icon
التغطية الحية

الطائرات المسيرة.. طريقة تركية للتمسك بمطلب إبعاد "قسد" عن حدودها

2022.08.08 | 14:07 دمشق

المسيرات التركية
التصعيد التركي ضد مواقع "قسد" في سوريا - الأناضول
+A
حجم الخط
-A

شهدت مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) تصاعداً في العمليات العسكرية التركية الجوية منذ قمة رعاة أستانا (روسيا وتركيا وإيران) في 19 تموز الماضي، بالتزامن مع نبرة جديدة لتركيا نحو النظام السوري، على لسان وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، الذي أعرب عن استعداد انقرة لدعم النظام دبلوماسياً ضد "قسد" بالشمال السوري.

وفي مؤشر على عدم وجود اتفاق بين النظام السوري و"الإدارة الذاتية"، نفت الأخيرة في 29 تموز، وجود أي لقاءات على المستوى السياسي مع النظام، وقالت في بيان جاء على لسان المتحدث باسم "دائرة العلاقات الخارجية" فيها، كمال عاكف، إنه لا لقاءات سياسية بين الإدارة و"مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) والنظام السوري.

وأكد الأمر ذاته بداية الشهر الجاري، صالح مسلم الرئيس المشترك لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD) الذي يعتبر بمنزلة الحزب الحاكم في "الإدارة الذاتية"، متهماً النظام بأنه يريد لمناطق سيطرة "قسد" أن تعود إلى ما قبل 2011.

خلال هذه الفترة كثفت القوات التركية من عمليات استهداف الأرض السورية، وأعلنت عبر بيانات منفصلة منذ انتهاء قمة طهران عن استهداف 73 عنصراً من "قسد" بالإضافة إلى القبض على واحد خلال محاولته التسلل إلى تركيا وقتل ثلاثة آخرين في عملية منفصلة.

كما أعلنت عن استهداف ثلاثة عناصر بارزين في "حزب العمال الكردستاني" (PKK) خلال عمليات خاصة في عين العرب والحسكة، بينهم القيادي نصرت تيبيش (Nüsret Tebiş)، المتهم بتفجير وقع في ولاية إسطنبول عام 2008، أدى إلى مقتل 18 شخصاً، بينهم 5 أطفال، وإصابة 154 آخرين.

وبالنسبة للعمليات الجوية بالطائرات المسيرة، قال مظلوم عبدي قائد قوات "قسد" عبر تغريدة في 30 تموز الماضي إن "الهجمات المسيرات التركية أسفرت منذ 20 من الشهر الحالي، عن مقتل تسعة مقاتلين من قسد وأربعة عناصر من قوى الأمن الداخلي (الأسايش)".

ونتيجة هذه العمليات الجوية خسرت "قسد" نائبة عبدي، المدعوة "سولى يسوك" التي قتلت مع ثلاث من زميلاتها بغارة جوية تركية من طائرة مسيرة شمالي الحسكة الشهر الماضي، وهو ما عزت به القيادة المركزية الأميركية في بيان، الأمر الذي أثار انتقادات لواشنطن من أنقرة.

وأحصى موقع "تلفزيون سوريا"، 9 عمليات تركية بالطائرات المسيرة استهدفت مناطق متفرقة في منطقة تل تمر والقامشلي في محافظة الحسكة، وتل رفعت وصرين وعين العرب بمحافظة حلب.

في السياق، سيرت في الفترة ذاتها الشرطة العسكرية 5 دوريات عسكرية في مناطق متفرقة من شمالي سوريا ثلاث منها مشتركة مع الجيش التركي في عين العرب شمال شرقي حلب والدرباسية شمالي الحسكة واثنتين منفردتين في منطقة اليعربية، بالمقابل أدخلت الولايات المتحدة الأميركية بذات الفترة ثلاث قوافل عسكرية توزعت على قواعد التحالف الدولي في المنطقة.

لماذا العمليات الجوية؟

يقول الصحفي إبراهيم الحبش لموقع "تلفزيون سوريا"، إن القصف الجوي التركي لمواقع "قسد" والاستهداف المتكرر لقادتها العسكريين في الفترة الأخيرة، هو طريقة تركية للقول لرعاة مسار أستانا أي روسيا وإيران، إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية إنها غير موافقة على بقاء الوضع كما هو عليه شمالي سوريا، وبالتالي استمرار الخلل الأمني الذي أعربت الدول الثلاث سابقة الذكر عن تفهمه.

ويضيف الحبش وهو مدير موقع الخابور المحلي الذي يغطي أخبار شمالي سوريا، إن تركيا، عن التصريحات التركية الرسمية التي تكشف استهداف قادة ميدانيين وعسكرين كبار بينهم أعضاء في "العمال الكردستاني" متورطين بجرائم في تركيا، هو مقياس فعالية هذه الضربات من عدمه بالنسبة لأنقرة، التي تريد الضغط أكثر على واشنطن وموسكو لتنفيذ اتفاق إبعاد "قسد" عن حدودها، معتبراً أن نتائج العمليات بالنسبة لأنقرة جيدة دون أن تكون كافية، بالنهاية "PKK" يخسر قادته ولكنه ما زال يسيطر على الحدود ما يعني بقاء القلق الأمني.

