icon
التغطية الحية

الحسابات الروسية الحذرة تجاه العمليات التركية المحتملة شمالي سوريا

2022.06.04 | 11:55 دمشق

2018-01-24t131600z_467633486_rc12b3810670_rtrmadp_3_mideast-crisis-syria-turkey.jpg
جنود وآليات عسكرية تركية قرب الحدود مع سوريا ـ رويترز ـ أرشيف
إسطنبول ـ فراس فحام
+A
حجم الخط
-A

توقع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن يجري نظيره الروسي سيرغي لافروف برفقة وفد عسكري زيارة لأنقرة في 8 حزيران 2022، من أجل إجراء مباحثات سياسية وعسكرية مع المسؤولين الأتراك.

تصريحات الوزير التركي جاءت بعد يوم واحد من اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي أردوغان والروسي بوتين، ناقشا فيه عدم تنفيذ مذكرة سوتشي الموقعة بين الجانبين في تشرين الأول 2019، التي تنص على إبعاد "المجموعات الإرهابية" مسافة 30 كيلومتراً عن الحدود التركية مع سوريا.

إجراءات روسية ميدانية قبل المفاوضات السياسية

اتخذ الجيش الروسي جملة من الإجراءات الميدانية في سوريا، بالتوازي مع التهديدات التركية بإطلاق عملية عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وأكدت مصادر ميدانية لـ"موقع تلفزيون سوريا"، أن القوات الروسية نشرت منظومات دفاع جوي متوسطة المدى من طراز بانتسير – إس 1 في مطار القامشلي بريف الحسكة، في خطوة تهدف إلى إغلاق الأجواء أمام الطائرات المسيرة التركية.

وعززت روسيا من قدراتها الجوية في قاعدة القامشلي، باستقدام 6 طائرات مروحية حربية مطلع حزيران الجاري، بعضها كانت رابضة في مطار الطبقة العسكري.

ووفرت المروحيات الروسية في 31 أيار 2022، الغطاء لانتشار قوات النظام السوري في 4 نقاط جديدة بمنطقة تل رفعت ومحيطها، مع إجراء دوريات برية وجوية على الخطوط الفاصلة بين مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري و"قسد" في أرياف الرقة والحسكة وحلب.

وتشير الخطوات الميدانية التي اتخذتها روسيا إلى وجود حسابات خاصة حيال تلويح تركيا بعمليات عسكرية شمالي سوريا، وإلى رغبة بعدم إفساح المجال أمام تحرك تركي غير منسق في المنطقة من دون مراعاة مصالح موسكو.

الحسابات الروسية في سوريا

من الواضح أن لدى روسيا حسابات خاصة ومعقدة، تدفعها للتريث في إبداء الموافقة على المزيد من العمليات العسكرية التركية في سوريا من حيث المبدأ، على الرغم من تركيز أولويتها على الحرب في أوكرانيا.

وتدرك موسكو أن نزع الغطاء العسكري والسياسي الذي توفره لـ "قسد" في شمالي وشرقي سوريا، من شأنه أن يفقدها السيطرة على التأثير في سياسات التنظيم ويدفعه للاعتماد بشكل كلي على علاقته مع الولايات المتحدة الأميركية، وهذا من شأنه أن يخلق صعوبات لروسيا في الملف السوري، خاصة وأن واشنطن أظهرت منذ اندلاع الحرب في أكرانيا اهتماماً جديداً في الملف السوري وأعفت الشركات الأميركية من مفاعيل قانون قيصر في حال رغبت بالاستثمار في شمال شرقي سوريا.

أيضاً، فإن التخلي الروسي عن نفوذها في شمالي وشرقي سوريا لصالح تركيا، سيفقدها ورقة ضغط مهمة على الجانب التركي، توفر لها القدرة على دفع أنقرة لمراعاة المصالح الروسية في ظل التوتر مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فمن غير المتوقع أن تتنازل روسيا عن هذه الورقة من دون ضمانات حقيقية للموقف التركي حيال مساعي الولايات المتحدة الأميركية الهادفة إلى توسيع حلف شمال الأطلسي وضم دول جديدة متاخمة لروسيا، بالإضافة إلى ضمان استمرار نهج تركيا الأقرب إلى الحيادي من العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على موسكو أخيراً.

ويبدو أن روسيا لا تؤيد إحداث تغييرات كبيرة في المشهد الميداني السوري في الوقت الراهن، على اعتبار أن الظروف السياسية لا تخدمها كثيراً، إذ إن التطورات الإقليمية والدولية منحت أنقرة هامش مناورة أوسع من الأعوام السابقة في مواجهة مختلف الفاعلين الدوليين في الملف السوري، ولذلك تفضل موسكو بأن تتم أي تغيرات محتملة بالتنسيق معها وليس على حساب نفوذها.

خيارات روسيا

تملك روسيا خيارات عديدة للتعاطي مع الوضع الراهن، وأولها استثمار التهديدات التركية لفرض واقع جديد على "قسد"، ومن ثم توسيع نفوذها ورقعة سيطرة النظام السوري.

وأكد مصدر خاص لـ "موقع تلفزيون سوريا" أن وفداً عسكرياً روسياً أجرى جولتين من اللقاءات مع قيادات "قسد" في ريف الرقة، خلال الفترة الممتدة بين 27 أيار و3 حزيران 2022 لبحث الخطوات التي يجب اتخاذها.

وتدفع روسيا باتجاه توسيع انتشار القوات التابعة للنظام السوري في الشريط الحدودي مع تركيا، على غرار ما حصل في تل رفعت ومحطيها أخيراً، بالإضافة إلى تفعيل عمل المؤسسات الأمنية والرسمية، وتسوق موسكو رغبتها لدى "قسد"، على أنها ضمان كفيل بإقناع أنقرة بالتخلي عن فكرة العمليات العسكرية.

وفي حال فشل المساعي الروسية بإجبار قسد على تقديم تنازلات، يمكن أن تتجه موسكو لنزع الغطاء العسكري والسياسي عن التنظيم وإتاحة المجال أمام العمليات التركية، لكن بعد تفاهمات سياسية تضمن من خلالها استمرار التنسيق مع أنقرة ضد النفوذ الأميركي فيما تبقى من مناطق شمال شرقي سوريا على أساس توفر مصلحة متبادلة بين الطرفين، إضافة إلى الحصول على تعهدات تركيا بعدم إفساح المجال أمام المعسكر الغربي باستخدام الملف السوري لإلقاء المزيد من الضغط على روسيا.

ويبدو أن الجانبين التركي والروسي الأقرب إلى التفاهم حول الملفات الخلافية وتعزيز تنسيق العمل المشترك في سوريا وباقي القضايا، إلا إذا تمكنت تركيا من الحصول على تعهد أميركي وغربي بنزع الغطاء عن قسد وإيقاف دعم المشروع بالكامل والتخلي عنه، لكن لا يبدو أن الخيار الأخير يمتلك فرصاً وفيرة، حيث تتجه كل من أميركا وفرنسا لاستخدام الخلافات اليونانية – التركية للضغط على أنقرة بدلاً من معالجة مخاوفها.