icon
التغطية الحية

القاعدة وإيران.. علاقة المصالح العابرة للهوية والحدود

2020.11.15 | 05:24 دمشق

zawahii-681898.jpg
إسطنبول - عبدالله الموسى
+A
حجم الخط
-A

اغتال مجهولون في الثامن من آب الفائت، وبالقرب من منزل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، رجلاً عربياً ستينياً وابنته (27 عاماً)، وقالت وكالة "فارس" إن المواطن اللبناني حبيب داوودي وابنته مريم، قُتلا بـ 4 رصاصات على يد مجهولين في شارع باسداران شمال شرقي طهران.

وفي حين راحت وسائل الإعلام نحو ربط القتيل بحزب الله اللبناني مستدلة بموقع حدوث الجريمة قرب منزل المهندس، ظهر حساب على تويتر وبشكل مفاجئ كعادة الحسابات المناصرة للقاعدة وغيرها من التنظيمات، حمل الحساب اسم أنباء جاسم، ونشر في الـ 19 من تشرين الأول خبراً أكد فيه أن داوودي هو نفسه القيادي في القاعدة أبو محمد المصري والقتيلة هي ابنته مريم، أرملة حمزة بن لادن، وتأكد صاحب الحساب من هذه المعلومات بعد أن تواصل مع "عائلات وبعض رموز قادة جماعة تنظيم القاعدة التي تسكن طهران منذ زمن".

 

صثصث.jpg

 

الخبر الذي جاء على شكل صورة، حمل عنوان "اغتيال أبو محمد المصري حبيب داوودي في شارع باسدران بطهران.. وأفول عهد مضافة جماعة تنظيم القاعدة الآمن في إيران"؛ وحُذف الحساب بعد ساعات، كما حذفت حسابات أخرى مناصرة للقاعدة الخبر بعد أن نقلته عن "أنباء جاسم".

ختم "أنباء جاسم" كلامه المحذوف بالقول، "مقتل أبي محمد المصري له بالغ الأثر على مستقبل تنظيم القاعدة أمنيا وهيكلياً. فإن لم يتدارك تنظيم القاعدة الغموض حول مقتل أبي محمد المصري، وقرر التستر على الخبر لحفظ ماء وجه 'الضيافة الإيرانية' سيؤدي هذا التستر والفشل بمصارحة أتباعه وأنصاره إلى مزيد من الانشقاقات، مع خسارة تنظيمات بأكملها وخاصة أن تنظيم القاعدة بات يفتقد وهج أحد أركانه المؤسسين الأوائل (أبو محمد المصري)".

 

20201022-1603371539768-original.jpg

 

واليوم نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين تأكيداتهم بأن القتيل هو فعلاً أبو محمد المصري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، وأكدوا ما جاء به حساب "أنباء جاسم"، إلا أن تلميحات الحساب في ختام قوله إلى أن المخابرات الإيرانية هي من تقف خلف العملية، لا تتطابق مع ما كشفته الصحيفة، حيث أكدت المصادر بأن عملاء إسرائيليين أطلقوا النار على المدعو "أبو محمد المصري" في شوارع طهران بأمر من الولايات المتحدة.

وحتى في هذه الحادثة الأخيرة التي أعادت للأذهان "احتضان" إيران لزعماء القاعدة على مدار 30 عاماً؛ لا يمكن حصر ما يجري بسيناريو واحد، وتبقى شكوك "أنباء جاسم" بتورط إيران في مقتل المصري في محلها، وذلك بالنظر إلى العلاقة التي جمعت طهران بالقاعدة وزعمائها، والتي لا يمكن توصيفها بكلمات مقتضبة، وإنما تتطلب سرداً يوضح العلاقة في كل مرحلة.

 

الضيافة الإيرانية والتواصل الأول

الوثائق التي رُفعت عنها السرية والتي تم الاستيلاء عليها في عام 2011 من مخبأ بن لادن في أبوت آباد بباكستان، بالإضافة إلى تقارير أخرى كشفت عنها وزارة الخزانة الأميركية؛ وفّرت فرصة أكبر عما قبل لفهم "الشراكة المراوغة" التي تربط بحسب وزارة الخارجية الأميركية، أكبر المنظمات الإرهابية السنية في العصر الحديث مع الدولة ذات الأغلبية الشيعية "الراعية الأولى للإرهاب".

