icon
التغطية الحية

الطب البديل شمال غربي سوريا.. سقوط في فخ الاحتيال وخضوع للجهل

2022.01.09 | 16:50 دمشق

010000.jpg
تلفزيون سوريا - ميس عبد الحميد
+A
حجم الخط
-A

لجأ كثير من السوريين لاستخدام الطب البديل (ممارسة التطبيب) خاصة في شمال غربي سوريا بسبب الجهل، وسوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء أسعار الأدوية، وعدم توفرها أحياناً. كما أن فقدان الثقة بالكوادر الطبية القليلة الموجودة في المنطقة واحد من أهم الأسباب التي شجعت ظهور هذه الظاهرة إلا أنه هناك الكثير من الأخطاء التي ارتكبت بحق المرضى بسبب قلة المعرفة ودخول النصب والدجل في بعض الأساليب العلاجية الخاطئة.

جهل وخرافات

ما إن تعلن المرأة عن خبر حملها حتى تنهال عليها النصائح، والاستشارات من الأشخاص المحيطين بها معتمدين على وصفات من الموروث الشعبي يتم التداوي بها دون الاستناد إلى رأي طبي سليم.

آمنة قزموز البالغة من العمر ٢٧ عاماً من مدينة أريحا التابعة لمحافظة إدلب تحدثت لموقع تلفزيون سوريا عن معاناتها في أثناء حملها الأول قائلةً: "بعد زواجي بثلاث سنوات، وعلاج طويل تم الحمل وعند بلوغي الشهر الثاني تعرضت لزكام شديد لكن شدة خوف حماتي على جنيني منعتني من زيارة الطبيب وعدم تناولي أي دواء كما أنها كانت تنهال عليّ بالعصائر الطبيعية مثل الليمون والزهورات والزنجبيل والثوم وعصائر بعض الأعشاب التي لا أعرف عنها أي شيء".

وتابعت "قزموز" تعرضت لنزيف حاد، ورعاف شديد أكثر من مرة خلال فترة مرضي، مما اضطرني للذهاب إلى المركز الصحي وبعد البحث في الأسباب وإجراء التحاليل الطبية أكدت لي الطبيبة أن استخدام الثوم النيئ مع الزنجبيل يسكنان الصداع إلا أنهما يسببان ميوعة بالدم، ويمنعان تجلطه مما تسبب لي بنزيف حاد استمر لساعات وهبوط مفاجئ في ضغط الدم كاد يودي بحياتي.

بدوره أكد العطار محمد رشيد من مدينة إدلب لموقع تلفزيون سوريا أن طب الأعشاب أثبت فعاليته في علاج الكثير من الأمراض موضحاً أن الكثير من الناس يفضلون التداوي بالأعشاب على أخذ الأدوية الكيماوية إلا أنه بين أن هناك من يعتقد أن الأدوية العشبية آمنة للغاية لأنها "طبيعية" لكنها في الحقيقة قد تكون ضارة أو سامة في بعض الأحيان إن لم يكن لدى العطار معرفة كافية عن مخاطر دمج الأعشاب.

الطب البديل ومخاطر استخدامه

وبين "رشيد" أنه يجب التشاور مع الطبيب لتوضيح استخدام العلاجات العشبية لأن بعض الأعشاب لديها القدرة على إحداث تفاعلات دوائية ضارة عند استخدامها مع بعض الأدوية الصناعية وبالرغم من ضرورة استشارة الطبيب عند أخذ دواء عشبي في بعض الأمراض إلا أن هناك أعشابا لها فوائد كثيرة، ودون مضاعفات يستخدمها العامة بكثرة مثل الميرمية لمعالجة الإنفلونزا، والبابونج، والنعناع لمعالجة آلام البطن، والزنجبيل والزعتر الأخضر كمضاد حيوي كما أن هناك أعشابا تعالج حالات الإدمان على الكحول والمخدرات وغيرها من الأعشاب المفيدة.

كما أكد الطبيب أحمد غندور لموقع تلفزيون سوريا أن العلاج بالطب البديل ليس له أساس علمي فبعض الأعشاب قد تكون سامة، وقد تؤثر على صحة الحوامل، وقد تحرض على الولادة المبكرة أو تسبب أذيةً لأعضاء الجنين أو الأم إن أعطيت بجرعة عالية.

 

مراكز من دون اختصاصيين

محمد نجار البالغ من العمر ١٨ عاماً من سكان مدينة الدانا التابعة لريف إدلب الشمالي يروي لموقع تلفزيون سوريا معاناته من جراء تعرضه لحروق بالغة في أثناء فترة الحرب، وهو المعيل الوحيد لأسرته التي تتكون من خمسة إخوة، بينهم أخت من أصحاب الاحتياجات الخاصة وأم وأب لديه فشل كلوي قائلاً: "منذ أربع سنوات تعرضت لحروق بالغة من الدرجة الثالثة في وجهي وذراعيّ وقدميّ أثناء قيامي بإشعال المدفأة بالفيول. وقد أسعفت إلى مشفى في تركيا، وأجريت لي عمليات عدة في ذراعيّ لكن الجلد كان قد التصق، ولف بالشاش فترة طويلة مما تسبب لي بضمور العضل وتيبس في الأعصاب لتوقفها عن الحركة لفترة طويلة".

آمال الشفاء

وأضاف بعد فترة العلاج في المشفى أكد لي الطبيب ضرورة متابعة العلاج بالطب البديل "المعالجة الفيزيائية" كي أستطيع تحريك ذراعيّ، وإعادتها للعمل مجدداً. فبدأت البحث عن مراكز طبية للخضوع للعلاج الفيزيائي المجاني وبسبب الوضع الاقتصادي السيئ الذي كنا نمر به لم أتمكن من الذهاب إلى مراكز علاج فيزيائي يشرف عليها مختصون فلم يكن أمامي سوى بعض المراكز التي كان يديرها أشخاص لا نعرف مؤهلاتهم، ولكنها رخيصة نسبياً.

