icon
التغطية الحية

الماسيان.. من حضن النظام إلى أحضان اليمين المتطرف الألماني (1)

2021.01.19 | 05:42 دمشق

121088880_10164541199090651_1086435318695634630_o.jpg
ألمانيا - محمد نجمة
+A
حجم الخط
-A

تجدد الحديث مؤخراً في العديد من الصحف الألمانية والسورية عن السوري "كيفورك الماسيان" المؤيد لنظام الأسد؛ عندما قرر مكتب الهجرة واللاجئين الألماني سحب صفة اللجوء من الشاب الثلاثيني المنحدر من حي الشيخ طه في مدينة حلب، وتزامن ذلك مع قرار رفع الحظر العام الذي كان مفروضا على ترحيل السوريين من ألمانيا إلى بلادهم.

درس كيفورك الماسيان العلاقات الدولية والدبلوماسية في سوريا ومن ثم أتم دراسته في باريس وبعدها في لبنان، وبعدها عمل ككاتب في جريدتي السفير والأخبار اللبنانيتين.

وسافر الماسيان إلى سويسرا لحضور أحد المؤتمرات السياسية ومن ثم انتقل في تشرين الأول من عام 2015 إلى ألمانيا وهناك قام بتقديم طلب اللجوء مدعياً أنه هربَ من سوريا إلى ألمانيا "خوفاً من إرهابيي داعش والنصرة ولأنه مهدد من كلتا الجهتين بالقتل بالإضافة للأسباب الاقتصادية السيئة التي تمر بها سوريا في أثناء الثورة السورية".

وعلى إثر ذلك وافق مكتب الهجرة واللجوء في جمهورية ألمانيا الإتحادية على منحه صفة لاجئ وبالتالي منحه حق الإقامة والعمل.

الماسيان والولاء لبشار الأسد

يتفاخر الماسيان بالولاء لبشار الأسد ونظامه، ويحاول الدفاع عن جرائمه والترويج لادعاءاته باللغة الإنجليزية عبر قناته على يوتيوب وباقي مواقع التواصل الاجتماعي، مستهدفاً المجتمعات الغربية بفيديوهات ترويجية ومحاولاً قلب الحقائق وشيطنة الثورة السورية وإضفاء الطابع الإرهابي عليها والعمل على تصوير الثوار والمتظاهرين على أنهم إرهابيين، بالإضافة إلى محاولة إقناع الرأي العام الغربي بشتى الوسائل أن الثورة السورية ليس الهدف منها الوصول إلى الحرية ونظام حكم ديمقراطي، وإنما ادعاؤه أن الهدف هو الوصول إلى نظام حكم إسلامي أو "إمارة إسلامية" في سوريا.

 

 

وهذا الخطاب حاضر في كل فيديوهاته ولقاءاته الصحفية التي قام بها مع العديد من القنوات الفضائية ومنها المفضلة لديه التي تتبع لروسيا.  

تتقاطع جهود الماسيان مع سياسة النظام الخارجية التي يحاول الأخير من خلالها جاهداً إعادة تعويم نفسه عالمياً وإعادة علاقاته الدبلوماسية مع الدول التي قاطعته منذ انطلاق الثورة السورية وبالأخص الأوروبية منها.

 

رحلة الماسيان مع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف

مباشرةً وبعد وصوله إلى ألمانيا بدأ الماسيان ينشط في أواسط حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي وهو الحزب الذي يعد في ألمانيا من أكثر الأحزاب عداوةً للاجئين والمسلمين، ويستقطب هذا الحزب جميع الأشخاص الذين يحملون الفكر النازي الفاشي المصابين بالإسلاموفوبيا والذين يدعون إلى طرد اللاجئين من ألمانيا وبالأخص طرد المسلمين خشيةً من "أسلمة أوروبا".

 

6719a884-0001-0004-0000-000001196503_w1200_r1_fpx49.34_fpy50.jpg

 

 

2018-07-13_facebook.com-afd.hb_Moscheen.png
صورة من الحملات الإنتخابية لحزب البديل

 

كان الظهور الأول لالماسيان ضمن صفوف الحزب البديل في الـ 23 من كانون الأول عام 2015، بصورة نشرتها صفحة "شباب البديل فرايبورغ" التابعة للحزب نفسه، وذلك ضمن حفل أقيم بمناسبة مولد عيسى المسيح، ويتوسط الصورة بيورن هوكه الذي يُعتبر حتى ضمن صفوف حزب البديل من أجل ألمانيا، أحد أكثر الشخصيات تطرفاً ويدعو في كل لقاء له إلى طرد اللاجئين وبالأخص المسلمين.

