icon
التغطية الحية

الطائفة والفقراء.. أوراق "مخلوف" في الساحل السوري

2020.05.30 | 18:59 دمشق

photo_2020-05-30_16-12-39.jpg
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

يشكل الساحل السوري منذ سنوات طويلة مصدر قوة لنظام الأسد الذي استطاع في سنوات الثورة السورية تأجيج مؤيديه واستخدامهم في حربه ضد باقي المناطق السورية، إلا أن أزمة النظام الأخيرة مع رامي مخلوف أحدثت انشقاقا واضحا في حاضنته الشعبية وأثارت تساؤلات عديدة حول نقاط القوة التي يعتمد عليها رامي مخلوف في تحديه للنظام، ومآلات الوضع الذي سينتهي إليه هذا التصعيد.

ومع خطاب عاطفي موجه لطبقة الفقراء من الموالين الذي ضاقت بهم الأوضاع الاقتصادية، استطاع "مخلوف" كسب تأييد واضح بين مؤيدي النظام في الساحل السوري، مستغلا المساعدات المالية التي كان يقدمها عبر "جميعة البستان الخيرية" للفقراء، والتي يتذرع بها مؤيدوه والمدافعون عن فساده للقول إن "مخلوف على الأقل ساعد الفقراء على عكس التجار الفاسدين الآخرين".

مصادر قوة:

ومع تأييد شعبي لا بأس به في الساحل السوري يملك رجل الأعمال أيضا ولاء من قبل ميليشيا متنفذة عملت لسنوات بتمويله ودعمه وهي ميليشيا البستان التي وصل عدد مقاتليها إلى ما يقارب 1800 مقاتل قبل أن يتم حلها.

وبالإضافة إلى الميليشيا المسلحة يملك آل مخلوف نفوذا واسعا في "الحزب السوري القومي الاجتماعي" الذي تم حله نهاية العام الماضي بقرار من محكمة الاستئناف المدنية في دمشق.

وترافق حل الحزب مع بداية ظهور صراع "مخلوف" مع النظام وحجز أموال الأخير، ويتبع للحزب السياسي ميليشيا مسلحة هي "نسور الزوبعة" التي شاركت في المعارك إلى جانب قوات النظام.

في السياق ذاته تشكل عائلة مخلوف في الساحل السوري ونفوذها الأمني والاقتصادي الذي تعاظم بشكل أكبر منذ استلام حافظ الأسد للسلطة قوة لا يستهان بها، وتؤكد مصادر مطلعة في الساحل السوري فضلت عدم ذكرها لأسباب أمنية أن الساحل السوري "مهدد بشكل كبير بانقسام وشرخ بين عائلات الطائفة العلوية نتيجة لهذا الصراع".

ودخلت عائلة الأسد منذ توليها للسلطة بصراع مع عائلات وعشائر في الساحل السوري مثل "آل خير بيك"، و"آل جديد" و"آل شاليش" و"آل عجيب"، والآن "مخلوف" وهي عائلات كبيرة ولها حضورها بشكل كبير في القرداحة وجبلة على الأخص.

ولا تشكل هذه العائلات ثقلاً سكانيا وامتدادا عشائريا في المنطقة فحسب وإنما لها أتباع وموالون ضمن الأجهزة الأمنية والعسكرية في قوات النظام.

وفي آخر التطورات المستجدة المتعلقة بهذا الأمر أكدت مصادر محلية في مدينة جبلة لموقع تلفزيون سوريا اعتقال أجهزة أمنية خلال الأيام الأخيرة كل من عمار نجيب، وهو ابن خالة بشار وابن عمة رامي مخلوف، بالإضافة إلى استدعاء رؤساء سابقين لبلدية المدينة تعاقبوا على المنصب لسنوات وهم كل من زكي نجيب (قريب لعمار نجيب و مدير مرفأ طرطوس سابقا) إضافة للمهندسين فايز الزيات وبلال مثبوت الذين كانوا رؤساء سابقين لبلدية المدينة.

وتعكس هذه التطورات على ما يبدو تخوف النظام من أي تحركات لعائلة مخلوف في الساحل السوري، لا سيما مع ورود أنباء عن اغتيال ضابط كبير مقرب من عائلة مخلوف هو العميد علي حامد علي مدير نادي ضباط شاليهات اللاذقية سابقا.

أسباب تأييد مخلوف:

من جانب آخر عكست صفحات وسائل التواصل الاجتماعي في الساحل السوري خلال الفترة الماضية بشكل واضح ميل عدد كبير من موالي النظام للدفاع عن مخلوف.

وتسود آراء في الساحل السوري أن "مخلوف" لم يقصر تجاه الفقراء وجرحى قوات النظام وقدم لأبناء منطقته الكثير، على عكس باقي التجار.

وحول أسباب هذه الرؤية قال مسؤول "لجان التنسيق المحلية" في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي إن  رجل الأعمال وقريب آل الأسد نجح بخطاباته التي أكد فيها على دعم فقراء أبناء الطائفة على استعطاف الناس، مشيرا إلى أن عمل الجمعية خلال السنوات الماضية وتركيزها بشكل واضح على مساعدة "فئة معينة" من أهالي الساحل السوري، ساهم في أخذ المسألة بشكل "طائفي" وليس شخص مخلوف بعينه.

وأوضح "جبلاوي" أن إقحام اسم أسماء الأسد في هذا الصراع بدلا من بشار ساهم في تغذية هذه الفكرة، وإظهار الأمر وكأنه محاولة لنقل أملاك رجل أعمال داعم لأبناء الطائفة إلى أقرباء زوجة الرئيس من طائفة أخرى.

إلى أين تتجه الأمور؟

وفي ظل تعقد الأمور في الساحل السوري يبرز العديد من التساؤلات حول مآلات الصراع الأخير وقدرة مخلوف على إحداث أي تأثير على عائلة الأسد.

وفي هذا السياق رأى النقيب المنشق عن قوات النظام عبد الرحمن شيخاني أن طريقة تعامل النظام مع "مخلوف" حتى اليوم وظهور الأخير بهذه التفاصيل إلى العلن وهو أمر غير معتاد في سوريا يظهر أن "مخلوف يمتلك أوراقا سواء محلية أو دولية، تجعله يغامر بإظهار رفضه للقرارات".

ويضيف "شيخاني" في حديثه الخاص لموقع تلفزيون سوريا أن تصفية مخلوف "غير واردة" في هذه الظروف "لأن من يعلم وضع الساحل السوري وخاصة في ظل هذه الأوضاع يدرك أن الأسد لن يغامر بإحداث انشقاق كبير في حاضنته الشعبية".

وتوقع الضابط المنحدر من ريف اللاذقية أن يصل الطرفان لحل وسط خلال فترة قصيرة تحد من خسائر كليهما وربما يتم خروج مخلوف إلى دولة أخرى مقابل تخليه عن شركاته وأملاكه.

وكانت شبكة "سانا جبلة" المعارضة للنظام نشرت قبل أيام معلومات تتحدث عن انتشار عبارات مناهضة لرئيس النظام بشار الأسد وزوجته كتبت على جدران ومنصفات طرق في قريتي العيدية والبرجان بريف جبلة (مسقط رأس رامي مخلوف) وسط انتشار أمني كثيف.