العودة برحيل الأسد لا بمؤتمر الاحتلال الروسي

2020.11.13 | 23:00 دمشق

trbyt-nzam-alasd-artfa-dd-msaby-kwrwna-fy-almdars-aly-10-halat.jpg
+A
حجم الخط
-A

أفرغت حملة العودة تبدأ برحيل الأسد ضمن أسباب أخرى سياسية وأمنية واقتصادية ذاتية وموضوعية مؤتمر الاحتلال الروسي الذي عقد الأسبوع الماضي في دمشق حول عودة المهجّرين والنازحين من محتواه وجدواه، علماً أنه أي المؤتمر اختصر المشهد الراهن في سوريا، حيث الهيمنة الكاملة للاحتلال الروسي وتبعية نظام بشار الأسد التامة له، ورفض الغالبية العظمى والساحقة من أبناء سوريا العظيمة التخلي عن أحلامهم وأمالهم المشروعة التي انتفضوا من أجلها في ثورة الحرية والكرامة مطالبين بدولة مدنية ديموقراطية عادلة لكل مواطنيها.

أكد المؤتمر وبدون أدنى شك هيمنة الاحتلال الروسي الكاملة على مناطق سيطرة النظام، حيث دعت روسيا القوة الكبرى القائمة بالاحتلال في سوريا إلى المؤتمر، كما شنت حملة سياسية وإعلامية واسعة للحشد والترويج له.

طبعاً الأهداف من عقد المؤتمر "الروسي" واضحة تماماً وتتمثل بتكريس الأمر الواقع الذي فرضته روسيا - ولا تزال – بالحديد والنار بعدما اتبعت سياسة الأرض المحروقة وارتكبت جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية بحق البشر والحجر في سوريا.

المؤتمر الروسي سعى كذلك إلى تعويم نظام بشار الأسد وإسباغ الشرعية عليه، وفي السياق طبعاً قطع الطريق على أي عملية سياسية جادة وعادلة وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بما في ذلك إعلان جنيف وقرار مجلس الأمن رقم 2254، والدعوة لعودة اللاجئين وإعادة الإعمار وفق الواقع الراهن، تأتي بغرض ترويج مزاعم انتهاء القضية السورية أو أنها في طريقها للانتهاء.

ثمة أهداف اقتصادية طبعاً للمؤتمر الروسي المشبوه تتعلق بجلب تمويل خارجي لإعادة الاعمار وإغراء بعض الشركات والدول "الهامشية والجشعة" للاستثمار بحجة تحقيق مكاسب مالية رغم أن النظام مفلس بالمعنى الحقيقي للكلمة، والأوضاع منهارة في مناطق سيطرته وعلى كل المستويات خاصة الاقتصادية والأمنية.

في هذه النقطة تحديداً لا يمكن تجاهل حقيقة عجز روسيا عن قيادة عملية عودة اللاجئين وإعادة الإعمار دون الحاجة لمؤتمرات وحشد دولي ولو امتلكت الإرادة والقدرة السياسية والاقتصادية لبادرت بنفسها إلى البناء والإعمار، كما تتصرف تركيا في الصومال وليبيا مثلاً والانتباه إلى أن القياس مع الفارق كون تركيا أخلاقياً وسياسياً إلى جانب الشرعية الدولية ومطالب الشعوب المحقة في الحرية والكرامة وتقرير المصير.

إلى ذلك كرس المؤتمر تبعية نظام الأسد التامة للاحتلال الروسي، حيث بدا وكأنه ذراع للاحتلال يشبه تماماً كيان العميل أنطوان لحد وسلطته الوهمية بجنوب لبنان في تسعينيات القرن الماضي، ومن خلال

الأسد ألقى خطابا في افتتاح المؤتمر "الروسي" أكد مرة أخرى حالة الانفصام والإنكار التي يعيشها في مواجهة الشعب المنتفض والثائر منذ عشر سنوات

الاتصال الهاتفي المصوّر بين الرئيس فلاديمير بوتين وبشار الأسد للإعلان عن المؤتمر، بدا الثاني كما في اللقاءات المباشرة السابقة بينهما تابع وموظف عند الأول ومن الدرجات الدنيا طبعاً.

