
شهدت ساحة الأمويين في دمشق، اليوم الخميس، مظاهرة نظمها "تجمع الشباب المدني"، رفعت شعارات تطالب بدولة ديمقراطية مدنية، "بعيدة عن أي حكم عسكري أو ديني". لكن سرعان ما تبين وجود مؤيدين للنظام المخلوع في صفوفهم كانوا يطالبون الأسد بقتل السوريين بالبراميل والكيماوي، في حين لم تعترضهم السلطات الجديدة في دمشق.
ووفق مصادر محلية، فإن المظاهرة، التي تُعد الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد، جاءت كجزء من الحراك الشعبي المستمر لبناء سوريا جديدة تقوم على أسس المواطنة وحرية التعبير.
شعارات مدنية ووحدة وطنية
ردد المشاركون شعارات تؤكد على وحدة الشعب السوري وضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة، مثل: "واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد"، و"الدين لله والوطن للجميع".
ولاقت هذه الشعارات ردود فعل متباينة، بينما رأى منظمو المظاهرة أنها تعكس طموحات السوريين في بناء وطن يتسع للجميع دون تمييز.
دعوات للإبادة من مشاركين في التظاهرة
رصد ناشطون على مواقع التواصل، دعوات من ناشطين ومدونين شاركوا في تظاهرة اليوم ودعوا لها، مواقف سابقة موثقة على حساباتهم في تطبيقي "أكس وفيسبوك"، مؤيدة للخيار العسكري والأمني للنظام المخلوع في تعاطيه مع الثورة السورية والمناطق الخارجة عن سيطرته أنذاك في خطاب صريح ودعوى للإبادة، وكان من أبرز الحسابات يعود للناشطة "ريم رسلان" على تطبيق (أكس)، جاء فيها: "هدول البراميل قليلة فيهم.. لازمهم خزانات ويا ريت تكون مليانة كيماوي".
حرية التعبير بدون خوف
بحسب ناشطين، ما يميز هذه المظاهرة هو غياب الأجهزة الأمنية التي كانت تُلاحق المتظاهرين وتستخدم القوة لقمعهم.
ووقف المشاركون بحرية في ساحة الأمويين دون خوف من الرصاص أو الاعتقال، وهو ما اعتبره كثيرون نقطة تحول في المشهد السوري.
قال أحد المشاركين: "تجمع الشباب المدني هو أحد أشكال الحراك المدني في سوريا، بدأ في عام 2011 لكنه واجه تحديات كبيرة، إذ استغل النظام الوضع حينها وجعلنا غير قادرين على الاستمرار. عادت الفرصة مؤخراً لإحياء الحراك المدني السلمي تعبيراً عن تطلعاتنا للتغيير".
وأضاف: "في أول تجربة لنا، نظمنا تجمعاً في ساحة الأمويين دون طلب تصريح رسمي، كخطوة رمزية تعبر عن رغبتنا في سوريا للجميع. الهدف من التجمع ليس تجربة فقط، بل سعياً لجمع السوريين تحت رؤية موحدة لسوريا مدنية، حيث يمكننا الحوار والتفاهم دون خوف".
وأشار إلى أن مطالب تجمع الشباب المدني واضحة: "نسعى لسوريا مدنية تضم كل أطياف المجتمع. لا ندعي الوقوف مع أو ضد جهة محددة، بل هدفنا البناء والوقوف ضد أي أخطاء قد تصدر من أي حكومة مستقبلية".
"جزء من صنع القرار"
قال متظاهر آخر خلال لقاء مع تلفزيون سوريا: "نسعى اليوم أن نكون جزءاً فعالاً من صنع القرار في المستقبل السوري، سواء عبر الدستور أو القوانين أو حتى تعيين الشخصيات القيادية".
وأضافت فتاة مشاركة: "نريد أن نكون جزءاً من صياغة دستور يعكس تطلعاتنا كمجتمع، ويضمن الشفافية في كل الخطوات، بما في ذلك تعديل المناهج التعليمية، وتشريعات القوانين، وآليات الرقابة على المؤسسات".
وأردف متظاهر آخر: "نشعر بالمسؤولية تجاه توفير مساحة للجميع للتعبير عن آرائهم. كسوريين، بكل تنوعنا واختلافاتنا، شبعنا من الشخص الواحد والفكر الواحد. نحن هنا اليوم لنقول إننا نريد دولة ديمقراطية ودستوراً يضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري دون تمييز".
وأكد المتظاهرون رفضهم لأي نوع من الحكم القائم على "أسس دينية ضيقة"، فالتعدد الثقافي والاختلاف الفكري في سوريا يجعل الحكم الإسلامي أمراً غير ممكن، وفق وصفهم، لذلك طالبوا بدولة مدنية تتسع لكل الثقافات والأطياف، مع تأكيد أهمية الرقابة على المؤسسات والمناهج لضمان مستقبل مشترك للجميع.