icon
التغطية الحية

الصين وروسيا والسعودية.. حرب بالوكالة داخل مجلس حقوق الإنسان

2020.12.01 | 05:58 دمشق

29un-rights1-jumbo-v2.jpg
نيويورك تايمز- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

غالباً ما يتم الاختيار السنوي لمن سيقوم بقيادة دفة أعلى منظمة أممية لحقوق الإنسان بكل هدوء وبالإجماع، وعلى مدار أشهر بدا من اختير لهذه السنة وكأنه يتبع ذلك السيناريو.

ولكن قبل أسبوع فقط، ظهر سباق غير متوقع على رئاسة تلك المنظمة لعام 2021، أي مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فهذا المنصب الذي يهيمن على هيئة تشتمل على بعض أسوأ المنتهكين لحقوق الإنسان في العالم بالرغم من أن اسمها يناقض ذلك، يتم تداوله حسب المنطقة، وكان من المزمع أن يشغله خلال السنة المقبلة أحد أعضاء كتلة دول آسيا والمحيط الهادي.

إلا أن النزاع الذي قام على رئاسة ذلك المجلس حرض بعض أقوى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ضد دول صغيرة في جزر المحيط الهادي، فتبين بأن تلك الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تتنافس على النفوذ تحسباً من قدوم إدارة أميركية جديدة قد تقرر العودة لهذا المجلس.

إذ طوال الأشهر الماضية كان المرشح الوحيد الذي تم الإعلان عنه لقيادة ذلك المجلس خلال السنة المقبلة هي مندوبة فيجي في الأمم المتحدة السيدة نزهت شاميم خان، وهي أول قاضية مثلت بلادها في المحكمة العليا، كما شغلت منصب النائب العام وعملت دبلوماسية نالت احترام الكثير من الدول الغربية.

ولكن قبل ثلاثة أيام من انتهاء موعد تقديم الطلبات على هذا المنصب، رمى عضو آخر من تلك الكتلة التي تشملها تلك المنطقة، وهو البحرين بقبعته في تلك الدائرة، وطالب فيجي بالتنحي جانباً، ما أثار حالة من الصراع داخل المجلس.

فالبحرين معروفة بتحالفها الوثيق مع السعودية، التي يعتبر سجلها في مجال حقوق الإنسان الذي يتضمن عملية اغتيال المعارض جمال خاشقجي التي مولتها الدولة، سيئاً بما يكفي لتعرضها للهزيمة بصورة محرجة خلال هذا الخريف، عندما سعت لكسب مقعد فقط في ذلك المجلس. أما سوريا التي تعتبر عضواً في تلك الكتلة وتتحالف مع روسيا، فلديها سجل سيء الصيت حول تلك الانتهاكات، ومع ذلك تعهدت بقطع الطريق على فيجي ومنعها من الوصول لغايتها.

وفي معارضة لتلك التحركات أعلنت دورين دي بروم وهي دبلوماسية من جزر مارشال أي من دولة تنتمي لكتلة الهادي بأن ما جرى: "كان صدمة حقيقية، لأننا اعتقدنا بأن فيجي ستكون الاسم الوحيد المطروح".

أما الدبلوماسيون في جنيف فقد فسروا معارضة ترشح فيجي بأنها تصب ضمن الجهود التي تبذلها الصين وروسيا والسعودية لوضع رئاسة المجلس بيد دولة ترضخ لأوامر تلك الدول بما أن دور الولايات المتحدة بات يأخذ شكلاً جديداً في ظل إدارة بايدن القادمة.

وحول ذلك يعلق مارك ليمون وهو دبلوماسي سابق ومدير منظمة الحقوق العامة بالنسبة لمن يعارضون ترشح فيجي، فيقول: "أحس هؤلاء بأنهم يفقدون السيطرة، فالمسافات التي قطعوها ومستوى المكائد التي دبروها لسحب ذلك الكرسي يوحي بأنهم يراقبون بحذر عودة إدارة بايدن إلى السيطرة على المجلس"، وأضاف هذا الدبلوماسي بأن الصين على الأخص قد حاولت الاستفادة من غياب أميركا عن المجلس لتوسع من نفوذها فيه.

