icon
التغطية الحية

المعاناة ترسم ملامح الطلاب السوريين في المدارس التركية

2018.09.20 | 23:09 دمشق

طفلة سورية في إحدى المدارس التركية بولاية ديار بكر، 1من آذار (الأناضول)
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

للعام الثالث على التوالي يتوجه الطلاب السوريون في تركيا إلى المدارس الحكومية للاندماج مع أقرانهم الأتراك، وذلك بعد إلزام وزارة التربية للأهالي بتسجيل فئات عمرية جديدة، ونقلهم تباعاً من مدارس التعليم المؤقتة التي يشرف عليها مدّرسون سوريون.

ورغم أن قرار الدمج صدر منذ فترة طويلة إلا أنّ صعوبات كبيرة واجهت بعض الطلاب السوريين للحصول على مقاعدهم الدراسية بينما شكا آخرون من نقلهم إلى مدارس بعيدة وتحميلهم تكاليف كبيرة.
 

مشاكل التسجيل

 في منطقة نارلجا القريبة من أنطاكيا رفض المدراء الأتراك تسجيل الطلاب السوريون الجدد كما يؤكد الأهالي، بحجة الاكتظاظ، ويؤكد ماهر رجب وهو والد لطفل في الصف الخامس أنه زار جميع مدارس المنطقة حتى البعيدة عن منزله وتوجه لمديرية التربية عدة مرات دون تسجيل ابنه حتى اليوم.

مشكلة رجب مشابهة لمئات العائلات الأخرى في المنطقة التي تجمعت في أول أيام الدوام الدراسي أمام مبنى مديرية تربية أنطاكيا لإيجاد حل لأبنائهم.

تقول أم عبير وهي أم لطالبة في الصف الأول: "توجهت منذ افتتاح التسجيل لأقرب مدرسة مناسبة لعنوان سكني في نارلجا رفض حارس الأمن حتى ادخالي، وقال لي بالحرف الواحد لا يوجد شواغر حاليا للطلاب السوريين، وعند تهديدي بالتوجه للتربية للشكوى قال لي بالحرف الواحد اذهبي وافعلي ما تريدين".

يتكرر الأمر في مناطق أخرى في أنطاكيا حيث يشكو بعض الأهالي من عدم قبول أبناءهم في مدارس قريبة من عناوين سكنهم وتوجيههم إلى أخرى بعيدة.

وغير بعيد عن أنطاكيا تتكرر مشاكل التسجيل للطلاب السوريين في ولاية غازي عنتاب التي تستقبل عدد كبير من اللاجئين السوريين.

يقول أبو نزار وهو طبيب ووالد لطفلين "حتى اليوم لم يداوم أطفالي في أي مدرسة رغم افتتاح العام الدراسي، منذ أسبوع وأنا أقضي وقتي في التنقل بين المدارس ومديرية التربية، يمتنع مدراء المدارس عن تسجيل أبنائي لأنهم سوريون، وعلى الرغم من أن القرار يوجب على المدارس التركية استقبال الطلاب السوريين إلا أن العديد من المدارس التركية امتنعت عن تطبيقه، تخوفاً من مشاكل عدم التعايش والانسجام بين الأطفال السوريين والأتراك، ومنهم من امتنع عن تسجيل الطلاب متعذراً بعدم كفاية المقاعد الدراسية وبتأخر التسجيل وغيرها من الأعذار المختلفة .

وكانت وزارة التربية التركية أقرت نقل طلاب الصف الخامس والتاسع هذا العام من مدارس التعليم المؤقتة إلى المدارس التركية، ليضافوا إلى صفوف الأول والثاني والثالث والسادس والعاشر الذين نقلوا خلال الأعوام الماضية.

ويبرر المدراء الأتراك عدم قبولهم تسجيل الطلاب السوريين بالاكتظاظ الكبير الذي تعانيه مدراسهم حيث يعيش في مدينة أنطاكيا قرابة 300 ألف لاجئ سوري.

من جانبه زار مدير التربية التركي كمال كرخان يوم الاثنين الماضي بعض المدارس، واطلع بنفسه على شكاوي الأهالي السوريين، وما تعانيه المدينة، ووعد بإيجاد حل سريع للمشكلة، والتسريع بتجهيز مدارس جديدة في المنطقة لاستيعاب جميع الطلاب.

