icon
التغطية الحية

العثور على عمال دائمين ومحترفين شبه مستحيل في سوريا.. ما الأسباب؟

2021.10.31 | 06:20 دمشق

m-8.jpg
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

تعاني أغلب القطاعات الاقصادية في سوريا، سواء مهنية أو تجارية أو صناعية، من نقص في اليد العاملة خبيرة كانت أم غير خبيرة، وفقاً لما أكده العديد من القائمين على الأنشطة الاقتصادية، مشيرين أيضاً إلى أن البحث عن عامل دائم بات من شبه المستحيلات.

وقال طلال ب وهو رئيس ورشة بناء في جرمانا إن "حجم العمل يقابله عدد قليل جداً من العمال، حيث بات من شبه المستحيل العثور على بنّائين محترفين للعمل، أو حتى عمال مساعدين غير محترفين، وإن تم العثور على عمال، فإنهم يتركون العمل بعد فترة وجيزة إما للسفر هرباً من الخدمة في الجيش والأوضاع الاقتصادية الصعبة، أو للانتقال إلى عمل آخر في مردود مالي أفضل بقليل".

وتابع: "هذه مشكلة كبيرة يعاني منها جميع العاملين في المهن الحرة، حيث يعاني سوق العمل من شح الأيدي الماهرة التي هاجر أغلب المعروفين والمشهورين بها، أو قضوا أو اختفوا بالحرب، وسط موجة كبيرة من هجرة الشباب هرباً من الخدمة الإلزامية أو الأوضاع الاقتصادية المتردية، ما أثر في تأهيل شريحة جديدة في تلك المهن".

مهن أطفال

وكما مهن التشييد والبناء، تعاني مهن حرة أخرى مثل الطلاء والبلاط والتمديدات الكهربائية والديكورات والنجارة، إضافة إلى الميكانيك ومهن وحرف مختلفة، من نقص اليد العاملة سواء الخبيرة أو غير الخبيرة لذات الأسباب أعلاه إضافة إلى قلّة الأجور، ما دفع للاعتماد على الأطفال فيها، وقال عمرو (ن) وهو صاحب ورشة طلاء إن "مهنة الطلاء باتت تعتمد على غير المحترفين وأغلب من يؤدون هذه المهنة هم أطفال".

وتابع "مهنة الطلاء باتت تعتمد على أطفال تحت السن القانوني أو شبان صغار بالكاد تصل أعمارهم إلى 20 عاماً، ما جعل جودة التنفيذ متدنية جداً، نتيجة غياب الشريحة الخبيرة"، مضيفاً "يستسهل هؤلاء العمل بمهنة الطلاء لأنها من وجهة نظرهم لا تحتاج لخبرة، في حين أُجبر الزبائن على القبول بهم نتيجة قلّة الورش الخبيرة والمؤهلة والأيدي الماهرة".

ورغم اعتماد المهنة على الصغار وغير الخبراء، إلا أن الورش تضم بأحسن أحوالها شخصين فقط بحسب عمرو، الذي تابع بقوله "من الصعب أو من النادر حتى أن تجد ورشة مؤلفة من 4 أو 5 عمال كما كان سابقاً بسبب نقص اليد العاملة، ما أثر أيضاً على سرعة تنفيذ الأعمال.

ضعف الإنتاج

وانعكس نقص اليد العاملة بشكل حاد على القطاعات الإنتاجية التي تعتمد على الخبرة والتأهيل، ما أسهم في ضعف الإنتاج نتيجة قلّة عدد العامال إضافة إلى زيادة الاعتماد على الأطفال أو اليد العاملة غير الخبيرة، في وقت يهاجر فيه الصناعيون أنفسهم إلى دول محددة مثل مصر، هرباً من ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم توفر حوامل الطاقة وضعف القدرة على تصريف البضائع سواء محلياً أو خارجياً، إضافة إلى القرارات الحكومية التي زادت من الضغط على الصناعيين.

وناشد رئيس الاتحاد العام للعمال جمال القادري أيلول الماضي، الشباب السوري بعدم السفر، معتبراً هجرة الشباب خسارة كبيرة من رأس المال البشري، ومؤكداً على أن سوق العمل السوري تعرض لاختلال كبير كمي بالنسبة للعدد، ونوعي بالنسبة للخبرات المطلوبة، ما أرخى بظلاله على القدرة الإنتاجية وبدأنا نلمس ذلك.

ويلخص أصحاب المهن والأنشطة التجارية والصناعية أسباب نقص اليد العاملة في الهجرة أو الاعتقال أو التجنيد الإجباري، إضافة لانخفاض الأجور الشهرية أو الأسبوعية أمام ارتفاع أسعار المستلزمات الرئيسية بشكل متصاعد وانخفاض قوة الليرة السورية الشرائية.

ونتيجة قلة اليد العاملة وفقدان شريحة واسعة من المعيلين خلال الحرب، دخلت المرأة سوق الأعمال حتى في المهن التي لا تناسبها، وفي 2018 أكد مدير مرصد سوق العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل محمود الكَوى، أن الوزارة أطلقت مشروعاً لتأهيل معيلات الأسر التي فقدت معيليها من الرجال، شمل 3 قطاعات هي الخياطة والبناء والكهرباء، مشيراً إلى تأهيل نساء للعمل بإعادة تأهيل المنازل في مهن مثل التمديدات الصحية.

بدورها أشارت أمينة شؤون التنظيم وعضو المكتب التنفيذي بالاتحاد العام لنقابات العمال إنعام المصري في 2018 أيضاً،  إلى أن المرأة السورية اضطرت لممارسة أعمال لم تعتد عليها سابقاً نتيجة الأوضاع التي تمر بها البلاد كجلي البلاط والعمل على الجرارات. وشهدت السنوات الماضية زيادة كبيرة في دخول الإناث لسوق العمل، نتيجة لانخفاض نسبة الشباب.