وتسببت ضربات المسيرات التركية بخسائر كبيرة لـ"قسد" بصفوف القادة الميدانيين على خطوط الجبهات، ما سيؤدي بالتأكيد إلى إحباط معنويات قادة وعناصر "قسد" والحد من تحركاتهم ونشاطهم الميداني، بحسب العقيد فايز الأسمر.

ويضيف الأسمر بحديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن المخابرات التركية تخترق بشكل كبير مناطق سيطرة "قسد" ناهيك عن وسائط الاستطلاع الجوي، التي تمد القيادة التركية بمعلومات دقيقة عن تحركات قادة "قسد"، ما سهل مهمة الطائرات المسيرة وجعل منها التكتيك العسكري المناسب في ظل ممانعة روسيا وأميركا شن عملية برية تركية ضد "قسد".

ماذا عن النظام السوري؟

وكحل لمواجهة الحصول على ضوء أخضر بشن عملية برية عسكرية ضد "قسد"، أعربت تركيا على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، في 27 تموز، عن استعدادها عن تقديم كل أنواع الدعم السياسي للنظام السوري في مواجهة "قسد".

والموقف الأخير لم يعجب الجيش الوطني السوري الحليف الرئيسي لتركيا على الأرض في سوريا، حيث أعلن قائدان بـ "الوطني" هما مهند الخلف الملقب بـ "أبو أحمد نور"، القائد السابق لفصيل "الجبهة الشامية" والقيادي الحالي بالفصيل، وقائد فصيل "حركة التحرير والبناء" العقيد حسين الحمادي، رفضهما في تغريدات على تويتر لهذه التصريحات.

 إلا أن مصدرا من الجيش الوطني السوري قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن تصريحات الوزير التركي سياسية وتأتي في إطار "الحاق الكذاب لورا الباب" بمعنى، أن أنقرة تدرك أن النظام لا يستطيع إبعاد "قسد" وإعادة الأمور إلى ما قبل 2011 خاصة وهي تعلم طبيعة العلاقة  بين الطرفين والثقة المتبادلة التي دفعت النظام إلى تسليم المناطق الحدودية للعدو الأول لتركيا بسبب مواقفها الداعمة للثورة السورية.

وأكد المصدر، أن تركيا تنتهج سياسة النفس الطويل حتى يأتي الظرف المناسب لشن عمليتها الخاصة في سوريا، ولعل العمليات التركية السابقة ضد "قسد" خير دليل على ذلك فهي لم تبدأ فجأة ومباشرة، بل سبقها الكثير من التحضير السياسي والعسكري، معتبراً أن هذه العملية ستكون الأخيرة والأكبر وأنقرة تريد لها أن تحدث دون معارضة دولية لضمان نجاح مشروع إعادة السوريين.

بدوره العقيد الأسمر، يرى أنه بظل الوجود الأميركي شرقي الفرات، فلن تستطيع روسيا والنظام السوري العمل والتحرك بحرية، موضحاً أن "قسد" تقع تحت السيطرة الأميركية بالكامل وواشنطن هي التي تمنعها من الوقوع بحضن النظام بشكل كامل، رغم العلاقة الجيدة بينهما، ما يعني أن الأمور سوف تبقى كما هي عليه شرقي الفرات بالمدى المنظور وبالتالي بقاء المخاوف الأمنية التركية.

ويشير العقيد المنشق عن قوات النظام السوري، إلى أن أقصى ما تستطيع روسيا والنظام الحصول عليه من "قسد" هو انتزاع تل رفعت ومنبج منها بالتراضي باعتبار أن منطقة غربي الفرات خاضعة بدرجة أقل للنفوذ الأميركي، تحت التهديد بالعصى التركية الغليظة.

في سياق ذلك، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال عودته من قمة جمعته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي الروسية، في 6 آب الجاري، إن "بوتين يواصل انتهاج مقاربة عادلة تجاه تركيا بهذا الخصوص، ويؤكد أنه يقف إلى جانب تركيا دائماً في مكافحة الإرهاب، وفي الوقت ذاته يلمح إلى أنه في حال سلكت تركيا طريق التعاون مع النظام في سوريا لحل هذه المسائل فإن ذلك سيكون أكثر صواباً، طالما كان ممكناً".

وأشار أردوغان إلى أن جهاز الاستخبارات التركي على تواصل مع مخابرات النظام السوري حول هذا المسائل بالفعل لكن المهم هو الوصول إلى نتيجة، مضيفاً: "نحن نقول لروسيا إن كانت التنظيمات الإرهابية لا تزال تصول وتجول هناك رغم قيام جهاز استخباراتنا بهذا العمل مع المخابرات السورية فيتعين عليكم دعمنا بهذا الخصوص. ولدينا تفاهم بهذا الشأن أيضاً".