الذهب والسوق الهابطة

2022.09.21 | 06:27 دمشق

سعر غرام الذهب في سوريا
+A
حجم الخط
-A

تراجعت أسعار الذهب إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عامين يوم الجمعة الماضي، حيث أثرت التوقعات بارتفاع كبير في أسعار الفائدة الأميركية الأسبوع المقبل، إلى جانب قوة الدولار الأميركي على الأسعار.

ومع توقع ارتفاع عائدات السندات الأمريكية، قام بعض المستثمرين ببيع الذهب وانتقلوا إلى أصول أخرى، لا سيما الأصول المقومة بالدولار.

حتى وقت قريب، كان الذهب قادرًا على صد البيانات السلبية ولكن في الآونة الأخيرة فقط انهار إلى الأسفل مع موجة التشديد النقدي التي اجتاحت العالم. وساهمت الأخبار الاقتصادية السلبية، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك الأميركي يوم الثلاثاء الماضي، في توقع زيادة كبيرة في تكاليف الاقتراض عندما يجتمع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأسبوع المقبل.

يوم الجمعة الماضي، انخفض سعر الذهب الفوري لفترة وجيزة إلى 1654 دولارًا للأونصة، وهو أقل بنسبة 19 في المئة عن ذروته الأخيرة في مارس، وأقل بنسبة 8 في المئة عن سعره في بداية هذا العام. ولكنه تعافى قليلاً إلى 1673 دولارًا عند الإغلاق على عكس معظم السلع الأخرى، تتحرك أسعار الذهب في المقام الأول استجابة للاتجاهات الاقتصادية بدلاً من الطلب المادي الأساسي.

وقد أثرت أرقام مؤشر أسعار المستهلكين الأميركية غير المتوقعة، جنبًا إلى جنب مع تباطؤ نمو الوظائف، وتوقعات ارتفاع الأسعار على سوق الذهب، حيث زادت من جاذبية الدولار كملاذ آمن يولد عائدا بالإضافة إلى السندات الأميركية.

في هذه المقالة سوف نتحدث عن أهم العوامل التي تتحكم يسعر الذهب وتوقعات الأسعار المستقبلية:

1- قوة الدولار:

في الأسواق العالمية، يتم تسعير الذهب وتداوله بالدولار. عادة ما تنص العلاقة التاريخية بين الذهب والدولار على الارتباط العكسي، حيث إن قوة الدولار تدفع أسعار الذهب إلى الانخفاض.

بالمقابل يؤدي انخفاض الدولار إلى زيادة قيمة عملات الدول الأخرى. هذا يزيد الطلب على السلع بما في ذلك الذهب. كما أنه يزيد الأسعار.

كما أنه عندما يبدأ الدولار الأميركي في فقدان قيمته، يبحث المستثمرون عن مصادر استثمار بديلة لتخزين القيمة. ويكون الذهب هو البديل المفضل.

ومع ذلك، من المهم أن ندرك أنه من الممكن أن يرتفع سعر الدولار والذهب في نفس الوقت. يمكن أن يحدث هذا بسبب أزمة في بعض البلدان أو المنطقة الأخرى. سيؤدي هذا إلى تدفق المستثمرين على الأصول الأكثر أمانًا - الدولار الأميركي والذهب. كما أن الدولار الأميركي مدفوع بالعديد من العوامل - مثل السياسة النقدية والتضخم في الولايات المتحدة مقابل البلدان الأخرى. كما أنها مدفوعة بالتوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة مقابل البلدان الأخرى.

ومن الممكن أن ينخفض الدولار والذهب معا عند إذٍ يجب النظر إلى عائد سندات الخزانة الأميركية التي يكون ارتفاع عائدها هو السبب الرئيسي في تحول العلاقة بين الذهب والدولار إلى علاقة طردية.

ومع توقع استمرار الفيدرالي الأميركي في رفع الفائدة في إطار حربه في مواجهة التضخم، فإن الدولار سيستمر في الارتفاع الأمر الذي سيزيد الضغط على أسعار الذهب.

2- ارتفاع عائد السندات:

ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى أعلى مستوياتها منذ 16 يونيو حزيران وسط توقعات بأن يواصل مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع أسعار الفائدة. ويتسبب ارتفاع العوائد إلى زيادة كلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدا.

حيث تشير البيانات التاريخية إلى وجود علاقة ارتباط عكسي بين عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات وبين أسعار الذهب.

ومن المتوقع أن يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس في 21 سبتمبر أيلول. ورفع البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة بواقع 225 نقطة أساس في المجمل منذ مارس آذار لكبح التضخم المتصاعد.

3- مستقبل أسعار الذهب:

مع إدراك المستثمرين أن التضخم أصبح أكثر رسوخًا وأن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يبدو أكثر تصميماً على محاربته من خلال زيادات كبيرة في أسعار الفائدة، فإنهم لم يتمكنوا من الاحتفاظ بالمعدن عند هذه المستويات. لذلك، فقد كسر الذهب نقطة الدعم الرئيسية عند 1680 دولار للأونصة، ومن وجهة نظر التحليل الفني تكون نقطة الدعم الرئيسية التالية عند 1560 وفي الوصول إليها يكون الذهب قد دخل في سوق هابط.

كما يدعم هذا التوجه تنبؤات الاقتصاديين لاتجاه الفائدة الفيدرالية والتي تشير إلى وصول الفائدة عام 2022 إلى حدود 4% وبقائها فوق المستوى المحايد عند 2,5% حتى عام 2025 الأمر الذي سيدعم بقاء مستويات مؤشر الدولار فوق 108 ووصول عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى حدود 6% وهو ما قد يشكل ضغطا شديد على أسعار الذهب.

الخلاصة:

تاريخيا كان الذهب أحد أهم الملاذات الآمنة في مواجهة التضخم العالمي وانهيار العملات المحلية، ولكن مع ظروف الاقتصاد العالمي الحالية وموجة التشديد النقدي الحالي التي تجتاح العالم جعل من مصادر الدخل الثابت أكثر جاذبية من الملاذات الآمنة التي لا تولد دخلا كالذهب، ولكن يبقى هناك أمل قد يشكل طوق النجاة للذهب ويتمثل في فشل البنوك المركزية في حربها مع التضخم ودخول الاقتصاد العالمي في حالة من الركود التضخمي عندها يكون الذهب أكبر الرابحين.