لحظات ترقب يعيشها كثير من سكان دمشق وريفها، منذ اليوم الأول لانطلاق عملية "ردع العدوان" التي أطلقتها الفصائل العسكرية في ريف حلب الغربي ضد النظام السوري وإيران وحزب الله، وما تبعها من تحرير لريف حلب الغربي ووصولاً إلى دخول مدينة حلب ومدينة سراقب بريف إدلب.
وفاجأت المعركة التي انطلقت يوم الأربعاء الماضي جميع السوريين في الداخل والخارج، وخصوصاً الموجودين في مناطق سيطرة النظام السوري، بعد مرور قرابة 5 سنوات على تجميد الجبهات ضمن اتفاقيات منع التصعيد، رغم الخروقات التي كان يقوم بها النظام وحلفاؤه ضد مناطق شمال غربي سوريا موقعاً مئات القتلى والجرحى.
ورصد موقع تلفزيون سوريا، متابعة عدد من سكان دمشق وريفها للأحداث الجارية في عاصمتهم الاقتصادية حلب بما تحمله من رمزية كبيرة، إذ أعادت هذه المعركة بعضاً من بصيص الأمل لدى كثير من السوريين، لعله يتغير الحال، في ظل جمود سياسي وأزمات معيشية خانقة يعيشها السكان في عموم سوريا، وخصوصاً في مناطق سيطرة النظام.
متابعة التغطية على مدار الساعة
وكانت متابعة تلفزيون سوريا، على بثه المباشر ومنصاته الرقمية وموقعه الإلكتروني، حاضرة بقوة بين من التقيناهم في دمشق وأطرافها، مؤكدين أنهم يتابعون ما يجري في الشمال لحظة بلحظة وكأنها على مقربة منهم رغم بعد المسافات.
ومنذ انطلاق العملية فجر يوم الأربعاء (27 تشرين الثاني 2024)، فتح تلفزيون سوريا تغطية خاصة على مدار 24 ساعة مع توفير بث مباشر على جميع منصاته وموقعه الإلكتروني، وانتشار 15 مراسلاً وصحفياً في الميدان، مع عشرات الصحفين والمنتجين في غرفة الأخبار والإعلام الجديد بمنصاته وموقعه.
ومع غياب الإعلام العربي والغربي عن المشهد الجديد في سوريا، تبرز أهمية وجود تلفزيون ومنصات تنقل ما يجري على الأرض لحظة بلحظة، بعد سنوات من تراجع الملف السوري عن الاهتمام العربي والإقليمي والدولي.
وقال عمر أبو الحسن أستاذ لغة عربية بمدرسة بدمشق، إن "ما يجري في شمال سوريا أعادنا إلى بدايات الثورة السورية عندما كان شباب الجيش الحر يسيطرون على المدن والقرى الواحدة تلو الأخرى".
وأضاف أبو الحسن "إلا أن هناك تعتيم إعلامي عربي ودولي على ما يجري في حلب، ولولا وجود تلفزيون سوريا وبعض المواقع الأخرى مثل شبكة شام وغيرها من المواقع الإلكترونية المحلية لربما ما عرفنا بما يجري لحظة بلحظة في الشمال السوري".
وأشار قائلاً: "أنا أتابع التغطية الإخبارية التي تبثونها على يوتيوب على هاتفي المحمول، وهي فكرة ساعدتنا على متابعة كل التطورات، خصوصاً مع وجود مراسلين ميدانيين ينقلون ما يجري بمصداقية".
وكان مراسلا تلفزيون سوريا إبراهيم الخطيب ومحمد نور أول من ينقل بثاً تلفزيونياً مباشراً من داخل مدينة حلب، في نقل مباشر لآخر التطورات الميدانية والعسكرية لتحرير المدينة.
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير تمكنت عملية "ردع العدوان" من تحرير معظم أحياء مدينة حلب الغربية وصولاً إلى قلعة حلب وساحة سعد الله الجابري التي تدخلها فصائل المعارضة السورية لأول مرة منذ عام 2011.
لم نتخيل تحرير حلب
من جانبه، قال علاء عبد الله طالب جامعي، إنه متحمس جداً ويتابع على أحر من الجمر ما يجري في شمالي سوريا، خصوصاً بعد اليوم الأول.
وأضاف عبد الله لموقع "تلفزيون سوريا" بالبداية كانت المعارك بالنسبة لنا عادية مثل أي تحركات سابقة، ولكن بعدما بدؤوا بكسر التحصينات وتحرير ريف حلب الغربي ثم انتقلوا إلى ريف إدلب أصبحت عيوننا على حلب وما بعدها، وبتنا نلتقي في بيوت بعضنا ليلاً لنتابع البث المباشر لتلفزيون سوريا وما يكتبه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكّد عبد الله أن "التغطية الإعلامية للتلفزيون جيدة جداً وكنا نتمنى لو كانت كل القنوات الإعلامية تغطي فعلياً ما يجري، ولكن كل هذا غير مهم الآن، المهم أن يكملوا طريقهم إلى دمشق ويخلصونا من هذه الحال السيئة".
