icon
التغطية الحية

"الحزب الإسلامي التركستاني".. حليف تحرير الشام المفضل وذراعها لتطويع المناهضين

2021.11.26 | 05:10 دمشق

alhzb_fy_mltqah_alawl_fy_adlb.jpg
الملتقى العلني الأول لـ " الحزب الإسلامي التركستاني"، إدلب، تشرين الثاني/نوفمبر 2021 (تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

يعيش "الحزب الإسلامي التركستاني" حالة غير مسبوقة من القوة والتنظيم والانضباط، وتبدو علاقته مع "هيئة تحرير الشام" المسيطرة على إدلب شمال غربي سوريا علاقة شراكة يسودها التنسيق والعمل المشترك في العديد من الملفات الداخلية، لا سيما فيما يتعلق بضبط الجماعات والتنظيمات الجهادية "المنفلتة" التي يبدو أن الطرفين، الحزب وتحرير الشام قد قررا فعلياً إخضاعها بأي شكل من الأشكال.

يذكر أن الحزب الإسلامي التركستاني (TIP) هو حركة جهادية يتكلم منتسبوها اللغة الإيغورية وينحدرون من تركستان الشرقية “شينجيانغ” التي تحتلها الصين، وللحزب حضور واضح في الحرب السورية منذ منتصف العام 2014م.

الملتقى العلني الأول

لأول مرة يكسر "الحزب الإسلامي التركستاني" قواعد الظهور بعدما كان يلتزم بالابتعاد عن الأضواء منذ تأسيسه، في ملتقى موسع عقده مجلس قيادة الحزب في إدلب، الأسبوع الماضي، حضره قادة الصف الأول، ومسؤولو القطاعات والمسؤولون الأمنيون والعسكريون وناشطون سياسيون تابعون للحزب.

يعد هذا الملتقى العلني الأول للحزب في سوريا، وقالت حسابات مقربة من الحزب في "التيلغرام"، إن "الملتقى ركز على بحث ومناقشة التطورات العسكرية والأمنية في ساحة الشام".

من جانبها، رحبت "هيئة تحرير الشام" بخطوة "التركستاني" واحتفى إعلامها الرديف بالاجتماع المذكور، ما يشير إلى أن الحزب اليوم يلقى قبولاً كبيراً من قبل الهيئة، التي باتت تعتبره شريكاً استراتيجياً في بسط هيمنتها على إدلب ومحيطها، وداعماً لتحولاتها البراغماتية التي انتهجتها خلال السنوات الأخيرة.

وهذا على الأقل ما بدا مؤخراً خلال الملتقى الأول، فهذه المرة الأولى التي يظهر فيها قادة الحزب ومسؤوليه في قاعة اجتماعات منظمة، وبلباسهم العسكري الرسمي الموحد وتحت الأضواء، وهي  الطريقة ذاتها التي عملت على تكريسها تحرير الشام لتسوق لنفسها بمظهر وأداء جديدين.

الملتقى العلني الأول لـ " الحزب الإسلامي التركستاني"، إدلب، تشرين الثاني/نوفمبر 2021 (تلفزيون سوريا)

 

يأتي الملتقى العلني الأول للحزب في سوريا بعد عام تقريباً من رفع اسمه من قوائم الإرهاب، بعد بيان للوكالة الفيدرالية الأميركية الصادر في 20 من تشرين الأول/أكتوبر 2020، ونشر في 6 من تشرين الثاني/نوفمبر في العام ذاته، أقر بإزالة "الحركة الإسلامية التركستانية" من قوائم الإرهاب الأميركية، والتي يُعتبر الحزب فرعها في سوريا.

يزيد عدد عناصر الحزب في سوريا عن 3500 مقاتل إيغوري معظمهم أتوا مع عوائلهم، ويقيمون في ريفي إدلب الغربي والشمالي وفي ريف اللاذقية الشمالي، وباتوا يتمتعون بانتشار وحرية في الحركة بشكل أكبر مؤخراً وذلك بفضل العلاقة الجيدة مع تحرير الشام.

الباحث في الشأن السوري محمد السكري يرى أن الحزب ليس له امتدادات تتجاوز الساحة السورية، لا سيما فيما يتعلق بالصراع التاريخي بين الولايات المتحدة والصين.

