لا تزال قضية عائلة "السقا" السورية التي تقول إنها تعرضت لـ"العنصرية" من قبل بعض جيرانهم الهولنديين تشغل مواقع التواصل الاجتماعي وحيزاً من الاعلام في هولندا، لا سيما بعد أن نفت قبل أيام بعض العائلات الهولندية وصمها بـ"العنصرية" متهمة رب الأسرة السورية وابنه المعاق ذهنياً بـ"التحرش" بالنساء والأطفال الأمر الذي نفاه كلٌ من العائلة ومحاميها الذي كشف لموقع "تلفزيون سوريا" تفاصيل جديدة عن القضية.
محامي العائلة: شركة السكن معروفة بسمعتها "السيئة"
تواصل مواقع تلفزيون سوريا مع محامي العائلة السورية بيتر بولتون وسأله عن مستجدات القضية، وقال بولتون إنه "لم يتم إحراز أي تقدم في الحل الواضح وهو انتقال العائلة إلى السكن في مدينة أخرى"، متهما شركة الإسكان بأنها "تضع كعوبها في الرمال" أي أنها ترفض أي حلول وسطية للقضية.
وأرسل المحامي لمستشار الحي المختص السيد جوردي كليمينس (وهو من الحزب الاشتراكي) رسالة بريد إلكتروني لإبلاغه بالمشكلة في نهاية شهر تشرين الثاني، وأضاف "لكنه لم يكن سعيداً بالتحدث إلي شخصياً أو حتى تأكيد استلام البريد الإلكتروني.. تم إحضار فريق خبراء من بلدية هيرلين لكن لم تثمر لقاءاتهم واجتماعاتهم عن أي شيء يذكر، وكانت مجرد ثرثرة".
اقرأ أيضاً: عائلة سورية تروي لتلفزيون سوريا كيف تحولت حياتها بهولندا لجحيم
وكشف المحامي الهولندي لموقع تلفزيون سوريا بأن شركة السكن فينسيو معروفة بسمعتها "السيئة"، مشيراً الى "أنه في عام 2018، تبين أنهم اختاروا المستأجرين لسنوات على أساس الأصل أي أنها ترفض تأجير السكان من أصحاب البشرة الداكنة أو المسلمين، معززاً كلامه بروابط لمواقع هولندية كشفت ذلك حينها.
واعتبر بولتون أن "هذه ممارسات سيئة للغاية من قبل شركة السكن"، مضيفاً بأن "هناك تحيزا يتناقض تماماً مع لقطات الفيديوهات التي تظهر أن المعتدين هم الجيران الهولنديون لا السوريون".
حملة تشهير "بدون دليل"
كما قال إن "بعض الجيران الهولنديين قاموا بحملة تشهير وقذف ضد العائلة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي"، وزود موقع تلفزيون سوريا بصور لمنشورات تظهر تحريضاً من بعض الجيران الهولنديين ضد رب الأسرة محمد السقا وابنه "المعاق ذهنياً".
وحملة "التشهير" ضد السقا على فيس بوك مستمرة منذ شهر أيلول عام 2019 "لذلك قرر الجار وبقية الحي بالتصرف بأيديهم"، بحسب المحامي.
وأضاف بولتون "لم أر أي دليل ضد الأب والابن (..) وهذا غريب الآن بعد أن أصبح بإمكان الجميع تصوير كل شيء بهواتفهم الذكية واللقطات الوحيدة المتوفرة هي إظهار العدوانية تجاه الأسرة السورية".
لا أحد يريد الاستماع!
كما أشار المحامي الهولندي بأن "الإجراء الوحيد الذي اتخذته بلدية هيرلين في أوائل الشهر الجاري هو تركيب كاميرتين للمراقبة على عامود الإنارة في الحي لكن بعد فوات الأوان".
وقال "وجهة نظري الآن هي أن بلدية هيرلين وشركة السكن فينسيو لا يعرفون بشكل كافٍ في الشؤون متعددة الثقافات أو ببساطة كان يجب استخدام مترجمين بشكل أكثر، ويفضل أن يكونوا من خلفية إسلامية بحيث يمكن حل المشكلة بين الجيران بالحديث".
وأشار المحامي إلى أنه "لا أحد يريد حقاً الاستماع إلى العائلة السورية" مضيفاً بأن "بلدية هيرلين وشركة فينسيو يقولون بأنهم "متعددو الثقافات ومتنوعون" ولكن ثبت أن هذا مجرد كلام"، مشيراً الى أنهم "الآن يفضلون التزام الصمت ويأملون أن تختفي هذه القضية بسرعة".