وبراغماتية النظام الإيراني لا حدود لها وتجلت بأبرز صورها في تحالف مشروع الخميني "الإسلامي" مع اليساريين "الملحدين" لإسقاط الشاه، ثم بعد أن استفاد منهم في إقامة مشروعه هاجمهم بالقتل والسجن والتهجير.

إن العلاقة بين القاعدة وإيران لم تبدأ بعد هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر، فقبل عقد من الزمن زار الظواهري في نيسان من عام 1991 إيران سراً، وكان حينها أمير حركة الجهاد الإسلامي المصري، فتؤكد الروايات التي وثقت حياة زعماء التنظيم أن الظواهري كان مناصراً لفكرة الثورة الإسلامية في إيران، وكذلك احتفى أتباع الخامنئي باغتيال السادات عام 1981 على يد خالد الإسلامبولي أحد أعضاء حركة الظواهري، وأطلقوا اسمه على أحد شوارع طهران.

ويوضح مركز مكافحة الإرهاب، وهو مؤسسة أكاديمية معنية بالتنظيمات الإرهابية، أن الظواهري في رحلته السرية إلى إيران طلب دعم جماعته للإطاحة بالنظام المصري، ووفقاً للمدرب السابق في القاعدة علي محمد، وافق الإيرانيون وبدؤوا تدريبهم في كل من إيران والسودان، وقدموا لهم أيضاً مليوني دولار. كما ورد أن الظواهري التقى القيادي في حزب الله عماد مغنية خلال تلك الزيارة وأرسل فيما بعد أعضاء من حركة الظواهري للتدريب مع حزب الله في لبنان.

ومن باب العلاقة الظواهرية - الإيرانية، دخل بن لادن أواخر عام 1991 على الخط مستفيداً من الصداقة المتنامية مع الظواهري التي تعززت في السودان حيث كان يتدرب عناصر الجهاد المصري والقاعدة وحزب الله ومئات من الحرس الثوري الإيراني، وفقًا لتقرير لجنة 11 سبتمبر. وأسفرت عدة اجتماعات عن اتفاق غير رسمي بين القاعدة وإيران، "للتعاون في تقديم الدعم - حتى لو كان التدريب فقط - للأعمال المنفذة في المقام الأول ضد إسرائيل والولايات المتحدة".

ورسم هذا الاتفاق أول خط عريض في مسار العلاقة المتذبذبة بين أقصى التحالف إلى أقصى العداوة على مدار ربع القرن الماضي.

فكان التعاون بين الجانبين مرتكزاً على مواجهة "الشيطان الأكبر" المتمثل بالنسبة لهم بالولايات المتحدة، دون أن نصرف النظر عن الأوضاع في المنطقة والعالم في تلك الفترة وموقع إيران من كل ذلك.

كانت أولى ثمرات التعاون القاعدي الإيراني والتدريب على المتفجرات والعمليات الانتحارية، هو تمكن القاعدة فيما بعد من تنفيذ تفجيرات السفارة الأميركية 1998 في كينيا وتنزانيا والتي تتهم واشنطن المصري المُغتال بأنه العقل المدبر لها.

بعد عودة القاعدة من السودان إلى أفغانستان في عام 1996، ساعدت إيران القاعدة في التدريب واللوجستيات في منطقة الخليج وساعدت الجماعة على إنشاء شبكتها في اليمن، مما سهل قصف المدمرة الأميركية كول في تشرين الأول / أكتوبر عام 2000. كما منح الإيرانيون أراضيهم بشكل متكرر لتكون ممراً لأعضاء القاعدة الذين يسعون للسفر إلى أفغانستان أو الخروج منها.

وبحسب مذكرات القيادي المصري المؤسس في القاعدة، سيف العدل، عندما تحدث عن الزرقاوي، فإن القاعدة اقترحت إقامة بيوت ضيافة في طهران ومشهد لتسهيل انتقال المقاتلين إلى معسكرات تدريب الزرقاوي في هرات بأفغانستان، وصدرت تعليمات لمفتشي الحدود الإيرانيين بعدم ختم جوازات سفر الجهاديين العابرين إلى أفغانستان.

كان من بين أعضاء القاعدة العابرين لإيران ما لا يقل عن ثمانية من منفذي هجمات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر. ورغم ذلك لم تجد لجنة التحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر "أي دليل على أن إيران أو حزب الله كانا على علم بالتخطيط للهجمات". لكن التحقيق لم ينته خاصة بعد أن رصدت الولايات المتحدة اتصالات مستمرة بين مسؤولي الأمن الإيرانيين وكبار الشخصيات في القاعدة في العقد ما بين 1991 إلى 2001.

