المعارضة التركية وانتقاد تطور العلاقات التركية القطرية

2020.11.29 | 23:02 دمشق

61d2126c1eb548ccaceb3a6574f4b796_18.jpg
+A
حجم الخط
-A

منذ عام 2014 حتى يومنا والعلاقات بين تركيا وقطر في تطور مستمر ولعل أهم مؤشراتها  توقيع العديد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم المهمة بين تركيا وقطر، ويزيد عدد هذه الاتفاقيات عن 50 اتفاقية تصب في خدمة مصالح البلدين.

وتتنوع هذه الاتفاقيات من المجال الدبلوماسي والأمني والعسكري إلى الرياضي مرورا بالاقتصاد والتجارة والاستثمار وليس انتهاء بمجال الطاقة والنقل لتصل ربما إلى كل قطاعات العمل بين الدولتين ولعل هذا يتوافق مع ما عبّر عنه وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن البلدين يتجهان إلى تطوير علاقاتهما نحو الشراكة الاستراتيجية الكاملة.

في هذا السياق تم هذا الأسبوع توقيع عدة اتفاقيات بين البلدين خلال الاجتماع السادس للجنة الاستراتيجية العليا بين البلدين حيث وقع مسؤولون من الجانبين بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد اتفاقيات في مجالات مختلفة أبرزها: مذكرة تفاهم بين جهاز قطر للاستثمار و"شركة هاليك ألتون"، للاستثمار المحتمل في "مشروع القرن الذهبي".، وتضمنت الاتفاقيات مجالات إنشاء لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، والتعاون في مجال إدارة المياه، وتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي، والتعاون في مجالات الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية.

كما تم توقيع مذكرة شراء حصة من "مجمع استنيا بارك" التجاري، واتفاقية بيع وشراء لميناء أورتادوغو أنطاليا بين شركة غلوبال ليمان وشركة كيوتيرمينالز". ووقع الطرفان "مذكرة تفاهم بين هيئة المناطق الحرة ووزارة التجارة التركية حول نشاط التعاون والترويج المشترك في مجال المناطق الحرة".

وبالإضافة لما سبق شملت الاتفاقيات "خطاب نوايا بين وزارة المالية القطرية، ووزارة الخزانة والمالية التركية، تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجالات شؤون الأسرة والمرأة والخدمات الاجتماعية".

كما تم "إعلان نوايا بشأن تبادل الدبلوماسيين بين المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية والأكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية التركية"، وفق الديوان الأميري.

وقبل هذا أطلقت شركة أناضولو شيبيارد التركية في أكتوبر 2020 أول سفينتي تدريب متدربين (CTS) وQTS 91 Al Doha، واللتين تم تصنيعهما للقوات البحرية القطرية.

اعترضت المعارضة التركية على بيع قطر حصة في بورصة إسطنبول واعتبرت الأمر بمثابة تنازل عن المقدرات القومية

ولكن الاتفاقية التي أحدثت جدلا كبيرا في اليومين الأخيرين في تركيا وخاصة من أوساط المعارضة هي الاتفاق على "مذكرة شراء حصة 10% من بورصة إسطنبول". حيث بدا الأمر أشبه بحملة من المعارضة تستهدف تطور العلاقات بين تركيا وقطر.

اعترضت المعارضة التركية على بيع قطر حصة في بورصة إسطنبول واعتبرت الأمر بمثابة تنازل عن المقدرات القومية، علما بأن  البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية كان قد اشترى نفس الحصة في بورصة إسطنبول في عام 2009 والبالغة عشرة بالمئة ولم تعترض المعارضة التركية حينئذ على قرار البيع للبنك الأوروبي، وقد أعلن البنك الأوروبي لإعادة الإعمار عن بيعها في 2019 بعد تعيين مسؤول تنفيذي سابق في بنك خلق وهو هاكان أتيلا كان مسجوناً في الولايات المتحدة رئيساً تنفيذياً للبورصة، في حين اعتبر في أنقرة أنه أقرب لقرار سياسي أكثر منه اقتصادي.

لم تكتف المعارضة بانتقاد قرار البيع لحصة من البورصة لقطر أو نقص الشفافية حول العملية بل طالت كل ما يقوم به وقف أصول تركيا المشرف على العملية من جهة والعلاقة مع قطر بشكل عام من جهة أخرى، إذ انتقدت بقية الاستثمارات السابقة التي تقوم بها قطر في تركيا، سواء مصنع الدبابات أو شراء قطريين لأراض في تركيا.

وفي هذا السياق بدا أن هناك مبالغات كبيرة من عدد من أنصار المعارضة فعلى سبيل قال النائب عن حزب الشعب الجمهوري علي ماهر بشارير أن تركيا "باعت الجيش التركي لقطر" مما استدعى ردا عليه بأنه يقول كلاما غير منطقي.

وحول تفسير ذلك أشار بعض الكتاب المؤيدين للحكومة في تركيا إلى أن الاتفاقيات والاستثمارات التي تقوم بها قطر في تركيا تعمل على إحداث راحة نسبية في الاقتصاد وهو الأمر الذي من شأنه أن يخفف الضغط الاقتصادي على الحكومة وهذا أمر لا تريده المعارضة حيث تعتمد على التراجع الاقتصادي لرفع أسهمها السياسية.

كما ذكرنا تكثفت اعتراضات أحزاب المعارضة وخاصة حزب الشعب الجمهوري على تطور العلاقة مع قطر بعد 2017 حيث اعترض رئيس الحزب كمال كليجدار أوغلو أكثر من مرة على اتفاقات بين تركيا وقطر وعلى رأسها رفض إرسال قوات تركية إلى قطر، والاعتراض على شراء قطر لحصة في شركة BMC للصناعات العسكرية في سكاريا، كما انتقد قبول الرئيس أردوغان للطائرة التي أهداها له الأمير القطري، وفي 2019 انتقد شراء قطريين لأراض بالقرب من مشروع قناة إسطنبول وهو الأمر الذي اعتبره الرئيس التركي أمرا عاديا ويحدث في معظم الدول.

في ظل الوضع الاقتصادي الذي تعيشه تركيا وخاصة خروج أكثر من 80 مليار دولار من الاستثمارات خلال ال 3 سنوات الماضية بدأت الحكومة التركية السعيَ إلى جلب الاستثمارات وخاصة من الدول الصديقة، ولعل المنطقي أن ترحب المعارضة بجلب الاستثمارات للبلد وتحث على جذب المزيد من الدول الأخرى ولكن المعارضة لا تريد أن تشعر الحكومة بأي راحة في المجال الاقتصادي لأنه المجال الحرج الذي قد يمكن المعارضة من الوصول للحكم والذي يتأثر به المواطن سلبا بشكل كبير وهو ما ظهر في انتخابات بلديتي أنقرة وإسطنبول في العام الماضي.