حكم القضاء الهولندي على لاجئ سوري بالسجن ستة أعوام بتهمة "التنكيل" بجثث أحد جنود نظام الأسد والانضمام لحركة "أحرار الشام الإسلامية"، رغم أن وزارة الخارجية الهولندية تصنفها بالـ "معتدلة".
وبحسب صحيفة "الخمين داخبلاد" الهولندية، قضت محكمة لاهاي، الأربعاء الماضي، بالسجن لطالب اللجوء السوري (أحمد ي) لمدة 6 سنوات لارتكابه ما وصفته بـ"جرائم حرب" خلال الحرب السورية، مشيرة إلى أنه قام "بإهانة جثث لجيش النظام، وقام بركلهم بقدمه"، ولفتت إلى أنه كان عضواً في "منظمة إرهابية".
وذكرت النيابة العامة الهولندية أن اللاجئ السوري كان في ذلك الوقت عضواً في "أحرار الشام"، التي تعتبرها "منظمة إرهابية".
وتم القبض على أحمد في عام 2019 عندما كان في مركز تقديم طلبات اللجوء في مدينة تيرآبيل، حيث تبين أنه تم الإبلاغ عنه دولياً كمشتبه به بارتكاب "جرائم حرب".
وقالت الصحيفة، إن اللاجئ السوري كان قيادياً في حركة "أحرار الشام" في عام 2015، ويُظهر مقطع فيديو منشور على موقع "يوتيوب" أحمد واقفاً قرب جثث بعض القتلى ويصفهم بـ "الكلاب" و"جثث الأسد"، ويركلهم بقدمه.
ووفق الصحيفة الهولندية، التنكيل بالجثث حدث في عام 2015، خلال معركة سهل الغاب قرب مدينة حماة، مضيفة أن القانون الهولندي يعتبره "جريمة حرب".
كما يُظهر مقطع فيديو آخر اللاجئ السوري مسلحاً وفي ثياب قتالية بجوار جندي أسير، بينما يتم استجواب هذا الشخص من قبل مسلحين آخرين، واعتبرت الصحيفة ذلك أيضاً "جريمة حرب"، ووصفته بأنه معاملة "غير إنسانية".
وكانت النيابة العامة قد طالبت بالسجن 10 سنوات على أحمد، لكن المحكمة حكمت عليه بالسجن 6 سنوات، موضحة أن "المشتبه به سوري يعيش في المنطقة التي دارت فيها الحرب، وليس مسافراً إليها".
وأشارت المحكمة إلى أن جماعة "أحرار الشام" هي منظمة "إرهابية"، لكنها لفتت إلى أن "جرائم أحرار الشام أقل من جرائم الجماعات الأخرى كتنظيم داعش".
وشاية من لاجئ آخر
وتعقبت السلطات الألمانية أحمد بعد أن تفاخر أمام لاجئ سوري آخر بالفيديوهات نهاية العام 2015، عندما كان في مركز لطالبي اللجوء في ألمانيا، حيث ذهب السوري الثاني إلى الشرطة ووشى به.
وغادر أحمد ألمانيا في ذلك الوقت "ربما إلى تركيا"، بحسب ما ذكرت الصحيفة الهولندية، مشيرة إلى أنه تم القبض عليه عندما كان في مركز لجوء تير أبيل في تشرين الأول من عام 2019.
وبسبب الحرب المستمرة في سوريا، لم تستطع وزارة العدل إجراء تحقيقها الخاص في سوريا، فقد تعاونت مع منظمة حقوقية سورية ذهب موظفوها إلى المنطقة التي كان أحمد يعيش فيها للتأكد من صحة الفيديوهات الموجودة على يوتيوب، وقال ثلاثة سوريين إن أحمد هو الرجل الذي ظهر في الفيديوهات.
من جانبه، نفى أحمد أن يكون هو الرجل الذي ظهر في مقاطع الفيديو، وأكد أنه "لا علاقة له بجرائم الحرب تلك"، في حين قالت الصحيفة الهولندية إن "البحث الذي أجرته السلطات الهولندية لا يقدم الحقيقة بنسبة 100 % حول هذا الموضوع".
تصنيفان لـ "أحرار الشام" في هولندا
وأشار محاميه، ياسر أوزدمير، إلى أن وزارة العدل قد تعتبر "حركة أحرار الشام" منظمة "إرهابية"، لكن وزارة الخارجية، من بين جهات أخرى، تصنف الجماعة بأنها "معتدلة"، وقال المحامي "نحن ندرس الاستئناف".
أحمد ليس طالب اللجوء السوري الوحيد في هولندا المتهم بالانتماء إلى منظمة إرهابية، أو ارتكاب جرائم حرب في سوريا، فهناك قضية ضد سوري آخر، كان يعيش في مدينة كابيلي بمقاطعة زيلاند لسنوات، ونقلت الصحيفة عن مصادر قالت إنه "متورط في إعدام جنود من نظام الأسد في سوريا".
والشهر الماضي، برأ القضاء الهولندي لاجئاً سورياً كان مقاتلاً سابقاً في "حركة أحرار الشام"، موضحة أنه "ليس إرهابياً لأنه كان يدافع عن منزله".
وسابقاً، قدمت وزارة الخارجية الهولندية نفسها مليوني يورو دعماً لمشروع سلام في سوريا، والوجه البارز لتلك الحملة كان هو المتحدث باسم "حركة أحرار الشام" في عام 2017، كما قدمت أيضاً هولندا للجبهة الشامية مساعدات "غير فتاكة"، وفق الصحيفة.
وفي شهر شباط الماضي، وافق مجلس الوزراء الهولندي المؤقت على مقترح البرلمان الهولندي بالتحقيق في قضية الحكومة الهولندية لـ"الجبهة الشامية"، بعد أن عرقل رئيس الوزراء الهولندي المؤقت مارك روته التحقيق في الأمر، وقال حينها إن "فكرة التحقيق غير حكيمة لأن حلفاءنا لا ينشرون هذا النوع من المعلومات".
وينتقد معظم السوريين في هولندا تغاضي السلطات الهولندية عن أنصار الأسد المتهمين بارتكاب "جرائم حرب"، في وقت توجه فيه أنظارها على السوريين القادمين من المناطق الثائرة، خشية أن يكون بينهم "إرهابيون"!