icon
التغطية الحية

المشاريع الاستثمارية في إدلب.. التحديات وفرص النجاح

2021.06.13 | 06:15 دمشق

15.jpeg
إدلب - سيلا الوافي
+A
حجم الخط
-A

عشر سنوات من الحرب والدمار في سوريا رافقها إعمار وبناء أيضا وخاصة في مناطق شمال غرب سوريا ففي إدلب التي كانت من المدن الصغيرة انقلبت اليوم إلى ما يشبه القارة المصغرة التي باتت تضم مختلف البيئات الاجتماعية والثقافية والحياتية.

شركة ريفا فارما للصناعات الدوائية

تأسست شركة "ريفا فارما" عام 2016 ويُعدُّ معمل (ريفا فارما) الدوائي هو الوحيد في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حيث يعمل على رفد السوق المحلي بالأدوية، وسد الاحتياجات منذ تأسيسه أواخر 2015.

يقول الصيدلاني محمود السبع مدير التسويق في شركة ريفا فارما للصناعات الدوائية الواقعة في منطقة الدانا لـ موقع تلفزيون سوريا إنه منذ بداية اندلاع الثورة السورية حاولنا جاهدين توفير الأدوية للمرضى وخاصة في مناطق كفرنبل وجبل الزاوية بحكم نزوح غالبية الصيادلة من المنطقة نتيجة القصف المستمر والأوضاع الأمنية غير المستقرة، مما دفعنا للمخاطرة بتأمين الدواء من مناطق النظام عن طريق قرية المنصورة في ريف حلب.

ويوضح السبع أن تأمين الأدوية من مناطق النظام أو من تركيا لم يكن لغاية مادية بقدر ما كان حاجة إنسانية ملحة لتأمين الأدوية للمنطقة وتلبية احتياجات الناس وخاصة حليب الأطفال.

ونتيجة حاجة الناس الماسة للأمن الدوائي انطلقت فكرة تأسيس شركة ريفا فارما للصناعات الدوائية، بحسب ما قاله السبع.

ويشير السبع إلى أنه بجهود كادر من خبراء التصنيع الدوائي (صيادلة- كيميائين- أطباء) نجح المعمل والشركة بتأمين الدواء للناس ورفد السوق المحلي بالأدوية وبالتالي هي فرصة للاستثمار الاقتصادي في حال استقرار المنطقة ولكن تبقى الفائدة الاقتصادية في الحدود الدنيا نتيجة الأوضاع الراهنة.

 

 

ويؤكد السبع أن مثل هذه الاستثمارات تعتبر بمنزلة صمام الأمان للمنطقة وخاصة بعد انقطاع الطرقات بين مناطق النظام وفقدان كثير من الأصناف الأساسية مثل الكورنيك وأدوية القلب وخافضات الشحوم وارتفاع أسعارها لتصل إلى ما يقارب أربعة أو خمسة دولارات بسعر الجملة.

ولكن تمكنت شركة ريفا فارما من توفير تلك الأدوية بأسعار مقبولة لدى جميع المرضى، وتلبية السوق رغم أن الأرباح لا تقارن بأرباح أي معمل أدوية ولا تتجاوز الـ 15% في بعض الأصناف والبعض 10% وهناك أصناف بنفس الكلفة.

 استثمارات بسيطة تسد رمق العيش

بتاريخ 13 تشرين الثاني من عام 2020 صدر قرار السماح باستيراد السيارات الأوروبية من المنافذ التركية، وذلك بعد اتفاق غرفة الصناعة والتجارة في مدينة الباب شمالي حلب مع الجانب التركي على السماح باستيراد السيارات المستعملة وقطع التبديل "ترانزيت"، عبر الأراضي التركية باتجاه الشمال السوري. 

يقول علاء الخضر صاحب معرض الخضر للسيارات لموقع تلفزيون سوريا إنه بدأ العمل في استيراد السيارات منذ عام 2013 وإلى الآن ما يزال يعمل بها، مشيراً إلى أن مثل هذه الاستثمارات تتوقف على كمية طلب السوق وقدرته الشرائية حيث كان سابقا يمنع استيراد السيارات الأوروبية إلى مناطق الشمال السوري وكان السوق يقتصر على استيراد السيارات المقصوصة إلى ثلاث قطع يتم إعادة تجميعها في مكان البيع.

 

 

ويضيف الخضر أنه منذ مطلع السنة الفائتة أعادت تركيا السماح باستيراد السيارات الأوروبية من جميع الدول الأوروبية وكوريا الجنوبية ودبي عن طريق "الترانزيت" عبر الأراضي التركية.

