التهجير، ما اضطره إلى بيع الحطب، لافتاً إلى أنه في الوقت الذي يلجأ فيه إلى بيع عيدان وحطب مما تتوافر له في الوديان والأشجار الحراجية، يسلب النظام وأجهزته الأمنية محصول أرضه في قريته التي هجر منها قبل سنوات.

"قاسم بكور" من مهجري مدينة كفرزيتا شمالي حماة، بنى غرفة صغيرة ومنافعها في مخيم للمهجرين على أطراف بلدة كللي شمالي إدلب، ولا يستقر فيه الحال بعمل مناسب، في حين ينحصر موسم عمله بثلاثة أشهر فقط في حراثة الأرض بجرّاره الخاص.

عمل "بكور" طوال سنوات في زراعة 5 هكتارات في مدينته المهجر منها، تنوعت المواسم بين البطاطا والشوندر السكري والقمح. يتحدث لموقع تلفزيون سوريا عن أبرز صعوبات عودته إلى العمل بالزراعة، بادئاً بتكاليف الإنتاج مثل إيجار الأرض وكلفة الأسمدة والبزار، وهي تختلف من موسم إلى آخر، إضافةً إلى غياب رأس المال، الأمر الذي أدى به إلى صرف النظر عن الفكرة تماماً.

ويتابع: "كثير من المزارعين بعد خسارتهم في مواسم سابقة خلال التهجير، لجؤوا إلى مهن جديدة وأعمال مجبرين لا مخيّرين حتى يحققوا مصدر رزق لعوائلهم".

ويقطن مخيمات إدلب العشوائية قرابة 200 ألف مهجر معظمهم تركوا منازلهم وأعمالهم، من جراء الحملات العسكرية الأخيرة للنظام وروسيا، ليواجهوا ظروفاً معيشية صعبة.