فمجلس حقوق الإنسان ومقره في جنيف تتلخص مهمته في تعزيز الحقوق وحمايتها ويضم ممثلين عن 47 دولة يتم انتخابهم ليشغلوا منصبهم لمدة ثلاث سنوات.

وبما أن فيجي كانت عضواً لمدة عامين، فقد دعمت التحقيقات حول الانتهاكات الموثقة في فنزويلا وبيلاروسيا وسوريا واليمن، عبر ذلك النوع من القرارات الخاصة بدول معينة والتي استنكرتها الصين وغيرها من الدول بشدة.

 

وأصبح لتلك المشكلة أصداء خاصة مع اقتراب عام 2021، حيث تأمل الحكومات الغربية من الولايات المتحدة أن تعود للانخراط في المجلس تحت إدارة الرئيس المنتخب جوزيف بايدن وذلك لملء الفراغ الذي ترتب على انسحاب ترامب من ذلك المجلس في عام 2018.

إذ تريد الحكومات الغربية من المجلس أن يراعي التغييرات التي يمكنها أن تشجع على عودة الولايات المتحدة للانخراط في المجلس بعدما نددت إدارة ترامب بالمجلس ووصفته بأنه بالوعة للتحامل على إسرائيل.

ولهذا يريد هؤلاء الدبلوماسيون من المجلس أن يعيد النظر في التعامل مع إسرائيل على أنها الدولة الوحيدة التي تمثل العنصر المعلق ضمن أجندته، ويأمل هؤلاء أن يتم طرح قواعد أشد صرامة بالنسبة لقبول العضوية في المجلس، وتلك مشكلة أخرى استشهدت بها إدارة ترامب قبل الانسحاب.

فعندما ينحاز رئيس المجلس لدول تعادي الإصلاحات عندها سيتحول هذا المنصب إلى عمل يتم من خلاله توجيه المجلس نحو أعمال ومشاريع أخرى يتم من خلالها تهميش المصالح الأميركية. وبالرغم من أن رئيس هذا المجلس لا يتمتع بسلطة مباشرة، إلا أنه بوسع الشخص الذي يشغل هذا المنصب أن يؤثر على أولويات منصبه وأن يحركها كيفما يشاء.

وقد ترأست هذا المجلس المندوبة النمساوية إليزابيث تيتشي-فيسلبيرغر خلال العام المنصرم، والتي عرف عنها مواظبتها واشتهرت بقيادتها للمجلس ببراعة. فقد تعرض المجلس لخطر الإغلاق عند انتشار جائحة كوفيد-19 لكنه أتم دورتين كاملتين بالرغم من ذلك، وساعد ذلك على التحرك للعمل على مواضيع وقضايا مهمة تتراوح ما بين العنصرية في الولايات المتحدة إلى انتهاكات حقوق الإنسان في فنزويلا.

وبعيداً عن أي تراجع قام رئيس وزراء فيجي السيد فرانك باينيماراما بإجراء اتصالات مع قادة في جزر المحيط الهادي وذلك لحشد الدعم لمرشحة بلاده.

وفي يوم الخميس الماضي أعلنت جزر مارشال عن رفضها لأي مرشح خلا مرشحة فيجي، وطالبت بعقد اجتماع لمجموعة دول آسيا والمحيط الهادي لتسوية هذا الموضوع. كما سارعت قطر التي تعتبر على خلاف مع السعودية بالإعلان عن معارضتها لترشح البحرين وسفيرها يوسف عبد الكريم بوتشيري.

وهذا قد يمهد لمرحلة التصويت من قبل تلك الكتلة خلال الأسابيع المقبلة.

 المصدر: نيويورك تايمز