icon
التغطية الحية

العنصرية ضد السوريين تهدد التوازن الأخلاقي في لبنان

2018.04.24 | 17:04 دمشق

مظاهرة في لبنان تطالب بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم(إنترنت)
 تلفزيون سوريا-سامرقطريب
+A
حجم الخط
-A

 "يا عين عالسوريين بأرضي اللبنانية صرنا نحنا المغتربين وهني الأكترية" أغنية عنصرية جديدة بثتها إحدى القنوات اللبنانية في فترة التحضير للانتخابات النيابية، إذ يبدو العرض العنصري الساخر الطريقة الأكثر نجاحا للترويج للحملات الانتخابية التي تطالب بإعادة اللاجئين السوريين إلى أحضان النظام في سوريا، وتستخدمها كورقة سياسية.

الأغنية عبرت بشكل غير مباشر عن آراء شريحة من السياسيين واللبنانين بشأن تأثير اللاجئين سلباً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، دون إغفال أن كلمة الأكثرية تشير إلى ازدياد عدد المسلمين السنة في لبنان على حساب باقي الطوائف، وظهر ذلك في تصريحات سياسيين عن "تهديد التوزان الديمغرافي اللبناني".

العنصرية اللبنانية تجاه السوريين ليست ظاهرة حديثة بل ازدادت وتيرتها خلال اشتداد العمليات العسكرية للنظام وحلفائه و على رأسهم ميليشيا حزب الله اللبناني على المناطق الحدودية مع لبنان وتهجير أهلها، ثم مالبثت ميليشيا حزب الله أن انتشرت على معظم الأراضي السورية وارتكبت مجازر طائفية.

لبنان البلد الأقرب جغرافيا واجتماعيا إلى سوريا، صنف عام 2015 في المركز الثاني عالمياً والأوّل عربياً بين الدول الأكثر عنصرية في العالم، بحسب استطلاع رأي أجراه موقع "إنسايدر مونكي" الأمريكي.

 

كازينو لبنان والتفاح

تنشر وسائل إعلام لبنانية في فترات متقطعة مقالات وتبث برامج وفيديوهات عنصرية تحمّل السوريين في لبنان مسؤولية تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي للبنانيين، في بلد وصلت ديونه إلى 90 مليار دولار، والتي استمرت في التصاعد منذ الحرب الأهلية اللبنانية وقبل اللجوء السوري.

وعن الاقتصاد اللبناني الذي خربه السوريون كما يدعي العنصريون نشر الجيش اللبناني على موقعه الرسمي" شهد لبنان في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، فترة من الرخاء والازدهار الاقتصادي، عززّتها الواردات السياحية المهمّة المتأتية من ألعاب الميسر التي كانت ناشطة في مراكز الاصطياف، وبعض فنادق العاصمة، وكانت هذه الألعاب ممنوعة في الدول العربية المجاورة، خلال عهد الرئيس الراحل كميل شمعون صدر في العام 1954 قانون قضى بحصر ألعاب الميسر في كازينو لبنان دون سواه، إذ أراد المشرّع إطلاق الاستفادة من لعب القمار كركيزة سياحية واقتصادية". 

إضافة إلى الدور الاقتصادي والسياسي الذي لعبه كازينو لبنان، بدأت الحكومة اللبنانية في خمسينيات القرن الماضي بدعم زراعة التفاح التي أسهمت في رفد اقتصاد لبنان قبل أن تنحدر هذه الزراعة بعد انحدار كازينو لبنان الوجه الحضاري كما يصفه الإعلام اللبناني.

 

سياسيون عنصريون

ترتبط التركيبة الاجتماعية اللبنانية بالأحزاب السياسية التي يمثل كل منها طائفة معينة، وتشكل تصريحات السياسيين وأصحاب الإقطاعيات الطائفية مرجعاً للممارسات العنصرية ضد السوريين، الذين جُردوا في لبنان من إنسانيتهم -كما فعل النظام- ووصموا بالإرهاب لتبرير الاعتداءات عليهم في المخيمات وفي المناطق اللبنانية.

وتقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان إن أكثر ما يقلقها هي اللغة التي بات يتحدث بها رجال الحكم في لبنان، وكأنها بداية لإعلان خطاب حرب على اللاجئين السوريين.

يكرر صهر الرئيس اللبناني(ميشيل عون) ووزير الخارجية جبران باسيل خطاباته العنصرية كلما سنحت له الظروف، وكان قد وصف العام الماضي اللاجئين في لبنان بـ"قوى الاحتلال"، وغرد كذلك على حسابه الرسمي في تويتر "كل أجنبي قابع على أرضنا من غير إرادتنا هو محتل من أي جهة أتى".

وفي تأكيد على ترسيخ الدولة الطائفية اللبنانية أوضح باسيل أواخر العام 2017، أنه سيتقدم بمشروع قانون يتيح للبنانيات المتزوجات من أجانب منح جنسيتهن لأبنائهن، شرط ألا يكون الآباء من دول الجوار في إشارة إلى اللاجئين السوريين والفلسطينيين الذين يمكن أن يهددوا التوزان الطائفي اللبناني السائد.

 

إعلام للكراهية

لاتنفصل بعض وسائل الإعلام اللبناني عن توجهات الأحزاب السياسية، وفي حين يتباهى البعض بمساحة حرية التعبير، لايفرق الإعلام الذي نشأ بعد الحرب الأهلية بين الحرية والتحريض وبث خطاب الكراهية في مجتمع منقسم على نفسه بالولاءات الطائفية.

في كانون الثاني من العام 2015 نشرت صحيفة النهار اللبنانية تقريرا عن تغيير السوريين لهوية شارع "الحمرا" الشهير في بيروت، ووطالت العنصرية الفجة اللهجة الشامية وحتى لوحات السيارت السورية في الشوارع، في حين نفذت فضائيات لبنانية مقالب مهينة باللاجئين السوريين، كما تعرض السوريون في مناطق مختلفة لاعتداءات عنيفة طالت الأطفال والشباب في حملة تتجدد باستمرار، وباتت تعد نتيجة للوضع السياسي الذي تأرجح لصالح ميليشيا حزب الله اللبناني التي تقتل السوريين وتهجرهم من بيوتهم.

الممارسات العنصرية بحق السوريين واجهها منذ بدايتها ناشطو المجتمع المدني اللبناني، وتعرض قسم منها للإعتقال وللمضايقات بسبب موقفهم الإنساني و الأخلاقي، إلا أن تكرار الممارسات العنصرية بات فعلا يحتاج ربما إلى تشريع قانوني وجهود من الأمم المتحدة للحد منه. 

السوريون ليسوا أكثرية في لبنان ولن يكونوا، ومعظمهم عمال وفقراء لكنهم يشكلون أكثرية أخلاقية عندما ثاروا بوجه النظام في سوريا، الذي حكمت مخابراته لبنان شعباً و حكومة وتركت حين غادرت أذرعها.