وقال كرخان في أثناء زيارته لمدرسة "رجب طيب أردوغان" في نارلجا: "أعدكم أنه لن يبقى طالب في منزله، التعليم حق للجميع، وخلال وقت قصير سنعمل على حل جميع المشاكل".
 

عشوائية النقل

مشكلة أخرى واجهت الطلاب السوريين ممن تجاوزوا الصف الثامن أثناء انتقالهم إلى المدارس التركية، وهي نقل بعضهم مباشرةً إلى المدارس المهنية، وإمام خطيب رغم عدم وضعهم ضمن رغباتهم أثناء التسجيل.

ويعود سبب التوزيع هذا كما يبرره موظفون في تربية أنطاكيا إلى الضغط الكبير الذي تعانيه المدارس الأخرى أو إلى المجموع غير الكافي للطالب السوري.

ووفق نظام التعليم التركي يعتبر الصف الثامن نهاية المرحلة الإعدادية في المدارس التركية، حيث ينتهي العام الدراسي فيه بتقديم فحص شامل يدعى teog وعلى أساس درجات الطالب في هذا الفحص يتم قبوله في المدارس العامة أو المهنية التركية.

وائل هو أحد الطلاب السوريين نجح إلى الصف التاسع واضطر للنقل إلى المدارس التركية نتيجة قرار الدمج يقول إنه ورغم مجموعه الجيد في المرحلة المتوسطة نقل عكس رغبته التي سجلها في مديرية التربية إلى مدرسة إمام خطيب في أنطاكيا وتبعد عن منزله أكثر من 20 كم.
 

الانسجام مفقود

من جانب آخر يشكو عدد من أهالي الطلاب السوريين من صعوبات تواجه أبناءهم في المدارس التركية نتيجة اختلاف اللغة وطريقة تعامل بعض المعلمين مع أبناءهم.

تقول ولاء طريفي وهي والدة لطفلة في الصف السادس تقيم في اسطنبول إنّ "اختلاف اللغة وصعوبة التواصل بين الأولاد بالصف، وبين الطالب والأنسة أدى لأن تصبح ابنتي انعزالية، وهو ما نعكس على نفسيتها وحبها للمدرسة". وتضيف" أصاب الاكتئاب ابنتي لأنها كان بالمدرسة السورية من المتفوقين أما الآن بالمدرسة التركية اصبحت درجاتها ضعيفة، خاصة في المواد الدراسية العلمية التي تحتاج إلى شرح وتفسير".

يشكو البعض الآخر من التمييز وصفة اللاجئ التي تلاحق الطلاب السوريين في المدارس التركية، خاصة مع رفض بعض الأهالي الأتراك والمدرسين لتواجدهم.

خلال العام الماضي طرد عدد من أهالي منطقة "أوداباشي" الطلاب السوريين من المدرسة، ونظموا مظاهرة مع بعض المعلمين، طالبوا خلالها بإبعاد السوريين من مدارسهم بحجة أنهم يأثرون سلبياً على عقول ابناءهم.

يرى ماهر خطاب وهو مدرس سوري يعمل في ولاية كلس أنّ "قرار الدمج جاء سريعا وبدون خطة، وهو غير ناجح حتى الآن"، ووفق خطاب فإنّ " الطلاب السوريين لا يزالون يشعرون بالغربة وعدم الانتماء إلى هذه المدارس، وهو ما ينعكس على حبّهم للتعليم ورغبتهم في الالتزام به".

ونوّه خطاب إلى أنّ اختلاف العادات وطبيعة المدارس التركية المختلطة زاد من عملية تسريب الطلاب السوريين من المدارس لا سيما من فئة الفتيات حيث منع العديد من الأهالي بناتهم من متابعة دراستها نظراً لوجود الاختلاط.

ويصل عدد الطلاب السوريين في تركيا المسجلين في المدارس وفق بيانات حكومية رسمية إلى قرابة نصف مليون طالب فضلاً عن عدد من المتسربين، سواء ممن يقيمون بالمخيمات أو الذين لم تسمح لهم ظروفهم بدخول المدارس.