وكان بولتون، قد قال في مقطع فيديو على فيس بوك إن الأسرة السورية تعرضت للمضايقة بطريقة عنصرية، قائلاً "أشعر بالخجل من الطريقة التي عوملوا بها".
زوجة السقا: كيف يمكن أن أعيش مع متحرش؟!
بدورها، نفت هبة زوجة محمد السقا اتهامات "التحرش" الموجهة من قبل الجيران في الصحيفة لزوجها، وقالت "لو أن الكلام عن زوجي صحيح لكنت أنا أول من أبلغ عنه (..) يعني هل من المعقول أن أرى زوجي يتحرش بالنساء والأطفال وأنا أبقى معه؟"، مشيرة الى أنه "لا يوجد أي دليل على الاتهامات.. كل كلامهم كذب".
وفيما يخص الاتهامات بـ"التحرش" لابنها "المعاق ذهنياً"، قالت "ابني محمود مريض ولا يفهم بهذه الأمور.. ابني لديه ضمور في الدماغ وعقله كعقل طفل عمره أربع سنوات ولدي تقرير بهذا الأمر"، لافتة إلى أنها ووالده يساعدانه في قضاء حوائجه الشخصية لأنه لا يقوى على ذلك، "فكيف سيتحرش بالأطفال؟".
وقالت: "نحن قدمنا أدلة للمحكمة والقاضي أنصفنا وحكم أن نبقى ببيتنا ولكن بعد صدور الحكم بدأ شبان مراهقون بإزعاجنا ورموا على منزلنا مفرقعات وأوساخا وبيضا ورأينا الجار الهولندي حين كان يتكلم معهم ويضحك"، مشيرة إلى أن "البلدية ببداية المشكلة لم تستمع إلينا وكانت تستمع فقط إلى الجيران"، مطالبة بأن يأخذ "القانون مجراه".
بدوره، تساءل محمد السقا أين الأدلة على صحة كلامهم واتهاماتهم؟ وقال "أنا لو كنت فعلاً متحرشاً، لماذا أخرجت قضيتي على الصحافة (..) هل يعقل أن أكون مذنبا وأطلب المساعدة من الآخرين"، نافياً كل الاتهامات الموجهة له ولابنه.
وأضاف "لو كان الجيران لديهم دليل واحد ضدي لكنت الآن في السجن"، متهماً جاره بأنه "إنسان عنصري يخترع قصصا ويفضحني لكي يقفل موضوع العنصرية"، كما نفى أن يكون قد صور الأطفال الهولنديين في المدرسة وقال إنه ذهب إلى المدرسة مرة واحدة فقط مع أولاده.
اتهامات دون دليل
وقبل أيام، نقلت صحيفة "ليمبورخر" عن الجيران المعنين بالقضية إضافة الى ثلاثة جيران آخرين لمحمد السقا اتهامهم للأخير وابنه 17 عاماً "المعاق ذهنيا" بالتحرش بالنساء والأطفال، بالإضافة إلى اتهامه بـ"التلصص" عليهم.
ونقلت الصحيفة عن السيدة يانتجي فيلدرز قولها إن ابن محمد السقا "أمسك بحفيدتي البالغة من العمر ست سنوات وأراد أن يعانقها ويسحبها خلف سياج الحديقة"، فيما تصف السيدة رامونا في صفحتها على موقع "فيس بوك" كيف كان يقوم بـ"إيحاءات جنسية" و"عندما كانت تسير بجانبه، "وعندما أخبرته أنها لا تحب ذلك، أصبح عدوانياً ومزعجاً"، بحسب ما قالت، وأكد ذلك محاميها ألبير سينار قائلاً: "ما تكتبه على فيس بوك صحيح"، معتبراً أن "أي كلام عن التمييز أو العنصرية هو بالتأكيد غير صحيح''.
من جانبها، تتهم أنطوانيت كوخ، السقا بأنه كان يلتقط صوراً ومقاطع فيديو للأطفال في المدرسة الابتدائية في الحي، مشيرة إلى أن حفيدتها في تلك المدرسة أيضاً، ولفتت إلى أنه تم طرده من المدرسة كما طلبت منه الشرطة عدم الذهاب إلى المدرسة.
