icon
التغطية الحية

الخريجون السوريون في مصر.. في التعليم "شبه مصري" وفي سوق العمل "أجنبي"

2023.02.01 | 07:43 دمشق

طلاب جامعة في مصر (الإنترنت)
طلاب جامعة في مصر (الإنترنت)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

يواجه الطلاب السوريون في مصر والحاصلون على الشهادات الجامعية من الجامعات المصرية صعوبات كبيرة في تأمين فرص عمل بمجالاتهم الدراسية، وذلك على الرغم من الامتيازات التي منحتها الحكومة المصرية للاجئين السوريين في التعليم والصحة.

يدرس في مصر نحو 50 ألف طالب سوري في جميع المراحل التعليمية بحسب تصريح من وزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي.

وكانت الحكومة المصرية قد أصدرت قراراً في عام 2013 يقتضي بمجانية التعليم للسوريين ومعاملتهم كالطالب المصري في المدراس والجامعات، ويتم تجديد القرار سنوياً.

التعليم الجامعي الحكومي مجاني للطلاب السوريين الحاصلين على الشهادة الثانوية من مصر، على عكس أقرانهم السوريين الحاصلين على الشهادة الثانوية السورية، حيث تفرض الحكومة المصرية عليهم رسوماً تبلغ 50% من الرسوم المفروضة على الوافدين الأجانب، التي لا يستثنى منها السوري الحاصل على ثانوية غير سورية أو مصرية.

بحسب دراسة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين. تمكن فقط 5% من اللاجئين حول العالم في الحصول فرص التعليم العالي في عام 2020، في زيادة ملحوظة عن العام الذي قبل إذ كانت النسبة 1%، ولكن لا يزال المعدل أقل بكثير من المعدل العالمي للالتحاق بالتعليم العالي والذي يبلغ 39%.

السوريون في مصر: خريجون ولكن مع وقف التنفيذ

تخرجت لبنى اليوسف، سورية مقيمة في القاهرة، في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 2019، وسط فرحتها الغامرة بتحقيق حلمها الذي رافقها منذ الطفولة، لكن تضطر اليوم للعمل في التسويق الإلكتروني.

كانت لبنى تتوقع أن تصل إلى أوج تحقيق الحلم عند انتسابها إلى نقابة المحامين والوقوف تحت قوس مرافعات القضاء، ولكنها صدمت بواقع القوانين المصرية التي تعاملها بوصفها سورية-أجنبية، ولا يحق لها الانتساب إلى النقابة، بالرغم من حصولها على شهادتها في مصر.

تقول لبنى درست في مصر قبل 11 عاماً، اخترت الحقوق، وكنت من المتميزين في دفعتي، لكني صدمت عندما علمت أني يجب أن أحصل على معادلة لشهادتي في سوريا من أجل العمل هنا، وهذا يعد أمراً مستحيلاً.

وتضيف، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، اضطررت إلى أن أتجاوز حلمي والعمل في مجال التسويق عبر الإنترنت، وذلك من أجل تأمين مستقبلي، والمساعدة في إعالة أسرتي.

وتأمل لبنى في أن تتغير القوانين وتحصل على معاملة كالمصري كما حظيت بها في أثناء فترة تعليمها.

يضع القانون المصري مبدأ "المعاملة بالمثل" شرطاً أساسياً للموافقة على عمل المحامي الأجنبي، المبدأ الذي يمنعه من الترافع أمام المحاكم والانضمام إلى النقابة، بالإضافة إلى منعهم أيضاً من الأبحاث القانونية.

لم يقتصر الأمر على طلاب الحقوق، معظم الخريجين من جميع المجالات لم تتوافر لهم فرص عمل في مجالهم في قطاعات الدولة، مما يضطرهم إما أن يعملوا تحت اسم مصريين، أو أن يتخلوا عن أحلامهم.

وعلى غرار لبنى، تخرج فاروق الحمصي في كلية طب الأسنان بجامعة طنطا، وواجه صعوبات في الحصول على تصريح مزاولة المهنة المؤقت، الذي يتطلب الحصول على موافقة أمنية من أجل استخراجه.

ويضطر فاروق للعمل طبيب أسنان في مركز طبي تابع لأحد الأطباء المصريين، لأنه لم يتمكن من الحصول على تصريح لفتح عيادته الخاصة.

ويضيف فاروق، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، لو كنت أستطيع الحصول على تصريح للعمل باسمي لكان الوضع أكثر سلاسة بالنسبة لي، ولكني أفكر جدياً بالسفر إلى مكان آخر أستطيع ممارسة عملي فيه بسهولة أكبر.

وبدورها، راما الحسن، سورية تخرجت في كلية الإعلام جامعة القاهرة في عام 2019، ولم تحصل على فرصة عمل إلى الآن رغم محاولاتها.

وتقول راما، لجأت إلى العمل في مجال التصوير بشكل حر من خلال صفحة أنشأتها على موقع "الفيس بوك"، في محاولة لتأمين دخل خاص.

