icon
التغطية الحية

الزراعة المائية.. مشاريع تساعد اللاجئين السوريين في الأردن | صور

2022.05.02 | 06:33 دمشق

img-20220427-wa0064.jpg
من مشروع الزراعة المائية في مخيم الأزرق للاجئين السوريين في الأردن (خاص تلفزيون سوريا)
عمّان - بديعة الصوان
+A
حجم الخط
-A

بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها اللاجئون السوريون في الأردن لارتفاع تكاليف المعيشة وقلة المساعدات الإنسانية فإن مشاريع الزراعة المائية ما تزال وميض أمل يتمسكون بها، حيث تدر عليهم ما يسد رمقهم ويجعلهم بالحد الأدنى بمنأى عن الحاجة.

تقوم فكرة الزراعة المائية على استبعاد التربة في الزراعة، ليتم الاستعاضة عنها بالماء الغني بالمحاليل المغذية والأملاح بنسب محددة تُراقب بواسطة أجهزة خاصة، ويتم استخدام المضخات لضخ الماء الغني بالعناصر والأملاح بشكل مستمر داخل النظام ليحصل كل نبات على حاجته من هذه العناصر.

اندماج اقتصادي في المجتمعات المضيفة

على بعد خمسين كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من مدينة المفرق، وشمالاً باتجاه الحدود السورية تحتضن منطقة صبحا أول مشروع زراعة مائية في تلك المنطقة، بالشراكة بين سيدتين أردنيّة وسوريّة، يتشاركن العمل وصعوبة الحياة من جهة، ويواجهن الصورة النمطية لدور المرأة في المجتمع من جهة أخرى.

السيدة السورية فاطمة الرفاعي (36 عاما) والأردنية سجى السردي (22 عاما) حققتا من خلال هذا المشروع الاقتصادي البسيط، دخلا ماليا يساند عائلتهما وفق حديثهما لـ موقع تلفزيون سوريا حيث تلقتا ورشة تدريبية مكثفة حول كيفية البدء بمشروع زراعة مائية وزراعة في البيوت البلاستيكية، وبعد التدريب قررتا البدء فعلياً على ذلك المشروع بتمويل من مؤسسة نهر الأردن على قطعة أرض يمتلكها والد سجى.

تقول سجى لـ موقع تلفزيون سوريا: "من متطلبات المشروع العمل بالشراكة بين الأردنيين والسوريين وكانت فرصة مهمة لتحقيق الاندماج الاقتصادي كوننا نعيش في نفس المجتمع ونتشارك كثيراً من الظروف، بدأنا بالمشروع العام الماضي، قمنا بزراعة البصل والفجل والميرمية كتجربة أولى وكان المحصول ناجحاً".

وعن التحديات تقول سجى: "ثقافة العيب والصورة النمطية عن المرأة في المجتمع أكبر تحدٍّ واجهنا، ما زال المجتمع يعتبر الزراعة والحراثة للرجل، إلا أن إصرارنا على العمل وما حققناه من نجاح ذلّل التحديات أمامنا".

أما فاطمة فتقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "التحدي الأكبر كان خوفي من صعوبة التوفيق بين عملي كمزارعة ومسؤولياتي المنزلية كأم لخمسة أطفال" وتضيف "العمل يعزز الشعور بالثقة بالنفس، والشعور بكوني شخصاً منتجاً في هذا المجتمع".

كان لفاطمة تجربة زراعية في سوريا قبل قدومها إلى الأردن من محافظة دمشق عام 2017، حيث تعتبر الزراعة من هواياتها أما اليوم فهي تشكل مصدر رزق مهم لها ولعائلتها، تقول "أملك المهارات المطلوبة للزراعة، المشروع ساعدني في توفير دخل مالي في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي نعيشها وخاصةً أن زوجي لا يستطيع العمل بسبب وضعه الصحي".

