icon
التغطية الحية

العمل عن بعد.. خيار المتعلمين السوريين الوحيد الذي لا يخلو من الاستغلال

2022.05.17 | 06:45 دمشق

177591-1309716059_1.jpg
دمشق - فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

بات البحث عن عمل ضمن الحدود السورية وتأمين مدخول يعيل أسرة شهرياً، من الأمور شبه المستحيلة، حيث تتراوح الرواتب في القطاع الخاص بين 150 – 300 ألف ليرة سورية فقط (أي أقل من 100 دولار أميركي).

وتحتاج الأسرة المكونة من 5 أشخاص شهرياً لتأمين احتياجاتها الأساسية إلى ما يزيد على مليوني ليرة سورية، ولو عمل الخمسة في القطاع الخاص قد لا يصل مردودهم الشهري بأقصى حالاته إلى 1.5 مليون ليرة، ما دفع أغلب الشبان السوريين للتوجه نحو طرق أبواب المنظمات الدولية التي تطلب شروطاً صعبة ومهارات عالية للعمل معها، أو السفر، أو الحل الأخير، وهو التفكير بالعمل عن بعد مع شركات خارج الحدود.

فرصة بالدولار

للمتعلمين والمختصين فرصة كبيرة لتحقيق عائد شهري جيد عبر عملهم عبر الإنترنت، يقول (محمد. ع) وهو مدرس لغة عربية للمرحلة الإعدادية يعتمد في مدخوله على الدروس الخصوصية فترة الامتحانات، وخارج هذه الفترة يعتمد على التدقيق اللغوي عن بعد مع شركات صناعة المحتوى الإعلامي إلكترونياً.

محمد يحصل على 400 دولار شهرياً من إحدى الشركات الإماراتية التي يقوم بمراجعة نصوص مقالاتها الصحفية يومياً بدوام كامل مدته 8 ساعات يبدؤها بعد انتهاء حصصه في المدرسة، مشيراً إلى أنه قد يحصل على 100 أو200 دولار إضافيتين في حال قام بتدقيق محتوى صوتي كـ"فري لانسر" مع بعض الشركات الأخرى.

وفي حالة أخرى، يتحدث مبرمج التطبيقات الإلكترونية (حسام. ن) عن تجربته مع العمل عن بعد، بالقول إنها "تجربة رائعة لكنها منهكة"، وتابع "أعمل مع شركة برمجيات مقرها في بريطانيا لكن صاحبها سوري، وأحصل شهرياً على 1500 دولار، وهو مبلغ كفيل بأن أعيش حياة كريمة في سوريا، لكن هذا العمل لا يخلو من المصاعب".

استغلال

يتحدث حسام عن بطء الإنترنت والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي كأبرز المنغصات في العمل، لكنه أشار أيضاً إلى أن شركته وفرت له لاحقاً خط إنترنت سريعاً عبر دفع تكاليف تركيبه وفاتورته الشهرية، واشترت له بطارية ضخمة و"انفيرتر" ولابتوباً حديثاً، مقابل أن يعمل كل ما طلب منه العمل.

لا ينكر حسام أنه يخضع للاستغلال في العمل، كون ساعات عمله تصل لأكثر من 15 ساعة في اليوم، وفي أوقات متفرقة، أي أن ذلك على حساب راحته وعائلته، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أنه لن يحصل على مثل هذا الراتب في أي جهة محلية.

وكما حسام، تعمل إيمان مترجمة للمقالات مع شركة كويتية بـ 300 دولار شهرياً، وغير إيمان وحسام هناك الكثير يعملون مع شركات خارج سورية كصحفيين متخصصين في كتابة المقالات المهنية أو التعليق الصوتي، بما لا يقل عن 50 دولاراً على المنتج المقدم، وقد يرتفع السعر تبعاً لعدد الكلمات أو عمق المادة الصحفية أو خبرة الموظف.

صناعة المحتوى بـ 5 دولارات

أكثر الشبان وخاصة الجامعيين بغض النظر عن اختصاصاتهم العلمية، يتوجهون حالياً للخضوع لدورات صناعة المحتوى ومطابقته مع معايير البحث عبر المحركات (SEO)، وأسعار هذه الدورات تتراوح بين 150 إلى 300 ألف ليرة شهرياً.

ويتجه الشبان لهذه الدورات كونها ممهدة للطريق نحو العمل خارج الحدود (أون لاين) والحصول على مردود شهري بالعملة الصعبة، فمنهم من يعرض خدماته على مواقع متخصصة لهذا النوع من العمل مثل "خمسات" و"مستقل" ومنهم من يقدم خبراته عبر "لينكدإن" ويطرق باب الشركات من هناك، أو يقدم للشواغر التي تعرضها الشركات العربية عبر مواقعها.

عادةً، هذا النوع من العمل لا يتطلب سوى لابتوب وإنترنت ليس سريعاً جداً لأن الملفات المرفوعة صغيرة (ملفات وورد)، وبعض خبرات البحث عبر الإنترنت لتجميع المعلومات وصياغتها بشكل غير عميق دون خبرة عالية، ثم رفعها على المواقع الإلكترونية لتحقيق الزيارات، لكن يبقى مردود هذا النوع من العمل الشهري ضعيفاً ولا يزيد على 5 دولارات على المحتوى الواحد.

ومن المهن الأخرى التي تؤهل السوريين للعمل مع شركات خارج الحدود، هي إدارة حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، أو تصوير الفوتوغراف والفيديو، وتصميم المواقع الإلكترونية، وتصميم الصور، ومونتاج الفيديو.

والعمل (أون لاين) ليس محصوراً بتخصصات معينة، عمار وهو طبيب عام متخرج حديثاً يعمل في المشافي الحكومية حالياً براتب زهيد، يعمل بكتابة المحتوى الطبي لأحد المواقع العربية المنوعة، ويحصل منها على 50 دولاراً عن كل مقال.

الأرخص في المنطقة

أحد الذين يقدمون دورات صناعة المحتوى في سوريا والذي تحفظ على ذكر اسمه، قال إن "العمل عن بعد هو الخيار الأمثل للسوريين، وهناك طلب كبير جداً من الشركات في الخارج لتشغيل السوريين الذين باتت أجرتهم الشهرية هي الأقل في المنطقة".

وأشار إلى أن "السوريين يرون العائد الذين يحصلون عليه ممتازاً لكنه في الواقع لا يصل إلى ربع الثمن الحقيقي لهذه الخدمات لو حصلت عليها الشركات العربية من موظفين محليين أو أجانب يعيشون في بلدانهم".

وتابع: "طالما العلاقة هي علاقة مصلحة بين الطرفين، فلا مانع، لكن كثرة الاقبال على صناعة المحتوى تحديداً من قبل السوريين، أسهمت بخلق أشخاص يقبلون بالعمل لساعات طويلة مقابل أجرة زهيدة جداً ما دفع بعض الشركات المستغلة لخفض أجورهم للسوريين مستغلين شدة الإقبال".