icon
التغطية الحية

الحاجة إلى السكن تزيد من رقعة البناء في ريف حلب

2021.03.28 | 06:51 دمشق

img_7262.jpg
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

توسعٌ عمراني، وحركةُ بناءٍ غير مسبوقة في الأبنية السكنية الطابقية والأسواق بريف حلب الشمالي، مع ارتفاع أعداد السكان بسبب حملات التهجير والنزوح التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية، التي جعلت من ريف حلب مقصداً لهؤلاء الهاربين من بطش آلة النظام، وفي الوقت ذاته تشهد أرياف حلب حركة في بيع أراضي العمار "المحاضر"، التي تتنوع أسعار المتر المربع الواحد منها بحسب الخدمات المتوافرة في الأرض وقربها من مركز المدينة.

ويعتبر الاستقرار النسبي الذي تشهده مدن وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي أحد أبرز الأسباب التي ساهمت في التوسع العمراني، الذي دفع المهجرين والنازحين والمقيمين أيضاً للبحث عن الاستقرار في السكن وترك عتبة إيجارات المنازل المتعبة التي ترهق ساكنيها.

وتتنوع المساحات التي تبنى عليها مشاريع الأبنية السكنية التي انتشرت في ريف حلب وفقاً للإمكانيات المتاحة لدى التجار المحليون، الذين يعملون في المنطقة لإتاحة الفرصة للإقامة في منزل بخدمات متوسطة. وتنشط أيضاً حركة بناء منازل سكنية خاصة بأصحابها، من السكان المحليين وتكون خدماتها بحسب قدرة الأهالي وإمكانياتهم المادية، في حين يقوم آخرون بشراء الأرض وبناء منزلهم عليها، ثم يبيعون السطح لأحد أقاربهم أو أصدقائهم للتخفيف من مصاريف البناء.

 

انتشار الأبنية الطابقية والتوسع العمراني في ريف حلب (خاص تلفزيون سوريا)

ومن منظور آخر فإن المشاريع السكنية منحت مئات العائلات ومعيليها من أصحاب الأعمال الحرة والمهن والحرف إمكانية العمل وتوفير حاجيات أسرهم، في وقت هم بأمس الحاجة للعمل لا سيما أن ريف حلب يعاني من أزمة انتشار البطالة.

مشاريع سكنية طابقية

تأثرت حركة البناء في مدن وبلدات ريف حلب الشمالي مع ارتفاع أعداد السكان، وأصبحت الأبنية الطابقية محطة اهتماماتهم لأنها أكثر وفرة من غيرها في ظل بحث الأهالي عن بدائل تخفف أعباء كلفة البناء عليهم، لا سيما أن بناء المنزل في الوقت الراهن يتطلب مصاريف عالية جداً مع ارتفاع أسعار مواد البناء وارتفاع سعر المتر المربع من "محاضر" البناء.

زار موقع تلفزيون سوريا عدداً من مشاريع الأبنية السكنية في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، باعتبارها أكثر المدن اتساعاً في العمران الذي تشهده أرياف حلب، لا سيما أنها شهدت تغيراً مع توسع العمران فيها وانتشار الأبنية الطابقية خلال سنوات قليلة. والتقى موقع تلفزيون سوريا، محمود حجازي مدير قسم المبيعات ومشرف عدة مشاريع سكنية وتجارية في شركة حمشو للإنشاءات، العاملة في منطقة اعزاز بريف حلب الشمالي.

يقول محمود حجازي: "من أبرز الأسباب التي ساهمت في توسع العمران في مناطق ريف حلب ارتفاع أعداد السكان، من مهجرين وسكان محليين ورغبة هؤلاء في السكن بالشقق السكنية لتخفيف تكاليف البناء عليهم، ويعتبر المهجرون والنازحون الأكثر طلباً للشقق السكنية حيث تصل نسبتهم 80 %".

