المزاد الأخير لسوريا المستولى عليها

2021.02.20 | 00:00 دمشق

iranians-visit-ummayad-mosque.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا تخفي إيران أحلامها في سوريا الجديدة المفيدة التي يسيطر عليها الأسد، ويرون أنها باتت -أقرب من أي وقت مضى- إلى أهدافهم في الاستيلاء على أعظم حواضر الشرق التي طالما تربصوا للانتقام من أهلها وماضيها، وهذا طبعاً لا يأتي على لسان قادتها السياسيين بل تفضحه منابر الحسينيات وصرخات مقاتلي الميليشيات.

في دمشق القديمة تشتري الميليشيات بأسماء مواليها ما تشاء من عقارات، وتساعدها في ذلك منظومة مؤسساتية اسمها محافظة دمشق التي أعادت العمل بمراسيم الاستملاك لأحياء في جوار المسجد الأموي بحجة أنها آيلة للسقوط تارة، أو من أجل مشاريع ذات نفع عام، وهذا ما حصل في حي الحمراوي الذي يستميت سكانه للبقاء في منازلهم ومحالهم بالرغم من الإهمال الكبير المقصود من قبل المحافطة للصرف الصحي وبقية الخدمات، والغاية تسليمها للإيراني الحالم بتوسيع مقام السيدة رقية ليصير حياً لحجاج المستقبل أسوة بالسيدة زينب.. وهنا يصبح لإيران ضاحيتان بدلاً من واحدة.

في الغوطة الشرقية واستكمالاً للهيمنة الإيرانية حيث لا حسينيات ولا عتبات مقدسة، كان الحل بيد النظام الذي عمد إلى عمليات التهجير الكبرى بعد المذابح الكبرى، وأما من بقي فيها فهم مرهونون للقتل والاعتقال أو التجنيد، وأما الأهالي فمنذورون للجوع.

الإيرانيون وجدوا في عناصر الميليشيات أدوات رخيصة لشراء العقارات، وهؤلاء لانتماءات جديدة وولاءات طائفية حاقدة قدموا هذه الخدمات كعربون وفاء للمحتل

الخطوة الأخرى للاستيلاء على أراضي الغوطتين الشرقية والغربية (داريا مثالاً) فهي عبر تشييع الأهالي بالمال أولاً، ومن ثم مصادرة أملاك المعارضين والمهجرين واللاجئين بتهم الخيانة ومحاربة النظام العلماني والانضمام لعصابات إرهابية، وبدأت أولاً بتسليم البيوت والمزارع للضباط والعناصر لإنشاء الحواجز ثم انتهت الحال بهم بجلب عائلاتهم والاستيلاء عليها.

الإيرانيون وجدوا في عناصر الميليشيات أدوات رخيصة لشراء العقارات، وهؤلاء لانتماءات جديدة وولاءات طائفية حاقدة قدموا هذه الخدمات كعربون وفاء للمحتل بعد هدوء الجبهات والمذابح الدموية، وفي داريا كان مقام سكينة المستحدث شماعة الدخول إلى المدينة التي انتفضت على الأسد واحتلتها إيران، وأما أهلها فممنوعون من دخولها وإن دخل البعض فكأنما يعبر حدود بلد آخر.

في شرق البلاد تبدو المعادلة الإيرانية غاية في التعقيد ولا بد من بدائل عن النظام المطرود منها، وهذا ما استدعى شراء الولاءات الطائفية والعشائرية عبر استمالة المشايخ بالمال والسلطة، وهؤلاء وجدوا في الصراعات العرقية والقبلية نافذة لتصحيح أوضاعهم التي انهارت بسبب تقلب السيطرة من النظام وصولاً لداعش و(قسد)، وهكذا بدأت تبنى الحسينيات وتشترى الذمم مع الإشارة طبعاً إلى حملات مضادة لهذا التوسع والاحتلال الإيراني.

اليوم تمنح سماء البلاد للإسرائيلي الذي سبق أن قبل الجولان هدية لبقاء الأسد الأب ثلاثين عاماً في قصر المهاجرين

بالأمس أكمل النظام خدماته عبر ما يسمى مجلس الشعب الذي أقرّ مجموعة من التعديلات تسمح بتملك غير السوريين للعقارات، وجاء في المادة الأولى من تعديل القانون 11 للعام 2011 ما يلي: (يجوز إنشاء أو تعديل أو نقل أي حق عيني عقاري في أراضي سوريا لاسم أو لمنفعة شخص غير سوري طبيعياً كان أم اعتبارياً، شرط أن تكون إقامة الشخص في سوريا إقامة مشروعة).

هدايا النظام للمحتلين لا تتوقف على الإيراني.. فاليوم تمنح سماء البلاد للإسرائيلي الذي سبق أن قبل الجولان هدية لبقاء الأسد الأب ثلاثين عاماً في قصر المهاجرين، وأما الموانئ والساحل فهي للروسي، وأما السوري المقتول والمذبوح والمعتقل فلا بيت له ليعود إليه، وأما حال البقية ممن كتب عليهم الحياة في سوريا المفيدة فحياتهم مرهونة على أبواب مؤسسات النظام ومحطات الوقود وأفران الخبز.