كما أكد الخضر أن كثيراً من العائلات الفقيرة التي تضع مبالغ بسيطة من المال لاستثمارها بمجال السيارات من أجل تأمين معيشتهم.

أما أبو عمر صاحب وكالة الأمين الذي يعمل في تجارة وتوزيع الموالح والمكسرات يقول لتلفزيون سوريا إنه منذ أن تهجر من مدينة حلب في عام 2016 متجهاً إلى مدينة إدلب لم يرَ نفسه إلا رهين الأمر الواقع الذي حوله من تاجر خيط حرير في مدينة صناعية مثل حلب إلى صاحب مهنة صغيرة وجد بها ضالته لتحسين وضعه المعيشي وسد رمق عيشه وعيش أسرته، نتيجة قلة فرص العمل وهو السبب الرئيسي الذي دفعه للاستثمار في هذا المجال.

ويتابع أبو عمر حديثه بالقول: إنه رغم انعدام التسهيلات المشجعة وكثرة العقبات التي وقفت في طريقه بداية الأمر نتيجة القصف المستمر التي كانت تشهده مدينة إدلب مما يجعل أمر التنقل من وإلى المدينة أمر في غاية الخطورة إلى جانب قلة البضائع وصعوبة الحصول عليها، إلا أنه مستمر بمشروعه البسيط.

عقبات وصعوبات أمام الاستثمارات

يعيش سكان المناطق المحررة معاناة بعد سد معظم الأفق أمامهم وعدم الاستقرار، من جراء التهديد المستمر من النظام وحلفائه الروس وإيران، ما حال دون تطور الاستثمارات، وجعل الأعمال والترميم وإعادة الإعمار، بحدودها الدنيا.

ويضيف السبع أنه بالرغم من الهدوء النسبي الذي تشهده إدلب إلا أن تخوفنا على استثماراتنا ما يزال يلازمنا قليلاً نتيجة عدم الاستقرار السياسي والأمني، الأمر الذي يؤثر سلباً على توسعنا في العمل رغم امتلاكنا لآليات حديثة مثل آلة بخاخات الربو ولكننا إلى اليوم لم نستخدمها وما زالت بغلافها لأنها باهظة الثمن.

وبحسب السبع فإن أي توسع في العمل نقوم به حالياً يكون بخطوات مدروسة جداً لأن مثل هذه المشاريع مكلفة جداً، كما لا يمكن تطويع جميع الأموال باستثمار واحد، ولا يوجد أي تصريحات رسمية من الضامنين بأن المنطقة آمنة، لذلك يجب أن يكون أي توسع بأي استثمار توخى الحذر فيه.

ويؤكد السبع أن شركة "ريفا فارما" على الرغم من كل الصعاب إلا أنها تمكنت من إنتاج مئة صنف دوائي بعد أن كانت ثلاثة أصناف فقط في البداية، ومازلنا في طور الإنتاج للوصول إلى عدد أكبر مع بداية السنة الجديدة.

ويتابع السبع بالقول لم يكن هناك تسهيلات مشجعة لنا بل العكس كانت الأمور معقدة فكنا نبحث في البداية عن أي جهة رسمية في المنطقة لتتبنى عملنا وضرورة وجود جهاز رقابة دوائي لأن الأصناف التي نعمل بها تخص صحة المواطن وحياته، فضلاً عن توفير الحماية لنا، ورغم عملنا بكفاءة عالية ولكننا كنا بحاجة لجهة تكون على اطلاع ومتابعة بما يخصص التحليلات الدوائية ومراقبة وتقييم كل الأصناف, ونجحنا بهذه الخطوة بعد عدة زيارات لمديرية صحة إدلب الأمر الذي عاد علينا بفائدة تفعيل الرقابة الدوائية وزيارات دورية لإنتاج أصناف تنافس المنتجات في مناطق النظام وحتى المنتجات الخارجية.

ويؤكد السبع، بأنهم يغطون 70% من الاحتياجات المحلية بشكل تقريبي، وتبقى الصعوبة في موضوع الاحتياج للهرمونات والعلاجات السرطانية التي تعتبر مازالت عالقة، رغم لجوئهم إلى الاستيراد وأخذ وكالات في الأدوية الهرمونية الضرورية للمنطقة من شركات معروفة عالمياً للاستثمار في هذا الموضوع، خلال الشهرين الماضيين، حيث باتوا يستوردون مواد ذات جودة عالية وبطرق حفظ ممتازة للبقاء بحالة اكتفاء وعدم الحاجة لمناطق النظام أو الخارج.

