icon
التغطية الحية

"الذبح العشوائي" يهدد الثروة الحيوانية في شمالي غربي سوريا.. الواقع والحلول

2022.07.07 | 15:20 دمشق

أغنام إدلب
ترلبة الأغنام في شمال شرقي سوريا (الإنترنت)
تلفزيون سوريا _ فراس الرحيم
+A
حجم الخط
-A

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تنتشر بشكل ملحوظ في شمال غربي سوريا لحوم صغار  الماشية والإناث منها في معظم محال الجزارة المنتشرة في مناطق سيطرة هيئة "تحرير الشام"، وسط إقبال الناس عليها بسبب انخفاض سعرها، مقابل لحم العجل والخروف.

في حين يحذر مختصون في علوم الزراعة والاقتصاد والتنمية من ظاهرة "ذبح صغار وإناث الماشية" لما لها من عواقب كارثية، قد تؤدي لاستنزاف كامل الثروة الحيوانية في المنطقة، التي تعاني بالأصل شحّاً في مواردها الاقتصادية.

يقف موقع "تلفزيون سوريا" على هذه الظاهرة المعروفة باسم "الذبح العشوائي" ويستعرضها من جوانب عدة، الأضرار والأسباب والنتائج والحلول، عبر التواصل مع الجهات الرسمية والقائمين عليها والمتضررين منها.

الذبح العشوائي لصغار وإناث الماشية

أكد وزير الاقتصاد في حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة "تحرير الشام"، باسل عبد الرحمن، ازدياد ظاهرة "الذبح العشوائي" في مناطق شمال وغربي سوريا.

وقال عبد الرحمن في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، إن الوزارة رصدت هذه الظاهرة منذ بدايتها، واتخذت إجراءات لتعزيز الذبح القانوني وردع المخالفين. منذ بداية العام الحالي.

وبحسب وزارة الاقتصاد في حكومة الإنقاذ، يُعرف "الذبح العشوائي" بأنه كل عملية ذبح تتمُّ خارج المسالخ الحكومية، بالنسبة للمناطق التي تتوفر فيها مسالخ قريبة، أو دون إشراف مباشر وموافقة طبيب بيطري، تنتدبه نقابة الأطباء البيطريين، بالنسبة للقرى البعيدة عن المسالخ.

ويعتبر ذبح إناث وصغار المجترّات بشكل عشوائي مخالفة مضاعفة، قد تصل عقوبتها إلى إغلاق محل بيع اللحوم الذي وقعت فيه المخالفة، وفق اللوائح القانونية لحكومة الإنقاذ.

وأضاف الوزير أن الوزارة أطلقت حملة واسعة النطاق بهدف التصدي لهذه الظاهرة، والحد من انتشارها، من خلال نشر دوريات جوالة تابعة للمجالس البلدية ودوائر التموين.

وأشار إلى أنه تم تنظيم 33 ضبطاً بحقّ مخالفين قاموا بالذبح العشوائي، وتشميع 24 محلا مختصا ببيع اللحوم، بعد ثبوت قيامهم بذبح عشوائي لصغار وإناث الماشية، في الفترة ما بين 27 كانون الثاني الماضي و4 حزيران/يونيو.

المحاسبة والأضرار

وبحسب وزير الاقتصاد فإن محاربة "الذبح العشوائي" موضوع معقد ويتطلب مرونة تراعي كل الأطراف، وتوفير حلول للمتضررين نتيجة تطبيق قرارات المنع.

ويوضح الوزير أنه بسبب الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار العلف وعدم توفر المراعي يلجأ مربي الماشية لبيع بعض إناث وصغار الماشية.

وعندما يمتنع اللحام من شراء الماشية الصغيرة أو الإناث منها، خوفاً من المحاسبة، يلجأ المربون لبيعها بأسعار منخفضة لأفراد وجهات تستغل حاجاتهم.

ويشير عبد الرحمن إلى أن الوزارة أصدرت قراراً يمنع تصدير الأعلاف منعاً باتاً، ما أدى إلى انخفاض سعر العلف، على سبيل المثال انخفض سعر طن تبن القمح والشعير، من 525 دولارا أميركيا قبل صدور القرار إلى 189 دولارا.

ومن الحلول التي ذكرها الوزير لحماية الثروة الحيوانية، دراسة إطلاق مشروع بالتعاون مع وزارة الزراعة لتوفير بدائل علفية، مثل مخلّفات عصر الزيتون “البيرين" بعد خلطها بأوراق الزيتون الناتجة عن عملية التقليم "الشحالة".

الأسباب: غلاء العلف وقلة المراعي

الحاج أسعد الحربي، يملك قطيعاً من 250 رأس غنم وماعز، ومختص أكاديمي في علوم الزراعة، يرى أن انخفاض أسعار العلف بعد قرار منع تصديره "انخفاض نسبي" وما تزال الأسعار مرتفعة.

