icon
التغطية الحية

"الفرقة الرابعة" تفرض حصاراً جزئياً على مناطق سيطرة "قسد" في حلب

2022.11.12 | 07:20 دمشق

عامل نظافة في حي الشيخ مقصود بحلب -  تلفزيون سوريا
عامل نظافة في حي الشيخ مقصود بحلب - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

فرضت "الفرقة الرابعة" التابعة لقوات النظام السوري، منذ منتصف شهر تشرين الأول الماضي، حصاراً جزئياً على مناطق سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية والسكن الشبابي وأجزاء من حي بني زيد بحلب، وما يسمى بمناطق الشهباء بريف حلب الشمالي والتي تضم تل رفعت وأكثر من 40 بلدة وقرية.

ويأتي الحصار على الرغم من التعاون والتنسيق العسكري المشترك بين "قسد" والنظام السوري والذي بلغ ذروته في النصف الأول من العام الحالي، ما يشير إلى وجود خلافات مستجدة بين الطرفين أبرزها الخلاف على حصة النظام من النفط والحصة المفترضة "للفرقة الرابعة" من عمليات التهريب النشطة في خط تماس طويل مع الفصائل المعارضة بريف محافظة حلب.

حصار "الأحياء الكردية" في حلب

قال مصدر مسؤول في "بلدية الشعب" التابعة "للإدارة الذاتية" بحلب إن "قوات الرابعة كثفت من انتشارها الأمني خلال الأسابيع الثلاثة الماضية على الحواجز وفي محيط الأحياء التي تديرها بلدية الشعب، ومنعت وصول المواد الغذائية والمحروقات إليها، والكميات القليلة التي يسمح لها بالمرور يدفع أصحابها مبالغ كبيرة كضريبة لعناصر الفرقة، وهو ما تسبب بارتفاع كبير في أسعار مختلف أنواع السلع والمواد الغذائية، وكذلك المشتقات النفطية التي تزايد الطلب عليها كثيراً مع انخفاض درجات الحرارة".

وأضاف المصدر لموقع تلفزيون سوريا أن "منع دخول المحروقات إلى أحياء الشيخ مقصود والأشرفية تسبب بإيقاف العمل داخل الورش الصناعية وبالأخص ورش الخياطة التي تعتمد على كهرباء المولدات التي تعمل بالديزل، ومع بداية شهر تشرين الثاني أعلنت بلدية الشعب عن تخفيض ساعات تشغيل المولدات الكهربائية التي تغذي المنازل، وأصبحت مدة تشغيل التيار قصيرة لا تتجاوز الخمس ساعات يومياً، من الساعة 5 وحتى 10 مساء".

موظفون في بلدية الشعب بحي الشيخ مقصود - تلفزيون سوريا
موظفون في بلدية الشعب بحي الشيخ مقصود - تلفزيون سوريا

ويخشى المسؤولون في "بلدية الشعب" من نفاذ الكميات المخزنة من الطحين والمحروقات المخصصة لتشغيل الأفران في حال طالت فترة الحصار التي تفرضها الفرقة الرابعة، والمشافي مهددة أيضاَ بالتوقف عن العمل بسبب نقص المحروقات التي تعتبر من أهم المواد التي تحرص "قسد" على تأمينها بكميات ضخمة في مناطق سيطرتها بمحافظة حلب في مثل هذا الوقت من العام لأنها تخصص جزءا كبيرا منها للتدفئة، بحسب المصدر.

وأشار إلى أن البلدية تسلم جزءا من الكميات للأهالي بأسعار رمزية عبر القسائم التي تشرف على توزيعها، وبرغم اتخاذها للاحتياطات اللازمة لمواجهة الحصار الذي تتوقعه دائما بسبب تكراره أكثر من مرة وتخزينها لكميات لا بأس بها من المحروقات والسلع الضرورية، إلا أن مدة الحصار الطويلة تقضم كامل الاحتياطيات المخزنة من المواد.

حصار مناطق الشهباء

وفي تل رفعت والقرى الخاضعة لسيطرة "قسد" بريف حلب الشمالي، والتي تضم أيضا 5 مخيمات تؤوي نازحي منطقة عفرين، تبدو آثار الحصار أكثر وضوحاً إذ تشهد شحاً غير مسبوق في المحروقات والذي كان سبباً في تخفيض ساعات تشغيل المولدات الكهربائية إلى 4 ساعات يومياً بعدما كانت "بلديات الشعب" في النواحي والقرى التابعة لمجلس مقاطعة الشهباء تشرف على تشغيلها لثماني ساعات يومياً.

