icon
التغطية الحية

الطبابة في دمشق.. قطاع متدهور وأجور تثقل كاهل الأهالي

2021.11.19 | 10:41 دمشق

afp_9746kx.jpg
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

يشهد القطاع الطبي في المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد، كحال القطاع الاقتصادي، تدهوراً فرض واقعاً تعجيزياً على السكان حتى بات دخول المشافي أو العيادات لتلقي العلاج ضرباً من المستحيل بالنسبة لفئة واسعة.

"اعتني بنفسك جيداً، فالإصابة بمرض يحتاج تدخلاً طبياً قد يكلف المرء حياته"، تقول لمياء عتوم (مستعار) وتضيف: "تلقي العلاج في المشافي العامة بات صعباً للغاية مع امتلائها بمصابي كورونا، أما زيارة المشفى الخاص فتحتاج إلى ميزانية مفتوحة، أجور الليلة الواحدة فيها تكفي لسد رمق عائلتين لشهر كامل، ويزيد".

وتابعت: "أصيب أبي بنزلة تنفسية حادة نتيجة التهاب الرئة الذي يعاني منه، وبعد أن أسعفناه إلى مشفى الرازي الأقرب إلى منزلنا، فوجئنا بأن الليلة الواحدة تكلّف مليون ليرة سورية"، : "لم نستطع إدخاله، عدنا إلى المنزل ووضعنا له الأوكسجين واعتنينا به بأنفسنا".

مئة ألف ليرة سورية هي الحد الأدنى لفتح إضبارة دخول إلى أي مشفى خاص في العاصمة، دون احتساب تكاليف العلاج أو المبيت، في حين يزداد المبلغ بنسب متفاوتة تبعاً للمنطقة وتقييم المشفى، لتتحول الطبابة مع الوقت إلى "رفاهية" قليلون من يعيشونها.

كم تبلغ تكاليف العمليات في مشافي دمشق الخاصة؟

سعاد رستم (مستعار)، تنحدر من إحدى بلدات ريف دمشق، قالت: "قبل أيام تعرّض أخي لحادث على دراجته النارية أدت لكسر ساقه، أسعفه صديقه إلى مشفى قريب لكن إدارتها رفضت إدخاله قبل فتح إضبارة ودفع 200 ألف ليرة".

وأضافت في تصريح لموقع تلفزيون سوريا أن أخيها وصديقه انتظرا في المشفى لمدة حتى تمكنت العائلة من تأمين 4 ملايين ونصف ليرة، وهو ثمن فتح الإضبارة مع أجور وضع "صفيحة" في قدمه المكسورة.

وذكرت أن عملية كهذه لم تكن تكلف سابقاً كثيرا من المال، بأسوأ الأحوال قد تصل أجورها إلى 100 ألف ليرة، "الأرقام أصبحت خيالية. كيف يمكن لميسور الحال الذي لا يملك مبلغاً كهذا أن ينجو؟".

من جانبه قال حسن (مستعار) وهو طبيب يعمل في مشفى خاص بدمشق إن أجور العمليات الجراحية تتفاوت بحسب مدى تعقيدها، إذ تكلّف العمليات البسيطة مثل إزالة الزائدة الدودية وتفتيت الحصى 200 – 300 ألف ليرة، في حين تصل أجور عملية المرارة إلى 500 ألف، والمرارة التنظيرية إلى مليون ليرة، وهو المبلغ نفسه الذي تحتاجه عملية المجاري البولية.

وأضاف أن ارتفاع أجور العمليات وانخفاضها يعود إلى الطبيب الذي يجريها والمشفى الذي تُجرى به، مشيراً إلى أن الحد الأدنى لأجور عمليات كبيرة مثل القلب أو الأعصاب هي 5 ملايين ليرة.

وأشار إلى أن عمليات تصحيح البصر بالليزر تحتل موقعاً ضمن قائمة العمليات عالية الكلفة، وتتراوح ما بين 800 إلى مليون ليرة سورية.

العيادات الخاصة.. شهرة الطبيب تحدد قيمة معاينته

تتفاوت أجور المعاينات الطبية بين دمشق وريفها بشكل ملحوظ حتى إنها تكاد تتضاعف، إذ تتراوح ما بين 10 و25 ألف في الريف، في حين تصل إلى 40 – 50 ألفاً في العاصمة، بحسب ما ذكر الطبيب سومر علّام (مستعار)، وأضاف: "يبقى الأطباء الأكثر شهرة هم الأعلى أجراً".

وذكر الطبيب علّام أنه لا أجور ثابته أو معممة من قبل وزارة الصحة بالنسبة للمعاينات، "وحتى إن كان فلن يلتزم بها أحد، فالأطباء يأخذون بعين الاعتبار في وضع أجورهم المنطقة التي يعملون بها، وأجر عيادتهم، والمواد الطبية التي تلزمهم لمعاينة المرضى، إضافة إلى تكاليف الماء والكهرباء وغيرها، ونظراً للغلاء الفاحش اليوم، فلا يمكن للطبيب أن يخفّض أجره أو يكتفي بمبالغ رمزية لأنها ستصبح مهنة خاسرة بالتأكيد"، حسب تعبيره.

وأضاف: "لا يمكن وضع معدل وسطي لأجور المشافي والعيادات الطبية فالتفاوت كبير جداً، كما أن المشافي ترفع الأجر بحسب عدد الحالات التي تدخلها، مع الأخذ بعين الاعتبار الربح اللازم تحقيقه وتغطية المصاريف".

طبابة الأسنان "بالدولار"

لا تختلف أجور أطباء الأسنان عن غيرهم من أصحاب الاختصاصات الأخرى، ففي الأرياف تبدأ الأسعار من 12 ألفاً لقلع الضرس، بينما تتراوح أسعار التصليحات السنية ما بين 35 و100 ألف ليرة سورية للسن الواحد بحسب المواد المستخدمة، كما قد تصل كلفة التنظيف إلى 30 ألفاً، ويبدأ سعر التقويم من 300 ألف، ويزيد.

أما في العاصمة، فأجرة قلع الضرس تبدأ من 20 ألفاً، والتصليحات السنية ما بين 40 - 100 ألف ليرة، في حين تتراوح أسعار التقويم ما بين 500 ألف ومليون ليرة، مع تباين بالأسعار بين طبيب وآخر وفقاً للمنطقة، حتى إن بعضهم يرفضون تقاضي الأجور بالليرة السورية ويطلبون الدولار حصراً.

وتحتل زراعة الأسنان والعمليات التجميلية رأس القائمة من حيث الأجور، إذ تكلّف زراعة السن الواحد نحو مليوني ليرة، في حين تبقى العمليات التجميلية الأغلى لتصل إلى 5 و6 ملايين.

وتبعاً لكل ما سبق، لم يعد الإسراع إلى الطبيب أو المشفى في حال وقوع وعكة صحية أمراً طبيعياً، بل بات الطبيعي هو إيجاد طريقة للتحايل على المرض عبر حلول بدائية، إذ باتت الحالة المرضية تشكل معضلة حقيقة بالنسبة للقاطنين في مناطق سيطرة النظام، وتترافق مع حسابات مادية تثقل كاهل الفرد وتحمّله عبئاً يعجز في معظم الأحيان عن مجابهته.