المحامية بشرى منصور التي تنحدر من مدينة حلب ولكنها تعيش في دمشق منذ عقدين تقريباً، كان لديها رأي آخر، حيث أبدت تخوفها من أي تحرك عسكري حالياً، مؤكدة أن النظام سيكون باطشاً بالمدنيين وسينتقم في إدلب وريف حلب مثل كل مرة.
وقالت منصور لموقع تلفزيون سوريا، "صحيح الناس تتابع الأحداث الميدانية الجديدة باهتمام كبير، بما في ذلك التغطية المباشرة على التلفزيون خصوصاً من أعرفهم عن قرب، ولكن هناك ما يشبه التخوف من تكرار المجازر السابقة، لدينا مئات الشهداء بين الأقارب والمعارف".
وتابعت "أنا أميل للقراءة على الموقع فهو أكثر أماناً بالنسبة لي، اقرأ بصمت بالمكتب أو بالبيت ولا أحد ينتبه لي، المهم أن أعرف ما يجري".
وأضافت أن "تحرير حلب صدمني جداً جداً، فقد كنت أشعر أنهم يقتربون منها ولكني لم أتخيل أنها ستكون منطقة محررة من جديد، ومع ذلك أتمنى ألا يكون هناك أي ردة فعل هستيرية من قبل النظام أو إيران أو روسيا ضد المدنيين، هذا تخوفي الوحيد".
الناس تتابع كل شيء في دمشق
كما رصد موقع تلفزيون سوريا آراء بعض العائلات السورية في ريف دمشق، عن نظرتهم لما يجري في شمالي سوريا، حيث أكّدوا أنهم مهتمون بتلك المعارك ويرون فيها بشائر خير مع إبدائهم لتخوفات من تكرار السنياريوهات القديمة في قصف النظام للمدن ودك الأحياء فوق رؤوس ساكنيها.
وفي إطار ذلك قال أبو محمود وهو نازح من ريف دمشق مع عائلته إلى منطقة الكسوة التي تبعد عن دمشق 20 كيلومتراً تقريباً، إن "تحرير حلب كان فعلاً عظيماً ويشبه كثيراً تحرير الثوار للغوطة الشرقية مع فارق التوقيت، الله ينصر الثوار وياخد بيدهم".
وأردف أنه يتابع مقاطع تلفزيون سوريا على تيك توك وإنستغرام، كما أنه يتابع آخر الأخبار على تليغرام ومن جديد عرف أن هناك بث مباشر وتغطية على اليوتيوب.
ولفت أبو محمود الذي يعيل 4 أطفال وأمهم، أنه لا يختلط كثيراً بالناس ولا يحكون بالسياسة، ولكن الجميع بدأ يفهم على بعضه، وأحاديث النساء كلها تدور حول حلب وما يجري فيها.
وختم أبو محمود حديثه أن أعاد مشاهدة الفيديوهات التي بثها تلفزيون سوريا لتمزيق صور بشار الأسد أكثر من 100 مرة والدموع بعينيه، متأملاً أن يعود إلى الغوطة الشرقية من جديد.
سامي الذي عرف نفسه بأنه أحد ناشطي الثورة السورية، وما زال يتابع نشاطه بشكل سري بريف دمشق، أكّد أن نجاح المهجرين في العودة إلى حلب وتحريرها لم يكن في الأحلام وها هو يتحقق بسرعة خيالية، وكأن الفصائل ستتابع سيرها إلى دمشق.
وبيّن سامي أن "تحرير حلب كان مستحيلاً في عز الدعم العسكري ونشاط الثورة السورية الأبرز بين عامي 2013 -2015، إلا أن وجود داعش وقدوم إيران وروسيا غير كل شيء لصالح النظام، لكن اليوم تغير كل شيء".
وبخصوص مصادر معلوماته عما يجري، أكّد سامي أن تلفزيون سوريا أحد المصادر الأساسية للخبر السوري اليوم، ولكنه بحكم أنه مهتم بالثورة السورية لديه متابعات للعديد من المنصات الأخرى والمواقع.
وبيّن أن تغطية تلفزيون سوريا قبل قرابة عام لأحداث الزلزال المدمر في جنوبي تركيا وشمالي سوريا رفعت من رصيده الشعبي وأصبح أكثر متابعة في مناطق سيطرة النظام.
ولفت إلى أن التغطيات المستمرة لكل ما يجري في سوريا والمنطقة يجعل السوريين مهتمين بما يقدمه خصوصاً في برامج ما تبقى والمهجر وسوريا اليوم إلى جانب المعلومات التي يوردها الموقع الإلكتروني.