الأسد ألقى خطابا في افتتاح المؤتمر "الروسي" أكد مرة أخرى حالة الانفصام والإنكار التي يعيشها في مواجهة الشعب المنتفض والثائر منذ عشر سنوات تقريباً، حيث كرّر أوهامه وترهاته عن الثورة، مخوّناً ملايين المهجّرين قسراً، وملقياً التبعية والمسؤولية على الخارج في سعي لإخفاء قيام نظامه بالتهجير المتعمد للسوريين عبر جرائم حرب موصوفة وجرائم ضد الإنسانية عقاباً لهم على الثورة ضده وفق قاعدة شبيحته سيئة الصيت، الأسد أو نحرق البلد.

فشل النظام في هزيمة الثورة دفعه للاستقواء بالخارج ولتحديث المعادلة سيئة الصيت لتصبح الأسد أو نحرق المنطقة. ومن هنا فإن التهجير المتعمد خارج الحدود هدف أساساً إلى الضغط على الدول المجاورة وابتزازها بورقة المهجرين للتعاون مع النظام ضد الثورة والثوار، أو مواجهة أعباء سياسية واقتصادية وأمنية وحتى تفجيرات وعمليات إرهابية، وقف النظام خلفها بشكل مباشر وصريح كما حصل في تركيا ولبنان في مناطق أخرى خارج الإقليم.

عموماً يشبه المؤتمر الروسي حول عودة اللاجئين السوريين الورشة الاقتصادية لصفقة القرن - رؤية ترامب - التي سعت الإدارة الأميركية من ورائها إلى شطب القضية الفلسطينية وتصفيتها، وفي الحد الأدنى إعطاء انطباع أنها حلت أو في طريقها للحلّ، وبالإمكان تهميشها والمضي قدماً وفق الأمر الواقع، حيث الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية الذي سعت وتسعى الصفقة الأميركية لشرعنته تماماً، كما يسعى مؤتمر عودة اللاجئين المزعوم إلى شرعنة الاحتلال الروسي وتصفية القضية السورية العادلة.

طبعاً الجزء الملآن من الكوب تمثل برفض القوى الإقليمية والدولية المؤثرة والكبرى المشاركة في المؤتمر الروسي، كانت استثناءات تثبت القاعدة ولا تنفيها لجهة حضور دول وجهات مأزومة لا تستطيع سياسياً ولا اقتصادياً الانخراط في حملات الاحتلال الروسي للترويج لعودة اللاجئين وإعادة الاعمار. وعموماً بدت المشاركة الدولية أقرب إلى العلاقات العامة العبثية وعديمة الجدوى.

في هذا الصدد كان موقف لافت جداً للرئيس رجب طيب أردوغان الذي رفض مشاركة تركيا في المؤتمر، أعرب فيه عن أمله في بداية مسيرة سلام في سوريا على غرار ما حدث في قره باغ بأذربيجان ومؤكداً أن تحقيق ذلك يستوجب بالضرورة إقصاء نظام الأسد والتنظيمات الإرهابية، ومبدياً استعداد تركيا الجاد للعمل مع روسيا والقوى الإقليمية الفاعلة من أجل إنشاء سوريا جديدة تلبي تطلعات شعبها بشكل مباشر.

وفي هذا الصدد بالنسبة إلى التطلعات الشعبية يمكن القول أن البقعة بل المساحة المضيئة في المشهد السوري فيما يخص المؤتمر الروسي تجسدت بالرفض الشعبي الواسع له عبر حملة سياسية وإعلامية أفرغته من محتواه وجدواه، كما فضحت ضعف النظام وتبعيته وارتهانه للاحتلال الأجنبي. وفي السياق ثبتت القاعدة السياسية الصحيحة والواقعية لعودة المهجرين والنازحين قسراً عن بيوتهم ووطنهم المتمثلة برحيل بشار الأسد والتطبيق العادل والنزيه والأمين لقرارات الشرعية الدولية من خلال عملية سياسية عادلة بضمان وإشراف الأمم المتحدة ومرحلة انتقالية تقودها هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات بغياب الأسد ونظامه الإجرامي الساقط، كما التنظيمات الإرهابية الرديفة المتعاونة معه.