وعن المشاريع التي يشرف عليها يضيف: "أن كلفة الشقة السكنية المخدومة والمكونة من ثلاث غرف ومطبخ وحمام، تبلغ 9 آلاف دولار أميركي، وتتراوح الأسعار بحسب موقع البناء وقربه من المساجد والمدارس ومركز المدينة، لكن التوسع العمراني الضخم في مدينة اعزاز تسبب في توزع العمران في المناطق العشوائية حول المدينة، في الجنوب والشرق والغرب، وهي مناطق خارج المخطط التنظيمي"، أي أنها غير مخدمه من المؤسسات الخدمية يقع عاتق تخديمها من ماء وكهرباء على صاحب المشروع.

أسعار الأراضي التي وصلها العمران

تختلف أسعار أراضي العمار بحسب الموقع والخدمات الواصلة للأرض المخصصة للبيع من ماء وصحية وكهرباء وطرق معبدة، حيث تعد الخدمات إحدى أهم المؤهلات لرفع سعر المتر الواحد من محضر البناء، لكن بطبيعة الحال والمكان الجغرافي للمدينة كان هناك تنوع في سعر المتر الواحد من الأرض المخصصة للبناء.

حاول موقع تلفزيون سوريا رصد أسعار متر الأرض التي وصل إليها العمران محيط المدن والبلدات الرئيسية بريف حلب الشمالي، حيث تصدرت مدينة اعزاز، أكثر المناطق ارتفاعاً بأسعار أراضي العمار، وبحسب ما قال محمود حجازي خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إن سعر المتر المربع من المحاضر في الأراضي التي وصل إليها العمران يتراوح بين 40 و50 دولارا أميركيا، ويختلف السعر بالتأكيد بحسب المساحة المطلوبة للشراء".

وأضاف: "بينما يتراوح سعر المتر الواحد من البناء في عفرين بريف حلب الشمالي بين 10 دولارات أميركية حتى 40 دولارا، بمحيط المدينة، ومن الممكن أن يرتفع السعر أكثر في حال كانت الأرض داخل المدينة حيث بيع متر الأرض هناك بـ 100 دولار أميركي".

من جهته زكور الحمد مدير مكتب عقاري في مدينة الباب بريف حلب الشرقي الشمالي، يقول خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "تشهد مدينة الباب توسعا عمرانيا في الشمال والشمال الشرقي من المدينة، ويتراوح سعر المتر المربع من أرض العمار التي وصل إليها التوسع العمراني بين 25 و40 دولارا أميركيا، وكلما ابتعدت عن المدينة أكثر انخفضت قيمة سعر المتر".  

وأضاف: "حركة الشراء والبيع للأراضي ضعيفة جداً من الأهالي وهي مقتصرة على المشاريع السكنية التي يقوم بها التجار المحليون، ويصعب على الأهالي شراء الأرض وبناء منزل لأنها ذات تكاليف مرتفعة لذلك يبحثون عن الشقق السكنية ويبلغ سعر الشقة بمساحة 93 مترا وغير مكسية من أبواب وتمديد صحي وكهرباء، بين 2500 حتى 3000 دولار أميركي، وهنا يقوم المشتري بكسائها بحسب قدرته المادية".

وفي مدينة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي، يتراوح سعر المتر المربع من الأراضي التي وصل إليها التوسع العمراني، بين 15 دولارا أميركيا و35 دولارا بحسب أبو كامل صاحب أحد المكاتب العقارية في المدينة.

 في حين يتراوح سعر المتر المربع في مدينة مارع بريف حلب، بين 15 و30 دولارا أميركيا.. وفقاً للخدمات المتوافرة والمتاحة للأرض، في حين يتجه غالبية الأهالي إلى تقاسم الشراء من خلال شراء أرض مخصصة للعمار يقوم صاحبها ببناء منزله وبيع السطح لأحد أصدقائه أو أقاربه لتخفيف أعباء تكاليف البناء عليه.

التوثيق العقاري.. والخدمات

مدير مكتب السجل العقاري التابع للمجلس المحلي في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، وليد عساف يقول لموقع تلفزيون سوريا: "يقدم السجل العقاري كل المعلومات الموجودة لدى صحيفة العقار للمواطنين سواء المشتري أو البائع ويقدم كل التسهيلات لتنظيم عقود الفراغات والبيوع وكل ما يضمن للأطراف حقوقهم".

