الرؤساء المرشحون لسوريا بإخراج رديء!

2020.06.24 | 00:00 دمشق

alhjaj-bn-ywsf-althqfy.-zhwr-mrshh-jdyd-lryast-swrya.-syhkm-alblad-ghsbaan-n-alswryyn-fydyw.jpg
+A
حجم الخط
-A

خلال الأيام الماضية تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي، ومن مصادر غامضة، شخصيات مغمورة، للحدّ الذي يشعر المشاهد أنهم كائنات غير حقيقية، أو نسخاً إلكترونيّة، تتفوه بشعارات وعبارات غريبة حول تسلّم رئاسة السّلطة في سوريّا، وكأنهم في مضمار خطابي، أو مسابقة اختبار من هو أكثرهم ابتذالاً وفجاجة في الشّكل والمضمون، الأمر الذي يجعل الإنسان لا يخالجه أدنى شك بوجود تمثيلية سخيفة يجري تصديرها للشعب السّوري، لأهدافٍ كثيرة.

الإخراج سيء للغاية! هذا من أهم صفات التمثيلية، والشخصيّة لا بد أن تستخدم دور المهرج بشكل أو بآخر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد من صدّر مدينة الأحلام إدلب للجمهور بطريقة 3D بشوارع واسعة ومبانٍ ضخمة، وجند لا يكفّون عن التدريب، وطائرات تحلق، ومطارات تستقبل، يتخللها وجود صور المرشّح ضمنها، صور الديكتاتور الجديد، والمضمون أن لا مفرّ من رؤساء من هذا النظام، وُجدوا لتقدّسهم الشعوب، لا ليحرروا هذه الشعوب من سطوة الظلم، ولا ننسى في الفيديو المقدم التركيز على العسكر، وكأنما حكم العسكر قَدَرٌ لا فرار منه!

يُطلّ بطلٌ آخر على المشهد، ليطرد كلّ الصعاليك الذين يشاهدون البث المباشر الخاص به دون أن يشاركوه على صفحاتهم، بجنون العظمة يخاطب جمهوره الذين يزيدون على عشرة أشخاص بقليل، بلهجة مليئة بالغطرسة والهجوم والفظاظة، والرّسالة واضحة، فهو الرئيس الجديد الذي سيقتل من يعارضه لأسباب سخيفة، وهو الطاغية الذي سيقضي على من لا يعارضه أيضاً، فعدم تأييده هي حجّة مقنعة للعقاب، ولا يكتفي المخرج بتصدير هذه الشخصية المختلّة التي لا تقلل من اختلالها ربطة العنق التي يرتديها، ولا الترهات التي يقولها، لتتصدر شخصية أخرى وليست الأخيرة، تستخدم لغة جسد سيئة، تضطرب حركاتها وسكناتها، وتمسك سجلّاً غريباً ضخماً تتلو القسم عليه لأجل حرية سوريا برّاً وبحراً وجوّاً، لتقنع المشاهد أن الشخصية الماثلة أمامه في هذه اللحظة هي شخصية هاربة من فيلم مملٍ قديم، بدقّة تصوير سيئة، وشعارٍ غامض مجهول المصدر، وتستمر المسرحيات ويستمر الكومبارس في الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي، وتتفاوت انطباعات الجمهور.

تغدو المشاهد مضحكة قليلاً، مضحكة بمرارة لا يمكن أن تخفى، فساحة التهريج باتت متاحة، والشعب المكلوم لم يعد يملك أكثر من السخرية على المشهد، غير مصدق لما يحدث، وتساؤلات كثيرة تُطرح، ما الذي يجري؟ ومن هؤلاء؟ من يعرفهم؟ وكيف يجرؤون على الظهور والتحدث بكل هذه الثّقة؟ فيما يحتفظ آخرون بحفنة شتائم تبدأ من حافظ الأسد وتنتقل إلى خليفته، ثم تتوزع على جميع المهرجين الذين يشعر أنه مرغم على متابعتهم واحتمال ما يقولونه، فقط لأن أمر سورية يهمه، ويخشى إن فاته تفصيل أن يكون قد فاته حدث مهم، ولعل الربط بين الأحداث جميعاً يجعل الخيوط تجتمع على مخرج واحد نعرفه جميعاً، هو الذي يخرج أعمال الأسد وعائلته ويصدّرهم أبطالاً رغم كل ما حدث.

الأسد الذي يرتدي الحذاء الرياضي ويقود سيارته بنفسه بين الناس وكأنه واحد منهم، هو ذاته الذي يزور الجرحى مع عقيلته – سيدة الياسمين- ويجلس بكل تواضع على الأرض للاطمئنان عنهم، وهو الذي يلتقط صورة تذكارية مع قطيع من الأغنام بذات الابتسامة الساحرة، ليتحدث الناس عن بساطته وعفويته، السلوك والإجراء ذاته الذي تقوم به زوجته وابنه حافظ، فالإعلام يتطلب تصدير هذا النموذج من الرؤساء للشعب وأهم من ذلك، للعالم كلّه، غير أن المخرج المسكين الذي يبذل كل هذه الجهود في معركته الإعلامية الشرسة والصّعبة، لم ولن يستطيع التحكم بأمور تحدث خارجاً عن سيطرته، كضحكة رئيسه البلهاء في خطابه لمجلس شعبه، التصفيق الجنوني لمجلس الشعب، والذي يتعدى كل فكرة عن الديمقراطية، ولن يستطيع أن يخفي ردوده الحمقاء على الإعلام الغربي الذي يصعب أن يعمل فيه المونتاج عمله، وأهم من كل ذلك لا يوجد جهاز إعلامي مهما كان قوياً وعظيماً يمكنه أن يمحو آثار تدمير البلاد، وقتل العباد، وإحراق الجثث، ولا أن يلغي صور السجناء الذين قضوا تحت التعذيب في سجونه، لا إعلام يمكنه إخفاء قصص المهجرين والمبعدين والناجين من الكيماوي والخارجين من السجون المحملين بقصص لا متناهية عن الظلم والرّعب والإرهاب والفظاعات المرتكبة.

مهما تصدرت شخصيات المشهد، وحاولوا إظهارها غبية حمقاء، فلن توازي غباء ولا حماقة الأسد فيما ارتكبه بشعبه من مجازر ومذابح واعتقال وتهجير وإذلال، الذاكرة مليئة بالألم، بالحزن والقهر، بالمرارة التي ستظل محفزة لعدم النسيان، ولن يستطيعوا إقناع شعب حرّ أن هذه الوجوه هي البدائل الوحيدة، فهذا الشعب الكريم يعرف مدخراته، ويميز بوعي بين الصالح والفاسد، وما زال مستعداً لمتابعة الطريق، وإحياء الثورة من جديد، حتى تحقيق الحرية والكرامة.

كلمات مفتاحية