icon
التغطية الحية

السيناريوهات المتوقعة في إدلب بعد قمة أنقرة

2019.09.18 | 18:09 دمشق

رؤساء تركيا وروسيا وإيران خلال قمة أنقرة (الأناضول)
تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

اختتمت الدول الضامنة لمفاوضات "أستانا" المتعلقة بسوريا قمة ثلاثية احتضنتها العاصمة "أنقرة" في السادس عشر من شهر أيلول الحالي ببيان عام يكرر خطوطا عريضة لم تكن يوماً محل خلاف بين تركيا وروسيا وإيران، وهي "وحدة الأراضي السورية واستقلالها" و"محاربة التنظيمات الإرهابية" مع احتفاظ كل طرف بمفهومه الخاص حول "الإرهاب" في سوريا، بالإضافة إلى التأكيد على حل الملف السوري بالطرق "السياسية وليس العسكرية".

البيان الختامي لقمة أنقرة لم يقدم أي بنود تفصيلية عن مستقبل "إدلب" التي يعيش سكانها في حالة ترقب وانتظار منذ إعلان موسكو لوقف إطلاق النار من جانب واحد مطلع الشهر الحالي، الأمر الذي فتح الباب واسعاً للتكهن بما توافق عليه الضامنون في اجتماعهم.

وفي وقت كان الهدف المعلن من القمة هو نقاش مصير إدلب، لكن منطقة شمال شرق سوريا (شرق الفرات)، كانت حاضرة بشكل أقوى على أجندة الاجتماع، حيث حازت على مساحة واسعة في النقاشات الثنائية بين تركيا وروسيا، كما أن المجتمعين تعمدوا توجيه رسائل مباشرة للولايات المتحدة في المؤتمر الصحفي، من خلال الحديث الصريح عن أن القوات التي تعمل تحت الغطاء الأمريكي "منظمة إرهابية".

 

حل ملف إدلب وفق تفاهمات

أفاد مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا أن قمة أنقرة شهدت تبادل المقترحات بين الرئيسين التركي "رجب طيب أردوغان" و الروسي "فلاديمير بوتين" من أجل معالجة وضع محافظة إدلب، وتضمن مقترح تركيا منحها الوقت الكافي لحل ملف التنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب، وفتح الطرقات الدولية بالاعتماد على فصائل "معتدلة"، والموافقة على تسيير دوريات مشتركة بينها وبين روسيا في منطقة منزوعة السلاح يتم الاتفاق على حدودها، إلا أن روسيا لم تبدِ الموافقة على ذلك وتحدثت عن ضرورة عودة "مؤسسات الدولة" في إشارة إلى الدوائر التابعة لنظام الأسد، بالإضافة إلى ضرورة اشتراك قوات الأسد في محاربة "التنظيمات الإرهابية" في إدلب.

وتمسكت تركيا بوجود نقاط المراقبة التابعة لها في منطقة إدلب، إلى حين التوصل لحل سياسي شامل حول سوريا، كما طالبت روسيا بضمان سلامة الجنود الأتراك الموجودين في تلك النقاط.

وتبرز عقبات عديدة أمام تحقق تفاهم حول إدلب أهمها هيمنة هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ على المنطقة، وعدم رغبتهم في تقديم أي تنازل من قبيل حل التنظيم أو ادماجه ضمن الفصائل الأخرى، الأمر الذي سيبقي على هذه الذريعة بيد روسيا لتستخدمها كلما أرادت التصعيد، يضاف إلى ذلك رفض مختلف الفصائل العسكرية المسيطرة على إدلب وكذلك الحاضنة الشعبية لفكرة عودة مؤسسات النظام لأنها ستكون بدايةً لتغلغله في شمال غرب سوريا، من خلال تكثيف نشاط ما يعرف بـ "لجان المصالحات" تحت غطاء عمل "المؤسسات المدنية".

 

الخيار العسكري

في ظل غياب التوافقات حول "إدلب" فإن الخيار العسكري يعتبر الأكثر ترجيحاً، خاصة وأن روسيا وبعد ما حققته من تقدم في الميدان، باتت مقتنعة أكثر من أي وقت مضى بقدرتها على حسم المسألة عسكرياً.

وتضع روسيا أهدافاً رئيسية لأي حملة عسكرية قادمة، وتتمثل في التقدم باتجاه تلة "كبانة" المطلة على "جسر الشغور" ثم التوغل باتجاه الأخيرة، بالإضافة إلى فتح محاور قتال باتجاه مدينتي "معرة النعمان" و "سراقب" التي تقع على طريق دمشق – حلب الدولي.

ومن غير المستبعد أن تكون الضواحي الواقعة غرب مدينة حلب كالراشدين والمنصورة من الأهداف التي ستعمل روسيا على التقدم باتجاهها، كونها ترغب في تأمين محيط حلب بشكل أكبر.

وتبدو خيارات أنقرة محدودة في مواجهة أي حملة عسكرية روسية جديدة محتملة، في ظل تعثر تفاهماتها مجدداً مع أمريكا حول منطقة "شرق الفرات"، واقتصار الأمر على تسيير دوريات مشتركة تتولى واشنطن تحديد مسارها دون انسحاب لـ "وحدات الحماية"، بالتالي من غير المحتمل أن تفكر بالصدام مع موسكو، بل على العكس من ذلك فقد تفكر تركيا بالعمل المشترك مع روسيا ولو مرحلياً بهدف زعزعة النفوذ الأمريكي في "شرق الفرات".

ورغم تعدد المؤشرات التي توحي بخيار الحرب في إدلب، إلا أنه من المستبعد عودة المعارك قبل حلول شهر تشرين الأول المقبل، والذي سيشهد انعقاد قمة رباعية بين تركيا وروسيا وألمانيا وفرنسا، حيث ترغب موسكو بالحصول على تنازلات من الدول المانحة في مسألة إعادة الإعمار، وبهذا السياق يمكن قراءة تصريحات "سيرجي لافروف" التي تحدثت عن "انتهاء الحرب" في سوريا، كمحاولة لإحراج المجتمع الدولي من أجل الانتقال للخطوة التالية.

ومن المحتمل أن تبدأ روسيا بالتلويح بالخيار العسكري وما قد يترتب عليه من موجات نزوح جديدة قبيل انعقاد القمة الرباعية بهدف الضغط لتحقيق مكاسب من دول الاتحاد الأوروبي، التي تخاف امتداد أزمة اللاجئين إلى حدودها، قبل أن تنتقل روسيا إلى العمليات البرية وذلك تبعاً للنتائج التي ستتمخض عن المفاوضات.