تضاعفت المكالمات التي يمكن تتبعها في الموانئ السورية أربع مرات بعد أن رفعت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي العقوبات في وقت سابق من هذا العام، عقب إطاحة المعارضة السورية المسلحة، بنظام بشار الأسد في 8 كانون الأول 2024.
وتُظهر بيانات Lloyd's List Intelligence أن السفن الحاملة للبضائع أجرت 92 مكالمة يمكن تتبعها إلى موانئ بانياس وطرطوس واللاذقية السورية في تموز الماضي، بينما أجريت 21 مكالمة في الشهر ذاته العام الماضي، في حين قفز إجمالي الحمولة إلى 1.1 مليون طن ساكن، مقارنة بـ300 ألف طن فقط خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وتُعرف "المكالمة القابلة للتتبع" بأنها وصول سفينة تم رصده بواسطة بيانات نظام التعريف التلقائي (AIS)، وكانت إشارات التتبع مفعلة طوال الرحلة.
انعكاسات رفع العقوبات وتغير السلطة
وبحسب قائمة لويدز إنتليجن، فقد بلغت نسبة الزيادة خلال عام واحد 338٪ خلال يوليو 2025 مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، في أول مؤشر عملي على تداعيات رفع معظم العقوبات الأوروبية والأميركية على البلاد في أعقاب التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا مؤخراً.
وفي هذا السياق، أوضح سيفات جيراي أكسوي، الأستاذ المشارك في الاقتصاد بجامعة كينغز كوليدج لندن، أن "الزيادة اللافتة في المكالمات البحرية تعكس تخفيف القيود القانونية والمالية، بالإضافة إلى عودة الانخراط الإقليمي والدولي في المشهد السوري". بحسب مانقله موقع "myKN".
ورجح أكسوي أن يكون النشاط المرتفع في الموانئ مرتبطاً بجهود إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن الطلب المحلي المتزايد سيُبقي حركة التجارة في مستويات مرتفعة، مع استمرار "التجارة المزدوجة" – أي المعلنة والخفية – نتيجة وجود عقوبات متبقية ومخاطر متعلقة بالامتثال.
تجارة الظل لا تزال قائمة
ورغم هذا الارتفاع في الشحنات المعلنة، فإن التجارة غير المعلنة لا تزال مستمرة، حيث تم رصد ما لا يقل عن 25 مكالمة ميناء "مظلمة" خلال شهري حزيران وتموز الماضيين، وهي سفن تغلق إشارات تتبعها لتجنب الرقابة.
مؤشرات اقتصادية وتحركات سياسية
بدوره، قال زكي محشي، الزميل الاستشاري الأول في مركز تشاتام هاوس والمؤسس المشارك للمركز السوري لأبحاث السياسات، إن هذه الزيادة تعكس اعتماد سوريا المتزايد على الأسواق الخارجية، مشيراً إلى أن "السياسة التجارية المنفتحة التي تبنتها السلطات الجديدة منذ مطلع 2025 لعبت دوراً كبيراً في هذا الانتعاش".
وأوضح محشي أن اتفاقيات التعاون الجديدة مع شركات دولية كبرى، مثل تمديد عقد التطوير مع CMA CGM في ميناء اللاذقية، وتوقيع عقد جديد مع موانئ دبي العالمية لتحسين ميناء طرطوس، ساهمت في تعزيز الثقة بالقطاع البحري السوري، رغم أن التحسينات الملموسة "لم تُرَ بعد".
تحول في الشراكات التجارية وتنوع في الواردات
وعلى صعيد الشركاء التجاريين، أظهرت البيانات تنوعاً متزايداً في مصادر السفن الوافدة، مع عودة سفن أوروبية إلى الموانئ السورية، مثل تلك القادمة من إسبانيا وإيطاليا، اللتين لم تسجلا أي نشاط بحري مع سوريا منذ سنوات.
كما شهدت البلاد زيادة في واردات البضائع العامة، إضافة إلى ارتفاع في عدد ناقلات البضائع السائبة ومكالمات الحاويات، وسُجل في نيسان الماضي أول وصول لناقلة سيارات منذ أكثر من عامين، حيث وصلت سفينة يونغ شين التي ترفع علم بنما إلى ميناء طرطوس قادمة من كوريا الجنوبية.