السوريون.. عودة بالإكراه وهجرة جديدة بالتجويع

2021.11.13 | 06:22 دمشق

allajyyn-alswryyn-fy-lbnan-780x470.jpg
+A
حجم الخط
-A

تكشف الورقة الأردنية التي وافق عليها الأميركان والروس بما يخص العلاقة مع النظام إلى أن المتوافقين عليها يرون أن لا حل في سوريا إلا من خلال القبول بالتعايش مع الوضع الراهن كونه ليس خياراً إنما علاجاً لمخاوف الدول المجاورة كالأردن وفق تعبير وزير خارجيتها، وأما الآخرون فربما يدخلون في النفق نفسه تجنباً لصراعات داخلية فرضها عليهم معارضوهم كما يحصل في تركيا حيث يتم استغلال اللاجئين السوريين للحصول على أصوات الناخبين المذعورين من تردي أوضاعهم الاقتصادية مدفوعين بحملات ممنهجة عنصرية.

لا يخرج لبنان الجار عن ذلك التوافق لا لأنه محكوم بالهيمنة الإيرانية كما جاره السوري فقط بل لأن حكامه يريدون الفرار من مسؤوليتهم عن كارثته الإنسانية والاقتصادية بتحميل وزرها للاجئين السوريين، فتصدر اليوم على سبيل المثال بلدية رأس بعلبك قرارات جديدة تمنع السوريين من التجوال وتحدد أجورهم وتحرمهم من استقبال الضيوف من خارج مكان إقامتهم.

الدنمارك الدولة الاسكندنافية المخملية تقوم بترحيل عدد من السوريين ومن في تبعيتهم من فلسطيني سوريا إلى مخيمات اللجوء بنية إعادتهم إلى وطنهم بذريعة الأمان الذي تمت استعادته

بالتوازي اقترح رئيس بلدية بولو التركية اتخاذ قرار يتضح من مضمونه أنه يستهدف السوريين بعد قرارات جائرة بمضاعفة ثمن استجرار المياه لغير الأتراك بحدود عشرة أضعاف، والمقترح يطالب فرض رسوم زواج على الأجانب في مدينته تصل إلى 100 ألف ليرة تركية (10.000 دولار أميركي)، وهو ما دعا المعارضة التركية إيلاي أكسوي لاعتباره نصراً لما سمتها الدولة التي يريدها الأتراك.

الدنمارك الدولة الاسكندنافية المخملية تقوم بترحيل عدد من السوريين ومن في تبعيتهم من فلسطيني سوريا إلى مخيمات اللجوء بنية إعادتهم إلى وطنهم بذريعة الأمان الذي تمت استعادته من قبل الحكومة السورية في دمشق وريفها، وتعرض على اللاجئين البقية الذين لا يتجاوز عددهم 20 ألف سوري مبالغ طائلة مقابل العودة الطوعية مباشرة، وهذا ما لم ينجح حتى الآن.

الورقة الأردنية وملحقها السري بحسب جريدة الشرق الأوسط في مبررات التقارب مع النظام تتحدث تحت عنوان –اللاجئين-: (لا يرجع أي من اللاجئين - أو حتى عدد متواضع منهم - إلى سوريا بسبب عدم تحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية في البلاد، ويتناقص التمويل الدولي للاجئين، فضلا عن المجتمعات المضيفة، مما يهدد الهياكل الأساسية لدعم اللاجئين).. وهذه حقيقية يراد منها باطل إذ تتناقص المعونات أو تتوقف عن لاجئين في لبنان والأردن وتركيا والعراق في إطار مدروس مع الدول المانحة للوصول إلى مبررات الدفع باتجاه التوافق مع النظام وتمرير المساعدات عبره بعد دفع اللاجئين للعودة من خلال التضييق عليهم.

لكن في المقابل يتم الدفع بعشرات الآلآف من السوريين لمغادرة بلدهم نتيجة المعاناة الاقتصادية وانعدام آفاق الحل السياسي وسياسات التجويع، وهنا يبحث اللاجئون الجدد عن خيارات مختلفة تحددها أوضاعهم الاقتصادية منها الذهاب إلى بلد جار جديد لديه فرص عمل وتسامح كمصر التي أثبتت على مدار عشر سنوات أنها ملاذ يتوافق مع نمط عمل وحياة  السوريين ولم يتعرضوا فيها لأي مضايقات عنصرية أو على أرزاقهم، ومنهم من تم دفعه مرة أخرى إلى أوروبا عبر منافذ جديدة كإيران أو السفر مباشرة إلى بيلاروسيا وهنا بيت القصيد في استخدامهم بالضغط على أوروبا من قبل روسيا وحلفائها في سوريا وبيلاروسيا وإيران.

هذه صورة السنوات القادمة التي تعني مزيداً من الضغط على اللاجئين في الخارج وإمساك النظام بمفاتيح التمويل والمعونات والحل

المرحلة الثانية من الورقة الأردنية الإماراتية الإسرائيلية المسربة تتحدث عن: (تهيئة النظام لبيئة مواتية للعودة الآمنة للنازحين واللاجئين ومنح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حق الوصول الكامل إلى المناطق المعنية، بما في ذلك ضمان عدم اضطهاد العائدين وتسهيل عودة النازحين إلى ديارهم) أما المقابل فهو: (خطوات غربية تشمل اعتماد خطة المساعدة المرحلية للسوريين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، من خلال زيادة المساعدات الإنسانية بالتنسيق مع النظام، وتمويل مشاريع الإنعاش المبكر، وتمويل مشاريع إرساء الاستقرار وتنفيذها وتمويل برامج التعافي المبكرة الخاصة بالمساعدة لعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم ومدنهم وصياغة البرامج).. هذه صورة السنوات القادمة التي تعني مزيداً من الضغط على اللاجئين في الخارج وإمساك النظام بمفاتيح التمويل والمعونات والحل.

في حديث ودي ضاحك ساخر مع صديق يرغب بالخروج من سوريا انتهينا إلى النتيجة التالية أنه على كل سوري أن يعيش اللجوء والتشرد والفقر كي يصبح مواطناً صالحاً ذات يوم في جمهورية البعث التي يتم إعادة تلميعها وفق شعار إلى الأبد.