icon
التغطية الحية

"المرسوم 66" يشرد أصحاب ورش تصليح السيارات في حي القدم

2022.06.02 | 06:13 دمشق

eef88cd5b0a85f46054fed6dacb94e26_l.jpg
ورش تصليح للسيارات على قارعة الطريق (الإنترنت)
دمشق - جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

يواجه العشرات من أصحاب محال تصليح السيارات في حي القدم الدمشقي صعوبات في الاستمرار في منشأتهم أو تطويرها، بسبب المخططات التنظيمية الجديدة التي أصدرها نظام الأسد، كون المنطقة تتبع تنظيمياً للمرسوم 66 وقد تُهدم في أية وقت.

المشروع السكني "ماروتا سيتي" المزمع تنفيذه، واحد من مشروعين ضخمين تضمنهما "المرسوم 66"، تسبب في تشريد أصحاب وورش التصليح في القدم، الذين يتخوفون من ترميم محالهم أو توسيعها، لأن المنطقة مهددة بالمصادر لصالح المشروع.

واضطر العديد من أصحاب المهنة إلى العمل على أرصفة دمشق وفي حاراتها، لا سيما في زقاق الجن بحي البرامكة، الذي بات بديلاً عشوائياً للمناطق الصناعية في ظل الضائقة الاقتصادية.

يفقدون محالهم نتيجة قرارات تنظيمية

مفيد (42عاماً) يمتلك ورشة تصليح سيارات في الحي منذ سنوات، لكن محله مهدم ومتضرر بفعل الدمار الذي حل بالحي من جراء الحرب، وعندما حاول إصلاحه بالحصول على رخصة ترميم من محافظة دمشق أخبروه بأنَّ منطقة القدم كلها تتبع تنظيمياً للمرسوم 66 وقد تهدم في أية لحظة.

ويقول مفيد لموقع "تلفزيون سوريا"، حتى لو أصلحت محلي هناك مشكلات أخرى نعاني منها، وهي عدم توفر الكهرباء والمياه، وفي حال مددت الكهرباء إلى محلي قد يُسرق الكبل وربما عدة الورشة.

ويعتبر المرسوم التشريعي رقم "66" لعام 2012 أول قانون أصدره النظام السوري للتنظيم العمراني، ويشكل خطراً على حقوق الملكية والسكن، وفقاً لمنظمات قانونية وحقوقية.

وينص على إحداث منطقتين تنظيميتين "باسيليا سيتي" و"ماروتا سيتي"، تقعان ضمن المصوّر العام لمدينة دمشق، لـ "تطوير مناطق المخالفات والسكن العشوائي"، بحسب ما جاء في الدراسات التنظيمية التفصيلية المعدة لهما.

وتضم المنطقة الأولى جنوب شرقي المزة (حي خلف الرازي)، من المنطقتين العقاريتين مزة - كفرسوسة، والمعروفة باسم "ماروتا سيتي"، أما المنطقة الثانية فتضم جنوب المتحلق الجنوبي من المناطق العقارية مزة - وكفرسوسة - وقنوات - وبساتين - وداريا - وقدم، والمعروفة باسم "باسيليا سيتي".

زقاق الجن.. وورش تصليح على الرصيف

يواجه عشرات أصحاب المحال في حي القدم مصيراً مشابهاً لمفيد، ما دفع بعضهم إلى الخروج مع عدة ورشهم إلى العمل على أرصفة الشوارع في دمشق وبين حاراتها رغم ملاحقات شرطة المحافظة التي تضيق عليهم وتصادر عدتهم في أحيان كثيرة.

بالمقابل هناك عدد قليل منهم اتجه إلى المنطقة الصناعية في حوش بلاس واستأجر محلاً، حيث يبلغ إيجار المحل فيها مليون ليرة شهرياً وهو ما لا قدرة لمفيد على دفعه.

ولم يترك مفيد مكان عمله فقط، إنما تهجر من المليحة حيث كان يسكن، واتجه إلى استئجار منزل في حي الشيخ محي الدين (250 ألف ليرة شهرياً) نتيجة عدم قدرته على إعادة إعمار منزله المدمر بالكامل في المليحة بريف دمشق. ويقول "لدي سيارة مازدا أضع عدة الشغل بها وأركنها في زقاق الجن في منطقة البرامكة بقصد العمل اليومي".

وتنتشر في زقاق الجن عدة ورش تصليح السيارات وبيع قطعها على أرصفة الشوارع. ويقول غيث صالح (50عاماً) "إنَّ كل من يعمل هنا بتصليح السيارات كان يمتلك محلاً في تجمع حي القدم وحوش بلاس الصناعيين قبل الحرب".

ويضيف صالح في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" "خلال الحرب ترك الكثير من أصحاب الورش في المنطقتين محالهم واتجهوا إلى زقاق الجن التي تعتبر مختصة بتصليح السيارات وتبديل قطعها". وكان يعمل صالح في ورشته بحي القدم لكنه تركها نتيجة دمار محله كما غيره من أصحاب المهنة.

ويعتمد كثير من أصحاب الورش العاملة في زقاق الجن على زبائنهم القدامى، إذ دوماً ما يتلقى مفيد اتصالاً من الزبون الذي يرغب بتصليح سيارته ويتفق معه على موعد القدوم، مضيفاً أنه عندما يأتي الزبون يفحص سيارته وإذا كانت مشكلتها بسيطة يُصلحها مباشرةً، وفي حال كانت تحتاج إلى فك بعض القطع يأخذها إلى إحدى الحارات الفرعية بعيداً عن الأعين ويصلحها.

بديل عشوائي اقتصادي

وتبقى أسعار تصليح السيارات مقبولةً في حي زقاق الجن مقارنة بأسعار الورش التي تعمل في منطقة حوش بلاس الصناعية، والتي تعتبر باهظة من جراء ارتفاع إيجار المحال وغلاء قطع الغيار، وفقاً لمصلح السيارات مفيد.

على سبيل المثال، بحسب مفيد، تصليح دوزان السيارة في زقاق الجن يكلف 50 ألف ليرة، بينما في المنطقة الصناعية بحوش بلاس يكلف 125 ألف ليرة.

وكانت محافظة دمشق بدأت في العام 2015 بنقل ورش تصليح السيارات من منطقة البرامكة إلى تجمع حوش بلاس الصناعي بريف دمشق، لكن عدداً من أصحاب الورش يرفض الانتقال إلى حوش بلاس لعدم قدرتهم على دفع إيجارات المحال الغالية.

وخلال السنوات السابقة قامت المحافظة بملاحقة أصحاب الورش العاملة على أرصفة الشوارع في مناطق البرامكة وبرزة وزقاق الجن وركن الدين" لإجبارهم على الانتقال إلى حوش بلاس، كما نظمت أكثر من 6 آلاف ضبط بحقهم منذ العام 2013.