icon
التغطية الحية

المرأة التي اختارها بايدن لحقيبة الدفاع قد لا تسدي له أي معروف

2020.11.25 | 19:43 دمشق

5474f2eb6bb3f775168b4568.jpg
بزنس إنسايدر- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بحسب ما ورد في عدد من التقارير الإعلامية، فإن الرئيس المنتخب جو بايدن يدرس بشكل جدي اختياره لميشيل فلورني وهي مسؤولة سابقة في إدارة أوباما لتشغل منصب وزير الدفاع، إذ بناء على سجلها الحافل، لن تقوم فلورني بخدمة بايدن ولا بلدها بشكل جيد.

وبصرف النظر عمن سيختاره بايدن في النهاية، يجب أن يكون رئيس البنتاغون القادم شخصية تعترف بأن العالم الذي نعيش فيه اليوم مختلف عما كان عليه عقب الحرب الباردة.

قد تبدو فلورني مؤثرة على الورق، فقد احتلت ثالث أرفع منصب في وزارة الدفاع خلال الولاية الأولى من حكم باراك أوباما، حيث عينت وكيلة في الدفاع لشؤون السياسة وقبل ذلك كانت تشغل منصب الرئيس التنفيذي لمركز الأمن الأميركي الجديد الذي يتمتع بنفوذ كبير.

ولكن طيلة مدة توليها المنصب في إدارة أوباما، أخطأت فلورني كثيراً في الأمور الأساسية التي تخص الحرب والسلام، ففي عام 2011 مثلاً، أقسمت أمام لجنة الخدمات المسلحة التابعة لمجلس النواب بأن زيادة أوباما لعدد القوات في أفغانستان حققت نتائج طيبة.

إذ أعلنت يومها فلورني بثقة: "إن استراتيجيتا ناجحة"، وبأن: "أكثر من 140 ألفا" من القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان مارست: "ضغوطات لا ترحم على المتمردين، واستعادت الكثير من الأراضي الحساسة".

إلا أن ما وقع من أحداث على مدار تسع سنوات منذ أن زعمت ذلك فضحت كل الحقائق، إذ تبين بأن الاستراتيجية المتبعة في أفغانستان لم تنجح على الإطلاق، بما أن طالبان أصبحت تسيطر اليوم أو تنافس في السيطرة على المزيد من الأراضي أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2001، كما ظلت الحكومة الأفغانية فاسدة بشكل مستعص، وبقيت البلاد تنتج ما تصل نسبته إلى 84% من إنتاج الأفيون على مستوى العالم، وهذا الإنتاج يسهم بشكل فعال في تمويل عمليات طالبان.

بيد أن السيدة فلورني ليست الوحيدة التي تتمسك بهذه الأفكار التقليدية الخاطئة، فالكثير من كبار المسؤولين في الدفاع وأهم الشخصيات في أميركا اليوم استمدوا معظم فهمهم ومعارفهم وخبراتهم مما حدث خلال الحرب الأهلية وما أعقب كارثة 11 سبتمبر. وفي الوقت الذي تعاني فيه واشنطن من انقسامات حادة حول العديد من القضايا والمشكلات المحلية، هنالك إجماع مثير للانتباه فيما يتصل بالسياسة الخارجية، وهذا كله لابد وأن يضر بنا جميعاً.

إذ سواء أكانت حرب بوش في العراق اختياراً، ثم تحويله للحرب في أفغانستان إلى عملية لبناء الدولة، وسواء أكان قرار أوباما بتوسيع الحرب في أفغانستان والتدخل بشكل مخالف للدستور عبر شن غزوات عسكرية في ليبيا وسوريا واليمن، وسواء أكان توسيع العمليات العسكرية في سوريا والعراق وغيرها كثير من المواقع في أفريقيا في زمن ترامب قد نجح أم لا، ظلت الفكرة الثابتة بالنسبة لكبار المسؤولين في الدفاع تدور حول الاعتماد على استخدام القوة العسكرية الفتاكة أو التلويح باستخدامها ضد خصوم الولايات المتحدة المفترضين مع الحد من المساعي الدبلوماسية.

غير أن النتيجة أسفرت عن إطالة أمد سلسلة من الحروب الأبدية في بقاع عدة من العالم، والاستخدام المفرط للقوات المسلحة من قبل الولايات المتحدة، مع تضخم مرضي لتهديد الإرهاب خارج الولايات المتحدة، ولهذا حان الوقت للاعتراف بأن استراتيجيات الماضي قد فشلت وبأن أساليب التفكير الجديدة مطلوبة من أجل المستقبل. 

إلا أنه ينبغي على الرئيس المنتخب توخي الحذر وذلك عبر عدم التخلي على الفور عن كل عمل أو سياسة تقدم بها ترامب. إذ خلال مراحل مختلفة من إدارته تعهد ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا والعراق وأفغانستان، وبالرغم من أنه قلص عدد الجنود في كل تلك الدول، إلا أنه لم يقم بإنهاء أي من الحروب الأبدية التي ورثها عن أسلافه. لذا سيقدم بايدن خدمة لا تعوض لأميركا في حال استغل هذا الرجل طموحات ترامب واستفاد منها.

ولهذا يتعين على بايدن أن يعين وزير خارجية يعترف بهذه الحقيقة ويبتعد عن الفشل المتأصل الذي وقع في الماضي عبر تبني استراتيجية يمكن لها أن تنجح، وذلك لأن الاستراتيجية القائمة على حقائق داخلية وعالمية في جوهرها والتي قد تترتب عليها مكاسب حقيقية لأميركا لابد وأن تقوم على ثلاثة ركائز أساسية وهي: أولاً: الاعتراف بأن سلسلة الحروب الأبدية لم تفشل فقط في تحسين وضع الأمن بالنسبة للولايات المتحدة، ولكنها أيضاً أضعفتها بشكل واضح وجلي، فأميركا تجمع بين القوة النووية والقوة العسكرية التقليدية التي تعتبر حجر الأساس في ردع كل الخصوم المحتملين ومنعهم من شن هجمات غير مبررة على الولايات المتحدة.

ثانياً: يجب إعطاء الأولوية للأمور التي تنفق أميركا عليها أموال الدفاع بناء على المصالح القومية الأساسية إلى جانب تحديد الأهداف التي يمكن بلوغها بشكل فعال دون صرف الكثير من الأموال، فالقتال في نزاعات غير ضرورية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم يحمِ الأمن القومي الأميركي بطريقة أو بأخرى بل كان مضيعة للمال مع التضحية بشكل غير مقبول بالجنود والقوات الأميركية.

ثالثاً: لابد وأن تتحول الدبلوماسية إلى الأداة الأساسية التي يمكن من خلالها للولايات المتحدة التدخل بغيرها من دول العالم، مع الاحتفاظ باستخدام القوة العسكرية الفتاكة إلى حين أن تطرأ حاجة ماسة إليها وذلك لمنع وقوع هجوم معاد (أو للرد على هجوم غير مبرر قد حدث فعلاً).

لذا من الضروري أن يبتعد فريق السياسة الخارجية القادم في إدارة بايدن عن الفشل الذي منيت به أميركا في الماضي واستمر لعدة عقود. كما يجب على الرئيس المنتخب أن يستبعد ما لم ينجح من تلك السياسة، وأن يدعم ما نجح منها، وأن يمتلك الشجاعة والقيادة اللازمة لإطلاق توجيهات جديدة تخدم مصلحة الولايات المتحدة.

المصدر: بزنس إنسايدر