ويقول الحاج أسعد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، لو توفرت مقومات كافية، لما قمنا ببيع صغار وإناث الماشية بقصد ذبحها.

وعلى الرغم من وصف الحاج أسعد لهذه الظاهرة بأنها "استنزاف بحق الثروة الحيوانية، لكنّ مربي الماشية يضطرون لبيع قسم من الصغار والإناث لإطعام بقية القطيع. وهو خيار خاسر بالنسبة للمربي على المدى الطويل.

ويضيف الحاج أسعد أن هذه الخسارة  أصبحت أكبر، بسبب القرار الخاص بمنع الذبح العشوائي، الذي أوقع المربين بين يدي فئة مستغلة من بعض مالكي محال بيع اللحوم.

وبحسب الحاج أسعد أصبح ثمن الكيلو ٢٨ ليرة تركية، للواقف من أنثى الغنم "الفطام"، في حين كان السعر قبل قرار المنع يتراوح بين 37 و40 ليرة تركية للكيلو الواحد واقفاً.

بالنسبة لقلة المراعي، يوضح الحاج أسعد، المقيم في وادي غربي إدلب، أن الطبيعة الجغرافية الجبلية للمنطقة هي سبب نقص المراعي.

ويضيف، يبقى البديل الوحيد عن الأراضي الرعوية، هو الاعتماد على الأعلاف طعاماً للماشية، وقد تسببت ظروف دولية ومحلية "سياسية ومناخية" بارتفاع أسعار الأعلاف بشكل كبير.

 ويشير الحاج أسعد إلى أن التصعيد العسكري مع مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) أوقف توريد العلف، فضلاً عن صعوبة النقل نتيجة غلاء الوقود وأجور النقل والإتاوات المختلفة.

ارتفاع سعر لحم الخروف

في المقابل، محمد جمال شحود، مالك محل لبيع اللحوم في مدينة إدلب، يقول لم يلتزم جميع الجزارين بقرار منع "الذبح العشوائي"، مما تسبب بضرر لحق بمن طبقوا القرار والتزموا بنوده.

ويضيف محمد شحود، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن ارتفاع سعر لحم الخراف وعجز معظم المستهلكين عن شرائه، حيث يبلغ سعر الكيلو الواحد 120 ليرة تركية، أدى إلى انحسار الطلب عليه.

في المقابل بات هناك إقبال على لحم الإناث "الفطام" الذي لم يتجاوز سعر الكيلو منه عتبة 80 ليرة تركية.

ويشير اللحام محمد إلى لجوء بعض مربي المواشي ومحال الجزارة إلى تعمد إلحاق عيب بإناث الماشية والصغار منها لتبرير ذبحها والتهرب من المحاسبة.

ووفقاً للمعمول به في إدلب، يجوز ذبح هذه الفئة من الماشية إذا كانت ذات عيب، ككسر في القدم أو جرح في الأثداء، أو أي أذية أصابت أسنان الدابة على سبيل المثال.

ويقول محمد شحود، بلغ الأمر ببعضهم حدّ قطر عيون البهائم بمواد تسبب العمى، مما يجيز ذبحها داخل المسلخ، أو بموافقة طبيب بيطري.

إحصائيات رسمية للثروة الحيوانية شمال غربي سوريا

يبلغ عدد المواشي في مناطق سيطرة "تحرير الشام"، الأغنام أكثر من 551 ألف رأس في عام 2021 والأبقار 28.5 ألف رأس، و112 ألفا للماعز، وفق إحصائية رسمية لحكومة "الإنقاذ".

ولمطابقة الأرقام لمعرفة مدى تأثير "الذبح العشوائي" على عدد الثروة الحيوانية، حصل موقع "تلفزيون سوريا" على صورة من إخطار وجهه وزير الاقتصاد إلى وزارة الزراعة في حكومة الإنقاذ، يشير إلى ارتفاع الأعداد في عام 2020 إلى نحو الضعف في 2021.

ارتفعت أعداد الأغنام من 284 ألفا و612 رأسا، في 2020، إلى 551 ألفا 357 رأسا في العام الماضي، والأبقار من 22 ألفا و333 رأسا إلى 28 ألفا 509 رؤوس، والماعز من 62 ألفا و525 رأسا إلى 112 ألفا و499 رأسا.

في حين لم يتمكن الموقع من الحصول على إحصائية عام 2022، رغم الطلب الرسمي، وأكد الموظف المسؤول أن إحصاءات وزارة الزراعة الخاصة بالثروة الحيوانية قسم المجترات، لا تصدر إلا في الشهر العاشر من كل عام.