icon
التغطية الحية

الطفلة شام.. مسعى جديد من الإمارات لـ أنسنة "الأسد" المجرم

2023.03.12 | 04:38 دمشق

الطفلة السورية شام الشيخ محمد (إنترنت)
الطفلة السورية شام الشيخ محمد (إنترنت)
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

تحاول الإمارات مجدّداً "أنسنة" الحاكم المجرم في سوريا عبر استحضار تعاطفه المصطنع وإضفاء الطابع الإنساني عليه، وهو الذي فعل ما لم يفعله الزلزال المدمّر، حيث قتل وهجّر مئات آلاف السوريين، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال.

وسبق أن حاولت الإمارات، أواخر العام الفائت، مساعدة النظام السوري في الاحتفاء بالطفلة السورية شام البكور (7 سنوات) عقب فوزها بلقب "بطلة تحدّي القراء العربي"، متجاهلةً معه أنّ النظام نفسه هو مَن قتل والدها وهجّرها وأمّه، بعد قصفِ منزلهم في ريف حلب.

واليوم تعود مجدّداً لـ مساعدة النظام المجرم في إظهار "إنسانيته" بتأمين اتصالٍ بين أسماء الأسد - زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد - والطفلة السورية شام الشيخ محمد، التي نقلتها الإمارات للعلاج في مشافيها، مستغلةً حالة التعاطف مع شام، إذ بقيت لنحو 40 ساعة عالقةً تحت أنقاض الزلزال في ريف إدلب، وكانت فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) تعمل على إنقاذها.

أسماء الأسد تتصل بالطفلة شام

بابتسامة مصطنعة وعبارات منمقة، ظهرت زوجة رئيس النظام السوري أسماء الأسد، في فيديو نشرته رئاسة النظام، يتضمن مكالمة مسجّلة مع الطفلة السورية شام الشيخ محمد، التي أصيبت بمتلازمة "هرس الأطراف"، على غرار ناجين كثر من الزلزال الذي ضرب الشمال السوري وجنوبي تركيا في شهر شباط الماضي.

ونُقلت الطفلة شام (9 سنوات) وشقيقها المصاب عمر (15 سنة)، قبل أسبوعين، إلى الإمارات لاستكمال العلاج، بعد أن تنقّلت بين عدة مستشفيات في إدلب والجنوب التركي وإسطنبول، إلّا أنّ تواصل أسماء الأسد مع شام أثار استياء كثير من السوريين، لكون ذلك يفتح باباً جديداً للنظام في استغلال معاناة الطفلة والمتاجرة في أوجاعها.

"يا شام أنتِ شامنا"

كانت الطفلة شام الشيخ محمد تدندن أنشودة عبد الباسط الساروت، التي يقول فيها "يا شام أنتِ شامنا"، في أثناء عملية إنقاذها برفقة عائلتها من تحت أنقاض منزلهم من قبل متطوعي الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في بلدة أرمناز بريف إدلب.

وبقيت الطفلة عالقة تحت الأنقاض لعدة ساعات، نتيجة سقوط أعمدة المبنى والسقف على قدميها، وبعد إنقاذها بدأت معاناة "شام" من متلازمة "هرس الأطراف"، التي أصابت كثيراً من ضحايا الزلزال.

ووفق الأطباء الذين تولوا رعاية الطفلة في محافظة إدلب، فإنها واجهت خطر بتر رجليها على مستوى الساقين، مع احتمالية تعرضها لمشكلات في القلب والكلى، وقد أكد محمد الشيخ محمد، والد الطفلين، شام وعمر، أن "وضع شام حرج".

وبعد انتشار قصة الطفلة على نطاق واسع، نُقلت برفقة أبيها وأخيها إلى الأراضي التركية لتلقي العلاج، وأوضح شادي حاج حسين - المسؤول في "وزارة الصحة" التابعة لـ"حكومة الإنقاذ" - أن نقل شام وشقيقها جاء بعد التدقيق في حالتهما الصحية، وخصوصاً شام التي تواجه وضعاً حرجاً.

وأضاف حاج حسين أن "حالة شام صعبة طبياً وتحتاج لدقة أكثر في العلاج وتخصصات واستشارات عدة غير متوافرة في المناطق المحررة"، مشيراً إلى أنه بعد مراجعة حالتها وشقيقها "تم التنسيق مع وزارة الصحة التركية... وقد أتانا الرد بالقبول".

رحلة مفاجئة من إسطنبول إلى الإمارات

في محطتها الأولى عند دخولها إلى الأراضي التركية، نُقلت شام إلى مشفى حكومي في ولاية أضنة، وهناك بدأت تسوء حالتها بشدة بالتزامن مع إطلاق والدها لمناشدات من أجل تدارك الموقف والتدخل العاجل لإنقاذ حياة أطفاله.

وعلى إثر المناشدات، نقلت طائرة خاصة تابعة لوزارة الصحة التركية، الطفلة شام وذويها إلى مشفى متخصص في ولاية إسطنبول، مع تولي الدولة التركية علاج الطفلة وشقيقها.

وبشكل مفاجئ نُقلت شام وشقيقها إلى الإمارات لاستكمال العلاج، رغم العناية بهما في إسطنبول، وفق مقربين من العائلة، في حين قال مدير منظمة "عطاء" خالد عيسى: إنّ شام وعائلتها نُقلوا إلى الإمارات بعد أن تواصلت القنصلية مع الوالد وعرضت عليه نقلهم للعلاج هناك.

وأضاف عيسى في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، أن السلطات التركية منحت والد شام حرية الاختيار لنقل ولديه أو إبقائهما في المشافي التركية، مشيراً إلى أن الحكومة التركية قدّمت الدعم اللازم للعائلة، إذ أمّنت لهم مروحية لنقلهم من أضنة إلى إسطنبول، فضلاً عن كادر طبي متخصص لمتابعة حالتهما في مشفى "شام ساكورا" الحكومي.

