icon
التغطية الحية

السورية سبقت السويسرية اقتراعاً.. فكم نسب تمثيل المرأة في البرلمان تاريخياً؟

2025.10.07 | 08:14 دمشق

25425
انتخابات مجلس الشعب في 2025
دمشق - عبد الناصر القادري
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- تمثيل المرأة في البرلمانات العالمية والسورية: التمثيل النسائي في البرلمانات عالميًا لا يتجاوز الثلث، وفي سوريا، تمثل النساء 6 من أصل 119 نائبًا في مجلس الشعب لعام 2025، مما يعكس تحديات تاريخية.

- التطور التاريخي: منذ حصول المرأة السورية على حق الانتخاب في 1949، شهدت البلاد محاولات لزيادة تمثيل النساء في البرلمان، مع ارتفاع طفيف في عهد بشار الأسد إلى 13.2% في 2016، قبل تراجعها إلى 9.6% في 2024.

- التحديات والآفاق: التمثيل النسائي في سوريا يواجه تحديات بسبب آليات الاختيار، مع أمل في تحسينه عبر الإصلاحات السياسية والاجتماعية، رغم الأوضاع الأمنية والسياسية الصعبة.

يعد تمثيل المرأة في المجالس البرلمانية والتشريعية متدنياً على مستوى العالم بشكل عام، إذ لم يكن عدم وصول سوى 6 نساء من أصل 119 نائباً في مجلس الشعب السوري الجديد (2025) سوى استكمالٍ لهذه الصورة، خاصة أن وصول النساء إلى البرلمانات هو دون الثلث بالمتوسط عالمياً، وفي سوريا تعد النسب أدنى من المتوسط بفارق واضح.

ويوم الأحد (5 تشرين الأول 2025) أجرت سوريا في مرحلتها الانتقالية أول انتخابات تشريعية غير اعتيادية بعد إسقاط النظام وحل جميع مؤسساته السياسية والعسكرية والأمنية بما في ذلك مجلس الشعب، حيث تنافس 1578 مرشحاً ومرشحة موزعين على خمسين دائرة انتخابية على 119 مقعداً في مجلس الشعب (العدد اللازم 140 إلا أنه لم تجر الانتخابات في السويداء وشمال شرقي سوريا بسبب التوترات الأمنية) من أصل 210 مقاعد، حيث سيعيّن الرئيس أحمد الشرع الثلث المتبقي.

وحصلت محافظة حلب على 32 مقعداً، ودمشق على 10 مقاعد، وريف دمشق على 12 مقعداً، وحمص على 12 مقعداً، وحماة على 12 مقعداً، واللاذقية على 7 مقاعد، وطرطوس على 5 مقاعد، ودير الزور على 10 مقاعد، ودرعا على 6 مقاعد، وإدلب على 12 مقعداً، والقنيطرة على 3 مقاعد.

وكان لافتاً غياب النساء عن الأسماء المنتخبة في المدن الرئيسية مثل دمشق وحلب، في المقابل استطاع التمثيل النسائي أن يُحدث اختراقاً عقب فوز نور الجندلي عن دائرة حمص، بالإضافة إلى مؤمنة عربو عن حماة، ورنكين محمد عبدو عن عفرين، ولينا فهيم عيزوقي عن دريكيش والشيخ بدر، ومي ناجح خلوف عن صافيتا، ورولا عبد الله الداية عن اللاذقية.

وعن ذلك قال رئيس اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب السوري، محمد طه الأحمد، إن حصة المرأة لم تتجاوز 3% بعد عمليات فرز بطاقات الاقتراع، مشيراً إلى أن الرئيس أحمد الشرع سيعمل على تصويب الثغرات، وذلك من خلال اختياره لثلث أعضاء مجلس الشعب، وفق ما نص عليه الإعلان الدستوري، بحسب تلفزيون سوريا.

وأعرب الأحمد عن أسفه نتيجة لانخفاض التمثيل النسائي في مجلس الشعب، وقال: "مع الأسف، كانت حصة المرأة فقط 3% بعد عمليات الفرز".

ومن المهم الإشارة إلى أن هذا التقرير لا يناقش أسباب عدم انتخاب المرشحات لمجلس الشعب من قبل الهيئة الناخبة، إنما يستعرض حضور المرأة في البرلمانات السورية تاريخياً.