وأما بما يتعلق باستيراد المعدات اللازمة للصناعات الدوائية يقول السبع لموقع تلفزيون سوريا: لم تكن هناك عقبات فعلية تذكر وقفت في طريقهم في سبيل الحصول على المعدات إنما كانت صفقات شراء مع شركات أجنبية عن طريق مكتب تم تأسيسه في تركيا، فكانت جميع البضائع تصل عن طريق الترانزيت، كما أن هناك قسما من المعدات تم تصنيعه محلياً من قبل أشخاص أكفاء في مجال التصنيع.

ومن جهته يقول الخضر إن أهم وأبرز العقبات التي تقف بوجه الاستثمارات بشكل عام وقطاع السيارات بشكل خاص الوضع الأمني غير المستقر والذي يمنعهم من فكرة التوسع، وأنه على الرغم من عدم توافر اليد العاملة في هذه المهنة إلا أنها وفرت فسحة عمل لأصحاب المصلحة في المنطقة الصناعية فكل سيارة بحاجة إلى إصلاح وتصويج وما إلى ذلك من أعمال صيانة.

ويشير الخضر إلى أن إحدى العقبات التي تقف بوجههم هي ارتفاع أسعار السيارات الأوروبية حيث تصل كلفة السيارة إلى ستة أو ثمانية آلاف دولار إضافة إلى تكاليف الضرائب والطرقات التي تصل لثلاثة آلاف دولار للسيارة الواحدة نظرا لأسعار القصات التي تتناسب نوعاً ما مع القدرة الشرائية لسكان مدينة إدلب وريفها وحلب وريفها.

ووفقا لما قاله الخضر فإن القسم الأكبر الذي يستورد السيارات الأوروبية اليوم هم سكان المنطقة الشرقية (دير الزور والرقة).

 

البيئة الاستثمارية في الشمال السوري غير آمنة

يقول الخبير الاقتصادي السوري سمير الطويل لـ موقع تلفزيون سوريا إن البيئة الاستثمارية في الشمال السوري ليست بيئة صحيحة لعدة أمور مثل غياب مصادر التمويل سواء مؤسسات التمويل أو حتى المصارف والجهات الداعمة إلى جانب الأرقام والإحصاءات.

ويعتبر الطويل أن وجود مثل الاستثمارات سابقة الذكر في هذه المناطق بحاجة لبيئة استثمارية صحيحة وهي غير متوافرة في الظروف الحالية لعدم الاستقرار وهذا ما أدى لصعوبة جذب أي مستثمر سوري مقيم في تركيا للاستثمار في هذه المناطق ويفضل البقاء في تركيا وتصدير بضائعه، لأن الاستثمار بحاجة إلى التصدير بشكل أساسي لكي ينمو وبحاجة لجهات داعمة مادياً ولوجستياً إلى جانب الخبرة.

ويضيف الطويل أن الظروف حالياً غير متوفرة ولكن لا مانع من وجود بعض المشاريع التي تخدم سكان المنطقة، وأن الاستثمارات الصغيرة الحالية تكون على شكل ورش ومعامل صغيرة أو متوسطة تلبي حاجة محلية فقط حسب رغبة السكان سواء كانت غذائية أو دوائية أو استثمارات خدمات مثل معارض السيارات أو حتى بعض البضائع المعدة نوعاً ما للتصدير ولكن مازالت الأمور في بداياتها والبنية التحتية للاستثمار في هذه المناطق تحتاج إلى الكثير من العمل لينمو بشكل صحيح ضمن بيئة اقتصادية.

وبدوره يقول محمد دعبول مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد التابعة لحكومة الإنقاذ في مدينة إدلب إن سياسة حكومة الإنقاذ تتركز بالوقت الحالي على تنمية قطاعات التربية والصحة والاستثمارات بشكل عام.

ويشير دعبول إلى أن الحكومة تسعى  لتأمين بيئة مناسبة للاستثمار من خلال عدد من الإجراءات عبر القيام بحزمة من المشاريع، مثل إنشاء البنية التحتية التي تخدم المستثمرين وأهمها توسعة وتعبيد الطرقات مثل طريق باب الهوى- إدلب بطول 30كيلومترا وطرق سرمدا -الدانا بطول 10 كيلومترات وهما اللذان يعتبران عصباً تجارياً مهماً  في المحافظة. 

وعلى الرغم من استمرار الحرب وعدم استقرار الوضع الأمني في إدلب إلا أن المستثمرين ينشئون مشاريعهم الخدمية والاقتصادية لتوفر للسكان ولو جزءا بسيطا من متطلبات المعيشة الأساسية.