icon
التغطية الحية

المنظومة الصحية في السويداء.. اختلاسات وصفقات مشبوهة

2021.09.13 | 06:16 دمشق

whatsapp_image_2021-09-12_at_1.17.25_pm.jpeg
مستشفى العناية الخاص في السويداء (خاص تلفزيون سوريا)
السويداء - حمزة المختار
+A
حجم الخط
-A

يتفاقم سوء القطاع الصحي في محافظة السويداء الواقعة جنوب العاصمة دمشق حاله حال باقي القطاعات والخدمات التي يفترض توافرها للمواطن ، حيث يعد الإهمال الموجود داخل المستشفيات العامة في المحافظة مقصودا وممنهجا من قبل نظام الأسد، إذ أشارت العديد من التقارير الصادرة عن منظمات دولية لاتباع النظام لهذه الاستراتيجية حيث وصفت لجنة الإنقاذ الدولية IRC  في تقرير نشرته آذار الفائت المنهجية التي يتبعها النظام في استنزاف المنظومة الصحية بأنها استراتيجية حرب ذات عواقب وخيمة كما قالت منظمة أطباء بلا حدود أن ما يجري من ممارسات في القطاع الصحي أمر كارثي بحاجة لسنوات طويلة لترميم ما سوف ينتج عنه من آثار على المدى البعيد.

انعدام النظافة ورداءة الخدمات في المشافي العامة

تعاني المستشفيات الحكومية الأربعة في المحافظة من مشكلات كثيرة وكبيرة على صعيد النظافة والخدمات، حيث لوحظ في مستشفى (زيد الشريطي) أو المستشفى الوطني داخل المدينة انتشار للحشرات والصراصير كما تحدث العديد من المراجعين عن وجود قطط داخل المشفى، ما يساهم في انتشار الأوبئة والأمراض في ظل ما يشهده العالم بأسره من أوبئة وعلى رأسها جائحة كورونا.

كما أن مستشفى (سالة) الذي يخدم عشرات القرى في ريف المحافظة الشرقي لا يستطيع تقديم سوى وجبة طعام واحدة للمرضى المقيمين داخله والحجة هي عدم توفر مادة الغاز لطهي الطعام بالإضافة إلى رداءة الوجبات وسوء طعمها بحسب ما وصفه شهود عيان خلال حديثهم لـ موقع تلفزيون سوريا، كما لوحظ عدم وجود أسرّة كافية للمرضى التي هي بالأساس رثّة ومتسخة ما يدفع بالمشافي ببعض الأحيان إلى وضع مرضى اثنين على سرير واحد وقد تكررت هذه الحالات مرات عديدة.

وأما على صعيد المعدات والأجهزة الطبية فقالت مصادر مطلعة لموقع تلفزيون سوريا أن المشفى الوطني في السويداء يعاني من مشكلات في جهاز غسيل الكلى والذي يعد رئيسيا لمرضى الكلى حيث تكرر خروجه عن الخدمة مرات عدة والتأخير في إصلاحه ما عرّض حياة المرضى للخطر ويعود السبب في ذلك لانقطاع التيار الكهربائي المستمر والمتكرر، وقال المصدر إن المشكلة شملت أيضاً جهاز تخطيط القلب غير دقيق النتائج وجهاز الرنين المغناطيسي.

 

 

وكشف المصدر عن وجود نقص حاد في نقالات المرضى والكراسي المتحركة حيث يتم نقل المرضى في بعض الأحيان إلى قسم الإسعاف بواسطة بطانيات من قبل ذويهم، إضافة إلى عدم توفر البنزين في سيارات الإسعاف والتي سجلت العديد من حالات توقف السيارة أثناء قيامها بمهمة إسعاف أحد المرضى بسبب نفاد الوقود منها، كما أن المعاملة السيئة لاقت استهجانا كبيرا بين أهالي المحافظة حيث اشتكى العديد من المواطنين المعاملة السيئة من قبل بعض الأطباء والعاملين في المستشفى الوطني وعدم الاكتراث لحالة المريض مهما كانت بالغة الخطورة ففي حادثة حصلت اضطر أهالي أحد المرضى الذي تم نقله لقسم الإسعاف إلى انتظار الطبيب المناوب حتى يتم إنهاء مكالمة هاتفية استغرقت مدة عشر دقائق لإسعاف المريض.

نقص في الكوادر الطبية وضعف في أدائها

تشهد المستشفيات العامة في المحافظة نقصا شديدا في الكوادر الطبية حيث تعتمد المشافي على طبيب واحد مناوب لجميع الأقسام الأمر الذي حول مستشفى سالة من مستشفى إلى عيادة، والطبيب المناوب غالباً ما يكون غير مختص ما اعتبره بعضهم استهتارا في حياة المواطنين فلا يمكن لطبيب مختص بالأمراض الهضمية مثلاً إسعاف مريض بحاجة لعمل جراحي مستعجل وفي هذا السياق يروي  الشاب يزن البالغ من العمر ٣٥ عاماً وهو ابن قرية (المشنف) في ريف السويداء الشرقي لموقع تلفزيون سوريا عن معاناته في مستشفى سالة حيث قال" أسعفت والدي المريض بالسكري ليلاً منذ عدة أيام إلى مستشفى سالة القريب من قريتنا، وعند وصولي إلى قسم الإسعاف لم أجد نقالة لإدخاله ما اضطرني إلى حمله بين يدي بمساعدة أخي حتى وضعته على سرير داخل قسم الإسعاف، ثم انتظرنا لمدة تزيد على ربع ساعة الطبيبَ المناوب الذي كان في قسم العظمية وكانت المفاجأة عندما رأينا الطبيب الذي نعرفه جيدا بكونه ابن قريتنا ونعلم أن اختصاصه في الجراحة العصبية ولا علاقة له بالعظمية أو بمرضى السكري، وبعد مشاجرات ومشادات كلامية قاموا بإجراء الإسعافات الأولية له ثم قمت بنقله إلى مستشفى خاص في السويداء على الرغم من تكاليفه الباهظة".