 

ما بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر

في أواخر العام 2001، كانت القوات الأميركية وقوات التحالف الشمالي الأفغاني في طريقهم إلى كابول للإطاحة بحكومة طالبان، التي رفضت تسليم بن لادن، وهرب المئات من عناصر وعوائل القاعدة إلى مخيمات داخل إيران، في حين انتقلت معظم القيادة العليا إلى باكستان.

ومن بين المئات الذين سمحت لهم إيران بالدخول إليها، أفراد من عائلة بن لادن، وهم إحدى زوجاته، وولداه - خالد، الذي قتل مع بن لادن في الغارة الأميركية عام 2011 على بلدة أبوت أباد، وسعد الذي قتل عام 2009 - وابنته إيمان.

ومن بين الشخصيات التي دخلت إيران، سيف العدل الذي كان قائد الجهاز الأمني للقاعدة وأبو محمد المصري، وغيرهم من قيادات الصف الأول والثاني، وكذلك أبو مصعب السوري والزرقاوي، الذين وضعتهم المخابرات الإيرانية تحت الإقامة الجبرية، والبعض في السجون.

ثم انتقلت عائلة بن لادن وغيرهم إلى مخيم إبراهيم آباد للاجئين العراقيين الواقع شمال شرقي أراك عاصمة المحافظة المركزية، في نيسان عام 2002.

 

قيادات القاعدة وعوائلهم.. ورقة تفاوضية رابحة

ارتكز قرار الإيرانيين بالسماح لعوائل التنظيم وقياداته بدخول إيران، على أن تحولهم لاحقاً إلى أوراق تفاوضية على غرار ما قامت به مع الرهائن الأميركيين الذين سلمتهم لواشنطن بعد دقائق من أداء الرئيس الأميركي الجديد رونالد ريجان اليمين وسقوط إدارة جيمي كارتر، وكذلك احتجازها ضباطاً من الاستخبارات العراقية ومن ثم إطلاق سراحهم بصفقة مجهولة في عام 2002، في الوقت الذي بدأت فيه تهديدات التحالف الدولي ضد نظام صدام حسين.

قررت إيران تخفيض استضافتها لأعداد لا تتجاوز الـ 20 عائلة من عوائل التنظيم وقياداته.

ويمكن معرفة التعامل الإيراني من خلال التقارير الشاملة التي كان يرسلها لأسامة بن لادن، القيادي السابق في القاعدة أبو عبد الرحمن أنس السبيعي، المعروف باسم أبو أنس الليبي، الذي سُمح له بمغادرة إيران في عام 2010 وتوفي في أحد مستشفيات نيويورك في 2015.

وبعد أن أصبحت إيران في مرمى سياسة جورج بوش وبعد أن قال في إحدى خطاباته إن إيران "جزء من محور الشر"، فتحت الأخيرة أبوابها مجدداً أمام قيادات وعوائل القاعدة، وأتاحت لهم التجول في البلاد بحرية لم تكن موجودة من قبل، وسكنوا في زاهدان وشيراز ومشهد وطهران وكرج ومدن أخرى.

وسمحت القبضة الإيرانية اللينة لقيادات القاعدة في إيران بتنسيق جهودهم أكثر وتشكيل مجلس تابع لمركزية باكستان، يضم سيف العدل وأبو غيث وأبو الخير المصري وأبو محمد المصري وأبو حفص الموريتاني ونجل بن لادن سعد ووسيط القاعدة في إيران منذ فترة طويلة أبو الوليد المصري (مصطفى حامد).

ويقول الليبي لبن لادن إن المعاملة الإيرانية أصبحت مطلع عام 2003 أكثر صلابة وبدأت بمراقبة أعضاء القاعدة عن كثب، ثم اعتقلتهم في نهاية المطاف على مدار عام 2003 في ظروف كانت قاسية في البداية، لكنها تحسنت بمرور الوقت.

وتحدثت تقارير عام 2003 أن إيران عرضت على الإدارة الأميركية تبادل بعض الشخصيات البارزة في تنظيم القاعدة مع قادة إحدى الجماعات الإيرانية المعارضة والمسجونين في العراق، وهي منظمة مجاهدي خلق.