على افتراض أن وجود الحزب في سوريا يخدم أجندات واشنطن التي تضع التنافس مع بكين على رأس أولوياتها، وكذلك الأمر بالنسبة لتحرير الشام التي تسعى إلى رفعها من قوائم الإرهاب، بحسب السكري.

ويقول الباحث في الشأن السوري، "أعتقد أن إبقاء الحزب في سوريا له عدة أسباب، ولكن أهمها الصراع الصيني-الأميركي بكل تأكيد، لا تستفيد تحرير الشام وحدها من الحزب وإنما النظام السوري كذلك لجرِ الصين إلى المستنقع السوري الاقتصادي والعسكري ولا سيما مع الاهتمام الصيني بضرورة إنهاء وجود الحزب في إدلب".

يضيف السكري، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، طالما أن المصلحة الأميركية تقتضي بقاء الحزب في سوريا وهذا كان واضحاً من خلاله رفعه عن القوائم السوداء، فالعلاقة (علاقة الحزب) بتحرير الشام ستبقى جيدة في الحد الأدنى على الأقل وذلك لعدم امتلاك الحزب لمشروع محلي في سوريا منافس لتحرير الشام، وتقوقعه على نفسه وتركيزه على قضية محاربة النظام بكون الأخير حليف الصين يساعد بشكل أكبر على ضمان وجوده إلى المدى المتوسط".

وأشار الباحث إلى أنه "في حال أُنجز حل سياسي في سوريا بكل تأكيد لن تكون هناك خيارات كثيرة للحزب سوى مغادرة سوريا على غرار ما حدث في باكستان عندما حدث تقارب بين حكومتها والصين".

 

شراكة الهيئة والتركستاني

استفادت تحرير الشام من الحزب في أكثر من صدام مسلح بينها وبين الفصائل المعارضة، وأهمها الحرب التي شنتها تحرير الشام على "جبهة تحرير سوريا" بداية العام 2018.

وشباط/فبراير من ذلك العام، أعلن الحزب عبر بيان رسمي، أنه "لن يقف مكتوف الأيدي أمام أي توسيع للهجوم على تحرير الشام، ولن يسمح بضياع المكاسب التي حققها الجهاد المبارك على أرض الشام بعد كل هذه التضحيات".

في المقابل، ردت "جبهة تحرير سوريا" على ذلك البيان، بأن "التركستان في الشام لهم مسيرة حافلة بنصرة شعبنا المظلوم"، موضحةً "شاركت مجموعات غير قليلة من المنتسبين للحزب مع تنظيم هيئة تحرير الشام في منطقة كفر شلايا مصحوبين بالدبابات والسلاح الثقيل". ولفت بيان الجبهة إلى أن "الثوار اضطروا لأول مرة لصد هجوم إخوة أحببناهم".

لم تسجل أي صدامات، سواء أمنية أو عسكرية، بين الحزب وتحرير الشام في إدلب خلال السنوات الماضية وتكاد لا تذكر.

ويحصل مقاتلو الحزب وعائلاتهم على مساعدات من تحرير الشام، وتقدم لهم حكومة الإنقاذ التابعة لها الرعاية وجزءاً من الخدمات الأساسية.

في حين، يتهم الجهاديون المناهضون لتحرير الشام وفلول تنظيم "حراس الدين" الحزب بمبايعه تحرير الشام، وأنه يعمل تحت إمرتها.

وتصاعدت هذه الاتهامات بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية بعد أن ساهم الحزب بشكل أو بآخر في إنهاء تنظيمين جهاديين بارزين، هما "جند الله" و"جنود الشام".

الباحث في الشأن السوري محمد السكري، "من الواضح أنّ علاقة الحزب الإسلامي التركستاني بهيئة تحرير الشام متينة، لا سيما مع دخول الحزب في الوساطة الأخيرة بين تحرير الشام والتنظيمات الجهادية، وهذا يعطي انطباعاً جيداً عن ماهية تلك العلاقة، وتطورها مستقبلاً".