والسبب في هذا النقص يعود إلى هجرة الأطباء خارج البلد بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية التي يعاني منها جميع شرائح وفئات المجتمع ومن بينهم الأطباء، حيث تشير معلومات مؤكدة إلى عدم وجود أطباء جراحين سوى ثلاثة جراحين فقط في المستشفى الوطني وهو المستشفى الرئيسي في المدينة وهم مدير المستشفى الوطني ومدير صحة السويداء بالإضافة إلى طبيب ثالث معهم.

وأضافت المصادر أن مئة وأربعة عشر طبيبا من أبناء السويداء هاجروا إلى خارج البلد في سنة 2021 وأن مئة وأربعة أطباء قدموا استقالاتهم وتركوا العمل في المشافي العامة ومئة وطبيب طلبوا تقديم استقالاتهم في إحصائية حصل عليها موقع تلفزيون سوريا لعام 2021 من السويداء.

ابتزاز للمواطنين من قبل الأطباء للحصول على المال

لم تقتصر معاناة المواطنين في المحافظة على الاستفزازات التي يتعرضون لها من قبل النظام في الإهمال الممنهج لواقع القطاع الصحي فقط بل أيضا الأطباء الذين يفترض بأنهم حملة رسالة إنسانية أخلاقية أصبحوا شركاء للنظام في تضييق الخناق على المواطنين.  

حيث أفادت معلومات مؤكدة من قبل بعض المواطنين أن الأطباء في مستشفى زيد الشريطي يطلبون مالا لقاء إجراء العمليات الجراحية المجانية كعمليات التوليد القيصرية، وفي الحالات التي تحتاج إلى عمليات نوعية يقوم الطبيب بإرسال المريض أو أحد أهله إلى عيادته الخاصة لعقد الاتفاق معه، ثم يحدد له موعدا لإجراء العمل الجراحي داخل المستشفى ذاته بعد تقاضيه المبلغ المطلوب، وإلا فالذرائع جاهزة دائماً، لا وجود للأسرّة، الأجهزة معطلة وغيرها من الحجج وبعد حصولهم على المال تذهب جميع تلك الذرائع أدراج الرياح وعادةً ما تكون هذه المبالغ طائلة تتجاوز المليون ليرة سورية وهو رقم بالنسبة للمواطن الذي لا يتجاوز دخله الشهري مئة ألف ليرة سورية في أحسن الأحوال.

 

 

في حين يرجع البعض إلى أن ما يقوم به بعض الأطباء من ممارسات ابتزازية لسوء وضعهم الاقتصادي وتدني رواتبهم التي يتقاضونها من النظام والتي لا تتجاوز ٢٥ دولارا أميركيا شهريا، وفي هذا الشأن قال الطبيب ن/م  وهو طبيب من محافظة السويداء لموقع تلفزيون سوريا إن الطبيب يكمل الست سنوات في دراسته ثم يلزمونه بسنة إضافية خدمة تسمى بسنة الامتياز أو المهارة ثم يقومون بنقله إلى عدة مستشفيات في أماكن مختلفة برواتب متدنية جداً لا تكفيه أجور مواصلات ولا يسمح له بفتح عيادة خاصة به إلا بعد إتمام المدة المحددة.

وأضاف أن الكوادر الطبية في مستشفيات السويداء تتعرض للتهديد بالسلاح بين الفينة والأخرى من قبل بعض الفصائل المسلحة المختلفة التبعية، وتكررت هذه الحالة في العديد من المستشفيات بسبب تأخر دور المريض أو عدم وجود أماكن شاغرة أمام أعين العناصر المسؤولة عن حماية المشفى من دون أي تحرك منهم، وكان هناك وقفة احتجاجية منذ أسابيع لكوادر مستشفى السويداء الوطني لإيقاف الظواهر المسلحة داخله.

فساد مالي وإداري في المنظومة الصحية

سجلت العديد من التقارير حالات اختلاس وصفقات مشبوهة عديدة كان أبرزها صفقة الخيوط الجراحية التي عقدت بين مدير مشفى (صلخد) وتاجر من مدينة دمشق لم يتسنّ لنا معرفة اسمه بوساطة من قبل فرع الأمن العسكري في السويداء قدرت بعشرات الملايين في الحد الأدنى، كما ذكرت التقارير السرية التي حصل عليها موقع تلفزيون سوريا أن عشرات الصفقات الوهمية التي لا وجود لها على الأرض ذهبت لجيوب بعض الأطباء بالتعاون مع الفروع الأمنية ومن ضمنها صفقات تخص مستشفى (شهبا) العام الذي انتظر أهالي الريف الشمالي سنوات عدة لإنجازه وكانت المفاجأة أنه لا يرقى لكونه مركزاً صحياً في إحدى قرى المحافظة، كما كشفت الوثائق عن فساد طال قسم التعيينات في المستشفيات بسبب خضوع التعيينات في المستشفيات العامة لرغبات الفروع الأمنية التابعة للنظام حيث يتم انتقاء الأطباء والمديرين ورؤساء الأقسام بحسب ولائهم للنظام وليس بناءً على كفاءاتهم العلمية والعملية.