هذا الإجراء سبقه تمهيد من وسائل إعلام روسية وأخرى تابعة للنظام السوري لمسألة نقل "شام" إلى الإمارات، إذ نقلت قناة "روسيا اليوم" عن مصادر طبية في النظام، أن هناك محاولة لنقل الطفلة إلى خارج سوريا لتلقي العلاج، مدعية أن السلطات التركية منعت خروجها من إدلب ورفضت علاجها.

وزعمت المصادر نفسها أن "الرئاسة السورية وبعد أن استطاعت تأمين علاج ستة أطفال سوريين مصابين بنفس المتلازمة في مشافي دولة عربية، حاولت بكل الطرق منذ عدة أيام عبر وساطة روسية لتكون شام الطفلة السابعة خاصة أنها تواجه خطر بتر قدميها، لكن السلطات التركية منعت خروج الطفلة من إدلب ورفضت علاجها رغم خطر استكمال حياتها بلا قدمين"، بحسب وصفها.

أسماء الأسد تستغل مأساة العائلة

استغلت أسماء الأسد كارثة العائلة وحاولت الاستفادة منها سياسياً، إذ أجرت اتصالاً بتقنية الفيديو مع الطفلة شام، الموجودة حالياً في مشفى "برجيل" بأبو ظبي.

وحاولت أسماء الأسد عبر اتصالها، ترسيخ ادعاء إعلام النظام ذاته، إذ أوحت بأنها كانت على اطلاع بجميع مجريات نقل الطفلة ووصولها إلى الإمارات، وكذلك حين وجهت رسالة للطفلة بقولها: "بدك ترجعي لعندي". وحين أشارت شام في حديثها إلى أنها ستركّب "أرجل اصطناعية" لتعود بها إلى سوريا، ردّت "الأسد" بالقول لها: "إنتي قوية، ورجعتك رح تكون أكبر هدية إلنا".

ولاقى الاتصال استنكار طيف من السوريين، حيث قال الصحفي السوري قتيبة ياسين: "إلى الأشقاء في الإمارات، لم يحدث يوماً أن استغل العرب صاحب حاجة، فكيف إذا كان صاحب الحاجة طفلاً ومنكوباً بالزلزال؟ الطفلة شام التي نقلتموها من إدلب للعلاج في دولتكم أجبرتموها على شكر شيخات ومشايخ لم تسمع باسمهم يوماً؛ ولكن أن تجبروها على شكر أسماء الأسد فهذا والله يدخل في باب الانحطاط".

وقال الناشط عمر مدنية في تغريدة على تويتر: "الطفلة شام هجرها المجرم بشار الأسد وأنقذها أبطال الخوذ البيضاء من تحت ردم الزلزال، تم نقلها إلى تركيا للعلاج، ومن ثم الإمارات قاتلت لتأخذها ولتعالجها لكن تبين أن هدف الإمارات إعطاء الأسد فرصة لاستغلالها سياسياً...".

تعليق والد الطفلة شام

ذكر والد الطفلة في تسجيلات صوتية تداولها ناشطون، أنه "لم يكن راضياً منذ البداية عن إخراج أطفاله من محافظة إدلب، حيث كانوا يتلقون العلاج داخل مشفى خاص".

كذلك نفى والدها علمه باتصال أسماء الأسد مع ابنته شام، موضحاً: "ما كنت في المشفى، وليس عندي علم بالاتصال، وسمعت به مثلي مثلكم".

وألمح إلى أنه خرج من إدلب رغماً عنه بضغط من جهات لم يحددها، قائلاً: "لم يكن عندي رغبة بالخروج أبداً، لكنهم أخبروني أن عليّ السفر بحجة تأمين أطباء وسكن لنا، لن أسامحهم أمام الله، لقد تسببوا بتدمير أطفالي".

شام ليست الحالة الأولى

لم تكن قصة الطفلة شام الشيخ محمد هي الوحيدة التي تفضح استغلال النظام السوري للأطفال وأوجاعهم مقابل تحقيق مكاسب سياسية، بالرغم من أن بعضهم كانوا ضحايا قصف طائراته وبراميله المتفجرة، ونستذكر فيما يأتي بعضاً من هذه الحالات.

  • استغل النظام فوز الطفلة السورية شام البكور (7 سنوات) بلقب بطلة "تحدي القراءة العربي" بموسمه السادس، والذي تنظمه "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم" في دبي، علماً أن والد شام محمد صبحي البكور قضى بقصف لقوات النظام والميليشيات المدعومة إيرانياً في منطقة خان طومان في الـ 20 من كانون الأول 2015.
  • التقت أسماء الأسد الطالبة أنوار عبد الرزاق العلي الغبيط من بلدة الغارية الغربية شرقي درعا، "لتكريم المتميّزين رغم إعاقتهم"، علماً أن الطالبة فقدت قدمها بقصف للنظام بالبراميل المتفجرة على البلدة في الرابع من حزيران عام 2017، كما أسفر القصف حينذاك عن مقتل والدتها سعاد العبود وامرأة أخرى.
  • أدى قصف للنظام على حي القاطرجي بحلب، في آب 2016، إلى إصابة الطفل عمران دقنيش ومقتل أخيه الصغير علي، وانتشرت صوره حينذاك على نطاق واسع وهو ملطخ بالغبار والدماء، وسط حالة من الصمت والذهول، لكن النظام حاول حرف الحقيقة من خلال إجراء لقاءات إعلامية مع عائلة الطفل فيما بعد للادعاء بأنه أصيب نتيجة "التفجيرات الإرهابية، وأنه ضحية المسلحين".