icon
التغطية الحية

العائلات التي تضررت بسبب الأزمة في لبنان تكافح لتبقى مع حلول الشتاء

2022.01.19 | 09:34 دمشق

ابنتا اللاجئة السورية ماجدة وهما تقومان بحل واجباتهما المدرسية في المأوى الذي تقيمان فيه
ابنتا اللاجئة السورية ماجدة وهما تقومان بحل واجباتهما المدرسية في المأوى الذي تقيمان فيه
UNHCR - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

استحكم الشتاء في سهل البقاع اللبناني، وحمل معه هطلات مطرية وفيرة واقتربت درجات الحرارة من التجمد. ولذلك أمام الأم العزباء ماجدة أشهر صعبة لتواجهها وهي تعيش في مأوى مؤقت، إذ إن سقف بيتها المصنوع من مادة المشمع يسرب الماء، ولذلك دعمته بإطارات سيارات مهملة حتى لا يطير إن اشتدت الريح.

أمضت ماجدة هي وأطفالها الخمسة ردحاً طويلاً من الشتاء الماضي وهم ينامون على مراتب مبللة، حاولوا عبثاً أن يجففوها تحت أشعة الشمس الواهنة عقب كل مطر تهطل. إلا أن هذه السنة تنذر بمصاعب أشد وطأة بسبب معاناة لبنان من الأزمة الاقتصادية التي أغرقت معظم اللاجئين في البلاد في حالة فقر مدقع.

تحدثنا ماجدة، 36 عاماً، عن وضعها فتقول: "حصلنا على بعض الوقود في العام الماضي، ولكن هنالك نقص في الوقود وارتفاع في الأسعار هذا العام، لدرجة أنني لم أعد أطيق تحمل تكاليف الحطب... وإنني قلقة حول تأمين الدفء لأولادي وشراء طعام وكساء لهم، وذلك بسبب غلاء كل شيء بشكل فاحش".

ومما زاد الطين بلة زيادة حالات الإصابة بكوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت في عام 2020، إذ تسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان بانهيار العملة اللبنانية، ما أدى إلى غلاء كبير في أسعار الغذاء والوقود وغيرها من السلع الأساسية.

"كل شيء غال"

تسببت تلك الأزمة بانتشار المعاناة في البلاد، حيث أصبح 9 من بين كل عشرة لاجئين سوريين يعيشون في فقر مدقع، كما أصبح نصف اللاجئين يعانون من حالة انعدام الأمن الغذائي. وتسبب تدهور الأوضاع بوقوع خسائر في مختلف بقاع لبنان، ما أجبر الأسر اللبنانية واللاجئة على اتخاذ قرارات لا يمكن لأحد أن يتحملها.

تحدثنا ماجدة عن الأوضاع فتقول: "قبل بضعة أشهر، مرض جميع أولادي، لكني لم أستطع شراء الدواء إلا لواحد منهم، أي لأشدهم مرضاً".

بعدما هربت ماجدة من سوريا في عام 2014 في ظل النزاع الذي امتد لعقد من الزمان، وذلك عقب وفاة زوجها، انتقلت هي وأولادها إلى أحد المساكن الشعبية الكثيرة المنتشرة في سهل البقاع الذي يعتبر مركزاً للزراعة في لبنان.

وتحدثنا ماجدة عن تلك المرحلة فتقول: "خلال الفترة الأولى لوصولي إلى لبنان، أصبح علي أن أنسجم مع واقعي الجديد، إذ لم يسبق لي أن عشت في خيمة على الإطلاق، لكني لم أكن أطيق دفع إيجار شقة، ولكوني أماً عازبة، بات علي أن أتعلم بمرور السنين كيف أتدبر أمور الحياة بنفسي حتى أعيل أسرتي".

في بعض الأحيان، تجد ماجدة لنفسها عملاً بمدخول منخفض في تحرير حبوب الفول أو في تقشير فصوص الثوم، في الوقت الذي تسرب فيه ولداها الكبيران البالغ أحدهما 16 والثاني 15 عاماً من المدرسة ليعملا في الحقول القريبة. ولكن على الرغم من تضحيتهما بتعليمهما،  فإن ارتفاع الأسعار جعل من مدخولهما المتواضع لا يكفي لسد الاحتياجات الأساسية للأسرة.

وتشرح ماجدة الوضع بقولها: "كان الوضع صعباً قبل الأزمة، ولكن كان بوسعي أن أؤمن الطعام لأسرتي، أما اليوم فلم يعد بمقدوري تأمين وجبة كاملة لأولادي الذين يأكلون الخضراوات والأطعمة المجففة في معظم الأحيان، ولهذا أصبحوا يعانون لأنهم لا يجدون ما يكفيهم ليأكلوه".

يذكر أن المفوضية العليا للاجئين زادت من دعمها للعائلات اللبنانية واللاجئة الضعيفة والتي تأثرت بسبب الأوضاع في أرجاء لبنان، إلا أن الاحتياجات ما تزال تفوق المساعدات، كما أن الأزمة حولت الظروف الصعبة بالأساس إلى صراع يومي من أجل البقاء.

  "الوضع صعب على الجميع، سواء على اللبنانيين أو اللاجئين"

على مدار الأشهر القليلة الماضية، أمنت المفوضية العليا للاجئين دعماً لإعادة تأهيل المآوي التي تقيم فيها الأسر اللبنانية واللاجئة المتضررة بسبب هذا الوضع، بالإضافة إلى تأمين مصابيح شمسية واحتياجات الأسر الأساسية والمواد اللازمة للأبنية المضادة للأحوال الجوية السيئة خلال فصل الشتاء. كما أمنت المفوضية شاحنات الماء، ومولدات، وألواح الطاقة الشمسية ومضخات المياه للبلديات في مختلف أرجاء لبنان وذلك لضمان حصول اللبنانيين واللاجئين على الماء والكهرباء.

بالرغم من خوف ماجدة من التعرض لشتاء قاس آخر، فإنها تحس بالامتنان للبنان الذي قدم لأسرتها ملاذاً آمناً، وتأمل أن يعيش اللبنانيون والسوريون في لبنان أياماً أفضل من هذه، إذ تقول: "أمنيتي للبنان الذي احتضنني أن تتحسن الأوضاع التي أصبحت صعبة على الجميع، سواء على اللبنانيين أو اللاجئين".

 

المصدر: مفوضية الأمم المتحدة للاجئين