ولم تحتجز إيران منتسبي القاعدة في مكان واحد، ووضعت أبرز القياديين مثل أبو الغيث والعدل وأبو محمد المصري وأبو خير المصري في سجن تابع للاستخبارات في العاصمة طهران لمدة 20 شهراً ثم نقلوا بحسب ما اعترف به أبو غيث لمكتب التحقيقات الفدرالي، إلى معسكر عسكري بالقرب من طهران، ثم سمح الإيرانيون لزوجات العدل وأبو محمد وأبو الخير للانضمام الى أزواجهن.

بعد ستة أشهر نُقل المعتقلون إلى موقع ثالث وصفه أبو غيث بأنه "سكن شبيه بالشقة من دون أي نوافذ مكثوا فيه حوالي أربع سنوات"، وخلال تلك الفترة انضمت إليهم عائلة بن لادن، بما في ذلك أبناؤه سعد وحامد وعثمان وحمزة، وكذلك فاطمة التي تزوجها أبو غيث عام 2008.

وتعرض المعتقلون للضرب المبرح بعد احتجاجهم وزوجاتهم على الظروف غير الصحية لمكان الاحتجاز، ولكن تمت الاستجابة لبعض مطالبهم لاحقاً وأدخلوا لهم التلفاز وبعض الكتب لكن نادرا ما سُمح لهم بالاتصال بالعالم الخارجي.

بعد قرابة أربع سنوات في الموقع الثالث، تم نقل أبو غيث وأعضاء القاعدة الآخرين، مع عائلاتهم، إلى موقع رابع داخل نفس المجمع العسكري - وهي "منطقة معزولة بأسوار" حيث كان لكل أسرة امتلاك منزل به فناء وجميع المنازل "تحيط بساحة لعب مركزية". بشكل عام، تحسنت الظروف في الموقع الرابع، لكن المحتجزين طالبوا باستخدام الإنترنت بالإضافة إلى مرافق تعليمية أفضل لأطفالهم.

​​وما يؤكد أن هؤلاء القادة وعوائلهم كانوا أسرى لدى الإيرانيين، هو احتجاج الظواهري في رسالته الموجهة للزرقاوي الذي كان قد أفرج عنه عام 2002 وأسس لاحقاً دولته في العراق، حيث احتج الظواهري على استهداف دولة الزرقاوي للشيعة، في حين لدى إيران أكثر من 100 أسير من القاعدة.

 

الظواهري: "إيران مستعدة لبيع المسلمين في أي مكان للصليبيين"

في آب 2009 قال الظواهري في لقاء مع مؤسسة سحاب:

"إيران افتضحت صورتها أمام العالم الإسلامي وتبين أنها ليست من جبهة الممانعة كما يحلو لها ولأنصارها أن يصفوها ولكنها من جبهة المساومة وأنها على استعداد لأن تبيع المسلمين في أي مكان للغزاة الصليبيين وتعينهم على المسلمين إذا رأت أن مصالحها الضيقة تتحقق بذلك التواطؤ، فإيران ترى الجهاد حلالاً في فلسطين ولبنان ولكنها تراه حراماً في العراق وأفغانستان، ولم تصدر فتوى واحدة من أي مرجع شيعي داخل أو خارج إيران بوجوب الجهاد والقتال وحمل السلاح في وجه الغزاة الأميركان الصليبيين في أفغانستان والعراق بل على العكس من ذلك فإن كل تصريحاتهم وتوجيهاتهم تدعو للهدوء وعدم المقاومة. وأميركا الشيطان الأكبر أصبحت الشريك المفضل في أفغانستان والعراق، ولا بأس من دخول الأميركان الصليبيين لأفغانستان والعراق بل حتى لا بأس من قصفهم لمرقد الإمام علي كرم الله وجهه، ولكن لهم الويل والثبور وعظائم الأمور إن حاولوا أن يمسوا ذرة من تراب إيران."

وبعد أوج التوتر بين الجانبين وتصريحات الظواهري غير المسبوقة ضد النظام في إيران، تمكن عز الدين عبد العزيز خليل، المعروف أيضًا باسم ياسين السوري، والذي كان الوسيط الرئيسي بين القاعدة وإيران، من توقيع اتفاق بين الجانبين نيابة عن القاعدة يجب بموجبها على الأخيرة "الامتناع عن القيام بأي عمليات داخل الأراضي الإيرانية وتجنيد عناصر داخل إيران مع إطلاع السلطات الإيرانية على أنشطتهم. في المقابل، منحت حكومة إيران شبكة القاعدة التي تتخذ من إيران مقراً لها حرية العمل والقدرة غير المقيدة على السفر للمتطرفين وعائلاتهم ".

