القلق القادم من ميناء ألكساندرو بولي

2021.12.12 | 05:03 دمشق

thumbs_b_c_410198ccea8b04f20e68466bdab11fec.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا يخفى على أحد الصراع القديم المتجدد بين تركيا واليونان في ملفات متعددة وجلها بحري سواء ملف الجزر أو حتى ملف الحدود البحرية التي لم ترسم بين الطرفين منذ قرن وحتى والآن، وكان هذا الصراع توازنه بشكل كبير الولايات المتحدة الأميركية لمنع الصدام بين حليفين في حلف شمال الأطلسي لكن المتغيرات الحاصلة الآن بدأت تقلق أنقرة بشكل واضح فهذا التوازن بدأت جهات تخل به بشكل مقلق وغير مسبوق وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية ومن بعدها فرنسا اللتين بدأتا تأخذان خطوات فعلية عملية في دعم أثينا على حساب أنقرة.

قبل عدة أسابيع رست عملاقة البحرية الأميركية يو إس إن إس يوما في ميناء ألكساندروبولي (ديدي أغاش) "الذي يبعد نحو 35 كيلومترا عن الحدود التركية" مع عدد كبير من المروحيات والدبابات والعربات المدرعة ومعدات عسكرية مختلفة. وقبل أيام أيضاً رست سفينة أخرى في المكان نفسه، وبحسب ما ورد من أنباء عن تلك الشحنة بأنها الأضخم من بين باقي الشحنات، وأنه سيتم شحن أكثر من 120 مروحية وألف آلية عسكرية و 1200 ناقلة جند مدرعة من طراز M1117 بعد أن وافق عليها الكونغرس الأميركي للتوصيل المجاني إلى اليونان في ميناء ألكساندروبولي وعلى مراحل متفرقة، هذا علاوة على أعداد الجنود الأميركيين المرافقين لتلك المعدات الضخمة كماً ونوعاً، ولعل ما صرح به سفير الولايات المتحدة الأميركية في أثينا جيفري بيات منذ فترة حيث قال "سنقوم بإرسال شحنات جديدة إلى ميناء ألكساندربولي في نوفمبر وسيكون عدد الطائرات والمروحيات الأميركية التي ستصل إلى ألكسندروبولي هذه المرة أكثر من أي وقت مضى كما ترون نحن نتصرف بشكل أقوى في كل مرة "يكون قد تحقق وبهذا تكون أثينا التي جددت اتفاقية التعاون الدفاعي مع واشنطن حصلت على منحة مهمة من الولايات المتحدة الأميركية والتي اقتربت من المليار دولار وأيضاً اليونان وبدورها أعطت الضوء الأخضر لإعادة توطين أعداد كبيرة من الجنود الأميركيين على أراضيها.

وما يثير القلق أولاً أن هذه الشحنات مستمرة دون تصريح دقيق أو حقيقي عن تلك المعدات فوفق مصادر يونانية هناك 400 مركبة ستأتي في شباط وغيرها من الشحنات.

والمصدر الثاني للقلق أن معظم المركبات المعنية سيتم نشرها من قبل الجيش اليوناني في غرب تراقيا قرب الحدود التركية البرية وفي جزر بحر إيجة وخاصة تلك الجزر المشمولة باتفاقيتي باريس ولوزان والتي من المفترض أن تكونا منزوعتي السلاح، وبهذا تكون اليونان عملياً تريد تثبيت أمراً واقعاً جديداً وربما ترسيخ حدود بحرية وفق رؤيتها الخاصة وبدعم أميركي فرنسي وهذا المصدر الثالث للقلق.

المصدر الثاني للقلق أن معظم المركبات المعنية سيتم نشرها من قبل الجيش اليوناني في غرب تراقيا قرب الحدود التركية البرية وفي جزر بحر إيجة وخاصة تلك الجزر المشمولة باتفاقيتي باريس ولوزان والتي من المفترض أن تكونا منزوعتي السلاح

ورغم الإعلان عن أن هذه المركبات سيتم نقلها إلى رومانيا ودول أوروبية أخرى وأنها تتجه للمشاركة في مناورة عسكرية تشمل بلغاريا ورومانيا والمجر إلا أن هذا لم يخلو من المعارضة الداخلية والخارجية فصحيفة "بروتوثيما" اليونانية عنونت عن هذا التطور الأخير بعنوان "أليكساندروبولي: أكبر غزو أميركي في البلقان ألكسندروبوليس تتحول إلى مرصد في المنطقة "أما على الصعيد الخارجي فقد عارضت موسكو هذه التعزيزات وعبرت عن عدم ارتياحها للأنشطة الأميركية في المنطقة لأنه ببساطة تعزيز للوجود الأميركي في البحر الأسود وهذا أحد الخطوط الحمراء لروسيا التي حشدت قوات كبيرة على حدود أوكرانيا كرد استباقي لكل هذه التحركات سواء في أوكرانيا أو في اليونان (البلقان) وهذا ما صرح به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عندما قال بأن الولايات المتحدة الأميركية تريد إنشاء قواعد بحرية لها في رومانيا وبلغاريا وهذا يعني انتهاك القانون الأساسي بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.

أما تركيا التي تقع في منتصف هذه المعركة الجيوساسية العسكرية بين كل من واشنطن وموسكو وأثينا تحاول أن تحافظ على توازن دقيق جداً بينها وبين أميركا وروسيا وبينها وبين اليونان فهذه الأخيرة وبدعم كبير من فرنسا وأميركا تمضي في خطة رُسمت لها لتكون صاحبة التفوق الجوي على حساب تركيا وإن كان الأمر ليس سهلاً ويحتاج لوقت ولأموال التي تفتقدها اليونان فهي دولة مفلسة لولا الدعم الألماني لها، والآن المئات من المعدات العسكرية البرية تضاف لخطة السلاح الجوي تجعل الأمر أكثر صعوبة على تركيا التي اشترت من روسيا صورايخ إس 400 لتحجم خطة التفوق الجوي اليونانية ولأن التفوق العسكري لصالح تركيا وبشكل كبير في القوة البرية على حساب الجيش اليوناني، ها هي المعدات الأميركية تقحم نفسها وفق اتفاقية التعاون الدفاعي بينها وبين اليونان لتجعل المحيط الغربي لتركيا شبه مشتعل ولكن على الطريقة الأميركية.