icon
التغطية الحية

"المجلس الأطلسي": نظام بيلاروسيا يهاجم الاتحاد الأوروبي عبر إغراقه بالمهاجرين

2021.07.01 | 23:23 دمشق

2021-06-15t181033z_2132439554_rc2s0o9bs1gz_rtrmadp_3_belarus-politics-migration-scaled-e1625085062758-1024x678.jpg
حرس الحدود في ليتوانيا يراقبون حدود بلادهم مع بيلاروسيا - رويترز
ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

نشر "المجلس الأطلسي" تقريراً سلّط فيه الضوء على الخطوات التي يقوم بها نظام أليكساندر لوكاشينكو في بيلاروسيا ضد الاتحاد الأوروبي، عبر إغراق دول جواره، وهي لاتفيا ولتوانيا وبولندا، بالمهاجرين القادمين من سوريا والعراق وإيران عبر أراضيه.

وقال التقرير إنه عندما تحركت بيلاروسيا، يوم الإثنين الماضي، لقطع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، واستدعت ممثلها الدائم في بروكسل وعلقت المشاركة في برنامج الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي، كان يُزعم أن هذه الخطوات كانت رداً على العقوبات القاسية التي فرضتها الكتلة أخيراً على مينسك.

وأوضح التقرير أن ذلك التحرك كان المرحلة الأخيرة في حملة من الأعمال العدائية المنخفضة الكثافة، التي شنها نظام أليكساندر لوكاشينكو الاستبدادي ضد جيران بيلاروسيا الأوروبيين.

والأحد الماضي، اتّهمت وزير الداخلية الليتوانية، أجني بيلوتايت، المسؤولين البيلاروسيين بتدبير موجة من المهاجرين من سوريا والعراق وإيران إلى أوروبا عبر بيلاروسيا، واصفة هذا الجهد بأنه "خطة جيدة التنظيم، وشكل من أشكال الحرب المختلطة".

وأضافت الوزيرة بيلوتايت "لدينا بالفعل دليل على تورط حرس الحدود البيلاروسيين في هذه العملية"، مؤكدة على أن ما حدث "منظّم بعناية، ومخطط لها بشكل جيد"، واصفة العملية بأنها كانت "جريمة مربحة تورط فيها النظام والمسؤولون أنفسهم".

ووفقاً للوزيرة اللتوانية، فإن عدد الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم وهم يدخلون ليتوانيا بشكل غير قانوني خلال هذا العام هو نحو سبعة أضعاف ما كان عليه في العام 2020، وأكثر من 12 ضعفا مما كان عليه في العام 2019.

وفي 22 حزيران الماضي، قال الرئيس البيلاروسي إن سلطات بلاده ستتوقف عن منع المهاجرين من العبور بشكل غير قانوني نحو ليتوانيا ولاتفيا وبولندا، مضيفاً بسخرية "إنهم ينتحبون لأن بيلاروسيا لا تحميهم".

وفي منتصف حزيران الماضي، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إن بيلاروسيا تعمل على استغلال المهاجرين غير الشرعيين كسلاح ضد ليتوانيا.

ونقلت الصحيفة، في تقرير لها، عن سياسي ليتواني وعضو سابق في البرلمان الأوروبي، يدعى غابريليوس لاندسبيرجيس، إن بيلاروسيا شاركت فيما وصفه "هجوما هجينا ضد أوروبا"، من خلال إغراء المهاجرين بصفقات من وكالة سياحية مملوكة للدولة البيلاروسية، تضمّنت رحلات جوية من بغداد وإسطنبول، وتسهيلات فيما بعد لعبور الحدود إلى ليتوانيا.

وبحسب لاندسبيرجيس، احتجزت ليتوانيا منذ مطلع العام الجاري ضعف عدد المهاجرين الذين تمكنوا من عبور الحدود مقارنة مع السنوات الثلاثة السابقة، مضيفا أن "هذه هجرة مُسلّحة تستهدف ليتوانيا بشكل مباشر. ما السبب؟ من السهل جداً التخمين"، معتبراً أن بلاده قد تكون بحاجة إلى مساعدة الدول الأوروبية قريباً للتعامل مع المهاجرين.

وأرجع السياسي الليتواني دفع المهاجرين من قبل بيلاروسيا إلى بلاده بأنها رد على إيواء الأخيرة لقادة المعارضة البيلاروسية، مشيراً إلى أن وكالة السياحة البيلاروسية " Tsentrkurort" استعملت طائرات بيونج 777 لجلب المهاجرين، إذ تقول إن هناك ما يقرب من 1000 عراقي وسوري في مينسك.

وبحسب "فاينانشال"، أوقفت ليتوانيا ما يقرب من 387 مهاجراً عند الحدود البيلاروسية منذ مطلع العام حتى 14 حزيران، في ارتفاع ملحوظ مقارنة مع العام الماضي حين أوقف نحو 74 شخصاً فقط.