وقال الناشط ربيع حسو إن "حصار مناطق الشهباء شمالي حلب من قبل الرابعة بدأ مبكراً، فمنذ بداية شهر تشرين الأول الماضي لم تعد المحروقات تتدفق بشكل منتظم إلى المنطقة وتصاعد الحصار بشكل تدريجي ليشمل كل أنواع البضائع والسلع والأدوية التي كانت تدخل من خلال المعبر الرئيسي الذي تسيطر عليه الرابعة في المنطقة الواقعة بين المنطقة الحرة وسجن حلب المركزي شمال حلب".

وأضاف حسو، الذي يقيم في ريف بلدة فافين شمالي حلب لموقع تلفزيون سوريا، أن "الأهالي اضطروا في كثير من الأحياء إلى شراء المحروقات من السوق السوداء حيث يعتبر عناصر النظام المزود الرئيسي لهذه السوق، ويبيعون كميات لا بأس بها من المحروقات المخصصة للآليات العسكرية في سوق المنطقة، بالإضافة للكميات القادمة من بلدتي نبل والزهراء عبر ممرات التهريب".

وأشار إلى سعر الليتر الواحد من الديزل وصل إلى 8 آلاف ليرة سورية بسبب زيادة الطلب، ومن المتوقع أن ترتفع أسعاره إلى الضعف إذا ما استمر الحصار وانخفضت درجات الحرارة بشكل أكبر، "فالأهالي في المنطقة كانوا ينتظرون حصصهم من الديزل مع قدوم فصل الشتاء ولكنهم صدموا بالحصار الجديد الذي لا يعرف بعد متى سينتهي".

دواعي الحصار

وأوضح حسو أن المنطقة القريبة من خطوط التماس مع الفصائل المعارضة ذات الانتشار العسكري المشترك لمقاتلي "قسد" والنظام شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية حالة من التوتر والصدامات المحدودة بين الطرفين، وبالأخص في قرية حساجك وفي المنطقة المحيطة بقرية أم القرى وسد الشهباء، والتي تعتبر عقدة طرق لأهم ممرات التهريب التي تتدفق عبرها البضائع القادمة من مناطق سيطرة فصائل الجيش الوطني بريف حلب الشمالي، ويرجح أن التوتر الحاصل كان سبباً في حصار الفرقة الرابعة للمنطقة فالأخيرة هي من تشرف فعلياً على التنسيق لعمليات التهريب وسبب خلافها مع قسد هو تصعيد الأخيرة عسكرياً مع الفصائل دون التنسيق معها، وذلك في عدة محاور ما تسبب بتعطيل كثير من عمليات التهريب.

وبحسب مطلعين فإن الحصار المستجد لمناطق سيطرة "قسد" في محافظة حلب ليس قراراً خاصاً "بالفرقة الرابعة" وحدها ولا يتعلق فقط بالخلاف مع "قسد" التي عطلت مصالح الفرقة والميليشيات الإيرانية التي تسعى لأن يتوسع نفوذها وتهيمن على الطرق الواصلة إلى المنطقة، التي تنتشر فيها ممرات التهريب، بل هناك أسباب أخرى، أهمها رغبة النظام بالضغط على "قسد" وإجبارها على رفع كميات الحصة الشهرية من المحروقات التي تتدفق من شمال شرقي سوريا إلى مناطق سيطرته، مقابل تخفيف الحصار عن مناطق سيطرتها في حلب.

كما أن الحصار يرجع بطبيعة الحال بالنفع على "الفرقة الرابعة" والميليشيات الإيرانية، ويهدف إلى رفع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، وهو ما يُعزز فرصهم بتحصيل إتاوات وغرامات أكبر على دخول تلك المواد، كما أنه يُتيح المجال للمتعاملين معهم من تجار ووسطاء لإدخال مواد بكميات قليلة وبأسعار تُعادل خمسة أضعاف الأسعار الطبيعية.

ومع بداية شهر تشرين الثاني الحالي حاولت "قسد" تلبية مطالب النظام المتعلقة بزيادة حصته من الواردات النفطية، وشهدت مدينة الطبقة بريف الرقة اجتماعاً أمنياً ضم مسؤولين من الطرفين وبمشاركة ضباط روس، وتعهدت "قسد" حينها بزيادة حصة النظام ومضاعفة أعداد الصهاريج التي تتدفق أسبوعياً لتصل إلى 200 صهريج تقريباً، وهذه الزيادة لم تكن كافية بالنسبة للنظام الذي يتوقع المزيد في ظل حاجته المتزايدة للنفط الخام مع قدوم فصل الشتاء، لذا من المتوقع أن يستمر حصار الفرقة الرابعة لمناطق "قسد" في حلب وقد يمتد التوتر بين الطرفين إلى محافظة الحسكة إذا لم تلب مطالب النظام السوري.