وأضاف النجار كان مركز العلاج عبارة عن دكان صغير يحتوي على بعض المعدات البسيطة يديره شخص متدرب كان يعمل ممرضاً في أحد المشافي، وبعد خضوعي لعدد من الجلسات على مدار أربعة شهور لم أشعر بأي تحسن بل على العكس كنت أشعر أن تلك الجلسات كانت أقرب إلى جلسات التعذيب منها إلى جلسات علاج فيزيائي فتركت العلاج على أمل أن أحظى بعلاج لدى مركز مختص.

ضرورة العلاج الفيزيائي

بدوره أكد الطبيب "غندور" لموقع تلفزيون سوريا أنه من الضروري جداً الخضوع للعلاج الفيزيائي خاصةّ في حالات الحروق، وبعد العمليات إذ إنها تترك ندبات بعد الشفاء، وقد تؤثر هذه الندبات على حركة المفاصل، وحركة الجسم فقد تسبب عجزاً في أحد أعضاء الجسم فتعيق الحركة وبالتالي يصبح المريض عاجزاً عن العمل أو القيام بأقل مجهود فهو ضروري جداً يساعد على تحسن المريض بشكل سريع، وأضاف غندور أن المريض الذي تعرض لعمليات يكون قد تعرض لأذية التخدير وهذا يؤثر على عملية التنفس فالعلاج الفيزيائي يساعد على طرح أدوية التخدير بشكل كبير، وينشط الدورة الدموية، وبالتالي يختصر فترة العلاج، ويعجل بالشفاء.

 

وسائل التواصل وسيلة لترويج الدجل

تحولت الفضائيات، ووسائل التواصل الاجتماعي لساحة خصبة للترويج، وذلك باستضافة من يدعي أنه مختص علاج بالأعشاب الطبيعية، من أجل شفاء بعض الأمراض المستعصية العضوية، والنفسية عن طريق الدجل.

فقد يضطر المريض لشراء مجموعة من الأعشاب باهظة الثمن لإتمام طقوس الدجل، والشعوذة الخاصة ولم يتوقف الأمر عند الطبقة الجاهلة أو الفقيرة إنما تعداها إلى شخصيات من طبقات لديها مؤهلات علمية.

كما حدث مع سمر البالغة من العمر ٢٩ عاماً من مدينة معارة، التابعة لمحافظة إدلب، والتي رفضت الإفصاح عن اسمها الكامل لأسباب خاصة تروي لموقع تلفزيون سوريا معاناتها مع أحد الأشخاص الذي ادعى أنه يعمل بالطب البديل، وإبطال السحر باستخدام الأعشاب الطبيعية فوقعت في فخ نصب، واحتيال لمدة طويلة.

وأوضحت سمر أنه نتيجة ليأسها من العلاج لدى الأطباء بدأت تلجأ للطب البديل، وأضافت بعد مضي أربع سنوات على زواجي دون أن أتمكن من الإنجاب رغم مراجعتي لعدد من أطباء النسائية، بدأت أبحث عن أي بارقة أمل في أن أتمكن من إنجاب طفل ويبعد عني شبح زوجة ثانية يهدد بها زوجي، وأهله، فدلتني إحدى قريباتي على شخص قالت إنه يستطيع حل مشكلتي من خلال السحر فبدأت التردد عليه لمدة ستة شهور دفعت خلالها مبالغ كبيرة ثمناً لأعشاب كان يدعي أنها ضرورية لإتمام العمل وكان يقرأ فيها تمتمات لم أكن أفهم معظمها كما كان يعطيني بعض الأعشاب، ويطلب مني أن أشرب منقوعها، وأرش بعضها على أماكن في البيت، ولكنني لم أستفد شيئاً من تلك الجلسات".

وأوضحت سمر في بداية الأمر، ونتيجة قناعتي بقدرات هذا الشيخ كنت أشعر براحة نفسية عقب الجلسات التي أحضرها عنده، ولكن في آخر شهر بدأت أشعر كم كنت مغفلة، وأنني أبدد أموالي على دجال يبيعني الوهم.

لا أساس علمياً يستند إليه

بدوره أكد الطبيب غندور أن الطب البديل هو الطب الشعبي الذي لا يعتمد على أسس في العلاج بل على عادات، ومعتقدات قديمة شعبية ليس لها أي أساس علمي مثبت أو مدروس وهو بخلاف الطب الحديث التقليدي الذي يعتمد على أسس علمية في التشخيص وفي العلاج والوصفات فقد تؤثر على قناعة المريض كأن يكون مؤمناً بشكل كبير في علاج الطب البديل، ويهمل علاجه الحقيقي وهذا قد يطور حالة المريض، ويفقد فرصته في النجاة، والشفاء.

وتابع غندور أن قسماً ممن يمارسون الطب البديل يفتقدون إلى المنطق، والعلم، ممن يقومون على نوع من الشعوذة وأشار إلى أن العامل النفسي في كثير من الأمراض خاصة الأمراض التي ليس لها أساس عضوي  الناجمة نتيجة توتر أو ضغط نفسي تسبب للمريض صداعاً منشؤه نفسي، ويكون المريض مهيّأً لتقبل هذه الحالات فيخضع لعدة جلسات، ويقتنع كونه عاطفيا بطبعه فيروج لهذا الشخص الذي يقوم بالدجل رغم أنه ليس له أساس علمي.