 

هجوم يتجاوز المهاجرين

ويتجاوز الهجوم البيلاروسي على جيرانها الأوروبيين قضية الهجرة غير الشرعية، حيث أعلن المدعون العامون في بيلاروسيا فتح قضية جنائية ضد وزير خارجية لاتفيا، إدجارز رينكيفيكس، وعمدة العاصمة ريغا، مارتينز ستاكيس، بعد أن غيروا علم الدولة البيلاروسي الحالي إلى العلم الوطني التاريخي باللونين الأحمر والأبيض، الذي اعتمده المناهضون للرئيس لوكاشينكو رمزاً للاحتجاجات، خلال بطولة العالم لهوكي الجليد في ريغا.

واتهمت بيلاروسيا الوزير رينكيفيكس والعمدة ستاكيس بما وصفته "تدنيس رموز الدولة البيلاروسية، والتحريض على العداء القومي على أساس الهوية الوطنية".

كما فتح المدعون العامون في بيلاروسيا قضايا جنائية ضد 22 من أفراد قوات الأمن الخاصة النازية السابقة، التي تعيش حالياً في لاتفيا، موجهين إليها اتهامات بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد بيلاروسيا خلال الحرب العالمية الثانية.

وكان تقرير سري غير منشور، هذا الأسبوع، عن مركز الدراسات الاستراتيجية الخارجية ومقره مينسك، أشار إلى أنه "نظراً لأن نظام لوكاشينكو يحاول إيجاد طرق للضغط على جيرانه الغربيين، فقد يسبح مكتب المدعي العام البيلاروسي ولجنة التحقيق لاعبين مهمين في مجال السياسة الخارجية لبيلاروسيا".

وفي خطابه في 22 حزيران الماضي، قال لوكاشينكو إن بلاده "كانت في حالة حرب لفترة طويلة، وإنه على مدار العام الماضي، شهدنا أكثر تقنيات الحرب الهجينة تقدماً".

وقال المحلل السياسي، فاليري كارباليفيتش، إن لوكاشينكو "بدأ لأول مرة في تخويف الناس بالحديث عن حرب محتملة مع الغرب بعد الانتخابات المتنازع عليها في آب من العام 2020"، مضيفاً أنه "مع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على نظام مينسك، اكتسب هذا الخطاب معنى جديداً، حيث يسعى كوكاشينكا، من خلال تخويف الناس بالحرب، إلى خلق انطباع مصطنع عن (قلعة محاصرة)، من أجل تبرير القمع السياسي، وتعبئة النخبة في البلاد، وتشجيع مؤيديه على الدفاع عن النظام".

 

لوكاشينكو يحاكي مواجهة بوتين

ويمثل موقف لوكاشينكو العدائي العلني خروجاً رئيسياً عن السياسة الخارجية البيلاروسية الأخيرة، حيث بذل ديكتاتور بيلاروسيا، منذ وقت ليس ببعيد، قصارى جهده لطمأنة الدول المجاورة بأنه ليس لديها ما تخشاه من مينسك.

وبعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014، والتدخل المسلح في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، أكد لوكاشينكو على أنه لن يسمح أبداً باستخدام الأراضي البيلاروسية لمهاجمة دولة أخرى، وفي الفترة التي سبقت تدريبات "زاباد" العسكرية الروسية البيلاروسية المشتركة، تعهد لوكاشينكو مراراً وتكراراً لجيرانه الأوروبيين بأن هذه التدريبات لن تصبح منصة للفساد.

بل دعت بيلاروسيا مراقبين من سبع دول (أوكرانيا وبولندا وليتوانيا ولاتفيا وإستونيا والسويد والنرويج)، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وحلف شمال الأطلسي والصليب الأحمر، لمراقبة جزء من تدريبات "زاباد" في العام 2017، التي كانت تجري على الأراضي البيلاروسية.

إلا أن هذا الموقف المتكيف تغير بشكل كبير في أعقاب الانتخابات الرئاسية البيلاروسية الشكلية العام الماضي، والقمع الوحشي للاحتجاجات التي تلت ذلك.

ومع عزلة لوكاشينكو دولياً، واعتماده المتزايد على روسيا فلاديمير بوتين، يحاول الرئيس البيلاروسي، القوي الآن، محاكاة موقف المواجهة لزعيم الكرملين.

ويمكن أن تكون للهجة لوكاشينكو المتغيرة تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي، حيث حذّر الرئيس الليتواني، جيتاناس ناوسودا، من أن بيلاروسيا "تفقد آخر عناصر استقلالها، ويمكن استخدامها في أيدي الروس كسلاح للقيام بأنشطة عدوانية تجاه حلفاء الناتو".

ويختم تقرير "المجلس الأطلسي" بالقول إنه مع اقتراب موعد المناورات العسكرية الروسية البيلاروسية الجديدة "زاباد 2021"، في أيلول المقبل، يَعِد موسم الصيف بأن يكون فترة متوترة على الجبهة الشرقية لأوروبا الشرقية.