icon
التغطية الحية

الغارديان: عملية تبادل أراضي بين روسيا وتركيا خلف هجوم إدلب

2019.05.09 | 12:05 دمشق

مقاتل روسي مع قوات النظام في كفرنبودة بريف حماة (تليغرام)
الغارديان - ترجمة وتحرير ربى خدام الجامع - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

يمكن للقصف الذي تجدد في شمال غرب سوريا والذي نزح بسببه 200 ألف شخص ودمر 12 مركزاً للرعاية الصحية أن يكون قد انطلق بفعل التحركات الروسية والتركية لتحصين مناطق نفوذهما مع نهاية النزاع الذي دام لسبع سنوات بحسب ما ورد على لسان دبلوماسيين إقليميين.

بدأ القصف على محافظة إدلب منذ أسبوعين واشتد خلال اليومين الماضيين، مما حدا بالعاملين في مجال الإنقاذ إلى الحديث عن كارثة إنسانية غير مسبوقة في هذه المحافظة.

وقامت الطائرات الحربية الروسية باستهداف ممنهج للمشافي والعيادات في الطرف الجنوبي لإدلب والجزء الشمالي لمحافظة حماة المجاورة بحسب ما أكده مراقبون على الأرض ومجموعات مراقبة أخرى. وزادت تلك الهجمات الخاطفة من احتمال ظهور شبح الهجوم البري الذي طال توقعه على المدينة، بحيث لن يجد السكان المحاصرون في هذه المحافظة والبالغ عددهم 3 ملايين على الأقل أي مكان ليهربوا إليه.

حملة محدودة

إلا أن دبلوماسيين رفيعي المستوى يستبعدان هذا السيناريو ويرجحان شن حملة محدودة تجعل للقوات الروسية والسورية موطئ قدم في إدلب، وبالمقابل تسمح لتركيا بتوسيع منطقة نفوذها الحالية أكثر باتجاه الشرق.

هذا وأدان جيرمي هانت وزير الخارجية البريطاني الاعتداء السافر على اتفاقية وقف إطلاق النار من قبل روسيا والنظام الذي أجبر أيضاً 150 ألف شخص على ترك بيوتهم، إلى جانب قتله لعشرات الأطفال.

وذكر هانت بأن الهجمات تضمنت استخدام براميل متفجرة لأول مرة منذ سبعة أشهر، وهدد برد فعل سريع ومناسب في حال استخدمت كل من روسيا أو تركيا الأسلحة الكيماوية بشكل غير قانوني.

هذا وقد اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان خلال شهر أيلول الفائت على أن موسكو وأنقرة ستشرفان بشكل مشترك على إدارة منطقة منزوعة السلاح بعمق تسعة أميال بين خطوط الثوار والنظام وهدفها فض الاشتباك بين الطرفين، وتعتبر هذه الاتفاقية محور معاهدة خفض التصعيد التي حافظت على استقرار نسبي في محافظة إدلب حتى منتصف نيسان الماضي.

بيد أن انهيار هذه المعاهدة ظاهرياً لم يثر حفيظة أنقرة بالشكل المطلوب، والتي كانت تدعم معارضة الأسد في إدلب، وخاطرت بدخول شمال سوريا لحماية مصالحها. وحول ذلك يعلق أحد الدبلوماسيين بالقول: "ثمة اقتراحات بخصوص ترتيب بين روسيا وتركيا والنظام وبموجبها سيتم اقتطاع منطقة عازلة تصل إلى 25 ميل مقابل تمكين الأتراك من السيطرة على تل رفعت".

لطالما استهدف الجيش التركي مدينة تل رفعت الصغيرة التي تسيطر عليها "وحدات حماية الشعب" في شمال سوريا، كما تمكن من طرد مقاتلي "الوحدات" من مدينة عفرين المجاورة في مطلع السنة الماضية.

هذا وقد أشار نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي يوم الأحد الماضي إلى أن تل رفعت أصبحت مرة أخرى نصب أعين القادة العسكريين، وفي رده على الهجوم الذي أسفر عن مقتل جندي تركي في تلك المنطقة علق أوكتاي بالقول: "الاتفاق بالنسبة لنا هو التوقف هناك (أي عند تل رفعت)، ولكن في حال استمرت تلك الهجمات، فإن ذلك قد يتخذ شكلاً آخر، وإننا نناقش ذلك مع روسيا".

وحول ذلك علق دبلوماسي بالقول: "إن الأتراك أصبحوا هناك في مكان ما. وهم على علم بخطط الروس على الأقل"

سبب آخر..  فشل أستانا

أما لبيب النحاس وهو ناشط سياسي ارتبط في السابق بقيادة المعارضة المسلحة السورية فقد ذكر عوامل أخرى قد تدفع للهجوم على إدلب، وقال: "حدث آخر هجوم روسي لسببين رئيسيين، فقد بلغوا مرحلة عنق الزجاجة بالفعل في عملية السلام بأستانا... وأدركوا بأن الديناميكيات الحالية لن تتيح لروسيا تنفيذ رؤيتها في سوريا. أما السبب الآخر فيتمثل بالزوال والتفسخ السريع لنظام الأسد على كافة الأصعدة: الاقتصادية والاجتماعية وعلى مستوى الجيش ومؤخراً على صعيد الأمن أيضاً. وروسيا تعلم بأن نافذة الفرص التي تخولها للحصول على مكاسب دائمة في سوريا على وشك أن تغلق، لذا فهي بحاجة لتغطية وضع النظام الحالي عبر شن هذا الهجوم على أمل إحراز النصر الذي قد يحرك الأمور لصالحها".

أما كريس ألبريتون مدير الاتصالات في الوكالة الدولية للاجئين فقد صرح بالقول: "من الصعب المبالغة في وصف الضرورة الملحة للكارثة الإنسانية التي تقترب في حال لم يتم القيام بأي شيء لحماية هؤلاء الناس الذين فقدوا على الأغلب كل شيء، فإدلب هي الملاذ الأخير للسوريين الذين اضطروا للهروب من النزاع القائم في مناطق أخرى في البلاد، وقد بلغ عدد سكانها قبل الحرب مليون ونصف نسمة، إلا أن هذا العدد تضاعف ليصل إلى ثلاثة ملايين، وثلثا هذا العدد يعتمد على المساعدات الإنسانية لإعالة نفسه".

وحول ذلك يصرح مجد خلف من الخوذ البيضاء التي استجابت للهجمات في مناطق المعارضة خلال معظم فترات الحرب: "ثمة كارثة إنسانية غير مسبوقة تحدث في إدلب، فالهجمات تستهدف المشافي والعيادات ومراكز الصدمات لا تترك لنا أي خيار مع وجود الجرحى والمصابين بين صفوف المدنيين، سوى نقلهم بعيداً إلى شمال إدلب، وفي ذلك رحلة طويلة، إلا أن حوامات جيش النظام تهاجم سيارات الإسعاف التابعة لنا وهي في طريقها إلى هناك. ثمة فرق بين الروس ونظام الأسد في هذه العملية، إذ يبدو وكأنهم مصممين على مسح أي أثر للحياة في هذه المنطقة، أما في الماضي فإن هجوماً كهذا تعقبه محادثات تسفر عن اتفاقيات، إلا أن هذا الهجوم لا يعبر سوى عن وحشية من نوع آخر".

 

المصدر: الغارديان