ويضيف، ربما نشهد تعاوناً أوسع في هذا الموضوع، أي استيعاب التنظيمات أو ما تبقى من فلولها، وتأهيل العناصر والجماعات المستسلمة وتطويعها لتصبح جزءا من النسيج الجهادي المحلي المرضي عنه من قبل تحرير الشام، والذي يسبح في فضاء مصلحتها ويعمل بشكل يخدم مصالحها".

 

من منظور براغماتي متبادل

في سياق متصل، يرى الباحث في مركز الحوار السوري محمد السالم، أن تحرير الشام تتعامل مع الحزب من منظور براغماتي، ممزوج بالاحتواء وتجنب التصادم وتبادل المصالح.

ويقول السالم، "تحرير الشام تعتبر الحزب جماعة مقاتلة شديدة البأس، ومن الجيد احتواؤها أو تحييدها أو استمالتها، وهذا ما نجحوا به في العام 2018 عندما كان الصدام بين تحرير الشام وعدد من الفصائل فهدد الحزب بالانخراط بالقتال مع تحرير الشام".

ويضيف الباحث في مركز الحوار السوري، خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "الطرفين قريبان من بعضهما، وكلاهما من خلفية جهادية، الحزب يعرف أن تحرير الشام قوية والتحالف والشراكة معها تخدم مصالحه، والعكس صحيح.

ويتابع السالم قوله، وتبدو تحرير الشام متحمسة بشكل أكبر بعد إخراج الحزب من قائمة الإرهاب وهذا ما أعطاها أريحية بالتعامل معه".

دور الحزب في تطويع مناهضي الهيئة

وحول التنسيق المشترك لإخضاع التنظيمات الجهادية مؤخراً، يقول الباحث، "تحرير الشام لا تستطيع محاربة كل الجماعات دفعة واحدة، وحتى لا تعتمد مقاربة صفرية في حربها مع الجماعات ورأينا في قتالها لجماعات صغيرة مثل جند الله وجنود الشام، حاولت أن تفكك أطرافا منهم، فخرج الشيشاني مع عناصره وبقي جند الله لقمة سائغة".

أما فيما يخص إمكانية ابتلاع الحزب للجماعات المهاجرة التي تريد تحرير الشام تطويعها وتنظيمها تحت مظلة قوية كالحزب، "يمكن للحزب أن يضم الجماعات القريبة من ثقافته، لكن غير ذلك لا، لأنه حزب قومي، عنده ثقافته الخاصة ولغته الخاصة"، بحسب السالم.

وفي أواخر الشهر الماضي، رعى الحزب اتفاقين بين تحرير الشام وتنظيمين جهاديين كانت تقاتلهما في منطقة جبل التركمان وغربي إدلب، الاتفاق الأول بين تحرير الشام وتنظيم "جنود الشام" وزعيمه مسلم الشيشاني، والذي أمّن الحزب خروجه مع 70 من مقاتليه من منطقة الاشتباك في جبل التركمان، والسماح له ولعناصره بالإقامة في قطاعات سيطرة الحزب، وغالباً بايع "الشيشاني" قيادة الحزب ليضمن بقاءه آمناً، ويكف عنه حملات تحرير الشام.

أما الاتفاق الثاني كان بين تحرير الشام وتنظيم "جند الله"، ونص الاتفاق على خروج ما تبقى من عناصر التنظيم من منطقة جبل التركمان، ووضعهم تحت الإقامة الجبرية لدى الحزب بعد تسليم أسلحتهم الثقيلة ومركباتهم وآلياتهم العسكرية لتحرير الشام، بدا هذا الاتفاق مذلاً لعناصر التنظيم، حيث اشترطت تحرير الشام إخراجهم بالشاحنات المغلقة.

كما رعى الحزب مطلع هذا الشهر اتفاقاً ثالثاً بين تحرير الشام و"جند الله" وبموجبه سيخضع عناصر التنظيم لدورة شرعية على أيدي مشايخ الحزب، ووضعهم أمام خيارين، إما الانضمام لواحدة من الفصائل أو العيش كمدنيين، ولن يحصل عنصر التنظيم على حق الاختيار بطبيعة الحال إذا لم يجتز الاختبار بعد الدورة الشرعية، أي أنه بات غير متشدد، ولا تكفيري.