 

Picture1.jpg

 

بعدها بدأ الماسيان بالظهور في الفعاليات واللقاءات التي كان حزب البديل من أجل ألمانيا يقيمها واحدةً تلو الأخرى، وفي مدينة لودفيغسبورغ الألمانية على سبيل المثال شارك الماسيان في إحدى الفعاليات التي أقامها حزب البديل بكلمة ألقاها باللغة الإنجليزية تحدث خلالها عن سوريا ما قبل الثورة السورية. وقال أيضاً: لقد درست العلاقات الدولية والدبلوماسية، ومن خلال دراستي اطلعت على العديد من الثورات التي قامت في السابق ولكن لم أجد أي مثال واحد عن أي ثورة خرجت من المساجد وانتهى بها المطاف إلى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان".

وتكرر ظهور الماسيان في وسائل الإعلام الألمانية إلى جانب أعضاء من حزب البديل من أجل ألمانيا، وخصوصاً الأشخاص الأكثر تطرفاً منهم، حتى أطلقت عليه بعض الصحف الألمانية "اللاجئ المدلل" لحزب البديل.

تحولت وسائل إعلام ألمانية وفعاليات أخرى إلى منصات لالماسيان ليلقي منها التهم جزافاً وبالجملة على اللاجئين السوريين، مدعياً أن معظمهم متخلفون وهمجيون ويحملون فكراً متطرفاً وأن حياتهم غير منظمة. لكن ولأن الشمس لا تغطى بغربال وفي ألمانيا حرية للتعبير والصحافة ومساحة واسعة لاحترام الإنسان وحقوقه، فشل الماسيان بعد أن أثبت الجزء الأكبر من السوريين اندماجهم في المجتمع الألماني بشكل حضاري وسريع جداً، وكان ذلك واضحاً من خلال تعلمهم للغة الألمانية وسرعتهم بالدخول في سوق العمل الألماني رغم كل المصاعب البيروقراطية التي كانت تواجههم في ألمانيا، وتصدر قصص نجاحهم في الدراسة والعمل الصفحات الأولى من الصحف الألمانية.

 

عمله مع حزب البديل من أجل ألمانيا

ربطت الماسيان علاقة صداقة مع أحد أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا ماركوس فروهنمير وهو نائب في البرلمان الألماني والمتحدث الرسمي لأليس فايدل واحدة من زعماء حزب البديل ونائبة في البرلمان الألماني، حيث قام فروهنمير بتوظيف الماسيان لديه في مكتبه في البرلمان ووظيفته هي تحليل محتوى وسائل التواصل الاجتماعي لدى النائب.

وقامت المؤسستان الإعلاميتان (تي أون لاين) و (آ ر د) بعمل تحقيق صحفي حول الماسيان أظهرت به أن الماسيان كان على علاقة سابقة مع النائب فروهنمير من قبل وصوله إلى ألمانيا، أي أن الماسيان جاء إلى ألمانيا بمهمة محددة وهي تشويه صورة اللاجئين في ألمانيا والعمل على تلميع صورة بشار الأسد من داخل الاتحاد الأوروبي من جديد.

ولكن الماسيان ينفي في كل مناسبة  ما يتم تداوله عن ارتباطه بحزب البديل من أجل ألمانيا ويدعي أنه موظف لدى البرلمان الألماني معللاً ذلك أنه يتقاضى راتبه مباشرةً من البرلمان وليس من حزب البديل وهذا الشيء منطقي بأن يتقاضى راتبه من البرلمان الألماني فهو يعمل داخل البرلمان الألماني لصالح أحد أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، ولا يخفي الماسيان أن ماركوس فروهنمير هو الذي قام بتوظيفه في مكتبه في البرلمان الألماني ولذلك لا يستطيع الماسيان بهذه الحجة أن ينفي علاقته الوطيدة بحزب البديل.