ورصد موقع تلفزيون سوريا بالعودة إلى المصادر تاريخ تمكن المرأة السورية من الانتخاب والترشح والعضوية في البرلمان، في إطار التدافع السياسي والاجتماعي الذي مرت فيه سوريا بتاريخها الحديث والمعاصر.

اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب
اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب

حق التصويت قبل دول أوروبية

لم يكن للمرأة السورية أي حضور سياسي في كل المجالس النيابية والتشريعية منذ انتخاب السوريين أول أمرهم في انتخابات مجلس المبعوثان العثماني عام 1876، ولا في المؤتمر السوري عام 1919 وكذلك الحال في كل المجالس البرلمانية والجمعيات التأسيسية التي شكلت في فترة الانتداب الفرنسي.

في حين تمكنت المرأة السورية من الحصول على حق الانتخاب في عام 1949، فكانت سوريا من أوائل الدول التي منحت المرأة هذا الحق، حتى إنّها سبقت عدداً من الدول الأوروبية المتقدمة في ذلك مثل اليونان (1958) وسويسرا التي تأخرت على المستوى الفيدرالي حتى عام 1971، وكانت سوريا أول دولة عربية توفر هذا الحق دستورياً قبل مدة طويلة من غيرها.

ايايب
البرلمان السوري في عهد الاستقلال

أول سورية تخوض التجربة

كانت ثريا الحافظ من أوائل النساء اللواتي تجرأن لخوض غمار السياسة، فبعد نيل المرأة لحقها بالانتخاب والترشح، تقدمت عام 1953 بطلب الترشح لشغل مقعد نيابي عن مدينة دمشق (الممتازة) كأول امرأة سورية، إلا أنها لم تحظ بثقة الناخبين رغم الدعم الكبير الذي حصلت عليه من الرئيس هاشم الأتاسي، ثريا الحافظ لم تكن المرأة الوحيدة بل تبعها بالترشيح لتمثيل السوريين في البرلمان، كل من عدوية الطباخ عن مدينة دمشق (الممتازة) وشهرزاد صوفان عن ريف دمشق، ولم تفز أي منهن.

في عام 1958 أعلن توقيع الوحدة بين سوريا ومصر، وأسس مجلس أمة اتحاد في الإقليمين الشمالي (سوريا) والجنوبي (مصر)، وعين رئيس الجمهورية العربية المتحدة جمال عبد الناصر سيدتين عن سوريا في المجلس جهان الموصلي من دمشق، ووداد أزهري من اللاذقية، واستمر عملهما في مجلس الأمة حتى حصل الانفصال عام 1961.

بعد الانفصال لم تتمكن النساء من العودة إلى البرلمان السوري في ظل الظروف السياسية المعقدة التي شهدتها سوريا في تلك المرحلة، حيث أدت الوحدة إلى حل الأحزاب السياسية وإغلاق العديد من الصحف وتآكل المجتمع المدني السوري، في الوقت الذي كان فيه عسكر حزب البعث يخططون لانقلابهم الجديد في آذار 1963.

ثريا الحافظ
ثريا الحافظ

في فترة البعث الأولى

في "المجلس الوطني للثورة" الذي أسسه قادة الانقلاب البعثي بين عامي 1965و1966 لم يعين أي امرأة، حيث كان عدد أعضائه 95 عضواً جميعهم من البعثيين وفي إنهاء كامل للعملية الديمقراطية التي كانت تجري في سوريا في فترة الاحتلال الفرنسي وبعد الاستقلال.

لكن في المجلس الثاني الذي أدخل عليه بعض التعديلات في شباط 1966، عين 9 نساء بعثيات من أصل 134 عضواً بنسبة (6.7 بالمئة) من بينهن عائشة الدباغ وحياة دواليبي وشكرية عبد الغني وجاكلين بيطار.

عام 1970 قاد حافظ الأسد انقلابه (الذي أطلق عليه الحركة التصحيحية)، وغير اسم البرلمان إلى مجلس الشعب وعين كل أعضائه الـ (173) عام 1971، وضم أربع نساء فقط ما نسبته (2.3 بالمئة فقط).

وفي أول انتخابات لا يوثق بنزاهتها عام 1973 بلغ عدد أعضاء أول مجلس شعب منتخب في عهد حافظ الأسد 186 عضواً بينهم 4 نساء أيضاً (ما نسبته 2.1 بالمئة من عدد الأعضاء).