الجارة الثالثة رفضت الكشف عن هويتها وروت كيف كان الرجل يأتي إلى بابها بانتظام "لقد كان يريد أن يعطيني الطعام ويناديني دائماً حبيبتي"، بدوره ابن تلك السيدة أخبر الشرطة أنه يريد ذلك أن يتوقف، مهدداً "وإلا فسوف أتصرف بنفسي"، كما يقول بعض الجيران إن السقا "أحدث الكثير من الضوضاء الساعة 11 مساء وكان يشغل أدعية دينية بصوت عالي".
وتقول السيدات إن الإزعاج والصراع تواصل بينهم وبين السقا إلى أن تم إلقاء القنبلة الحارقة (لم تعرف بالضبط ماهيتها) في 14 نوفمبر تشرين الثاني من "قبل شباب من الحي المجاور لديهم إخوة وأخوات في تلك المدرسة الابتدائية"، بحسب ما تزعم الصحيفة كرد فعل على تصوير السقا لأطفال في المدرسة.
النسوة الهولنديات رفضن اتهامهن بـ"العنصرية" واعتبرن ذلك "أمراً فظيعاً"، وأشرن إلى أنهن ساعدن تلك العائلة في كل شيء منذ بداية سكنهم في الحي، وقالت يانتجي فيلدرز إنها تريد الخروج من الحي لأنها تخشى "أعمالاً انتقامية من المجتمع المسلم"!.
وبحسب الصحيفة أرادت شركة الإسكان فينشيو إخلاء عائلة السقا بسبب "الإزعاج المستمر"، ورفض القاضي هذا الطلب في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، وقال إن شركة الإسكان لم تقم بجهد كاف لحل المشكلة بين الجيران، مشيراً إلى أن دور الجيران في النزاع غير واضح بما فيه الكفاية حيث تم تقديم بلاغات من الطرفين.
المسؤولون في البلدية وشركة المنازل استغربوا من التصعيد الحاد الذي حصل في الحي والذي وصل لحد الاعتداء على منزل العائلة السورية بـ "القنبلة الحارقة".
منظمات دعمت العائلة: مقاطعة ليمبورخ فيها مشكلة العنصرية وكلنا يعرف ذلك
منظمة "الاشتراكيون الدوليون" أرادت تنظيم مظاهرة تضامن ضد "العنصرية" لكنهم أوقفوا ذلك لأن الأسرة السورية رفضت ذلك، بحسب صحيفة هولندية. وقالت المتحدثة باسم المنظمة جانيك يرينز: "لا يهم إذا كان مقطع الفيديو المتداول على فيس بوك 100 بالمئة فنحن لا نتعامل مع اللاجئين بهذه الطريقة"، مشيرة إلى أن "مقاطعة ليمبورخ فيها مشكلة العنصرية وكلنا يعرف ذلك".
كما تواصلت مع السقا منظمة إسلامية تنشط في منطقة هيرلين لمحاولة إيجاد حل للمشكلة وإيجاد منزل آخر يسكن فيه، بحسب ما قال السقا لموقع تلفزيون سوريا.
وخلال الأيام الماضية، أطلق كثير من السوريين في هولندا حملة لدعم عائلة السقا على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وانتقدوا هجوم الجار الهولندي على العائلة السورية، ووصفوه بـ"العنصري".
ويرى بعض اللاجئين أنه بغض النظر عن كون محمد السقا متحرشاً أم لا، ما الذنب الذي ارتكبه أطفاله الصغار لا سيما الأكبر وهو معاق ذهنياً، حتى تتم مهاجمتهم في منزلهم ويعيشوا تلك اللحظات المرعبة؟، وهل يحق للجار الهولندي أن يتصرف بتلك الطريقة العنيفة ضد الأطفال في الشارع حيث ظهر في مقطع فيديو موثق فرحه بهجوم كلبه على بنت محمد السقا؟
وتساءل آخرون "ألم يكن من المفترض الاحتكام إلى القانون فقط وعدم التصرف بتلك الطريقة العنيفة ضد أطفال قادمين من بلد يشهد حرباً لا مثيل لها؟ وتركت ما تركته من أثار سلبية على شخصياتهم، كما أنه من المفترض التعامل مع "المعاق ذهنياً" على أنه مريض لا معاملته كشخص واع يُلام على ارتكابه أي أخطاء بحال ارتكبها وكأنه واع ويدرك ما حوله!.