 

مشروع الزراعة المائية (خاص تلفزيون سوريا)

نجاح مشاريع للزراعة المائية في بيئة غير صالحة

بأدوات وتقنيات زراعية بسيطة استطاع اللاجئ السوري عبد الغني خلف (40 عاما) النجاح في زراعة الخضراوات الأساسية التي يحتاج إليها اللاجئون في مخيم الأزرق شمال شرقي الأردن كالبندورة والخيار والباذنجان والفلفل والورقيات كالملفوف والخس باستخدام القليل من الماء وبأوساط خارج التربة. 

عبد الغني قدم إلى الأردن من محافظة حلب في عام 2016 حيث كان يعمل في وقاية وتغذية النبات وفي عام 2019 بدأ في مشروع الزراعة المائية كتجربة بعدما شارك في مشروع توعوي حول أهمية الزراعة المائية.

وحول الدوافع يقول عبد الغني في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا: "مخيم الأزرق يفتقد أدنى مقومات الحياة، مياه قليلة ودرجات حرارة مرتفعة، وبيئة غير صالحة للزراعة، هذا المشروع خلق الحياة للمخيم من دون هدر للمياه".

بعد ستة أشهر من العمل بصورة فردية تبنت مفوضية اللاجئين المشروع، ونجح عبد الغني في بناء أربعة مواقع زراعة مائية توزعت على امتداد المخيم، وهي عبارة عن أنابيب ومحميات بلاستيكية، ومضخات وأحواض.

مشاركة التجارب لمواجهة الأزمات

لم يكتف عبد الغني بالعمل على الزراعة المائية وحدَه، حيث سعى لمشاركة تجربته والمهارات التي اكتسبها من خلال تدريب 1200 شخص من أبناء المخيم على تقنيات الزراعة المائية، ليقوم كثير منهم بعمل مشاريعهم الخاصة محققين الاكتفاء الذاتي في إنتاج الخضراوات الأساسية والورقيات.

تحتاج الزراعة المائية إلى إمكانات مادية لبناء المشروع، هناك عائلات لم تتوفر لديها الإمكانات وتنتظر دعماً من المنظمات الإنسانية للبدء بمشاريعهم الخاصة بحسب عبد الغني، ويضيف: "لو كل عائلة في المخيم حققت الاكتفاء الذاتي بتوفير احتياجاتها الأساسية من الخضر فهذا أمر جيد ويساعد العائلات السورية التي تعاني أصلا من قلة الإمكانات المادية ".

 

 

 الزراعة المائية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية

الباحث في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للقطاع الزراعي مازن أبو قمر يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: الزراعة المائية تساهم في انخفاض تكاليف العمالة والحصول على منتج بجودة عالية وتعمل على توفير استخدام المياه وتوفر إنتاجاً بصورة أكبر من الزراعة التقليدية كما أنها مناسبة للأماكن غير الصالحة للزراعة والتي ترتفع فيها نسبة الملوحة.

ويضيف أبو قمر إن هناك تحديات تواجه تطوّر ونموّ المشاريع الصغيرة لعدم الكفاءة الفنية لإدارة المشاريع الصغيرة ومحدودية المصادر التمويلية وعدم وجود أطر تشريعية لتنظيم عمل هذه المشاريع .

 

 

ويرى أنه من الضروري النظر لانعكاس مشاريع الزراعة المائية على السوريين في الأردن من حيث رفع دخل الأسرة والتقليل من فاتورة المشتريات اليومية وتوفير فرص إضافية للعائلة حيث تستطيع تحقيق اكتفائها الذاتي وبيع بعض من المحصول ليدرّ لها دخلاً .

لا يمكن الحديث عن التمكين الاقتصادي بمعزل عن  التمكين الاجتماعي فعند توفير مثل هذه المشاريع للاجئين، فإن ذلك ينعكس عليهم من ناحية توفير فرص التعليم والصحة والتواصل مع المحيط الخارجي والاندماج المجتمعي، مما يساهم في تنمية وتطوير المجتمع بحسب أبو قمر.

يطمح  عبد الغني وكذلك سجى وفاطمة بتوسيع مشاريعهم، وأن تحقق الفكرة انتشارا واسعا خاصة في أوساط مخيمات اللجوء، مؤمنين أن مشاريع  الزراعة المائية تخلق الأمل من جديد وهي طريق يحقق لهم حياة كريمة.