icon
التغطية الحية

العودة إلى الدراسة في إدلب بعد انقطاع لسنوات.. الدوافع والتحديات

2021.02.17 | 04:45 دمشق

imageonline-co-logoadded_21.jpg
إدلب - يوسف بدوي
+A
حجم الخط
-A

شهد الشمال السوري في الآونة الأخيرة نهضة علمية وإقبالا كبيرا على العودة إلى قاعات الدراسة، رغم انقطاع الدعم عن القطاع التعليمي، فإن عودة المنقطعين عن الدراسة من الأشخاص الأكبر سناً، كان بمثابة انتصار على النظام الذي دمرت آلته العسكرية مئات المدارس والمعاهد والجامعات وتسببت بنزوح ملايين السوريين من معلمين وطلاب.

وساهم الهدوء النسبي الذي يعيشه الشمال السوري وبالتحديد محافظة إدلب والأرياف المحيطة بها، في عودة الطلاب إلى المدارس والجامعات بعد أن استقر مليونا مهجر في مدن وقرى ومخيمات المنطقة، وشملت هذه العودة عدداً كبيراً من الذين توقفوا عن الدراسة لأعوام طويلة، وأصبح وجود طلاب متقدمين بالعمر بشكل نسبي بين زملاء الصف أمراً اعتيادياً لدى باقي الطلاب ممن يدرسون مرحلتهم الدراسية بعمرهم الطبيعي.

وظهرت هذه الحالة بشكل جلي في قصة عبد الكريم البكري ذي الـ 69 عاماً، والذي حمل معه عند نزوحه من منزله 120 كتاباً من مكتبته التي كانت تضم 400 كتاب، ليضعها في مكتبة جامعة إدلب التي أصبح أحد طلابها.

 

 

وأوضح عبد الله العبسي رئيس مجمع إدلب التعليمي التابع لمديرية التربية، لموقع تلفزيون سوريا، أن نسبة المتقدمين الأحرار الذين خضعوا لامتحان الشهادة الثانوية في السنة الماضية قد بلغ 60% من مجموع المتقدمين.

ويعتبر التقدم التكنولوجي وسهولة الوصول من أحد أهم الأسباب التي رفعت نسبة الوعي لأولئك الطلاب، بالإضافة إلى أسباب أخرى كارتفاع البطالة ولجوء المواطنين للدراسة أملاً في الحصول على وظيفة مستقبلاً لتأمين مرتب شهري يضمن حياةً كريمةً لهم خصوصاً أن العديد من العائدين للدراسة لديهم أولاد ومسؤوليات.

صعوبة الحصول على عمل كان حافزاً للعودة إلى الدراسة

قابل تلفزيون سوريا عباس المؤيد وهو طالب علوم إدارية في السنة الأولى، يقول عباس: حصلت على شهادة البكالوريا عام 2010 وكان من المقرر أن أُكمل تعليمي ولكنني ذهبت إلى لبنان للعمل هناك من أجل تأمين مصاريف الدراسة الجامعية، وحين عودتي عام 2011 ومشاركتي في الثورة السورية أصبحتُ مطلوباً للفروع الأمنية، ما يعني استحالة ذهابي إلى الجامعة.

بدأ عباس دراسته الجامعية في الشهر الأول من عام 2021، أملاً بالحصول مستقبلاً على وظيفة في المنظمات والمؤسسات العاملة في الشمال السوري، إلى جانب رغبته في إكمال الدراسة بشكل عام.

وأشار إلى أن ما لقيه من ترحيب وتشجيع من المؤسسات التعليمية في الشمال السوري حفزه أكثر للعودة، ولا يكاد يخلو هذا المشوار من صعوبات كازدياد المسؤوليات وخاصةً مع وجود عائلة وأولاد تزامناً مع الغلاء المعيشي وتشتت الذهن في ظروف الحرب.

وأوضح عباس أنه لا يريد سوى الحصول على عمل من شهادته الجامعية يؤمن له حياةً كريمة له ولأولاده وأن لا يلجأ إلى العمل بغير اختصاصه أو بمهن شاقة من أجل تأمين لقمة العيش. 

معاناة مضاعفة للنساء والأرامل لإكمال التعليم الجامعي

لم تقتصر صفوف العائدين على الرجال فحسب بل كان للمرأة نصيب من مواكبة الرحلة التعليمية، وفي مقابلة لتلفزيون سوريا مع الأستاذ محمد مزنوق مدير معهد للشهادتين الإعدادية والثانوية في مدينة بنش أوضح أنه تم تخصيص صفوف خاصة للنساء اللواتي قررن الرجوع للتعليم بعد انقطاع ويبلغ مجموع طالبات تلك الصفوف 41 طالبة متوسط أعمارهن 25 سنة، ونسبة كبيرة منهن متزوجات ولديهن أطفال.

وقالت الطالبة بيان إيهاب، والتي فقدت زوجها في وقت سابق بسبب قصف قوات النظام، لموقع تلفزيون سوريا، "بدأت الدراسة بعد انقطاع ثمان سنوات عنها، وكنت قد توقفت في منتصف المرحلة الثانوية وعندما سنحت لي الفرصة للعودة أواخر عام 2017 درست الثالث الثانوي العلمي (بشكل حر) وحصلت على معدل مقبول أدخلني كلية طبية وها أنا على وشك التخرج ومن الأوائل في دفعتي".

ولفتت بيان التي تدرس السنة الثانية في معهد التخدير إلى أن قرار العودة للدراسة لا يخلو من صعوبات وضغوط بسبب "نظرة المجتمع للأرملة، والقناعات الموجودة بأنه يجب عليها ألا تخالط الناس"، لكن بيان اجتازت هذا التحدي بشجاعة وقررت أن تحقق طموحها لتكون معيلة لأولادها الأيتام الذين تعتبر رعايتهم بالتزامن مع الدراسة صعوبة إضافية، ولذلك تضطر بيان إلى العمل والدراسة معاً

وكان لبيان نظرة سلبية حول مستقبل التعليم في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ التي برأيها قد همشت المعلم من حيث الأجور المنصفة وفرضت رسوماً جامعية لا طاقة للطالب على تحملها.

اقرأ أيضاً: الجامعات شمال غربي سوريا.. تنوع ونجاحات في مواجهة التحديات

وشهدت الجامعات في شمال غربي سوريا خلال السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً، جسدته بشكل واضح الاتفاقيات المبرمة مع بعض الجامعات التركية للدفع بعجلة التعليم قدماً في المنطقة، وخلق فرص أوسع للطلبة.

وخلال الأشهر الماضية أبرمت الجامعات في المنطقة، ولا سيما جامعة حلب الحرة عدة اتفاقيات مع المؤسسات المعنية بدعم التعليم، وهو ما وفر فرصاً للطلبة بمتابعة تحصيلهم العلمي العالي في الجامعات الدولية.

وقبل أيام أعلنت مؤسسة تعليم بلا حدود/ مداد عن قبول جامعة غازي عنتاب التركية، ثمانية طلاب من خريجي جامعة حلب الحرة، لإكمال تحصيلهم العلمي العالي، ودراسة الماجستير فيها.

وسبق ذلك، عقد وزارة التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة اتفاقاً مع جامعة ماردين التركية، قضى بإقامة ثلاثة امتحانات يوس في الداخل السوري، ومساعدة الطلاب الحاصلين على قبول جامعي في جامعة ماردين، في الدخول إلى تركيا لمتابعة الدراسة.