استمر حافظ الأسد في تحالفاته مع عدد من أحزاب ما يسمى "الجبهة الوطنية التقدمية" حيث سيطر على قرار الاتحاد النسائي وكل النقابات المهنية والعمالية والوظيفية وجعلها تحت قيادة حزب البعث (القائد العام للدولة والمجتمع وفق المادة الثامنة لدستور عام 1973) وأصبح يختار لعضوية البرلمان من بينهن دون تمثيل حقيقي للسوريات وفي بعد كبير عن كل ما يمت للمرأة السورية.

حافظ الأسد
حافظ الأسد

أعداد العضوات في حقبة حافظ الأسد

  • 6 عضوات من أصل 195 للدورة التشريعية 1977 (3.08%)

  • 13 عضوة من أصل 195 للدورة التشريعية 1981 (6.67%)

  • 19 عضوة من أصل 195 للدورة التشريعية 1986 (9.74%)

  • 20 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 1990 (8.00%)

  • 24 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 1998 (9.60%)

غلبت الأسماء نفسها على عضوية مجلس الشعب بالنسبة للنساء اللواتي كان حافظ الأسد يسمح بوصولهن للترشح إلى الانتخابات، بنسبة لم تتجاوز 10 بالمئة في معظم المجالس.

في فترة حكم المخلوع

واصل بشار الأسد نهجَ والده في الجمهورية التي ورثها كمزرعة خاصة تحت شعار "الدولة-الحزب" متحكماً عبر الجيش والمخابرات بمنظمات البعث (الاتحاد العام النسائي، الاتحاد العام لنقابات العمال، النقابات المهنية) مع تنفيعات تطول "الجبهة الوطنية التقدمية"، فأبقى الترشح والتمثيل النسائي داخل قنواتٍ مُحكَمة الولاء، مع انتقاءٍ مسبق للأسماء عبر أجهزة الحزب والأمن والقوائم المعلّبة، وصولاً إلى تمثيلٍ رمزي لا يُعبّر عن النساء السوريات ولا عن قضاياهنّ الفعلية.

وكانت النسب في عهد بشار الأسد شبيهة بعهد أبيه مع ارتفاع طفيف، حيث ظلّ الحضور النسائي محصوراً في نطاقٍ يتأرجح حول 12%، مع ذروةٍ وحيدة في 2016، قبل أن يتراجع إلى 9.6% في 2024.

عدد العضوات في مجالس الشعب في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد:

  • 30 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 2003 (12.0%)

  • 30 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 2007 (12.0%)

  • 30 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 2012 (12.0%)

  • 33 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 2016 (13.2%) 

  • 28 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 2020 (11.2%)

  • 24 عضوة من أصل 250 للدورة التشريعية 2024 (9.6%)

المخلوع بشار الأسد
المخلوع بشار الأسد

غلبت آلية الاختيار على آلية الانتخاب، فأنتجت “نُوّاباً نساءً” بصفاتٍ تمثيلية شكلية، لا كتلاً سياسية مستقلّة قادرة على التشريع والرقابة والدفاع عن أجندة المرأة العامة.

استمرّت أذرع الضبط الحزبي-الأمني في تقييد العمل السياسي النسوي المستقلّ، فبقيت المشاركة أقرب إلى "تخصيص مقاعد" داخل منظومة الولاء، للرئيس المخلوع وزوجته التي دخلت على الخط عبر منظمة "السورية للتنمية" التي كانت تسيطر على الاقتصاد السوري عبر وجوه جديدة من رجال وسيدات الأعمال لم يكن لهم أي جذور سابقة فيه.

بين عامي 2011 و2024 عاشت المرأة السورية تفاصيل وأيام الثورة، وكان لها دور فاعل فيها إلى جانب الرجال، ما دفع النظام للبطش بها مثل بقية أفراد المجتمع السوري من أطفال وشيوخ، حيث لم يحيّد النظام النساء عن الاعتقالات والسجون والقصف والقتل والعنف بما في ذلك التهجير والنزوح واللجوء، ولم يكن لعضوات مجلس الشعب في عهد النظام المخلوع أي دور في الدفاع عن حقوق السوريات (ولا السوريين بكل أشكالهم) في ظل ما تعرضوا له من مآسٍ قاسية جداً.

وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR)، عدد النساء والإناث اللواتي  قُتلن في سوريا بين آذار 2011 و25 تشرين الثاني 2024، إذ بلغ 29.064 أنثى، بينهن 117 سيدة قضت تحت التعذيب، و11.268 سيدة بقيت مختفية قسرياً.