وبحسب رسالة إلى بن لادن من شخص مجهول يدعى "كريم" في تشرين الأول 2007، فإن زعيم القاعدة رأى الاتفاق مفيداً جداً ووصف إيران بأنها "شرياننا الرئيسي للأموال والموظفين والاتصالات".

ياسين السوري، الذي عمل في إيران منذ عام 2005، اعتقلته السلطات الإيرانية في كانون الأول 2011، وتم استبداله بمحسن الفضلي

بالعودة إلى الفضلي، بديل ياسين السوري، فقد غادر إيران متجهاً إلى سوريا ليصبح لاحقاً قائداً في تنظيم "خراسان" وقُتل في غارة جوية أميركية في سوريا في تموز 2015.

 

العلاقة بعد الثورة السورية

كان الصدام الواضح بين إيران والقاعدة في سوريا، عبر فرعها جبهة النصرة بقيادة الجولاني، وكذلك الأمر لاحقاً بالنسبة لتنظيم الدولة المنشق عن القاعدة.

وضمن سلسلة الملاسنات بين الظواهري والعدناني الناطق باسم تنظيم الدولة في سوريا والعراق، نفى الأخير في رسالة عام 2015 عنوانها "عذراً أمير القاعدة"، أن تكون داعش فرعا للقاعدة. لكنه أكد أن تنظيمه كان يلتزم بتوجيهات القاعدة ويحرص على عدم مخالفتها احتراما لرموز وقادة "الجهاد العالمي".

وقال العدناني "لم تضرب الدولة الإسلامية الروافض في إيران منذ نشأتها.. امتثالا لأمر القاعدة للحفاظ على مصالحها وخطوط إمدادها في إيران.. نعم، فليسجل التاريخ للقاعدة دين ثمين في عنق إيران!".

ونفذت القاعدة عام 2015 صفقة تبادل مع إيران جرى بموجبها إطلاق سراح دبلوماسي إيراني كان رهينة لدى التنظيم في اليمن، مقابل إطلاق سراح 6 من قيادات القاعدة، عرف منهم أبو الخير المصري صهر أسامة بن لادن.

وسمحت طهران لأبو الخير، وثلاثة آخرين من المفرج عنهم، بمغادرة أراضيها، فيما لم تسمح لقياديين آخرين بالمغادرة.

وقُتل المصري يوم 26 من شباط 2017 في غارة جوية أميركية استهدفت سيارته قرب معسكر المسطومة في ريف إدلب، من قبل طائرة من دون طيار.

وكان أبو الخير هو من أعطى الضوء الأخضر للجولاني لإعلان فك الارتباط بتنظيم القاعدة.

اقرأ أيضاً: حراس الدين.. الاغتيالات والعلاقة مع الهيئة والتكتيكات الأميركية

وفي عام 2017 وبسياق رده على الظواهري، قال الشرعي العام لجبهة النصرة عبد الرحيم عطون إن المصري قال إنه حمل معه رسالة من زعيم القاعدة أيمن الظواهري يؤكد فيها أنه نائبه، وأنه ممثل القاعدة في سوريا.

ومن بين المفرج عنهم والواصلين إلى سوريا، خالد العاروري (أبو القاسم الأردني)، وانخرط مع جبهة النصرة لكنه انشق عنها مع تيار القاعدة الذي رفض تحولات الجولاني نحو إثبات الاعتدال وتخليه عن "المبادئ الجهادية"، بعد فك الارتباط مع القاعدة وإعلان تشكيل جبهة فتح الشام بدايات 2017.

وأسس العاروري لاحقاً تنظيم حراس الدين الذي أصبح الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا وكان القائد العسكري للتنظيم الذي دخل في خلافات وصراعات مع هيئة تحرير الشام التي تمكنت من الهيمنة على المشهد في إدلب وضبط الجهاديين داخل "خطوطها الحمراء".

قُتل العاروري بصاروخ طائرة أميركية في منتصف حزيران الفائت بمدينة إدلب.

أما الشخص الثالث منهم فهو القيادي الأردني في القاعدة ساري شهاب (أبو خلاد المهندس)، والذي قُتل أيضاً في آب من عام 2019، لكن هذه المرة بانفجار عبوة ناسفة في سيارته في إدلب.