 

Picture2.jpg
صورة تظهر الماسيان بصحبة ماركوس فروهنماير النائب في البرلمان الألماني وأحد أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا (صفحة النائب ماركوس فروهنماير الشخصية على الفيس بوك)

 

منسق زيارات حزب البديل إلى سوريا

قام حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي بزيارتين إلى سوريا، ففي آذار من عام 2018 زار أعضاء في البرلمان الألماني من حزب البديل دمشق والتقوا فيها بعدد من قيادات النظام، وفي دمشق توقفت فجأة حالة الإسلاموفوبيا التي تتصدر الحملات الانتخابية لدى هؤلاء الزوار الألمان، والتقوا مفتي الأسد أحمد حسون. وحينها قال الناطق باسم حزب البديل لموقع دير شبيغل الألماني إن الهدف من الزيارة هو "الاطلاع على الأوضاع الراهنة في سوريا" وأن هذه الزيارة تمت بالتنسيق مع قيادة الكتلة البرلمانية للحزب ورئيسيه ألكساندر غاولاند ويورغ مويتن.

 

Picture3.jpg

 

وفي تشرين الثاني من عام 2019 وصل إلى سوريا وللمرة الثانية وفد من الكتلة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا في زيارة دامت أسبوعاً التقى فيها أيضاً أعضاء الحزب البديل عدداً من سياسيي النظام، وقد شجبت شخصيات سياسية بارزة من أحزاب ألمانية تلك الزيارة، ومنهم زعيم حزب الخضر روبرت هابيك الذي قال إن "محاولة إظهار سوريا على أنها بلد آمن بهذه الطريقة يتجاوز حدود الغدر والانحراف وأن الأجزاء التي لا يوجد فيها معارك يطغى فيها القمع".

عرف أبناء الجالية السورية والناشطون في ألمانيا أن الماسيان كان منسق الزيارتين لأعضاء حزب البديل وتبين لهم أن هذه الجهود فشلت في إقناع الشعب الألماني بأن سوريا آمنة وأن الحرب انتهت، لكن هذا الفشل ظهر بشكل أوضح في الأوساط السياسية الألمانية والإعلامية حيث أيقن القسم الأكبر من الشعب الألماني والسياسيين الألمان تماماً بأن "سوريا الأسد" يسودها القمع والملاحقات الأمنية، والاعتقالات التعسفية والقتل تحت التعذيب والتهجير والتغيير الديموغرافي وكل ذلك مسؤول عنه نظام بشار الأسد.

تمكن الماسيان من تنظيم تلك الزيارتين من خلال قنوات الاتصال الخاصة به مع قيادات سياسية في نظام الأسد، واستقبل أيضاً في ألمانيا عددا من السياسيين السوريين والفلسطينيين الذين عاشوا في سوريا ممن يدعمون نظام الأسد.

 

الماسيان خطر على الناشطين السوريين في ألمانيا

يعتبر الناشطون والمعارضون لنظام بشار الأسد والذين فروا منه ويقيمون حالياً في ألمانيا، أن كيفورك الماسيان هو بمثابة مؤيد وموالي للنظام السوري في ألمانيا وأنه يشكل خطراً على اللاجئين السوريين عبر تقديم تقارير أمنية عنهم إلى الجهات الأمنية في سوريا مما قد يجعل أهل هؤلاء الناشطين الذين ما زالوا يعيشون في سوريا عرضة للخطر والاعتقال، بالإضافة إلى إعطاء صورة مغلوطة عنهم في ألمانيا ومحاولة تحريض الشعب الألماني عليهم.

وطالب ناشطون السلطات الألمانية بتسريع إجراءات ترحيل كيفورك الماسيان من ألمانيا إلى أحضان نظام بشار الأسد مرةً أخرى.

الغموض في شخصية كيفورك الماسيان والدور الذي يلعبه في ألمانيا ضد المعارضين ومحاولته تلميع صورة بشار الأسد على الأقل في ألمانيا، بالإضافة إلى دوره وعمله في حزب البديل من أجل ألمانيا؛ تُثير كثيرا من التساؤلات عن المخفي وراء الكواليس والذي بدورنا سنقوم بمحاولة الكشف عنها في تقرير لاحق.