في الدراسات العليا.. السوري يعامل معاملة الأجنبي

أصبحت الدراسات العليا بالنسبة للاجئين والوافدين السوريين أمراً صعباً، وذلك بسبب الرسوم "الباهظة" التي تفرضها الحكومة عليهم.

وعلى الرغم من مجانية التعليم الجامعي، إلا أن الطالب السوري يعامل كالأجنبي في الدراسات العليا، ويجب عليه الدفع بالدولار والجنيه الإسترليني.

وبقرار من رئيس مجلس الوزراء المصري في عام 2016 الخاص بالمصروفات، أصبح على طلاب الدراسات العليا الوافدين دفع رسم قيد لأول مرة مقدراه 1500 دولار، ومصاريف سنوية تبلغ 6000 دولار لكليات الطب البشري وطب الأسنان، و4500 دولار للكليات الأخرى، ولا يتم –وفق القرار- خفض مصروفات الطلاب الأجانب لأي سبب.

يقول يحيى الشيخ، سوري تخرج في كلية طب القصر العيني في القاهرة، عندما تخرجت في كلية الطب كنت أريد أن ألتحق بالدراسات العليا، رغبت أن أختص بالجراحة العامة، ولكني أنتمي للطبقة المتوسطة، ولا أستطيع دفع تكاليف الدراسة.

ويضيف يحيى، لم يكن لدي خيار إلا أن أعمل في مستشفيات الزمالة المصرية، أو أن أعمل تحت اسم طبيب مصري.

ويضيف الطبيب السوري أن الدراسات العليا أصبحت حكراً على الأشخاص ذوي الدخل العالي، هم فقط من يستطيعون دفع هذه المبالغ التي تعتبر "باهظة" بالنسبة لي.

وبدورها، منال محمد، سورية خريجة من كلية الحقوق جامعة حلوان، لم تسمح لها ظروفها الاقتصادية بتحقيق رغبتها بدراسة الماجستير بالقانون الدولي.

وتقول منال، قدمت عشرات المرات التماساً للجامعة لاستثنائي من الرسوم، ولم تنجح محاولاتي، مما جعلني أفقد الأمل بأن أكمل دراستي أو حتى أن أعمل بشهادتي.

حال اللاجئين السوريين في مصر، لم يختلف عن حال اليمنيين والليبيين الذين تطبق عليهم القوانين نفسها.

السوريون في مصر.. مشكلة انتهاء الإقامة

يواجه الخريجون السوريون في مصر الجدد مشكلة أخرى، ولا يقتصر الأمر على العمل والدراسات العليا، وتتعلق بالحصول على الإقامة.

تمنح الإقامة المصرية للوافد السوري عبر عدة طرق، إما اللجوء أو للدراسة أو العمل، بالإضافة إلى السياحة.

ويمنح الطالب الوافد الإقامة الدراسية طوال مدة دراسته، تكون مدتها سنة وتتجدد سنوياً، لكن بعد انتهاء سنوات الدراسة، ينتهي تصريح الإقامة السنوية، مما يضطر الطالب أن يحول إقامته إلى سياحية.

ومن عيوب الإقامة السياحية قصر مدتها، حيث تبلغ 6 أشهر، بالإضافة إلى ذلك إذا اضطر السوري الحاصل على الإقامة السياحية إلى المغادرة، لا يستطيع العودة، وفي حال رغبته بدخول مصر مرة أخرى، يقوم بدفع ثمن تأشيرة الدخول التي يصل ثمنها إلى 1400 دولار، على عكس الإقامة السنوية التي تمنحه حق العودة في حالة مغادرته البلاد إلى أي مكان.

يقول محمد الحناوي، شاب سوري مقيم في مصر، انتهت إقامتي الدراسية منذ سنتين عند تخرجي في كلية التجارة، وحولت إلى الإقامة السياحية، ولكن منذ مدة مرض أبي في لبنان، ولم أستطع أن أذهب لزيارته بسبب الإقامة.

ويضيف محمد أنه يعمل هنا محاسباً في معمل سوري، ويرسل المال إلى عائلته شهرياً، وعمله هنا جيد، وإن سافر فلن يستطيع العودة.

وبدوره، مصطفى الجابر، شاب سوري يدرس في كلية الآداب، يقول لموقع "تلفزيون سوريا"، عندما علمت أن إقامتي ستتوقف في حال تخرجت في الجامعة، رسبت في عدة مواد متعمداً من أجل أن أحصل على سنوات إضافية في الجامعة مما يمنحني إقامة سنوية.

ويبرر مصطفى تصرفه بأنه لن يحصل على العمل باختصاصه في حال تخرج في الجامعة لأنه "أجنبي". ويعمل حالياً في محل للعطورات.

يضيف مصطفى، سأعيد سنوات الدراسة طوال المدة المسموحة لي، وعندما تنتهي لا أعرف ماذا سأفعل، ولكن الظرف الراهن يجبرني على هذا التصرف.