icon
التغطية الحية

السينما من تعرية الاستبداد إلى تعرية الأجساد

2021.11.02 | 15:01 دمشق

2906bff6bb0ae8cd06aac745fec330a46bc91113.jpg
ياسر الأطرش
+A
حجم الخط
-A

يرى نجيب سويرس، مؤسس مهرجان الجونة السينمائي، أنه يقدم "ثقافة مصر ووجهها الحضاري" من خلال عروض الأزياء التي غلبت على مهرجانه في كل نسخه، وخصوصاً النسخة الأخيرة التي طُويت صفحاتها منذ أيام، مثيرة الكثير من الجدل حول عري الفنانات وملابسهن، وليس المحتوى السينمائي الذي من المفترض أن يكون مثار الجدل.

ويردف سويرس في هجوم استباقي، أن من يعترض أو ينتقد، فهو ظلاميٌّ رجعيٌّ ينتمي إلى القرون الوسطى، إلا أن مال الرجل ونفوذه لم يغنيا عنه من المنتقدين شيئا، فرأوا في مِهرجانه احتفاليةَ عُريٍ وخروجاً على تقاليد المجتمع والسينما، وتعميقاً للهُوَّة التي تزداد اتساعاً بين الناس وشاشتِهم، التي لم تعد شاشَتَهم بعدما صادرتها مجموعاتُ السياسة والمال، وجعلتها لأغراضها سِخرِيَّا.

الناقد والمنتج السينمائي المصري إمام الليثي، رأى في المهرجان نهجاً يتماشى والسياسة الراهنة في مصر ومعظم دول العالم العربي، مستغرباً أن يطغى مهرجان فرعي مثل "الجونة" على المهرجانات السينمائية الرسمية للدول، مثل مهرجان القاهرة السينمائي، ومؤكداً أن ذلك ليس صدفة، فكل شيء معدٌّ لنا سلفاً، وإن سحب البساط لصالح مهرجان الجونة وأشباهه يتأتى من استقطاب نجوم الصف الأول مصرياً وعربياً، وتخصيص جوائز وعطايا تفوق بأضعاف ما يُمنح في المهرجانات الرسمية الكبرى.

وإن كانت ظاهرةُ استعراضِ الأزياء في مهرجان الجونة عابرةً تنتهي بإسدال الستارة على أيامه ولياليه، فإنَّ التفصيل الأبرز الذي يستحق الوقوف عليه واستقراء دلالاتِه، هو موقف مالِكِيْ وصانِعي السينما الجديدة من الجمهور، فبعد أن كان النقاد والراؤونَ ينتقدون حِقبة شباك التذاكر أو "الجمهور عايز كدة" التي سادت منذ سبعينات حتى تسعينات القرن الماضي، دخلنا في العقد الأخيِ حِقبةَ إهمال الجمهور واستغبائه وفرض رؤيةٍ واحدةٍ شائهةٍ على عقله وذوقه، والذي يعترض يُرمى بتهمة الضعف في الشعور الوطني والظلامية، وربما دعمِ الإرهاب!.

وكذا حاول فنانو السلطة اتهامَ فيلم "ريش" وصانعيه بتشويه وجه مصرَ الحضاري، لأنه حفرَ قليلاً في ذاكرة الفقر والجوع، متناسينَ أنهم وأقرانَهم شاركوا في صناعة السينما الجريئة فيما مضى، أيامَ "بتوع الأوتبيس" و"العصفور" و"الليل الطويل" الذي ربما لم يغمض لهم فيه جفنٌ خوفاً من "زائر الفجر".

يقول الناقد الليثي: إن مرحلة السبعينات وما قبلها وبعدها تختلف عن المرحلة الراهنة بأن السلطات فيها -رغم دكتاتوريتها- كانت تسمح بقدر معين من "التنفيس"، وكانت السينما أحد أهم النوافذ لذلك، فسمحت سلطات العسكر في مصر وسوريا بشيء من ذلك، أو تغافلت عنه، لذا يمكن للمشاهد أن يرصد عدداً كبيراً من الأفلام التي انتقدت المرحلة بكل تفاصيلها، لكن غالباً ما كان يُسمح بنقد المرحلة السابقة فقط (انتقاد عبد الناصر في عهد السادات، والسادات في عهد حسني مبارك، وكذا..)، شذ عن ذلك قليل من الأفلام وهي وحدها التي يمكن أن نسميها أفلاماً سياسية صريحة، وفق الناقد الليثي، وعلى رأسها: فيلم "شيء من الخوف" للمخرج حسين كمال من إنتاج عام 1969، و"الليل الطويل" لحاتم علي عام 2009، وفيلم ريش للمخرج الشاب عمر الزهيري عام 2021، ويُرجع الليثي تفسيره إلى أن تلك الأفلام نقدت المرحلة ذاتها، وليس المراحل التي سبقتها.

ويرى الناقد، في حديثه ضمن برنامج ضمائر متصلة على تلفزيون سوريا، أن المرحلة الراهنة تمنع حتى سياسة "التنفيس" في السينما وغيرها، ذلك أن نظام السيسي في مصر مثلاً، رأى كيف تراكم النقد في الآداب والفنون حتى استحال غضبة شعبية عارمة أطاحت نظام حسني مبارك.

ويبدي الليثي نظرة تشاؤمية أو ربما واقعية، تقول بأن ظواهر فنية "تنفيسية" محسوبة على السلطات بقوة، مثل عادل إمام ودريد لحام، لم يعد مسموحاً بها في زمن الرأي الواحد، زمن "ما أريكم إلا ما أرى"!.

 

كلمات مفتاحية