وأضاف: تنقل ملكية الأرض عبر تقديم طلب لمكتب التوثيق العقاري وتجهيز كل الأوراق اللازمة من ثبوتيات وبيانات عقارية وكتاب من البلدية بوقوع العقار داخل أو خارج المخطط التنظيمي، وتقدم هذه الأوراق لمكتب التوثيق الذي يعمل بدوره بتدقيق الأوراق ثم يتخذ القرار بنقل ملكية العقار للمشتري".

كما تحدث موقع تلفزيون سوريا مع النقابة العقارية في مدينة الباب التابعة للمجلس المحلي، التي يديرها عبد الباسط شهابي حيث قال خلال حديثه: "إن النقابة العقارية تقوم بمتابعة أمور التراخيص والبناء وتعمل مع المجلس المحلي في المدينة على منع التجاوزات العقارية حرصاً على الأملاك العامة".

وأضاف: "اتخذت النقابة قرارات بالتشاور مع الجهات المختصة بعدم إعطاء تراخيص للأراضي الزراعية المشمولة بمشروع ري سهول الباب وتادف لأنها تعتبر مصدر السلة الغذائية للمحاصيل الاستراتيجية للمنطقة وسلة الخضراوات للمنطقة وتتابع النقابة مواضيع تخفيض رسوم التراخيص والبيوع لتشجيع عملية البناء للتجار والأهالي".

وتحاول المجالس المحلية تخديم مناطق التوسع العمراني الموجودة داخل المخطط التنظيمي للمدن والبلدات بريف حلب الشمالي، في حين يبدو أن التوسع العمراني والتضخم السكاني في المنطقة ساهم في بناء مشاريع سكنية خارج المخطط التنظيمي والتي لا يمكن تخديمها من المجالس المحلية باعتبار من أولوياتهم تخديم المناطق داخل المخطط التنظيمي.

تكاليف البناء مرتفعة على الأهالي

يجد القاطنون في ريف حلب صعوبة فائقة في تأمين مسكن في ظل الظروف الراهنة التي تمر على المنطقة لكن الحاجة الملحة للسكن تدفع به للبناء، فمن أتيحت له الأرض للبناء عليها يستطيع البناء ومن لا تتوفر لديه الإمكانيات المادية المطلوبة يتجه لشراء شقق سكنية لأنها أكثر وفرة، لا سيما مع ارتفاع أسعار مواد البناء.

خلال حديثه إلى موقع تلفزيون سوريا محمود حجازي يقول: "ساهم ارتفاع أسعار مواد البناء في خلال الفترة الأخيرة وكثرة الطلب عليها، بارتفاع أسعار الشقق السكنية، لأن هذا الارتفاع أوقعهم بين خيارين إما رفع سعر الشقة بسبب ارتفاع الكلفة أو إيقاف العمل".

ويرى كثيرون أن التكاليف العالية للبناء الخاص ثقيلة عليهم مما يضطرهم إلى العزوف عنها وشراء الشقق السكنية باعتبارها مناسبة لإمكانياتهم.

مشاريع الترميم

وبدأت منظمة إحسان مع بداية العام الجاري بتنفيذ مشروع ترميم المنازل المدمرة، بالإضافة إلى المنازل التي بنيت حديثاً ويقيم بها نازحون ولا يستطيع أصاحبها إتمام عملية البناء، واستهدفت عمليات الترميم العائلات الأشد فقراً وحاجةً والتي لا يتوفر لديها معيل أيضاً ضمن سلسلة مشاريع نفذتها عدة منظمات، محلية بالتعاون مع المجالس المحلية.

وكان لمشاريع الترميم دور مهم في ازدياد التوسع العمراني في مدن وبلدات ريف حلب الشمالي، حيث دفعت العائلات غير القادرة على تأمين مسكن في تهيئة الظروف والإمكانيات المتاحة بما يتناسب مع الدعم المقدم من المنظمات، والتي تتراوح مشاريع دعمها ما بين 500 و1000 دولار أميركي، حيث تقوم المنظمة بتنفيذ كامل عمليات المشروع من عمال ومواد بناء.